أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-21
1478
التاريخ: 6-2-2016
3165
التاريخ: 16-5-2022
2045
التاريخ: 6-2-2016
2727
|
لا يوجد أدنى شك من أن طريقة التعاطي المتشددة مع شريحة عديمي الجنسية وتباين السياسات الرسمية إزاءها نتيجة لعوامل داخلية وخارجية التي قد يتضح من خلالها عدم الرغبة والإرادة في وضع آليات لحلول جذرية لهذه المعضلة، فكان من نتائج ذلك أن جعلت من هذه المشكلة أكثر تعقيدا وتشابككما أنها قد خلفت أثار وتداعيات سلبية عديدة على أفراد تلك الشريعة طالت كافة جوانب حياتهم ومعيشتهم وأصابتهم بأضرار فادحة ومباشرة وتكمن فداحتها في كونها متشعبة تتداخل بها الجوانب النفسية والمادية وغيرها من جوانب أخرى، ومن تلك الآثار السلبية التي يتعرض لها أفراد هذه الشريحة كراهة الأجانب والعنف والاحتجاز التعسفي والتمييز والاغتصاب مما يجعلهم أهداف سهلة للإتجار بهم واستخدامهم في البناء واستغلالهم لأغراض الجريمة المنظمة (1).
وبما إن تلك الشريحة متعايشة مع مواطني البلد الذي يقيمون فيه فلا شك إن تلك التداعيات قد أثرت على ذلك المجتمع بشكل عام وبصورة سلبية، حيث تضر بسمعة الدولة على المستوى الدولي كما تؤثر على مجتمع الدولة على المستوى المحلي حيث تزداد نسبة الأمية والجهل في تلك المجتمعات كما تزداد معدلات الجريمة فيها كما تؤثر على المستوى الاقتصادي لتلك الدول، وتؤدي إلى عمليات نزوح داخلية أو حتى إلى خارج هذه الدول وبشكل جماعي (2).
وللتعرف على بعض هذه الآثار نتناولها بالبحث وفقا للتقسيم الاتي:
المطلب الأول: الآثار الماسة بالفرد.
المطلب الثاني : الآثار الماسة بالمجتمع.
المطلب الأول
الآثار الماسة بالفرد
هناك الكثير من الآثار السلبية التي تنتجها مشكلة انعدام الجنسية والتي تطال حياة الأشخاص عديمي الجنسية من جميع جوانبها، والتي تمس حقهم في الحرية والعيش بكرامة وشرف بعيد عن الإهانة والضياع. ولذلك نقتصر في هذا المطلب لبيان بعض من هذه الآثار وأهمها في فرعين:
الفرع الأول: الاحتجاز التعسفي.
الفرع الثاني، الاتجار بالبشر.
الفرع الأول الاحتجاز التعسفي
أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة التاسعة عدم جواز "اعتقال إي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسف" وهذا ما تضمنته أيضا أحكام المادة (179) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حيث نصت على "1- لكل فرد حق في الحرية و الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان احد من حريته ألا الأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه". ومن هنا نلاحظ بأنه من اختصاص المشرع الوطني تحديد الحالات التي يمكن فيها تجريد الشخص من حريته وأسباب الإجراءات المتخذة بحقه، مراعيا بذلك أن لا يكون هذا التجريد تعسفية وان لا يكون مخالفة للأحوال التي يجيزها القانون الدولي (3).
كما يؤكد الإعلان المتعلق بحقوق الإنسان للإفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه على أن لا يتعرض إي أجنبي للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، وان لا يحرم من حريته إلا وفقا للقانون (4).
وكما هو معلوم فأن الأشخاص عديمي الجنسية هم غالبا ما يفتقرون إلى وثائق تثبت هويتهم مثل بطاقات الجنسية أو بطاقات تحقيق الشخصية أو جواز السفر، فهؤلاء هم أكثر من غيرهم عرضة للاحتجاز. وقد يكون هذا الاحتجاز لفترات طويلة مما يكون له أثر حاد على الإنسان من ناحية صحته البدنية والنفسية والذي بدوره يؤثر سلبا على قدراته على الاندماج في المجتمعات (5).
وقد دأبت الأمم المتحدة على العمل لحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لحالات الاعتقال والاحتجاز من خلال وضع مجموعة من المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن التي اعتمدت ونشرت على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/173في 9/كانون الأول / 1988 والتي عرفت الاحتجاز بأنه "حرمان الشخص من حريته الشخصية ما لم يكن ذلك لأدانته في جريمة" (6) .
كما عملت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على معالجة توسع الاحتجاز التعسفي، ففي عام 1999 قامت المفوضية بتشكيل مجموعة عمل بشأن الاحتجاز التعسفي وقد أقرت مجموعة العمل هذه بعض المبادئ التي تحكم التحفظ والاحتجاز ومنها:
• أبلاغ الشخص المحتجز شفوية على الأقل وبلغة يفهمها بطبيعة وأسباب الاحتجاز.
• تمكينه من التواصل مع العالم الخارجي عن طريق الهاتف أو البريد الالكتروني والاتصال بمحامي أو الاتصال بأقاربه.
•تقديمه بسرعة إلى هيئة قضائية.
• ينبغي تحديد مدة قصوى بموجب القانون ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون التحفظ بلا مدة محدودة أو مدة زائدة.
• ينبغي اتخاذ القرار من جانب هيئة مخولة حسب الأصول وتتحمل مستوى كاف من المسؤولية.
• ينبغي أن يسمح لمكتب المفوض السامي للاجئين واللجنة الدولية للصليب
الأحمر وحيثما يكون ذلك ملائما للمنظمات غير الحكومية المخولة حسب الأصول بالدخول إلى أماكن الاحتجاز (7) .
