المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



ضرورات التربية والتعليم على المواطنة  
  
1905   02:24 صباحاً   التاريخ: 19-12-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص301 ـ 305
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / الوطن والسياسة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2021 2621
التاريخ: 20/10/2022 869
التاريخ: 24-1-2016 2442
التاريخ: 9-12-2021 3712

من بين الضرورات الأساسية للتربية على المواطنة، تبرز الضرورة لذلك في كون المواطنة ترسخ قيم الهوية الثقافية والحضارية للشعب الواحد في اطار خصوصيته الوطنية واهمية الحفاظ عليها من الاختراق أو الاندثار أو ما شابه ذلك من تحديات في عصر الفضاء والتكنلوجيا الاتصالية وأبرزها تحدي العولمة التي تسعى إلى خلخلت الثوابت الموضوعية والمعايير القيمية للهوية الثقافية للشعوب كافة لذلك (أصبح الاهتمام بالهوية الثقافية اهتماماً واسعاً لا يختص بمجتمع دون آخر إنما أصبح من القضايا الاساسية والمهمة التي تشغل بال المجتمع الدولي والذي سعى إلى عقد المؤتمرات ووضع التشريعات والبيانات التي تؤكد حتمية واهمية (الهوية الثقافية) ودعمها في حياة الشعوب لأنها تمثل رمزا من رموزها ونوعا من السيادة والخصوصية الوطنية والثقافية)(1).

من هنا تبرز أهمية المواطنة وضرورات التربية الاساسية عليها من أجل الحفاظ على الهوية الثقافية الخاصة بكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية في ظل ما يواجهها من اخطار وما يهددها من تحديات كتحدي العولمة كما ذكرنا هنا.

إن دعوتنا للحفاظ على الهوية الثقافية والحرص على كيانها وعناصرها القيمية، لا يعني ذلك التحصن خلف القدرات الذاتية والتقوقع في المكان الخاص، وكذلك (لا يعني الحيلولة دون التعامل مع العصر بما فيه من تغيرات، وان طبيعة القدرات البشرية الواجبة للتعامل مع ثورة المعلومات والمعرفة تختلف اختلافاً جوهرياً عن القدرات التقليدية، فهي تستلزم قيما ثقافية ديناميكية قادرة على التعامل مع التغيير السريع ليس بالتكيف معه فحسب بل بالمساهمة فيه تعديلاً وتجديداً)(2).

وهذا التعديل والتجديد هو ما يجب ان يجري على بنية الهـويـة الخاصة بما يتوافق مع العصر وتطوراته وبما لا يخل بالقيمة الكلية لخصوصية الهوية في اطارها الموضوعي والاجتماعي الذي يستدعي احاطتها بالاهتمام الكامل والمراجعة المستفيضة لمجمل عناصرها وأساليبها ومعاينة ذلك معاينة نقدية موضوعية تسهم في اعطاء عناصرها روحاً جديدة متجددة لا تخرج عن قاعدتها القيمية ولكنها تجدد هذه القاعدة وتجعلها حية متوافقة مع كل عصر وآن.

ويمكن حصول ذلك اذا ما سعينا إلى تربية الطفل منذ مراحله الاولى على المواطنة الحقة ورسخنا من تعليمه لمبادئ المواطنة بأساليب علمية تبتعد عن التلقي المباشر الذي غالباً ما يأتي بنتائج عكسية تدفع الطفل إلى النفور من هذا التعليم ومواضيعه لذا علينا ان ندرك الغاية الاساسية التي تقف وراء تربية الطفل وتعليمه على المواطنة والتي تتمثل بشكل واضح في تكوين الإنسان المواطن الواعي الممارس لحقوقه وواجباته في اطار الجماعة التي ينتمي إليها مثلما تتمثل في العمل المبرمج من أجل ان تنمي لديه باستمرار ومنذ مراحله الاولى القدرات والطاقات التي تؤهله مستقبلاً لحمايه خصوصياته وهويته وممارسة حقوقه واداء واجباته بكل وعي ومسؤولية حتى يتأهل للتواصل الايجابي مع محيطه كذلك تتأسس المواطنة على الوعي بالخصوصيات الحضارية والتاريخية والوطنية والاستعداد لتنميتها وتوجيهها والدفاع عنها بكل الوسائل العلمية والمعرفية في احترام تام لخصوصيات الآخرين وتفاعل متميز مع مختلف التجارب وانفتاح موزون على كل الثقافات وحوار واع مع كل الحضارات)(3).

وعلى هذا الأساس يتطلب من اركان التربية والتعليم والقائمين عليها اعتماد الأسس والاساليب العلمية المتطورة في تنمية سلوك المواطنة لدى الأطفال وجعلهم يدركون أهمية خصوصيتهم الثقافية والكيفية التي يجب الحفاظ عليها من الاختراق ومن الانحلال، مع ضرورة اعطاء الطفل اهميته في المجتمع وفسح المجال امامه للإسهام الفاعل في البناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع.

