أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-11-2018
3500
التاريخ: 28-1-2016
8619
التاريخ: 2-1-2021
2007
التاريخ: 24-12-2021
2957
|
الجغرافيا السياسية والعلوم السياسية
تنبغي الإشارة أولا إلى الفرق الكبير بين الجغرافيا السياسية وبين علم السياسة، بالرغم من المشاركة العامة بينهما هنا بالنسبة للدولة. فالدولة بالنسبة للجغرافيا السياسية عبارة عن العنصرين الأساسيين: الأرض والشعب أو الأمة فيما بعد. وينتج عن تفاعل هذين العنصرين المعقد المتشابك عنصر ثالث هو السلطة، حيث يتجلى ضعف الدولة أو قوتها، نتيجة لسلامة أو عدم سلامة تركيبها. وهنا بالضبط تبرز الحدود: الإطار المحدد للوحدة السياسية في الجغرافيا السياسية؛ رغما عن التغيرات التي تنتابها عبر الزمن، فتصبح بذلك قائمة لغترة معينة من الزمن. وفي هذا الواقع الديناميكي يكمن، ولو بالشكل، المحرك لحجم الدولة وكذلك علاقتها بالمجتمع الدولي المجاور (الإقليمي) أو البعيد (العالمي).
فكما هو واضح فالجغرافيا السياسية تعمل على تحليل العلاقة بين الطروف المختلفة المتعددة للجغرافيا، الطبيعية منها والبشرية داخل الدولة، في حين أن علم السياسة يعمل من أجل التناسق بين الدول في علاقاتها المتبادلة.
بالإضافة إلى ما ذكرنا هناك نسبية الموضوعية في الوثائق الدبلوماسية وكذلك الدراسات التاريخية، الأمر الذي يؤدي أحيانا إلى الانحياز، حتى ولو النسبي؛ وذلك من جراء العواطف والانتماءات القومية الموروثة والمكتسبة.
وقد أدرك الجغرافيون السياسيون في معالجتهم المشكلات وأسس الجغرافيا السياسية للدول في العالم المعاصر، وقدروا تماما الثنائية الوظيفية Functional duality of Statehood. وقد برع أغلبهم في معالجة المشكلات السياسية التي تختص بعلاقة الدولة بغيرها من الدول. وعالجوا مشكلات شكل الدول وحجمها ومقوماتها الاقتصادية والسكانية والحدود والموارد الطبيعية ولكن عندما جاءوا لمشكلات التنظيم السياسي والعلاقات بين الناس بعضهم وبعض في داخل الدولة نجدهم قد اعتراهم بعض الارتباك أو الحيرة فيما يجب أن يفعلوه بالنسبة للمنظمات السياسية والمؤسسات السياسية بها. وادراكا منهم أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى عمق في الفهم والتحليل، قد أداروا وجوههم إلى ميدان العلوم السياسية ومفكريها، ولكن النتائج التي خرجوا بها من هذا الميدان لم تأت بإجابات كافية لحقيقة العلاقة الخاصة بين الدولة والمؤسسات السياسية وبين المؤسسات السياسية بعضها والبعض.
وماذا يمكن أن تقدمه العلوم السياسية من مساعدة في هذا المجال إذا كان النظام نفسه يحتاج إلى وحدة الهدف، وكون العلوم السياسية تختص بدراسة المؤسسات السياسية لكونها مؤسسات سياسية فيعتبر ذلك تصورا من جانب العلوم السياسية ذاتها - لأنها يجب أن تعالج بالإضافة إلى ذلك الفكر السياسي، القوى السياسية، والعلاقات الدولية، والعمليات الحكومية، الحكم، في كل المستويات والشي الذي يوجد في الحقيقة بين كل الأمور التي ذكرناها سابقا، بصفتها مجال اهتمام، وميدان دراسة كل من الجغرافيا السياسية والعلوم السياسية هي أن كلا منهما موجه للاهتمام بالأحداث التي لها تأثير على الدولة. ولعل هذا هو الذي جعل مجال اهتمام كل من الميدانيين الدراسيين، الجغرافيا السياسية، والسياسة متشابها. والاختلاف الوحيد الذي يميز بينهما، هو وجهة النظر. والمحور الذي يركز عليه كل من العلمين والنتائج التحليلية التي تخرج بها الدراسات.