ومن أمثلة الاحتجاز التعسفي للأشخاص عديمي الجنسية ما حدث في شباط /2011 في الكويت حيث خرج المئات من عديمي الجنسية "البدون" إلى الشوارع في احتجاج مطالبين بالحقوق المدنية والسياسية والتركيز بشكل خاص على مسألة انعدام الجنسية ومطالبتهم بالحصول على الجنسية الكويتية، وبلغ عدد المتظاهرين بين (300 - 500) شخص وقد كانوا مسالمين غير مسلحين، حيث قام أفراد الأمن بتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية كما اعتقلوا ما يقارب (150) شخص منهم وتوقيفهم واحتجازهم على الرغم من ان الكويت كانت قد التزمت بموجب قواعد القانون الدولي بحماية الحق في التجمع السلمي (8). حيث كانت دولة الكويت قد صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 21/ أيار/ 1996، والذي تضمن هذا الحق في المادة (21).
وتشير مفوضية شؤون اللاجئين إلى أنه ينبغي تفادي الاحتجاز وان لا يحتجز الأشخاص عديمي الجنسية إلا إذا كان ذلك يستند إلى تشريعات وطنية تنسجم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما ينبغي دراسة جميع بدائل الاحتجاز الممكنة ما لم توجد هناك أدلة توحي بعدم فعالية تلك البدائل في حق الفرد المعني وعلى السلطات عند اتخاذها لقرار استثنائي بالاحتجاز أن تقرر ما إذا كان الاحتجاز معقولا ومتناسبا مع الأهداف المنشودة وإذا ما وجد إن الاحتجاز ضروريا وجب أن لا يفرض إلا بطريقة خالية من التمييز ولأقل فترة ممكنة، ويمكن للمفوضية أن تسدي المشورة بشأن هذه الحالات إذا طلب منها ذلك (9).
إن الاحتجاز يمكن أن يؤدي إلى انتهاك طائفة كاملة من حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن محدودية الوصول إلى المحامين والمترجمين الفوريين، والأخصائيين الاجتماعيين وأخصائيين علم النفس والكوادر الطبية إلى جانب عدم التواصل مع العالم الخارجي مما يؤدي إلى تفاقم حالة الضعف والعزلة للمحتجزين، لذلك يعمل المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان من الانتهاكات وايجاد بدائل للاحتجاز وجعله أخر الخطوات التي يتم اللجوء إليها وهذا ما تضمنه المؤتمر الإقليمي حول بدائل الاحتجاز لطالبي اللجوء واللاجئين وعديمي الجنسية والذي عقد في بروكسل في 16/ تشرين الثاني 2011 والذي نظمته مفوضية شؤون اللاجئين ( المكتب الإقليمي لغربي أوربا ) حيث تمت مناقشة بعض الممارسات المحدودة بشأن بدائل الاحتجاز في بلجيكا، هولندا، المملكة المتحدة، ومن هذه البدائل هي "أدارة حالة العودة الطوعية، الإقامة في مكان معين مع تقييد حرية الحركة، المراقبة الالكترونية" (10).
وفي خطوة متقدمة لحماية الأشخاص عديمي الجنسية من الاحتجاز التعسفي ووضع حد له بادرت (مؤسسة الحقوق المتساوية ERT) إلى صياغة جملة من المبادئ التوجيهية بشأن احتجاز الأشخاص عديمي الجنسية) حيث تتكون من ستة وستون مبدأ وقد نشرت هذه المبادئ في (13/تموز/ 2012)، وقد عملت هذه المؤسسة لإنجاز هذا المشروع في شراكة مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومفوضية حقوق الإنسان وشبكة حقوق اللاجئين في أسيا والمحيط الهادي APRRN والشبكة الأوربية لانعدام الجنسية والائتلاف الدولي للاحتجاز (IDC) ومنتدى الاحتجاز ومحامون من اجل الحرية في ماليزيا ولجنة هلسنكي الهنغارية (المجر) وجامعة ما هيدول في تايلاند حيث سلطت هذه الشراكة ومن خلال هذا المشروع الضوء على مشكلة انعدام الجنسية باعتبارها مشكلة هامة يجب معالجتها من قبل أنظمة احتجاز المهاجرين، وتقدم هذه المبادئ التوجيهية إرشادات مفصلة حول كيفية تعامل الدول مع الأشخاص عديمي الجنسية من اجل الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولاسيما في المساواة وعدم التمييز والحق في عدم التعرض للاعتقال التعسفي، حيث تعكس هذه المبادئ الأس الراسخة
في القانون الدولي لحقوق الإنسان، فقد تضمن المبدأ (24) من هذه المبادئ التوجيهية احتجاز الأشخاص عديمي الجنسية لأغراض تحديد الهوية وضرورة أن تكون هناك قرينة ضد اعتقالهم وهذا من المبادئ المسلم بها، والمبدأ (25) فقد تضمن ضرورة أن لا يكون الاحتجاز تعسفيا، وأما المبدأ (26) فينص على ضرورة أن يكون الاحتجاز بصورة غير تمييزية ومتناسبة ومعقولة وان ينفذ وفقا للضمانات الإجرائية للقانون الدولي ولعل الأهم وفي سياق انعدام الجنسية هو أن يكون الاعتقال الأقصر مدة ممكنة وينبغي أن تحدد مدة زمنية معقولة للاحتجاز وهذا ما جاء به المبدأ (45) (11).
الفرع الثاني الاتجار بالبشر
عرف بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال الاتجار بالبشر (12) في المادة الثالثة فقرة (أ) بأنه "تجنيد أشخاص أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص أخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء".
كما عرف المشرع العراقي الاتجار بالبشر في المادة الأولى من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة (13) 2012 بأنه "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص أخر بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب".
إن انعدام الجنسية يعني ضمن أنه لا يوجد إي سند قانوني بين الفرد والدولة فالأشخاص عديمو الجنسية تكون سبلهم محدودة أو ليست لهم سبل في الحصول على العمل والرعاية الصحية والتعليم وفرص السفر واللجوء إلى العدالة مما يجعلهم فئات ضعيفة وعرضة لأن يصبحوا أهدافا سهلة وضحايا لمهربي البشر وبالأخص الأطفال والنساء منهم. حيث يعانون الفقر والظروف المعيشية السيئة (14) .