وبأعتقادنا ان هذا الأمر لا يمكن ان يحصل من دون الانتباه إلى أهمية الخصوصية الإنسانية للطفل ودورها الفعال في (ثقافة الأطفال) والاهتمام بأساليب الكتابة للطفل ومفاهيم الخطاب الثقافي الموجه للطفل وجعله مؤثراً وفاعلاً ولا يقل أهمية عن غيره من) الخطابات الأجنبية (وخلق قاعدة علمية عربية لثقافة الأطفال تلبي حاجات الطفل وتشبع نوازعه الغرائزية وتنمي مدركاته وخياله، وتجعله ميالاً لثقافته الخاصة أكثر من ميله للثقافات الأخرى ووسائلها وقنواتها المغرية (4).

إن هذا الأمر هو الذي يهيئ الطفل لتقبل كل ما هو متوافق ومنسجم مع قدراته وتطلعاته، ويمكن من خلال ذلك اعداده اعداداً وطنياً صحيحاً ومتوافقاً وفق ما تتطلبه المواطنة الحقة، وإذا ما نجحنا في تعميق قيم المواطنة في وجدان الطفل فأننا بذلك ننجح بجعل الطفل مواطناً صالحاً وهذا النجاح هو من بين الاهداف المهمة التي تسعى برامج وخطط التنشئة الاجتماعية والثقافية للوصول لها في شخصية الطفل وبلورة قيمه الثقافية مع تنمية منظومته الاخلاقية والتربوية، حيث تأتي التربية على المواطنة لتحقيق ذلك بأقتدار كبير.

من هنا تبرز لنا ضرورة أخرى واهمية كبيرة لتربية الطفل وتعليمه على المواطنة لأن سعة هذه التربية وغاياتها انها تخاطب (عقل الإنسان المواطن لتمده بالمعارف اللازمة عن تاريخ بلده وحضارته وبالمعلومات الضرورية عن حقوقه وواجباته كما تخاطب وجدانه لتشكل لديه منظومه قيم وأخلاق تنمي لديه الاحساس بالافتخار والاعتزاز وتحفزه على العطاء والاخلاص والتضحية كما تتوجه إلى حواسه لتمده بالمهارات الكافية في كل المجالات التواصلية والتقنية والعلمية التي تجعله قادراً على الابداع والتميز من جهة وقادراً على التعريف بحضارة بلده والدفاع عنها من جهة ثانية)(5).

إن الخطاب الذي تقوم به التربية على المواطنة وان كان خطاباً تربوياً وطنياً بشكل عام هو خطاب ثقافي بالدرجة الاولى، كونه ينطلق من قواعد وقيم ومؤثرات ثقافية ويتحدد بعناصرها وغاياتها ويتصل بقيمها وعوالمها.

وعلى هذا الأساس تأتي دعوتنا للتربية على المواطنة وتعليمها وتأكيد اهميتها وضرورتها في كل عملياتنا وبرامجنا وخططنا التربوية والتعليمية والثقافية، على ان يكون المنطلق الفاعل في ذلك منطلقاً ثقافياً بالدرجة الاولى لأنه هكذا في حقيقته الجوهرية وان يتحدد بشكل خاص في إطار ثقافة الأطفال الخاصة، وينطلق منها ولا يتجاوزها إلى ما هو خارج محيط الطفل وعوالمه وقدراته ووسائله ووسائطه الثقافية الخاصة في المحيط الاجتماعي.

كل ذلك من أجل ان يأخذ هذا المنطلق أثره وتأثيره وفاعليته الواضحة في منظومة الطفل العقلية والوجدانية والانفعالية والتربوية والثقافية والاخلاقية ويعكس مدى ما تربى عليه وما تعلمه من قيم لا تخرج عن أحساسه بالمواطنة وشعوره العالي بغاياتها وأهميتها التي يعكسها سلوكه الثقافي والاجتماعي في المحيط الذي يعيش فيه ودور هذا المحيط في تربيته على المواطنة وتعليمه قيمها ففي هذا الإطار تتحدد لنا ثلاثة اتجاهات أساسية في تربية الطفل وتعليمه على المواطنة الحقه هي:

1. الاسرة.   2. المدرسة.   3. المجتمع.

وإذا ما درسنا هذه الاتجاهات وحددنا مسؤولية كل منها في إطار التربية والتعليم على المواطنة سنجد أهمية هذه الاتجاهات ودورها في هذا المجال بشكل واضح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكعبي، فاضل ثقافة الأطفال، دلالات الهوية وجدل الحفاظ عليها - مجلة الرافد - العدد (١٤٢) دائرة الثقافة والاعلام – الشارقة.

(2) بن عبد العزيز، طلال في تقديمه لملف مجلة الطفولة والتنمية، العدد (صفر) تشرين الثاني - المجلس العربي للطفولة والتنمية، القاهرة.

(3) انظر: مفهوم المواطنة والتربية عليها، محمد عرابي ـ القلم 4 (9) بغداد 2005.

(4) الكعبي، فاضل، ثقافة الأطفال: بين الخصوصية والاختراق - مجلة الطفولة والتنمية، العدد (16) المجلس العربي للطفولة والتنمية، القاهرة.

(5) دور التربية على المواطنة - موقع الأفق للإنترنت. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.