المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6234 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
رجوع البصرة إلى بني أمية.
2024-11-02
إمارة مصعب بن الزبير على العراق.
2024-11-02
مسنونات الاذان والاقامة
2024-11-02
خروج البصرة من يد الأمويين.
2024-11-02
البصرة في عهد الأمويين.
2024-11-02
إمارة زياد على البصرة.
2024-11-02

علي بن الحسن بن حَسْوَل
29-06-2015
قياس الصوديوم Mesurements of Sodium
7-3-2021
التضخم الأبدي
2023-03-12
مـفهـوم الخصخصة ومـزايـاهـا
2024-10-25
الكارنيتين Carnitine
2023-11-20
الإعفاء من عقوبة جريمة تزييف الأختام
25-4-2017


شمولية التقوى واقترانها بجميع المقامات  
  
3094   08:13 مساءً   التاريخ: 3-2-2022
المؤلف : الشيخ جميل مال الله الربيعي
الكتاب أو المصدر : دراسات اخلاقية في ضوء الكتاب والسنة
الجزء والصفحة : 97-106
القسم : الاخلاق و الادعية / الفضائل / العفة والورع و التقوى /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016 1908
التاريخ: 9-10-2021 1922
التاريخ: 27-3-2019 8029
التاريخ: 6-1-2021 1780

نظرة تأمل سريعة في آيات الكتاب الكريم نجدها حين تذكر العقائد، او العبادات او الاحكام او الاخلاق، او القصص، والمواعظ تقرنها جميعاً بالأمر بالتقوى كنتيجة لها، او عامل تحصيل للتقوى من خلالها تصريحاً او تلميحاً وهذا تأكيد ان العقيدة، والعبادة ، والاخلاق، وامتثال الاحكام وتطبيقها على المجتمع إذا تجردت جميعاً من التقوى فليس لها نفع ولا جدوى، وفي كثير من الاحيان يأتي الامر بالعبادة رجاء لتحقيق التقوى، والتقوى سبباً؛ لتحصيل السعادة في الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 21].

(وهذا السياق يعطي كون قوله تعالى {ولعلكم تتقون} متعلقاً بقوله تعالى {اعبدوا ربكم} دون قوله {خلقكم} وان كان المعنى صحيحاً على كلا التقديرين)(1).

ان لكلمة لعل للترجي والإشفاق ، والترجي والإشفاق لا يحصلان إلا عند

الجهل بالعاقبة ... ومن هنا نعلم ان كلمة لعل راجعة إلى العباد لا إلى الله تعالى  {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44].

وقيل لعل بمعنى {كي} اي كي تتقون فالمراد من لفظ {لعل} ما لو فعله غيره لكان موجباً للرجاء ... فأصل لعل (عل) لأنهم يقولون : علك ان تفعل كذا اي : لعلك ، فإن كانت حقيقة التكرير والتأكيد كان  قول القائل : (افعل كذا لعلك تظفر بحاجتك معنا) ومن هنا يعلم ان العبادة فعل يحصل به التقوى؛ لأن الاتقاء هو الاحتراز عن المضار، والعبادة فعل المأمور به ونفس هذا الفعل ليس هو نفس الاحتراز عن عقابه، وإذا قيل في نفس الفعل انه اتقاء فذلك مجاز؛ لأن الاتقاء غير ما يحصل به الاتقاء، لكن لاتصال احد الامرين بالآخر اجري اسمه عليه)(2).

ولما كانت العبادة عن إيمان بالواحد الأحد المطلق الذي يلزم على العباد اتقائه، والخوف منه، وجدنا ان كلمة الإيمان في القرآن الكريم اقترنت في مواضع كثيرة منه وذلك؛ لأن الايمان إذا تجرد من التقوى لم يعد شيئاً ذا قيمة ولا يكون له اي اثر في حياة الإنسان، فالأجر العظيم والفلاح والسعادة والنجاة في الدنيا والأخرة لا يحصل من الإيمان فقط ، وإنما من الإيمان والتقوى معاً يقول تعالى :

{ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} [محمد: 36]

{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62، 63]

{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [فصلت: 18]

{الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 63]

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102]

{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} [الزمر: 10]

ففي جميع هذه الآيات نرى ان التقوى مقترنة بالإيمان بأوامر قطعية، ولا تنفك عنه بحال.

وكما اقترنت التقوى بالإيمان اقترنت كذلك بالفرائض التي هي مظهر من مظاهر الإيمان ، أريد تحقيق التقوى من خلالها ففي باب الصوم مثلاً يقول تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

هذا لـ (كون التقوى مرجو الحصول بالصيام مما لا ريب فيه فإن كل إنسان يشعر بفطرته انه من اراد الاتصال بعالم الطهارة والرفعة، والارتقاء إلى مدرجة الكمال والروحانية، فأول ما يلزمه ان يتنزه عن الاسترسال في استيفاء لذائذ الجسم ، وينقبض عن الجماح في شهوات البدن، ويتقدس عن الإخلاد إلى الأرض، وبالجملة ان يتقي ما يبعده الاشتعال به عن الرب تبارك وتعالى فهذه تقوى انما تحصل بالصوم والكف عن الشهوات)(3).

(وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم ... إنها التقوى ... فالتقوى التي تستيقظ في القلوب، وهي التي تؤدي هذه الفريضة ، طاعة الله ، وإيثاراً لرضاه والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية ، ولو تلك التي  تهجس في البال، والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه.

فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم.

وهذا الصوم اداة من ادواتها ، وطريق موصل إليها.

ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفاً وضياءاً يتجهون إليه عن طريقة الصيام ... {لعلكم تتقون} ...)(4)

وخلاصة القول : (إن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش ، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج ... فيكون معنى الآية فرضت عليكم الصيام؛ لتكونوا به من المتقين الذين اثنيت عليهم في كتابي واعلمت ان هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصة حسن منه تعالى ان يقوم عند ايجابها "لعلكم تتقون" منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لابد وان يكون واجباً ... ينبغي لكم بالصوم ان يقوى رجاؤكم في التقوى وهذا معنى {لعل} ...)(5).

والنتيجة المحصلة – والله أعلم – ان الله عز وجل انما فرض الصوم ليكون عاملاً مهماً في تحقيق التقوى في نفس الإنسان المؤمن.

والصلاة هي عماد الدين ، وأول أعمال ابن آدم التي تعرض على الله وهي معراج المؤمن ، ولا يقبل عمل بدونها قرنت بالتقوى ايضاً ، يقول تعالى : {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنعام: 72] ؛ لأن الصلاة إذا تجردت من التقوى لا تزيد فاعلها إلا بعداً من الله؛ ولذا ورد في الخبر : (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً)(6).

ونهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر تعبير مجازي، وإنما الذي ينهى هو ما  تتركه الصلاة من اثر في نفس الإنسان ، وهذا الأثر هو التقوى، وما أجمل قول الفخر الرازي في هذا الباب، يقول : (فالصلاة رئيسة الطاعات الجسمانية والتقوى التي هي رئيسة لباب التروك والاحتراز عن كل ما لا ينبغي)(7).

ويتضح هذا الامر اكثر إذا تدبرنا قوله تعالى {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [الأنعام: 71، 72].

فهنا تسليم كلي لله الواحد الأحد.

فكأنه تعالى قال : (أسلموا لرب العالمين واقيموا الصلاة؛ لتحصلوا على التقوى فتكون المعادلة : تسليم + إقامة الصلاة = التقوى).

والقصاص انما شرع لأجل إيجاد التقوى الاجتماعية، يقول تعالى : {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179].

التقوى هنا تشمل عموم تقوى الفعل، وتقوى النار، بل تقوى الله عز وجل.

والوفاء بالعهد اقترن بالتقوى كذلك في كل مجالاته سواء كان الوفاء بالعهد لله الذي هو الواجب الرئيسي للإنسان ، أو الوفاء للإنسان مؤمناً كان او كافراً وغير ذلك يقول تعالى :

{بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76]

{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4].

(إنه يعلق الوفاء بالعهد بتقوى الله وحبه سبحانه للمتقين، فيجعل هذا الوفاء  عباده له، وتقوى يحبها من أهلها ... وهذه هي قاعدة الأخلاق في الإسلام...

إنها ليست قاعدة المنفعة والمصلحة، وليست قاعدة الاصطلاح والعرف المتغيرين ابداً ... إنها قاعدة العبادة لله وتقواه.

فالمسلم يتخلق بما يحبه الله منه و يرضاه له، وهو يخشى الله في هذا، ويتطلب رضاه، ومن هنا سلطان الأخلاق في الإسلام كما انه من هنا مبعثها الوجداني الاصيل)(8).

والاستقامة على دين الله مشروطة بالتقوى، حيث أن الافتقار إليه هو افتقاد للاستقامة لا سيما في حالة مواجهة تيارات الشرك والانحراف، يقول تعالى : {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 7].

فالاستقامة والثبات على الصراط المستقيم، واتباع اوامر الله بسلوك سبيله والمعاناة من اجله يورث التقوى، فالتقوى إذن هي المحصلة النهاية من اتباع خط الرسالة يقول تعالى : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].

وفي عملية الإصلاح على المستوى الفردي والاجتماعي لابد من تقوى عالية؛ لئلا يميل المصلح إلى هذا او ذاك.

يقول تعالى : {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1].

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الحجرات: 10].

ففي هذه الآيات الكريمة وغيرها تأكيد واضح على وجوب ملازمة عملية الإصلاح للتقوى، وبهذا تتضح اهمية التقوى في هذا المجال.

والإحسان الذي يعتبر سمة من السمات البارزة في رسالة الله تعالى ، وهو السلاح السلمي لدرء السيئات والدفع لها، وعامل تحصيل محبة الله والناس، وقد امر الله تعالى به { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90].

فاشترط الله فيه التقوى لئلا يكون الإحسان متكلفاً ومصلحياً وبارداً يفتقر إلى عنصر الحب والاخلاص ولئلا يصاب المحسن بالإعجاب بنفسه والمنة على من احسن إليه من اجل ذلك اكد القرآن الكريم على ملازمة التقوى في كل فعل حسن جميل، يقول تعالى :

{وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } [النساء: 128]

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172].