فمن صور الاتجار بالأشخاص هي الاستغلال الجنسي (البغاء) ويعتبر من أكثر الصور انتشارا في العالم نظرا لما يحققه من أرباح وتشمل هذه التجارة كل من النساء والفتيات صغيرات السن وكذلك الأطفال من الجنسين ذكورا وإناثا (15).
وكذلك صورة السخرة أو العمل الجبري وتتضمن هذه الصورة عدة أشكال ومنها تجنيد وإيواء ونقل أو توفير شخص للعمل أو لتقديم خدمات من خلال القوة أو الخداع أو الإكراه من اجل أن يقوم بأشغال غير طوعية وتتجلى هذه الصورة في شكل العبودية القسرية التي غالبا ما يقع فيها العمال المهاجرون وبالخصوص من كان منهم عديم الجنسية حيث يسافر هؤلاء للحصول على العمل بسبب أوضاعهم الاقتصادية السيئة، فيصبحون عرضة للعبودية القسرية فيعانون من أرباب العمل الأذى اللفظي أو الجسدي أو تأخير الأجور أو عدم منحهم الراحة من العمل وأيام العطل، فضلا عن العبودية المنزلية الإرادية التي يقع فيها خدم المنازل من خلال استخدام القوة أو الإكراه مثل سوء المعاملة الجسدية أو النفسية وان النساء والأطفال هم الشريحة الأكثر تعرضا لهذا الشكل من العبودية (16) .
ومن الأسباب التي تدعو للإتجار بالأطفال:
• الأوضاع الاقتصادية السيئة في كثير من الدول.
• انعدام المساواة بين الجنسين والممارسات التمييزية الناتجة عنها.
• قلة فرص العمل وضعف التأهيل المهني.
• نقص وضعف فرص التعليم.
• التمييز الممارس ضد الأقليات العرقية (17) .
فكلما زادت هذه الأسباب انتشار كلما تفاقمت أثارها ومن ثم جعل الأشخاص الذين يعيشون هذه الظروف أكثر تعرضا للمتاجرة بهم وبالأخص الأطفال والنساء، وان أثارها مستقبلا تزيد من مشاكلهم ولا تساعد إطلاقا في حلها (18).
وقد عرفت منظمة العمل الدولية الاتجار بالأطفال بأنه "انتقال الأطفال من مكان إلى آخر عبر استخدام القوة والإكراه أو الخداع، وإجبارهم على العمل في ظروف مثل الاستغلال الاقتصادي والجنسي" وتعرفه اليونيسيف بأنه "أسوأ أشكال عمل الأطفال، وان أكثر الأطفال المستخدمين في مجالات التسول والتجنيد في النزاعات المسلحة والرق وسباق الهجن والخدمة القسرية والعمالة القسرية في المصانع والمزارع والمناجم يمكن اعتبارهم من ضحايا الاتجار بالأشخاص" (19).
. وفي تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية عن الاتجار بالبشر في الجبل الأسود لعام 2011 إذ يتعرض الفجر من عديمي الجنسية في الجبل الأسود وبالأخص الأطفال للإتجار بهم من خلال إجبارهم على التسول القسري في الشوارع، وكذلك تتعرض النساء والفتيات الصغيرات من الغجر عديمي الجنسية للإتجار بهن جنسيا فالفجر هؤلاء يعيشون في حالة من الفقر المدقع والتهميش الاجتماعي والتمييز خلافا لبقية السكان مما يجعلهم ممرضة أكثر من غيرهم لخطر الاتجار بالأشخاص (20).
وفي دراسة نشرتها الشراكة العالمية للأصوات الحيوية بعنوان ( عديمي الجنسية في تايلاند عرضة للإتجار بالبشر) تضمنت استضعاف فئات الأقليات العرقية العديمة الجنسية المتمثلة في الآلاف من القرويين المنتمين للقبائل التي تسكن المناطق الجبلية النائية في تايلاند، فأنهم أشخاص بلا جنسية غير قادرين على التمتع بالمزايا التي تقدمها الدولة لمواطنيها من خدمات الرعاية الصحية والتعليم وتصاريح السفر حتى إن الدولة تفرض عقبات معقدة على القرويين للتقديم على الوظائف مما يجعلهم يعيشون حالة من الفقر، ومن ثم يصبحون عرضة للاستغلال في البناء وبخاصة النساء (لتأمين الكسب المالي) وعمالة الأطفال والاتجار بهم. ومن ثم لا يحصل هؤلاء الضحايا الا على حماية ومساعدة محدودة وقد يتم رفض دخولهم مرة ثانية إلى تايلاند، وتوصي هذه الدراسة بضرورة تحسين شبل الحصول على الجنسية الذي من شأنه أن يساهم بقدر كبير في تقليل التعرض للإتجار بالبشر، وأوصت بضرورة اتخاذ التدابير الأتية:
*تسجيل المواليد.
*تحسين شفافية عملية طلب الحصول على جنسية.
*إلغاء الرسوم المتصلة بطلب الجنسية.
*تدريب الموظفين المحليين على القوانين ذات الصلة.
* إلغاء القيود على شبل الوصول للتعليم والرعاية الصحية والعمل لغير المواطنين والسفر (21).
أما في ولاية أراكان في بورما فلا زالت الحكومة فيها تمارس التمييز المنهجي ضد الروهينجا عديمي الجنسية فقد قامت قوات الأمن الحدودية البورمية (ناساكا ) والجيش البورمي بإجبار الروهينجا على العمل القسري بحراثة الأراضي الزراعية بدون أجور ولا حتى طعام بتاريخ 2013/7/9 وإجبار البعض الآخر منهم على العمل قسرا لإصلاح الطرق التي تضررت من الأمطار ومن دون اي اجر، حيث يقومون بهذه الأعمال جبرا وتحت التهديد بإيقاع العقوبات عليهم في حالة عدم امتثالهم (22).
وأما في صربيا فتشير تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين إلى وجود ما يقارب من 17،000 شخص عديم الجنسية فيها، وان الغالبية العظمى هم من الغجر (الروما) الأثنية الذين يقدر عددهم في صربيا بنحو 250،000 إلى 500،000 شخص وعلى الرغم من إن صربيا كانت قد انضمت لاتفاقية عام 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية في 2011 وأنها طرفا في اتفاقية 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية منذ عام 2001، ألا إن قانون الجنسية فيها لا يزال يتضمن ثغرات تجعل بعض الأشخاص يتعرضون لخطر انعدام الجنسية.
