المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28



الإطار القيمي لمرجعية ثقافة الأطفال  
  
1966   02:07 صباحاً   التاريخ: 23-11-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص165 ـ 169
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

يتحدد الرافد الأول (القيمي) لمرجعية ثقافة الأطفال في إطارها الفكري من مجموعة معارف وأساليب ومبادئ وأفكار وقواعد، أنتجها الفكر الإنساني، وتعارفت عليها المجتمعات لتكون قواعد قيمية تختص بمعرفة الطفل والطفولة، من كافة اتجاهاتها وخصائصها البيولوجية والفسيولوجية والسيكولوجية التي خلصت في تراكمها المعرفي وسعة مفاهيمها وتطبيقاتها وقواعدها المتعددة إلى إيجاد أرضية خصبة للدراسة والبحث والملاحظة، تتجسد فيها آليات دراسة الطفل وفق القواعد القيمية الصالحة.. وقد تطورت هذه الآليات لتصب في قاعدة أكبر لدراسة الطفل دراسة شاملة سميت (علم الطفل)، أو (البيدالوجيا Pedalogie) القائم على الملاحظة العميقة في التجربة والانطلاق بالدراسة من الخصائص الصغيرة إلى الخصائص الكبيرة لفهم الطفل..

وقد شكلت هذه الدراسة البداية الحقيقية لفهم الطفل وطرق العناية به، كما شكلت المنطلق الأساسي الذي شجع العلماء والمفكرين والمربين والأدباء والفنانين، على اختلاف تخصصاتهم وتوجهاتهم، للتوجه في مخاطبة الطفل، والاهتمام بحاجاته وقدراته المختلفة.

وقبـل ذلـك كـانت هناك مجمـوعـة مـن الـطـرق والـمـبـادئ والـقـيـم والأساليب التي شكلت قاعدة العناية بالطفل والنظر اليه، نشير إلى أبرزها بإيجاز هنا.. حيث تنقلنا المصادر وترجعنا إلى الحقب التاريخية التي نشأت فيها هذه المعارف.. فقبل شيوع (مفهوم ثقافة الأطفال) في المجتمعات الإنسانية، سار التوجه لدى هذه المجتمعات، وخاصة المجتمعات الأولية، إلى النظر بخصوصية فائقة إلى الطفل، بوصفه كائناً ضعيفاً يتطلب الاهتمام والرعاية بشكل متواصل، ليتمكن من النمو بشكل سلیم . .

وقد تعارفت هذه المجتمعات على نوع من الأعراف والتقاليد والأساليب الخاصة بتهذيب الطفل وتنشئته، يتوافق من خلالها الطفل مع وسائل العيش وطرقه، بناء على ملاحظته لأساليب والديه وطرق عيشهما، وكيفية التكيف الاجتماعي مع محيطه البيئي..

وأوسع من ذلك تعارفت الأسر في تلك المجتمعات على آلية تربوية مع الطفل بشكل تدريجي، هدفها الأساس تمكينه من العيش بسلام، والتكيف الطبيعي مع جماعته في البيئة الاجتماعية.. وهذا الحال يختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر.. حيث يجتهد كل مجتمع بإيجاد الآلية المناسبة لتربية وتهذيب أطفاله وفق نظرته وتقاليده وأعرافه وما تفرضه في هذا الاتجاه طبيعته الاجتماعية والثقافية.. حتى صار لكل مجتمع رؤيته وأساليبه الخاصة بشأن الطفل.

ففي المجتمعات اليونانية القديمة، كان الحال يختلف تماماً.. إذ كانت هذه المجتمعات أوسع نظرة، وأكثر سعة بالنظر إلى الطفل، والعناية به، حيث اهتمت بالطفل اهتماماً واسعاً نوعاً ما، من أجل مساعدته على تحقيق النمو المتكامل، عبر الاهتمام بجسمه وعقله وروحه وذوقه، ان (افلاطون ٤٢٩-٣٤٧ ق. م) و(ارسطو ٣٨٤-۳۲۲ ق.م) قد أهتما كثيراً بالتربية الجسمية خلال السنوات الست الأولى من عمر الطفل، إلى جانب اهتمامهما بالتربية العقلية والخلقية للطفل، عن طريق الألعاب والنحو والرياضيات والرسم)(۱).