{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [المائدة: 93]

ففي هذه الآية تصوير دقيق لأهمية التقوى التي (تجامع جميع المقامات المعنوية) من خلال الترتيب في سياق الآية (تقوى ، إيمان ، عمل صالح) ثم (إيمان تقوى إحسان) فكأنه تعالى يريد ان يقول : الإيمان بلا تقوى هراء، وعمل بلا تقوى يصاب صاحبه بالرياء، وإحسان بلا تقوى هباء، يقول العلامة الطباطبائي (قدس سره) : (وأما تكرار التقوى ثلاث مرات ، وتقيد المراتب الثلاث جميعاً به فهو  لتأكيد الإشارة إلى وجوب مقارنة المراتب جميعاً للتقوى جميعاً للتقوى الواقعي من غير غرض آخر غير ديني، وقد مر في بعض المباحث: ان التقوى ليس مقاماً خاصاً دينياً بل هو حالة روحيه تجامع المقامات المعنوية، أي لكل مقام معنوي تقوي خاصاً يختص به)(9).

والصبر الذي هو من الإيمان كالرأس من الجسد ايضاً ، لابد وان يقترن بالتقوى اقتراناً الزامياً حتمياً؛ لأن الصابر بدون تقوى قد يقع في العناد والإصرار على الخطأ، وقد يعجب بقوة إرادته؛ ولهذا جعلت التقوى من لوازم الصبر ليؤدي الصابر دوره في الكدح إلى الله بنجاح تام ويفوز برضاه تعالى.

وقد اكد القرآن الكريم على اقتران الصبر بالتقوى في مختلف المواطن الساخنة ففي ميدان الجهاد الصبر والتقوى شرط من شروط الإمداد الإلهي يقول تعالى : {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ } [آل عمران: 125].

والصبر التقوى من عناصر النصر على صعيدي الجهاد الاكبر والاصغر يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران: 200]

إذن الصبر والمصابرة والرابطة في سبيل الله لابد لها من التقوى ؛ لتحقيق الفلاح في الدنيا والآخرة، لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين.

وهكذا نجد ان التقوى مازجت جميع المقامات المعنوية، واصبحت بالنسبة إليها بمثابة الروح من الجسد فهي المقوم الأساسي لها جميعاً بلا استثناء؛ ولأن الخصال والملكات الحميدة في جميع مجالات الحياة الإيمانية الفردية والاجتماعية لا يمكن ان تعطى ثمارها يانعة بدون التقوى؛ فهي كما يقول امير المؤمنين (عليه السلام): (فإن تقوى الله مفتاح سداد، وذخيرة معاد، وعتق من كل ملكة، ونجاة من كل هلكة، بها ينجح الطالب، وينجو الهارب، وتنال الرغائب)(10).

فما من خطوة يخطوها المؤمن إلا والتقوى شرط في قبولها عند الله تعالى فهي سند أساسي لمسيرة الإنسان المؤمن من بدايتها إلى نهايتها فقد دخلت كشرط أساس – ولا اعني الشروط الفقهية – في جميع الواجبات والمستحبات والمباحات في العبادات والمعادلات.

فكل عمل من أعمال المؤمن لابد وان تلازمه التقوى وبأي درجة من درجاتها ؛ ليكون ذلك العمل خطوة للرقي في معارج التقوى وبهذا تكون التقوى مقوماً للعلم والعمل ورافعة للإنسان إلى درجة من درجات الكمال.

والعجيب في الأمر ان الاسلام العظيم امر بالتزام خط التقوى حتى مع المشانئين والمعادين للمؤمنين، وان يكون تعامل المؤمنين مع الذين يبغضونهم مما يقربهم إلى تقوى الله ايضاً، وان يتحروا كل ما يقربهم إلى تقوى الله تعالى ولو في معاملة الأعداء؛ ولذا فإن الأمر بالعدل علة لتحقيق التقوى يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

(فدعى سبحانه وتعالى إلى العدل وعده ذريعة إلى حصول التقوي)(11).

وهكذا يتضح من كتاب الله ان من واجب المؤمنين ان يقوموا بالعدل مع  كل احد ولياً كان، او عدواً، لأن العدل يقربهم إلى التقوى، وبذلك يكون العدل والإحسان والصبر والجهاد ... كلها وسائل ؛ لتحقيق التقوى فإن الله تعالى خلق الإنسان ؛ ليوحده ويتقيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 1/57.

(2) الفخر الرازي، التفسير الكبير : 2/ 100 – 101 يتصرف يسير.

(3) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 2/8 .

(4) سيد قطب، في ضلال القرآن 1/239 .

(5) الفخر الرازي ، التفسير الكبير : 5/77 .

(6) المحدث المجلسي، بحار الأنوار 82/198.

(7) الفخر الرازي، التفسير الكبير : 14/30.

(8) سيد قطب، في ضلال القرآن : 4/139.

(9) العلامة الطباطبائي ، تفسير الميزان : 6/128 – 129 .

(10) نهج البلاغة خطبة : 230.

(11) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 5/237

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.