ويتعرض أطفال الروما في صربيا للإتجار بهم لأغراض جنسية، ولأغراض التسول القسري والاسترقاق المنزلي القسري كما تتعرض نسائهم للإتجار بهن جنسيا من قبل الجماعات الإجرامية الصربية في شمال ايطاليا وألمانيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك والنمسا والسويد، أما رجالهم فيتم إخضاعهم للإتجار لأغراض العمل في البلدان الأوربية وأذربيجان والإمارات العربية المتحدة وكذلك روسيا (23).
كما يؤكد مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة على إن جميع الأشخاص عديمي الجنسية ولاسيما الأطفال منهم والنساء، أنما يكونون في موقف ضعف أمام عمليات الاتجار بالبشر التي تمثل انتهاكات واعتداءات سافرة ضد حقوقهم الإنسانية، ولذلك فهو يهيب بالدول أن تنفذ التزاماتها القانونية الدولية بمكافحة الاتجار بالبشر بما في ذلك تحديد هوية الضحايا المحتملين للإتجار وتقديم المساعدة المناسبة للأشخاص عديمي الجنسية الذين يكونوا ضحايا للإتجار، مع إيلاء اهتمام خاص للإتجار بالنساء والأطفال (24).
وفي هذا الإطار يمنح قانون مولدوفا رقم 241-26 الصادر في 20 تشرين الأول / 2005 بشأن منع ومكافحة الاتجار بالبشر فترة تفكر مدتها (30يوم) لضحايا الاتجار، يمنع خلالها تنفيذ إي أمر بالطرد وخدمات الحماية والمساعدة ليست مشروطة باستعداد الضحايا لأن يدلوا بأقوال وان يساهموا في ملاحقة المتجرين قضائيا، وبمقتضى المادة (24) تمنح الحماية والمساعدة للأجانب والأشخاص عديمي الجنسية من ضحايا الاتجار فيحصلوا على فترة تفكر مدتها (30يوم) وعلى مشورة نفسانية وعلى مساعدة طبية واجتماعية، كما يتمتع هؤلاء الأشخاص بمساعدة قانونية مجانية من اجل ممارسة حقوقهم (25).
المطلب الثاني
الآثار الماسة بالمجتمع
نتناول في هذا المطلب بعض من الآثار السلبية لانعدام الجنسية التي تمس المجتمع، كما نتطرق إلى بيان بعض الآثار الأخرى، وأهم هذه الآثار ندرسها في فرعين كالاتي:
الفرع الأول: الجهل والأمية والتخلف.
الفرع الثاني : ارتفاع معدلات الجريمة.
الفرع الأول الجهل والأمية والتخلف
من الآثار السلبية الكبرى التي خلفها حرمان أطفال عديمي الجنسية من حق التعليم خصوصا للمرحلة الابتدائية هي (الجهل، الأمية، التخلف)، ففي الإمارات العربية المتحدة يحرم أطفال فئة البدون هناك من حق التعليم فلا يسمح لهم بالدراسة في المدارس الحكومية مما أدى هذا القرار اللاإنسانية الظالم إلى تفشي الأمية بين عشرات الآلاف منهم لأن تعليمهم في المدارس الخاصة يتطلب مبالغ كبيرة لا تستطيع العائلة توفيرها، فاضطرت الأسر ( البدون) إلى التوقف عن تعليم بناتهم في بداية الأمر وآثرت تعليم الأولاد فقط دون البنات ثم تفاقم الأمر إلى التوقف عن تعليم كل الأبناء أو الاكتفاء بدخول بعضهم سنة وبعضهم الأخر في السنة الأخرى، مما أدى إلى التأخير العلمي والإحباط، ومن قدر له من البدون الحصول على شهادة الثانوية فأنه لا يستطيع الالتحاق بالمعاهد التطبيقية او الجامعة (26) .
أما في بوتان حيث النيبالية العرقية عديمي الجنسية الذين يعيشون في المناطق الجنوبية من بوتان فقد تسببت القوانين التمييزية البوتانية في جعلهم بلا جنسية وتمارس الحكومة البوتانية بحقهم ممارسات تمييزية ومنها حرمان الأطفال النيباليين من القبول في المدارس الحكومية ونتيجة لذلك تلجأ أكثر الأسر النيبالية التعليم أبنائهم في المدارس الخاصة في بوتان وبعضهم الأخر من هذه الأسر تعزف عن تعليم أبنائهم بسبب عدم تمكنهم من دفع تكاليف هذه المدارس الخاصة ونتيجة لممارسات التمييز هذه أجبر أكثرهم للفرار من البلاد متجهين للعيش في المخيمات النيبالية في النيبال حيث يعيشون فيها منذ أكثر من (15 عام) ويقدر عددهم 106،000 شخص يشكل الأطفال %40 منهم وفي محاولة لتمكين أبنائهم من الذهاب إلى المدارس بنيت بعض المدارس في هذه المخيمات، ألا إن حالها يرثى له حيث تتكون أسقفها من الأغطية البلاستيكية التي لا تقوى على أن تقيهم الأمطار وأحيانا يضطر الطلاب للجلوس على الأرض لتلقي الدرس بسبب الإمكانيات البسيطة لهذه المدارس ونتيجة لهذا الوضع المزري يتسرب أكثر الطلاب من المدرسة.
لأنهم يشعرون أن لا أمل لهم في مستقبل أفضل مما يزيد هذه الأوساط أمية وجهلا واحباطا يتزايد يوميا (27) .