والعلوم السياسية كأحد أنشطة العلوم الاجتماعية، تركز أساسا على الإنسان والمجمع. وتنظيمه بقصد تمكين الناس من القيام بالنشاط السياسي وإقامة الحكومات، التي تدبر أمور الدولة، وفوق كل ذلك تركز العلوم السياسية اهتماما خاصا بتنظيم العلاقات، وبناء المؤسسات السياسية.
وسبب اهتمام الجغرافيا السياسية بالظاهرات السياسية نجد تبعا لذلك أن الجغرافيا السياسية تهتم بدراسة المؤسسات السياسية Poliical Institutions وبناء هذه المؤسسات، لأن المؤسسات السياسية في الدولة لها دور كبير جدا في تكوين الأنماط الجغرافية للعلاقات السياسية. وفي السنوات الأخيرة بدأت
الجغرافيا السياسية - كفرع من فروع الجغرافيا التي لها جذور عميقة في العلوم الطبيعية ونظمها - بدأت الجغرافيا السياسية تركز على موضوعات الأرض والحدود في الدولة - أو في الدول - ركزت الجغرافيا السياسية في السنين الأخيرة على الأرض ومقوماتها ومكنوناتها وعلاقة الدولة بأراضي دون أخري. وهذا اللون من الدراسات في الجغرافيا السياسية، الذي نتناول فيه دراسة وتحليل العلاقات بين الدول المختلفة، فيما يختص بالأرض وما فوقها وما تحتوي عليه، هذه الدراسات تفوق مجرد جداول وأرقام أو تقارير فيها بعض الحقائق. لأن هذا النوع من الدراسات تحول إلى تجميع للحقائق والأرقام عن الدول. ولم تضف كثيرا الى تطور ميدان الجغرافيا السياسية ذاته، ويحتاج إلى أكثر من ذلك.
والسبب في ذلك أن دراسات الجغرافيا السياسية لم تتمكن من دراسة بناء مؤسسات الدولة السياسية أو المقومات الإضافية للدولة غير الموارد الطبيعية والبشرية تلك المقومات التي يضيفها التفاعل السياسي والعلاقات الداخلية والخارجية في المؤسسات السياسية.
والتركيز في السنوات الأخيرة في الدراسات الجغرافية لمشكلات الجغرافيا السياسية على الشخصية المساحية للأرض بالنسبة للدولة. يمثل في الحقيقة نوعا من الاعتراف والإقرار بأهمية عنصر الأرض في الجغرافيا السياسية، ولكنه يعتبر تقلصا او انكماشا في ميدان البحث في هذا العلم. وخاصة إذا عرضنا للتاريخ وتطور فكر الجغرافيا السياسية. فإذا كان الكتاب المعاصرون ينتقدون الإسراف في تأكيد العوامل البيئية وآثارها فى كتابات أرسطو Aristotle وبودين Bodin ومونتيسكيو Montesquieu نجد معظمهم بالرغم من ذلك مجبرا على الاعتقاد أن هؤلاء الكتاب القدامى ما كان يمكنهم أن يتصوروا دول المدن City State والجمهوريات والمؤسسات السياسية عامة بدون التأمل في دور وأهمية الجغرافيا في ذلك.
والوحدة بين الكيان المساحي والبناء السياسي للدولة لم تكن خافية على فريدريك راتزل المؤسس الحقيقي لفكر الجغرافيا السياسية الحديثة " Ratzel Friedrich لاشك أن راتزل قد استفاد استفادة بالغة من كتابات المفكرين السابقين من جغرافيين وجيوبوليتكيين Geopoliticans وقد جاءت فكرته عن الدولة ككائن حي Organismic Theory of the state وكان قد ألف كتابا في أواخر القرن الماضي وضع فيه هذه الأفكار عن حيوية الدولة، وقد جاء الكتاب تحقيقا علميا دقيقا ليس فقط لهذه الفكرة، ولكن لعلم الجغرافيا السياسية الحديثة.
وقد أقر راتزل أن الدراسات الجغرافية عن الدولة يجب أن تحتوي على أكثر من مجرد عرض لتاريخ السكان أو توزيعهم أو طبيعة الموارد البشرية والطبيعية فيها وفي الأراضي الأخرى.