أما المجتمعات الرومانية القديمة فقد اهتمت بالناحية العلمية في تدريب الطفل وتنشئته وتربيته، وقد سارت بذلك على منهج مفكرها (كوا نتيليان Quintilien 95-35 م)، الذي أطلق على طريقته التربوية سمة خاصة تدعى بـ (التربية الخطابية)، وذلك حين جعل الدراسة للطفل كاللعب، فنادى بالإكثار من الأسئلة، وإعطاء المكافآت، والتدرج مع الطفل في تعليمه القراءة والكتابة، وعدم الإسراع في ذلك أكثر مما ينبغي)(2).

وهذا الحال أعطى زخماً فكرياً وقيمياً للمجتمعات الأخرى للاهتمام بالطفل، بشكل أوسع.. خاصة بعد تطور الثقافات الإنسانية، (وبمجيء الديانتين المسيحية والإسلامية، زاد الاهتمام بتربية الطفل، ففي الديانة المسيحية الأولى والعصر الوسيط كان الهدف الأسمى تقوية عقيدة الطفل، وتهذيب خلقه، وإعداده للحياة الآخرة)(۳).

أما في الديانة الإسلامية فقد كان الاهتمام بالطفل اهتماماً واسعاً من كل النواحي المتعلقة بجسم الطفل وروحه وعقله وذوقه ويده وعمله.. وكان هدف التربية دينياً ودنيوياً منذ البداية، عبر الاهتمام بتعليم الأطفال في (الكتاتيب)(*) القراءة والكتابة، والقرآن الكريم والعلوم المتصلة به، وللنبي محمد صلى الله عليه وآله منهج عظيم في تربية الطفل وفي أساليب تنشئته السليمة، وطرق التعامل معه وتأديبه، وهذا المنهج يتضح في سيرته العظيمة وفي أحاديثه الشريفة، وأقواله البليغة التي تحث على ضرورة الاهتمام بالطفل ورعايته وتأديبه ليكون ولداً صالحاً، حيث يقول صلى الله عليه وآله (من حق الولد على الوالد ان يحسن اسمه، ويحسن تأديبه)(4).. وقال أيضاً صلى الله عليه وآله: (رحم الله عبداً أعان ولده على بره، بالإحسان إليه، والتآلف له، وتعليمه، وتأديبه)(5).

ولقد كان لمنهج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله في تربية الطفل أثره البالغ في نفوس المسلمين، وفي تأسيس القواعد الصحيحة لتنشئته الطفل في المجتمع الإسلامي، وقد انعكس ذلك على واقع الثقافة العربية الإسلامية ، حيث برز فيها العديد من العلماء والفلاسفة والمفكرين والمربين الذين اهتموا بقضايا الطفل وتربيته وتهذيبه، بشكل واسع، من أمثال (الغزالي ٤٥٠هـ ١٠٥٨م - ٥٠٥ هـ ١١١١م) و(ابـن خـلـدون ۷۳۲هـ ۱۳۳۲ م - ٨٢٨هـ ١٤٠٦م) و(القابسي ٣٢٤هـ ٩٣٥م - ٤٠٣هـ ١٠١٤م)، وغيرهم العديد من الفلاسفة والعلماء والمفكرين العرب والمسلمين الذين أثروا الثقافة الإسلامية بشكل خاص والثقافة الإنسانية بشكل عام، لما قدموه من آراء وأفكار ومفاهيم قيمة اختصت بدراسة الطفل وتفسير ظواهر الطفولة من مختلف الجوانب والتوجهات، التي تدور في مفاهيم تربوية وإرشادية وتهذيبية عديدة، وكل ذلك قد وسع من دائرة الاهتمام بالطفل، ومعه توسعت النظرة إلى القيم وأساسياتها والطرق التربوية والإرشادية المتبعة في رعاية الطفل والاهتمام به لتأخذ مجالاً أوسع وأكثر أهمية في اتجاهاتها العلمية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عبد الله عبد الدايم ـ التربية عبر التاريخ.

(2) المرجع نفسه.

(3) عمر محمد التومي الشيباني، مرجع سابق.

(*) الكتاتيب : اسلوب استخدمه المسلمون لتعليم الأطفال القراءة والكتابة.

(4) انظر مستدرك الوسائل للمحدث النوري.

(5) المرجع نفسه. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.