وأما في تقرير لولاية أراكان في ميانمار في 1/حزيران/2012 حول القضايا التي تثار بشأن حالة عديمي الجنسية ومنها حقوق الأطفال الروهينجا، مقدم إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل يقدر نسبة الأمية في أوساط الروهينجا (%80) حيث إن أربعة من بين كل خمسة أشخاص منهم أميون بسبب حرمان الأطفال من الالتحاق بالمدارس نتيجة للقوانين والممارسات التمييزية التي تتخذها ضدهم حكومة بورما، حتى إن أطفال الروهينجا الذين ولدوا وتربوا في ماليزيا أيضا لا يمكنهم الذهاب إلى المدارس هناك رغم إن التعليم الابتدائي في هذه الدولة إلزامي ومتاح مجانا للجميع (28).
وفي تقرير المنظمة العفو الدولية (المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا) حول عديمو الجنسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي تضمن معاناة الفلسطينيين عديمي الجنسية الذين يعيشون في المخيمات اللبنانية والذي يقدر عددهم بين3،000 - 5،000 إذ تقدر أعداد عديمي الجنسية من الأكراد والبدو والمكتومين من عديمي الجنسية في لبنان عشرات الآلاف، فلا يحمل هؤلاء الفلسطينيين عديمي الجنسية إي بطاقة تعريف فهم سجناء داخل المخيمات ولا يتمكنون من تسجيل زواجهم أو أولادهم وبالتالي يعاني هؤلاء الأطفال من عدم تمكنهم من الالتحاق بالمدارس إلا تلك المدارس التي توفرها وكالة غوث. اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا") في هذه المخيمات والتي لا توفر التعليم الثانوي وتقتصر على التعليم الابتدائي، وحتى من استطاع منهم إكمال ومتابعة تعليمهم في المدارس الخاصة فلا يمكنهم دخول الجامعات والمعاهد كونهم غير مسجلين ومن ثم تكون هذه المخيمات بؤرة من الفقر والجهل و الأمية والتخلف بسبب سياسات التهميش والتمييز والإقصاء (29).
وإن التمييز في تحصيل حق التعليم هو محل انتقاد مستمر من المنظمات الدولية والإقليمية والناشطين في هذا المجال، كونه مخالف لما جاءت به الاتفاقيات والمواثيق الدولية في هذا الشأن ومنها ما جاء في أحكام المادة الأولى (ف/1/أوف/2) من الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم حيث نصت:
"1- لأغراض هذه الاتفاقية، تعني كلمة "التمييز " أي ميز أو استبعاد أو قصر أو تفضيل على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين، أو الرأي سياسية أو غير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الحالة الاقتصادية أو المولد، يقصد منه أو ينشأ عنه إلغاء المساواة في المعاملة في مجال التعليم أو الإخلال بها وخاصة ما يلي:
أ- حرمان أي شخص أو جماعة من الأشخاص من الالتحاق بأي نوع من أنواع التعليم في أي مرحلة.
2- لأغراض هذه الاتفاقية تشير كلمة "التعليم" إلى جميع أنواع التعليم ومراحله، وتشمل فرص الالتحاق بالتعليم ومستواه ونوعيته والظروف التي يوفر فيها (30).
كما لا يخفى عن الأذهان ما للفقر والمرض وانتشاره بين أوساط شريحة عديمي الجنسية من أثر كبير في تخلف أشخاص هذه الشريحة، فالغالبية العظمى منهم يعملون في مجالات صعبة للغاية فيها كثير من التعب والجهد لإعالة أفراد أسرهم مقابل مبالغ مالية زهيدة لا تكفي لتغطية تكاليف الحياة اليومية الباهظة يضاف لذلك تعرضهم للطرد بشكل تعسفي من قبل أرباب العمل ليصبحوا عاطلين عن العمل عاجزين عن توفير لقمة العيش، أما الناحية الصحية فنجد البدون في السعودية مثلا يدفعون الرسوم للحصول على بطاقة التأمين التي تمتد لسنة كاملة، كما يدفعون الرسوم لكل مراجعة للمستشفى، أما بالنسبة الغير حاملي بطاقة التأمين الصحي فأنهم يدفعون مبالغ اكبر لكل زيارة للمستشفى، فضلا عن العوائق الإدارية حيث مطالبتهم بالأوراق الثبوتية الموثقة رسمية في دوائر الدولة والتي لا يمتلكونها (31).
حيث يعيشون في بيئة من المرض بسبب عدم مقدرتهم على تسديد تكاليف ورسوم العلاج الباهظة الثمن ولهذه الأوضاع المأساوية ألأثر الواضح في تخلف هذه الشريحة من المجتمع. والتحاقها بركب الأمية والجهل والعزلة والخوف من الغد الذي لا مستقبل فيه ولا أمل في حياة أفضل.
الفرع الثاني
ارتفاع معدلات الجريمة
مع زيادة التشدد والضغط الحكومي على الأفراد عديمي الجنسية بحرمانهم من حقوقهم الإنسانية (كالرعاية الصحية، العمل، التنقل) وغيرها، من الطبيعي أن تتزايد معها الظواهر السلبية السلوكية مثل اللجوء للعنف والانحراف والعدوانية ومن الطبيعي أن تكون هناك أعراض نفسية مصاحبة لهذه الضغوط كالاكتئاب والقلق وضعف تقدير الذات وفقدان المكانة في منظومة المجتمع مما تدفعهم لارتكاب الجريمة حيث يتحول هؤلاء الأفراد إلى شريحة ناقمة على المجتمع ومن الممكن أن يصبحوا عناصر ضمن مجموعات إرهابية، وهذا ما أشارت إليه وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي عن الإرهاب والمتعلق بشريحة ( البدون) في السعودية حيث تضمن التقرير (إن استمرار مشكلة البدون يجعلهم عرضة للتجنيد الإرهابي من المتطرفين) فاللبدون في السعودية غالبا ما يلجؤون لارتكاب جرائم السرقة والعنف وتجارة الممنوعات وغيرها، كما يشترك البدون في جرائم جماعية ترتكبها عصابات مشكلة من أشخاص أجانب ولا يخفى ما لواقع الفقر وتفشي الأمراض والأمية والجهل والتخلف الذي تعيشه هذه الشريحة من الأثر الكبير في دفع أفرادها لارتكاب الجريمة إشباعا للحرمان الحاصل في جميع نواحي حياتهم(32).
