أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-17
1028
التاريخ: 17-5-2022
1834
التاريخ: 2024-09-13
342
التاريخ: 4-6-2022
1263
|
في داخل الذرة هنالك حالتان متناقضتان:
الأولى: حالة الانجذاب إلى المركز.
الثانية: حالة الانفلات عن المركز.
فالنواة تسحب إليها الألكترونات بقوة، بينما الألكترونات تهرب منها بقوة أيضاً.
وكما في الذرة كذلك في الإنسان، حيث تتجاذبه حالتان متناقضتان: إحداهما إيجابية تشده إلى الناس، وأخرى سلبية تبعده عنهم.
فالأمور السلبية ينظر إليها أغلب الناس على أنها طاقة مدمرة لابد من التخلص منها أو نسيانها، ولكن النسيان والتنكر للحقائق لا يعالج المشكلة، لأن الحالة السلبية قد تعبر عن نفسها في صورة الرغبة في الانعزال، أو الحقد، أو الغضب، وهذه كلها أمور عفوية.
فأنا وأنت نغضب، ونكره، ونتذمر، ونضجر، وكلها حالات تعترينا ولا يمكن التخلص منها بشكل مطلق، ولكن بالإمكان التحكم بها، والسيطرة عليها لكي لا تؤدي إلى مضاعفات سيئة.
وهنا سؤال يقول: هل الحالة السلبية طاقة مدمرة فعلاً، أم يمكن أن تتحول إلى طاقة بناءة؟
والجواب: مبدئياً، التعادل هو المطلوب، فإذا عدنا إلى مثال الذرة نجد، أن التعادل بين الحالتين المتناقضتين في انجذاب الألكترونات إلى المركز، وهروبها منه، هو السبب في الحفاظ على قوة الذرة وتماسكها، كذلك الأمر بالنسبة إلى الإنسان حيث أن حالة التعادل بين الروح الإيجابية، أي الانجذاب إلى الناس، والسلبية التي تعني الهروب منهم، هي التي تحافظ على تماسكه الداخلي.
ومع قطع النظر عن النتائج السلبية التي ترافق عادة الحالات السلبية إلا أنه لابد من القول أن للحالة السلبية طاقة هائلة كما هي للحالة الإيجابية، فإذا وجهت بالشكل الصحيح كانت بناءة وإلا كانت هدامة،
لنأخذ الغضب على سبيل المثال فإنه حالة طبيعية في الإنسان، ومن غير الممكن أن تنفصل عنه بشكل مطلق، فليس المطلوب هو أن تكون كالطماطم في الخضار التي تنسجم مع كل أنواع الطعام، فأنت بشر وتتداخل في داخلك كل من حالتي الانجذاب والانفلات، وفي داخلك أيضاً طاقتان: طاقة الحب، وطاقة الكره، وتتفرع منهما أيضاً حالتان هما: التولي، والتبري، وهذا يعني أن عليك معرفة من تحب، ومن تكره، ومن تتولى، وممن تتبرأ، ومع من تنسجم وممن تهرب.
وكما أنه ليس جميع أفراد المجتمع صالحين، وليس كل ما في الحياة صالح للاستفادة، لذا لابد أن تتعلم كيف تتخلص من النفايات؟ كما لابد أن تتعلم كيف تستقطب الأشياء النافعة؟ وهذا يتطلب الإستفادة من كل الطاقات الموجودة في الإنسان ولكن في الاتجاه الصحيح، لأن الحياة قائمة على الحالتين: الإيجابية والسلبية.
ألا نجد كيف أن صحة الإنسان قائمة على دعامتين: دعامة جلب ما ينفع، ودعامة دفع ما يضر، فكما أن في الحياة كل من النافع والضار، والخير والشر، فكذلك المجتمع يتشكل من الأفراد النافعين والضارين، والأخيار والأشرار، والصالحين والطالحين، ولذا لابد أن نعرف كيف، وأين نوجه الطاقة السلبية؟ وكيف، وأين نوجه الطاقة الإيجابية؟
فينبغي مراعات الحدود العقلية والشرعية للتحكم بهاتين الطاقتين، فإذا تجاوز الحب لأحد أفراد البشر حدوده، وتحول إلى نوع من العبودية والخضوع المطلق فسوف يكون مدمراً.