وقد ركزت كل الدراسات التي تلت راتزل في الجغرافيا السياسية، على إبراز أثر الطبية والبيئة على جهد الإنسان ونشاطه الاقتصادي والسياسي. وجدير بالذكر أن كثيرا من الكتاب الألمان قد اعجبتهم هذه الفكرة في الفترة التي سبقت الحرب، وبالذات فكرة أن الحدود السياسية للدولة مسألة يجب أن تتفق مع نشاط السكان وأنها تقبل الزحزحة والحركة. ونشر الكتاب الألماني أتومول Maull Otto
11لا3م١| كتابات تدافع عن فكرة أن الدولة ماهي إلا كائن حي يخرج من خلية واحدة وبعد ذلك نضاعف في الحجم حسب قدرتها الحيوية، وقد استطاب السياسيون هذه الفكرة بالذات في الفترة التي تلت مولر فرساى.
وقد حاول جغرافيون كثيرون في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، حاولوا البحث عن مخرج للجغرافيا السياسية، وقد فكر بعضهم في التركيز على دور الوظيفة التي تقوم بها الدولة, ومنهم ريتشارد هارتس هورن. Hartshorne Richared الذي طلب من جمهرة الجغرافيين الأمريكيين في الاجتماع السنوي لرابطة الجغرافيين الأمريكيين Association of American Geographersفي سنة 1951 طلب منهم أن يبحثوا عن جغرافيا سياسية أكثر جغرافية، وهذا المطلب في الحقيقة يؤكد منهجا جديدا في البحث الجغرافي وهو المنهج الوظيفي (The Functional Approach)
وبعد ذلك بفترة وجيزة نشرت جين جوتمان Jean Gotmann دراسة أصولية عن سياسة الدول وجغرافيتها بنفس العنوان: (La Politique des Etats et leur Geographie) متضمنة فكريتين جديدتين :
فقد لفتت جين جوتمان النظر إلى عنصر الحركة Movement factor إلى النظم الرمزية System of Symbols او Iconography وهذه الأفكار التي قدمتها جين جوتمان في مؤلفها عن سياسة الدول وجغرافيتها، قد قدمت بلا شك عنصرا ظل مفقودا لغترة طويلة، ذلك العنصر الذي أشار اليه هارتس هورن فقال إن الجغرافيا السياسية تحتاج إليه، وهو عنصر الحركة، أو ديناميكية الجغرافيا السياسية.
وعموما، فإن الجغرافية السياسية في حاجة إلى العلوم السياسية لتستقي منها الكثير من المعلومات، ولذلك يجب على الجغرافي السياسي أن يهتم بدراسة مبادئ ومناهج وأساليب العلوم السياسية؛ لأن مجال اهتمامه يركز على دراسة المحددات المكانية للعملية السياسية، وإذا لم يتم ذلك فإن الدراسة ينقصها التفسير العلمي الصحيح.
كما أن من الضروري لدارس العلوم السياسية أن يهتم بدراسة الجغرافية السياسية، لأنها تقدم له كل ما يحتاج إليه من معرفة عن المكان ومدى الاختلاف والتباين الطبيعي والاقتصادي والبشري فيه، وعلى كل من السياسي والجغرافي السياسي من يدرس الموضوع من وجهة نظره، فالاختلاف الأساسي الذي يميز بين العلمين هو وجهة النظر والمحور الذي يركز عليه كل من العلمين والنتائج التحليلية التي تخرج بها الدراسات.
وللعلاقات الدولية علاقة بالجغرافية السياسية باعتبار أن العلاقات الدولية التي هي فرع من فروع علم السياسة تهتم بدراسة السياسة الخارجية للدول وتفاعل هذه السياسات مع بعضها البعض، كما تهتم بدراسة التنظيم الدولي الذي تدخل فيه المنظمات الدولية الإقليمية والقانون الدولي الذي ينظم علاقة الدول ببعضها البعض وعلاقاتها بالتنظيمات الدولية، فعلماء السياسة يهتمون بالاختلافات المكانية التي قد تؤثر في السلوك الدولي، بينما الجغرافية السياسية تهتم بالسلوك الدولي باعتبار أنه قد يؤثر في المكان، فلا يمكن تفسير العلاقة بين دولة واخرى دون الرجوع إلى البيئة الجغرافية لكل منهما، وبذلك فإن كثيرا من أسس العلاقات الدولية تعد موضوعات في الجغرافية السياسية مثل توازن القوى العالمية والمنظمات العالمية والاستراتيجية العسكرية.
ورغم أن كلا من العلاقات الدولية والجغرافية السياسية تهتم بالجوانب السلوكية في النظام الدولي إلا أن السلوك ودوافعه المباشرة بعد المحور الأساسي للعلاقات الدولية، وتركيز الجغرافية السياسية في هذه الناحية يكون منصبا على الأسباب الجغرافية وتأثيرها على هذا السلوك.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|