وتشير بعض الإحصائيات في ارتفاع معدلات الجريمة بين أوساط البدون في الإمارات العربية المتحدة ومن هذه الإحصائيات التقرير الأمني السنوي الذي أعدته شرطة الشارقة العام 2010 والذي تضمن إن البدون يحتلون المرتبة الرابعة من بين مرتكبي الجرائم في الإمارات العربية المتحدة والذي يقدر عددهم في ذلك العام (26852) شخصا يشكل البدون %15 منهم (33) .
وسبب ذلك يعود لحرمان هؤلاء الفئة من حقهم في العمل ظلما وجورا بلا ذنب اقترفوه غير أنهم بدون فالحصول على لقمة العيش بكرامة باتت مشكلة كبيرة وفي حال حصولهم على عمل يتعرضون للاستغلال من قبل أرباب العمل حيث يعملون بربع الراتب الذي يتقاضاه إي عامل إماراتي، وليس أمامهم خيار الامتناع والكثير منهم لن يجدوا بدا من الوقوع في شرك الجريمة، فيرتكب هؤلاء الجرائم المختلفة كتزوير المستندات والإدلاء ببيانات غير صحيحة والقتل والسطو والسرقة والمتاجرة بالمخدرات. ومن ثم فأن هذه الآثار السلبية أصبحت غير مقتصرة على هذه الفئة المظلومة وإنما امتدت لتطال المجتمع الإماراتي حيث يفقد المجتمع الأمن وتزداد معدلات الجريمة (34).
أما البدون في الكويت فهم ليسوا بأحسن حالا من البدون في الإمارات فترتفع معدلات الجريمة بين أوساط البدون الكويتيين بنسبة أعلى مما هو عليه في الإمارات إذ تشير سجلات وزارة الداخلية في الكويت إلى إحصائيات الجريمة في البلاد التي يجري تقسيمها حسب جنسية مرتكبيها، وتبين إحصائيات عام 2006 إلى إن نصيب البدون من تلك الجرائم كبير حيث يحتلون المرتبة الثانية بمعدل (508 جريمة) نال الذكور منها (492) والإناث (16) حيث تزداد معدلات الجريمة بين البدون كلما تزايدت سياسات التضييق ضدهم من قبل الحكومة وحرمانهم حقوقهم الأساسية. وفي ظل أوضاع معيشية مزرية وسياسات ضغط وتهميش من المتوقع أن يكون أفراد البدون ممرضة لاحتمالات إقحامهم في عصابات متخصصة بالعمليات الإرهابية، فقد حكمت محكمة جنايات الكويت بالسجن لمدة عشر سنوات مع الشغل والنفاذ على ثلاثة أشخاص من البدون وقررت إبعادهم بعد تنفيذ العقوبة للعثور على مواد تفجير بحوزتهم ومواد تدخل في تركيبها وكانوا قد شكلوا عصابة مع أشخاص جزائريين للقيام بأعمال تفجير إرهابية(35). وأما عديمي الجنسية من البوتانيين الذين يعيشون في مخيمات في النيبال، فأنهم يقبعون تحت وطأة الأحوال المعيشية المتردية حيث لا عمل ولا رعاية صحية ولا تعليم والفقر والأمية والجهل والتخلف هو رفيقهم في تلك المخيمات، ومما لاشك فيه إن هذه الأحوال هي من أبرز الدوافع لانتشار الجرائم بين هذه الأوساط وأهمها جرائم السرقة والسطو والقتل والتزوير والاعتداء وإدمان الكحول، فقد أصبح ارتكاب هذه الجرائم من السمات المشتركة التي تجمع بين أفراد هذه الشريحة وعلاوة على ذلك انتشار حالات الاغتصاب والتجارة غير المشروعة مما أصبحت تمثل تهديدا لعموم المجتمع في أمنه وأمانه (36) .
أثار أخرى؛
• النزوح القسري
من أهم أسباب النزوح هو الاضطهاد لأسباب تتمثل (الرأي السياسي، المعتقد الديني، الأصل العرقي) فضلا عن أسباب تتعلق بالصراعات وانتهاكات حقوق الإنسان، فقد يؤدي انعدام الجنسية للنزوح القسري حيث تعتبر شريحة الأشخاص عديمي الجنسية من أكثر الشرائح في المجتمع التي تتعرض حقوقها الإنسانية للانتهاك (37) .
فلا تزال سياسات الإقصاء المفروضة من قبل الحكومات المتعاقبة في بورما تمارس ضد الروهينجا (عديمي الجنسية بسبب أصلهم العرقي فضلا عن معتقدهم الديني منذ الاستقلال البورمي في عام 1948 وحتى يومنا هذا ففي تقرير لهيومن راتیس ووتش) ذكرت أنه في مطلع (حزيران) من عام (2012) وبسبب أعمال عنف مارستها الحكومة ضد بعض الأشخاص من الروهينجا مما أدت إلى اشتباكات بينهم وبين أفراد الشرطة اتسعت حتى وصلت إلى العاصمة، مما أدت موجة العنف هذه بالحكومة البورمية إلى نقل قسري للمدنيين من عديمي الجنسية (الروهينجا) وقد نزح ألاف الأشخاص منهم نزوحا داخليا. واضطرارهم للعيش في مخيمات تفتقر لأقل المستلزمات الضرورية للحياة، حيث يعاني الأطفال سوء التغذية الحاد مما يعرض حياتهم لخطر الموت، وليس الأطفال منهم بل حتى الكبار فهم يعانون قلة المياه والغذاء وانعدام الصرف الصحي، كما أن العديد منهم قد فروا بالقوارب إلى بنغلادش (38) .
