أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-6-2017
2770
التاريخ: 2023-09-27
1314
التاريخ: 28-6-2022
2135
التاريخ: 19-4-2016
11467
|
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10].
وقال سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1].
وقال عز وجل: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114].
وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (يا أبا أيوب! ألا أخبرك وأدلك على صدقة يحبها الله ورسوله؟ تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتباعدوا) (1).
وقال الامام الصادق (عليه السلام): (صدقة يحبها الله: إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا) (2).
المعلوم إن التحاب والتقارب والتصالح هي الأخلاق التي يجب ان تنطبع بها العلاقة بين الناس والتعامل فيما بينهم، ولكن التباعد والتباغض والتفاسد هي أمور قد تحدث بين ظهرانيهم لأسباب (*) متعددة، وهنا كيف يجب أن يكون موقف المرء من هذه الحالة؟ هل يترك الناس وشأنهم، أم يفعل ما يعمل على التقارب والإصلاح فيما بينهم؟.
إن من الناس من لا يضع نفسه في أي شفاعة أو وساطة للإصلاح بين شخصين، أو طرفين، إما تهرباً من هذا الدور الاجتماعي الذي يمكنه القيام به في هذا السبيل، وإما لاعتباره وتصنيفه الإصلاح بين الناس يدخل في خانة ايقاع النفس في الفتنة التي قال الإمام علي (عليه السلام) بشأنها: (كن في الفتنة كإبنِ اللّبون لا ظهر فيُركب ولا ضرع فيُحلب) (3).
والحق أن ليس كل ما يحصل بين الناس من تباغض وتباعد هو فتنة ينبغي للمرء أن لا يتدخل فيها، بل هي حالات تحتاج الى الشفاعة والوساطة من أجل الإصلاح وإعادة المياه الى مجاريها، ولأهمية الإصلاح بين الإخوان وبين الناس أعطى القرآن الكريم والسنة الشريفة اهتماماً كبيراً بذلك، وأمـر الانسان بأن يتحمل دوره في الاصلاح بين الناس، والتقريب فيما بينهم.
يقول الامام علي (عليه السلام) في الاصلاح بين الناس: (من كمال السعادة السعي في صلاح الجمهور) (4).
فكم هي السعادة التي يشعر بها المرء حينما يسعى في صلاح الناس، وفي التقريب والإصلاح فيما بينهم! وكم هي السعادة التي يشعر بها الطرفان المتباعدان من جراء تلك الوساطة الإصلاحية والشفاعة الإنسانية التي تؤدي الى التقارب بینهما!
وفي هذا الشأن روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (قال رجل للنبي (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله، علمني. قال: إذهب ولا تغضب. فقال الرجل: قد اكتفيت بذلك. فمضى إلى أهله، فإذا بين قومه حرب، قد قاموا صفوفاً، ولبسوا السلاح. فلما رأى ذلك لبس سلاحه، ثم قام معهم، ثم ذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا تغضب)، فرمى السلاح، ثم جاء يمشي الى القوم الذي هم عدو قومه، فقال: يا هؤلاء، ما كانت لكم من جراحة أو قتل أو ضرب ليس فيه أثر فعلي في مالي، أنا أوفيكموه، فقال القوم: فما كان فهو لكم، نحن أولى بذلك منكم. قال: فاصطلح القوم، وذهب الغضب).
إن حالة الأخوة والصلح هي الحالة التي يجب أن تكون عليها العلاقة فيما بين الناس والتعامل فيما بينهم، ذلك لأن الإجتماع في غياب الصلح بين أفراده يفقد ركيزة هامة من ركائز التماسك الإجتماعي، ويشيع التوتر والتشنج فيه، ومن هنا كان الإصلاح بين الناس - أو حسب تعبير الاحاديث الشريفة: إصلاح ذات البين - أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، الأمر الذي يؤكد أهمية الإصلاح بين الناس، ويؤكد أن العبادة يجب أن لا تكون بديلة عن حالة الصلح مع الناس، والإصلاح فيما بينهم اذا تباعدوا، بل إن العبادة الحقيقية هي التي تدفع الانسان للإصلاح بينهم.
يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة والصدقة؟ إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة**) (5).
ويقول الامام علي (عليه السلام): (من استصلح الأضداد بلغ المراد) (6).