إذ ليس المطلوب أن تذوب في غيرك وقد خلقك الله (عز وجل) حراً، والبغض أيضاً يجب أن لا يتعدى حدوده حتى لأشد أعدائك، لأنه سيوقعك في المهالك، بل يجب أن تبغض بقدر، وتحب بقدر.
وإذا سلمنا بحقيقة أن الناس يستجيبون للطاقات السلبية أكثر من استجابتهم للطاقات الإيجابية بحيث أنهم يغضبون أكثر مما يحبون مثلاً، فنعرف حينئذ ضرورة التحكم في النفس من أجل توجيه هذه الطاقات بشكل سليم، ذلك أن الطاقة السلبية تشبه إلى حد كثير الطاقة الموجودة في الزلازل والرياح العاتية، فإذا استطعنا السيطرة عليها فسوف نكون قد حصلنا على مخزون هائل من الطاقات ويمكن أن نضعها في خدمة البشرية، وإذا لم يتم توجيه تلك الطاقات فإنها ستتحول إلى طاقة مدمرة.
وإذا تمكن أحد من التحكم بوتائر غضبه، ووجهها وجهة سليمة فإنه سينتفع من ذلك كثيراً، فلو انتابته حالة من الغضب على عادة سيئة فيرتدع عنها بقوة غضبه، فهنا يصبح الغضب كالكابح في السيارة حيث ينفع ولا يضر.
وهكذا فإن إقامة التوازن في الانفعالات الإنسانية - سواء كانت إيجابية أو سلبية ـ هو المطلوب، غير أن الناس ينظرون إلى الحالة السلبية نظرة قاتمة لأنها كثيراً ما تتجاوز حدودها، أو لأن الناس لا يلتفتون إلى إمكانية توجيهها، ولهذا فإن الأنبياء أكثروا من النصيحة للناس بأن يتحكموا في انفعالاتهم مثل الحديث الذي يقول: (ثلاثة من كن فيه استكمل الإيمان، من إذا رضي لم يخرجه رضاه إلى باطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق، وإذا قدر لم يأخذ ما ليس له) (1)، أي ليس مطلوباً أن لا نحب ولا نبغض بل المطلوب أن نتحكم في حبنا وبغضنا، لأن الحياة تتطلب الغضب وتستوجب البغض في بعض الأحيان، لأن الغضب، هو نتاج غريزة الانفعال ضد المواقف السلبية، وضد الاعتداء الذي يوجه إليه، وإظهار الغضب في موضعه المناسب لا ينافي العقل، ولا يعد خروجاً عن اللياقة الأدبية، إذ لابد أن يرفع المرء عقيرته ضد أي عدوان على ماله، أو عرضه، أو شرفه، فليس من المعقول أن يتعرض الإنسان للاعتداء ولا يغضب، أو يتعرض لمحاولة القتل ولا يدافع عن نفسه، بينما حتى الحشرات زودت بما تدافع به عن نفسها.
وقد يقول قائل: أين إذن موضع الحلم هنا؟
والجواب، أن له موضعاً مناسباً، إذ ليس الحلم عبارة عن تبلد العواطف وتحجر الأحاسيس، وإنما هو لمواجهة من يكون جاهلاً غير عالم، ويحتاج إلى الإصلاح والتربية، عند ذاك يؤدي الحلم معه إلى هدايته وإصلاحه، وكذلك الأمر مع أمور مثل الرفق، واللين، فلها مواضعها تماماً كما أن الشدة لها موضعها، والحكيم هو من يضع كل شيء في موضعه.
تماماً كما هو الأمر مع المنطق والسيف، فأنت لابد أن تعرف أين تستخدم المنطق، وأين تستخدم السيف، فوضع (الندى) في موضع (السيف) كوضع السيف في موضع الندى، كلاهما يؤدي إلى عكس المطلوب.
يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا كان الرفق خرقاً، فإن الخرق يكون رفقاً) (2)، كما أن التكبر على عباد الله مذموم، ولكنه على المتكبرين تواضع عند الله، كما يقول الحديث الشريف (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) غرر الحكم، 4668.
(2) ألف كلمة للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
(3) غرر الحكم، ج3، ص ٠169
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|