•عزوف الشباب عديمي الجنسية عن الزواج
من الآثار السلبية النفسية والمجتمعية التي تمتد لحقوق إنسانية ملحة كالحق في الزواج، إذ لا توثق عقود الزواج في دوائر الدولة الرسمية للأشخاص عديمي الجنسية مما أدى هذا الإجراء التعسفي لإضراب الشباب عن الزواج وانتشار العنوسة بين النساء عديمات الجنسية، فضلا عن خوفهم من إنجاب الأطفال بعد الزواج حيث يولد جيل جديد من عديمي الجنسية فيرث هؤلاء الأطفال انعدام الجنسية من والديهم ومن يتزوج منهم يقرر عدم الإنجاب تفاديا لذلك، وقد اضطر البعض منهم للسفر إلى دول مجاورة لغرض توثيق عقود زواجهم، أما البعض الأخر فلم يستطع السفر لعدم تمكنهم من الحصول على جوازات سفر خاصة بعديمي الجنسية وان حصلوا عليها فكثير من الدول لا تمنحهم تأشيرة دخول (الفيزا) لأرضيها لهذه النوعية من وثيقة السفر، كما إن بعض الدول لا تكتفي بعدم توثيق عقود زواج عديمي الجنسية أو حتى طلاقهم في دوائرها المعنية بل أنها تعاقب الأشخاص الذين يتزوجوا بدون توثيق عقود زواجهم فيما إذا تم توثيقها لدى رجال الدين أو مكاتب المحامين، فيعاقبوا بعقوبة (الزنا) كما هو الحال في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالحرمان من هذا الحق الأساسي في الحياة يتعارض مع المفاهيم الإنسانية مما تكون له انعكاساته السيئة على البيئة النفسية والأسرية والمجتمعية لعديمي الجنسية بشكل عام (39) .
• تأثر الناحية الاقتصادية في الدولة :
تتأثر الناحية الاقتصادية للدولة من خلال عدم استغلالها لإمكانات هذه الفئة كقوى عاملة بينما تستعين في الوقت ذاته بالعمالة الوافدة من الخارج ومن المؤكد إن استثمار فئة الأشخاص عديمي الجنسية في القطاع الخاص ستكون لها أثار ايجابية من ناحية التعرف عليهم بشكل اكبر، فضلا عن إن الأموال التي تكسبها هذه الفئة ستعود إلى السوق المحلي بدلا من تحويل بعضها للخارج، فالاعتماد على العمالة المستوردة يؤدي إلى التأثير السلبي على العمالة في داخل البلد ( العمالة الوطنية) وفرص العمل المتاحة لها بحيث تتنافس هذه العمالتين في مجالات عمل يجب أن تقتصر على العمالة الوطنية، لأنها لا تحتاج إلى خبرات أو مستوى معين من المهارة الفنية وبإمكان هذه الفئة العمل فيها كما تؤدي العمالة المستوردة إلى ازدياد حالة البطالة في البلد فيبقى الشباب ومن بينهم ( الشباب عديمي الجنسية ) من دون عمل مما قد يؤثر على سلوكياتهم وما يستتبعه ذلك من انعكاسات سلبية على المجتمع من جميع الجوانب (40) .
الآثار السلبية التي خلفتها سياسات حرمان عديمي الجنسية من حقوقهم لا تقتصر حدودها داخل الدولة فحسب بل تتجاوزها للخارج بما يؤثر على سمعتها أمام الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية والإقليمية، حيث تتعرض هذه الدولة لسيل في الانتقادات الدولية كما تتعرض للكثير من الاحراجات في المحافل الدولية وتعتبر نقطة تؤخذ عليها سلبا في سجل انجازاتها لحقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي مثل هذه السياسات تؤدي بلا شك للأضرار بسمعة الدولة الإنسانية والديمقراطية فتمتد أثار وتداعيات هذه القضية المربكة إلى الطواقم الدبلوماسية للدولة في الخارج. حيث تكون الدولة مطالبة بالرد الرسمي على الانتقادات التي توجه إليها، وهذا ما حدث فعلا مع دولة الكويت فيما يخص فئة البدون فقد أصبحت قضية هذه الفئة في الكويت محل نقاش مكثف محلي ودولي، وأصبح لا يخلو إي تقرير دولي يتعلق بحقوق الإنسان في الكويت من انتقادات للسياسات الرسمية لدولة الكويت تجاه ( البدون) ، وهذا الأمر لا يتناسب مع دولة الكويت بعد اعتلائها لمكانة متميزة في سجل حقوق الإنسان (41) .
كما تأخذ هذه المشكلة بعدا سياسية إذ ترتبط الكويت باتفاقيات دولية تلزمها بمعاملة ( البدون) كمعاملة الكويتيين في جوانب عديدة ومنها التعليم فقد وقعت الكويت على اتفاقية حقوق الطفل عام 1990 والتي تلزمها برعاية أبناء البدون وفق ما نصت عليه المادة الثانية من الاتفاقية في بندها الأول والذي جاء فيه "تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز بغض النظر، عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لفتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الاثني أو الاجتماعي...."هذا فضلا عما جاءت به المادة 1/28 من هذه الاتفاقية التي تضمنت الزام جميع الأعضاء والمصدقين على الاتفاقية ومنها الكويت بحق تعليم الأطفال وجعل التعليم الابتدائي إلزاميا ومتاحا للجميع. وان عدم التزام الكويت بهذه الاتفاقيات مما الاشك فيه أنه يسيء لسجلها في قضايا حقوق الإنسان فضلا عن الحرج الشديد الذي يوقعه موقف الكويت من ( البدون) على الدول الغربية المؤيدة للكويت والمساندة لها في معظم قضاياها الدولية (42) .
_____________
1- فارس مطر الوقيان. عديمو الجنسية في الكويت (الأزمة والتداعيات)، بحث منشور في مجلة السياسة الدولية العدد 175، الكويت: 2009 ، ص18.
2- إبراهيم خليف مرضي العنزي ، البدون ( عديمي الجنسية ) الواقع والاثار الناتجة عنه ، دراسة في جامعة الملك سعود ، كلية التربية 2010، ص12-13.
3- غازي حسن صباريني. الوجيز في حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ط3، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان: 2011، ص151.
4- نصت المادة (175) من الإعلان على "i- الحق في الحياة والأمن الشخصي. ولا يتعرض إي أجنبي للاعتقال أو الاحتجاز على نحو تعسفي ولا يحرم إي أجنبي من حريته إلا بناء على الأسباب المحددة في القانون وفقا للإجراءات الواردة فيه، وينطبق مصطلح «أجنبي" في هذا الإعلان على اي فرد يوجد في دولة لا يكون من رعاياها.