ولأهمية الإصلاح بين الناس نهى الدين عن الحلف او اليمين بعدم الفعل حين الدعوة الى الإصلاح بين شخصين أو طرفين، كما أجاز كذب الشفيع أو الوسيط على كل من المتباغضين او المتباعدين بهدف هو الإصلاح ليس إلا، فلا يحسبن أحد أن المصلح كاذب، لأنه لا يكذب من أجل الكذب، وانما من أجل الصلح والإصلاح.
يقول تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة: 224].
ويقول الامام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ({وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}،
(إذا دُعيت لصلحٍ بين اثنين فلا تقل عليّ يمين ألا أفعل) (7).
ويقول (عليه السلام) أيضاً: (المصلح ليس بكاذب) (8).
ويقول (عليه السلام): (الكلام ثلاثة: صدق، وكذب، وإصلاح بين الناس، تسمع من الرجل كلاماً يبلغه فتخبث نفسه، فتلقاه فتقول: سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا، خلاف ما سمعت منه) (9).
وفي الصلح والإصلاح بين المتباعدين حكى بعضهم فقال:
(حدث خلاف كبير بين والدي وعمي، وانتهى هذا الخلاف الى القطيعة بينهما، دامت فترة طويلة، وكنت أحس منهما أنهما يريدان التصالح، إلا أن أحداً لم يقم بالتوسط والشفاعة بينهما، وحدث أن سافر والدي لزيارة بلد آخر، وعند عودته فكرت في طريقة لإصلاح ذات البين.
قلت لوالدي: سمعت من عمي أنه يريد القدوم إليك للسلام عليك بعد قدومك من السفر.
وفوجئت به يقول: مرحبا به، هو أخ عزيز علي، فليس بيني وبينه إلا الخير، وأضاف: انني انتظره منذ فترة.
فذهبت الى عمي على جناح السرعة، وقلت له: والدي يعتب عليك كثيراً ، ويقول: الا يستحق منك زيارة بعد قدومه من السفر ؟!
وإذا بعمي يحمل ذات المشاعر التي يحملها والدي تجاهه، فقال لي: أجل يا عزيزي، أنا أتحين الفرص من أجل الجلوس إليه، ولسوف آتي لزيارته - اليوم – إن شاء الله.
ولم تمر ساعات حتى كان والدي يعانق عمي، ودمعة الأخوة تتساقط من مقلتيهما، وكان كل منهما يقول للآخر: لماذا لم يفكر أحد في الإصلاح بيننا منذ زمن بعيد؟ بل لماذا لم يبادر كل منا الى التقارب والمصالحة ؟!) (10).
وإذ أن الإصلاح بين الناس أمر مهم ومطلوب، فهو يجب ان يكون في الوجوه الحسنة، كإعادة العلاقة المقطوعة بين أخوين أو رفيقين أو جماعتين، اما الإصلاح في الوجوه السيئة فليس جائزاً، فالإصلاح أمر جائز ومطلوب، شريطة أن لا يحل حراماً أو يحرم حلالاً، سواء كان الصلح معاملة أخوية، او اقتصادية، أو غيرها.
يقول تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: 85].
ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالا) (11).
وهكذا فإن للإصلاح بين الناس أهمية كبيرة في التعامل مع الناس والخليق بالمرء أن يتحمل دوره فيه بينهم في الموارد التي تفتقر الى الاصلاح ما استطاع الى ذلك سبيلا، مع العلم بأن الاصلاح يجب ان لا يحل حراماً أو يحرم حلالاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تنبيه الخواطر، ص5.
(2) الأصول من الكافي، ج2، ص209.
(*) من هذه الأسباب : الغضب ، وغياب العفو والصفح والتسامح في التعامل ، والتعصب للذات والانتصار لها ، والظلم والاجحاف ، والافراط في اللوم ، والجدال ، والمزاح المهين.
(3) نهج البلاغة.
(4) الغرر والدرر.
(**) الحالقة: القول السيء.
(5) کنز العمال، خ5480.
(6) الغرر والدرر.
(7) أصول الكافي، ج2، ص210.
(8) المصدر السابق، ص210.
(9) المصدر السابق، ص341، کما يجوز الكذب في الاصلاح، لا يجوز الصدق في الافساد.
(10) الصداقة والأصدقاء، ص418 مع بعض التصرف في العبارة.
(11) وسائل الشيعة، ج13، ص164.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|