أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2022
1461
التاريخ: 23-3-2017
1893
التاريخ: 23-3-2017
30820
التاريخ: 9-2-2022
2194
|
النماذج الجغرافية - تعريفها:
إن رد الفعل العادي للإنسان، تجاه أي تعقيد يواجهه في العالم الذي يحيط به، هو أن يصنع لنفسه صورة مبسطة واضحة عن هذا العالم، فهو يحاول أن يستبدل بهذا العال م آخر، من العال م الذي خبره وعرفه، ومن ثم يحاول السيطرة عليه. ووظيفة النموذج هي إقامة الجسر بين مستوى الملاحظة والنظرية.
ومنذ سنوات عديدة، دعا الجغرافيون، ولا سيما الأنكلوسكسونيون والإسكندينافيون منهم، إلى استخدام النماذج (Models) في معالجة الموضوعات الجغرافية. وكانوا يهدفون من وراء دعوتهم هذه، إلى محاكاة المتخصصين الآخرين في علمي الاجتماع والاقتصاد، وإنشاء نماذج مماثلة لما يفعله المهندسون أو المخططون العسكريون، أو أولئك المهتمون باستصلاح الأراضي. ويجدر بنا أن نذكر في هذا الصدد الجهود التي بذلها (شورلي Chorley .ل) و (هاجيت P. Haggett ) في دراستهما الهامة حول هذا الموضوع، تحت اسم " نماذج في الجغرافية " (Models in Geography).
ويبدو أن هذه النزعة الجديدة في الجغرافية ترمي إلى إحياء طبيعة العلم القديمة، كفرع من علم الهندسة، وهو الطوبولوجيا، كما كان معروفاً عند الإغريق. فالنماذج تتيح للباحث فرضا يقاله بالواقع، وينطوي على اقتصاد في الجهد بشكل واضح، وقد تنهض هذه النماذج على أساس من النظريات أو القوانين أو المعادلات ، التي تمثل خطوة تتيح للإنسان اختبار مدى صحتها، واستنباط نظريات أو تعميمات أو مبادئ عامة).
ويتضح من هذا أن النموذج سابق للنظرية، ويستخدم مقدمة للوصول إلى الفرضية ، ويساعد الباحث على الاستنتاج، بشرط افتراض علاقة تمثيل أو ارتباط بين بعض المظاهر في دنيا الواقع، وبين النموذج الذي نطلق عليه في هذه الحال الشبيه أو النظير. فإذا اشتك شيئان في بعض خصائصهما (من حث الشكل والتركيب مثلا لا من حيث الوظيفة) فإن معرفة أحدهما تساعد على فهم الآخر والتنبؤ عنه.
ولا بد أن نتبين الفرق بين النموذج والنظرية، فالنموذج عرض مبسط، أما النظرية فهي وصف منطقي شامل. والنموذج لا يحتوي إلا على عدد قليل من الحالات الخاصة في أغلب الأحوال، بينما تحتوي النظرية على الحالات الخاصة كلها.
إن استخدام النماذج مثل صياغة سهلة للظواهر، يسهل استعمالها ورصدها، وضبطها والسيطرة عليها، وعمل الاستنتاجات فيها (وهذه هي التجربة بعينها كما سبق أن ذكرنا). و هذه بدورها يمكن إعادة تطبيقها على الظاهرة الحقيقية، لمعرفة مدى صدقها وانطباقها على الواقع، والخروج بعد ذلك بقوانين وأحكام عامة.
وهكذا تعمل الدراسات العلمية الحديثة في دراسة الظواهر المختلفة، على الاستعاضة عن الظاهرة المدروسة بما يسمى " بنموذج الظاهرة»، فالنموذج وسيلة لتصوير أو تمثيل ظاهرة ما ، تسمح لنا بالتنبؤ بما سيكون عليه الوضع في المستقبل في ظروف معينة.
وعلى هذا الأساس، يمكن تعريف النموذج بأنه: تمثيل للواقع، يحاول تفسير ظاهرة ما من ظواهر هذا الواقع، وهو أبسط منه، ولكنه قريب من كماله؛ لدرجة يحقق معها الهدف الذي بتني من أجله.
ويمكن أن نعد دورة التعرية التي تنسب إلى (ديفز Davis) إحدى الأمثلة الهامة على النماذج الجغرافية. وقد وصف الأنثروبولوجي الإنكليزي (ليتش Leach) النموذج بأنه " ضرورة منطقية ووسيلة تفسيرية تساعد على استخلاص النتائج الصحيحة ". وعرف (نادل Nadel) النموذج بأنه (تصغير للحقيقة في صورة بسيطة متلاحمة تستمد أصو لها من الحقيقة، وهي بكلمة واحدة " نظير أو شبيه " أو تمثيل دقيق للظاهرة المدروسة.
وتعرف المجلة الفرنسية للعلوم الاجتماعية هذه المادة بأنها " اخضاع العلوم الإنسانية للأساليب الرياضية "، وأوضح (رينيه Regnier) أن " النموذج تمثيل مبسط للظاهرة، وشامل لها في آن واحد». هذا مع العلم، بأن النموذج لا يعنى بتمثيل جميع خصائص الظاهرة وعلاقاتها ، إنما يجردها من بعض مظاهرها التي تساعد على تبسيطها.
إن مصطلح النموذج يستخدم كاسم بمعنى التمثيل، وكصفة بمعنى درجة الكمال ، وكفعل بمعنى يوضح أو يظهر ما يشبه نوعاً ما، وفي الواقع إن النماذج تعني هذه الخصائص كلها. ونما يجدر ذكره، أن جار بن حيان يسمي دلالة المجانسة بالأنموذج ؛ لأنها تقوم على استدلال أنموذج جزئي على أنموذج آخر، أو بنماذج جزئية.
وانطلاقاً من هذه التعريفات، يمكن أن مخرج ببعض الملاحظات، فالجغرافي حينما ينشئ خريطته، التي تمثل واحدة من لغاته، إنما ينشئ نموذجاً؛ لأنه يصغر الحقيقة، ويبسطها، ويصنع لها مخططاً. وعن طريق هذه الخريطة، أو بمقارنة العديد من الخرائط، يستطيع أن " يستنتج الحقائق ".
والنماذج ليست جديدة في تاريخ العلوم، فقد حدد الفيزيوقراطيون في القرن الثامن عشر نموذجاً للتطور الاقتصادي، ووضعوا دورة الثراء القائمة على إنتاج الأرض، و بعد قرنين من الزمن حلت الصناعة محل الزراعة أساساً للثروة. وفي عام ١٩٢٦ أنشأ (فون تونن) نموذجاً أولياً لتوان الاستغلال في المكان. وأظهرت أبحاث القرن التاسع عشر أيضاً، نماذج تساعد على التنبؤ بالتطورات المقبلة، وكلها تنبع من فكرة التوازن العام؛ بحيث تتوازن أية منظومة بطريقة ذاتية (كما هي حال التوازن بين السكان والمكان حسب نظرية مالتوس) أو ما يعرف بالتوان الذاتي عند (بياجيه Piaget), وفي الواقع، إن استخدام النماذج كوسيلة من وسائل البحث والدراسة ليس جديداً فيعالم الجغرافية، إنما الجديد فيها هو المعالجة بواسطة الحاسب الرياضي (Ordinateur).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|