5-Antonio Guterres. International meeting betweengovernments
at the ministerial level on the occasian of the 60th anniversry of the 1951 convention relating to the status of refugess the 50th anniversary of the 1961 convention on the reduction of stat and elessness. 7/december 2010.available on. http://www.unhcr.org/4ecdocde9.html
6- محمد عبد الله أبو بكر سلامة. حق الإنسان في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، منشأة المعارف، الإسكندرية: 2010، ص387.
7- الجنسية وانعدامها. دليل البرلمانيين رقم 11 لسنة 2005، نشر بواسطة الاتحاد البرلماني الدولي بالاشتراك مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، ص28-29.
8- هيومن رايتس ووتش، التقييم القطري (الكويت)، اصدر في كانون الثاني لعام 2013، ص3، متاح على الموقع الالكتروني www.bia.homeoffice.gov.uk/sitecontent/.../kuwait-ogn ?
9- Kuwait voices: detained stateless people. Is available on the website www.refugees international.org>blog
10-Regional conference on alternative to detention for asylum-seekers. refugees and stateless persons. Brussels. Belgium. 16 novembere 2011. Is available on the website www.unhcr. be/fr/nos-activites/campagnes/conference-regionale-sur-lesalternative-a-la-detention.html
11-www.equalrightstrust. Org/statelesspersons/index.html The equal rights trust. Is available on the website
12- اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (25)، الدورة (55)، المؤرخ في 15/تشرين الثاني/ 2000، دخل حيز النفاذ بتاريخ 25 كانون الأول/ 2003.
13-نشر في الوقائع العراقية بالعدد 4236 في 2012/4/23 .
14- مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (البرنامج العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر)، مجموعة أدوات المكافحة الاتجار بالأشخاص، منشورات الأمم المتحدة، 2006، ص532 .
15- حامد سيد محمد حامد. الاتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين الأسباب، والتداعيات، الروئ الاستراتيجية)، ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة: 2013، ص 32.
16- راميا محمد شاعر. الاتجار بالبشر (قراءة قانونية اجتماعية)، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بیروت: 2012، ص13-11.
17- عبد القادر الشيخلي. جرائم الاتجار بالأشخاص والاعضاء البشرية وعقوباتها في الشريعة والقوانين العربية والقانون الدولي، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت: 2009، ص57-58.
18- سوزي عدلي ناشد. الاتجار في البشر بين الاقتصاد الخفي والاقتصاد الرسمي، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت: 2008، ص50.
19- خالد بن سليم الحربي. ضحايا التهريب البشري من الأطفال، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض: 2011، ص18.
20-United states department of state. 2011 trafficking in persons report-montengro. Is available on the website http:// www.unhcr.org/refworld... mne
21- Vital voices global partnership. Stateless and vulnerable to human trafficking in Thailand. June 2007. p.26. Is available on the website www.humantrfficking.org/vital-voices-stateless-humantrafficking-in-thailand
22- Forced labor resumes in maungdaw south. Is available on the website www.the stateless.com/201307//forced-laborresumes-in-maungdaw-south.html
23- 2013 trafficking in persons report-Serbia. Is available on the website www.refworld.org/docid/51c2f391
24- الحق في الجنسية. النساء والأطفال، قرار اعتمده مجلس حقوق الإنسان، الجمعية العامة، الدورة العشرون في 16/حزيران/2012، ص3-4.
25- قانون مولدوفا بشأن منع ومكافحة الاتجار بالبشر لعام 2005، متاح على الموقع الالكتروني
http// legislationline.org/topics/topic/14
26- عبد العال الديربي. حقوق الإنسان (دراسة مقارنة) الالتزامات الناشئة عن المواثيق الدولية، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة: 2011، ص459
27- Joseph G.mathew. ethnic conflict in Bhutan, newdelhi: nirala publication. 1999.p.47.
28-Burmese rohingya refugeescommunity Malaysia. asucceful work shop on rohingya refugees in Malaysia(2009). Is available on the website www.brrcm.blogspot.com
29- جمعية رواد فرونتيرز. رحلة عمر بين الظل والذل (دراسة قانونية حول ظاهرة انعدام الجنسية في لبنان). بيروت: 2009، ص132.
30- الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم، اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 14/كانون الأول/ 1960، في دورته الحادية عشر، تاريخ النفاذ: 22/أيار/ 1962.
31- إبراهيم خليف مرضي المشيطي العنزي. مصدر سابق، ص16.
32- إبراهيم خليف مرضي المشيطي. مصدر سابق، ص18-19.
33- سيف الدين الياس حمدتو. الجنسية السودانية ، بحث منشور في مجلة جامعة شندي ، كلية القانون ، العدد التاسع 2010 ، ص108.
34- عبد العال الديربي. حقوق الإنسان (دراسة مقارنة) الالتزامات الناشئة عن المواثيق الدولية، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة: 2011 ، ص460.
35-Joseph G.mathew. op. p.53.
36- حوار المفوض السامي بشأن تحديات الحماية لعام 2010 (ورقة معلومات)، الثغرات والاستجابات الخاصة بالحماية، ، متاح على الموقع الالكتروني /
www.unhcr.org/ hc.dialogue/2010dialogue-background-paper-arabic.pdfق، ص2.
37- فارس مطر الوقيان. عديمو الجنسية في الكويت (الأزمة والتداعيات)، بحث منشور في مجلة السياسة الدولية العدد 175، الكويت: 2009 ، ص22.
38- Steven robles. the stateless rohingya: ahumaintarian crisis in Burma. 16 may, 2013. Is available on the website www. theinternational.org/articles/417-the-stateless-rohingya-a humaintarian-cr
39- إبراهيم خليف مرضي. مصدر سابق، ص17.
40- محمد محمود غنيمي. فائض العمالة في الدول النامية (دراسة مقارنة)، عالم الكتاب، بدون مكان نشر، 1983، ص324.
41- فارس مطر الوقيان. مصدر سابق، ص29.
42- مجلس الأمة الكويتي .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|