أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-04-2015
8271
التاريخ: 24-09-2014
8495
التاريخ: 30-11-2015
7897
التاريخ: 29-09-2015
7843
|
قال تعالى : { يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ } [السجدة: 5] .
لقد اتّخذ بعض أتباع المذاهب المصطنعة المبتدعة (1) الآية أعلاه وسيلة ودليلا لتوجيه مسلكهم ومذهبهم، وأرادوا أن يطبّقوا هذه الآية على مرادهم بإرتكاب المغالطات والإشتباهات وادّعوا أنّ المراد من «الأمر» في الآية : الدين والمذهب، و «التدبير» : يعني إرسال الدين، و «العروج»: يعني رفع ونسخ الدين! وإستناداً إلى هذا فإنّ كلّ مذهب أو دين لا يمكنه أن يعمّر أكثر من الف سنة، ويجب أن يترك مكانه لدين آخر، وبهذا فإنّهم يقولون: إنّنا نقبل القرآن، لكن، وإستناداً إلى نفس هذا القرآن فإنّ ديناً آخر سيأتي بعد مرور الف سنة!
والآن نريد أن نبحث ونحلّل الآية المذكورة بحثاً محايداً، لنرى هل يوجد فيها إرتباط بما يدّعيه هؤلاء، أم لا؟ ونغضّ النظر عن أنّ هذا المعنى بعيد عن مفهوم الآية إلى الحدّ الذي لا يخطر على ذهن أيّ قاريء خالي الذهن.
إنّنا نرى ـ بعد الدقّة ـ أنّ ما يقولونه لا ينسجم مع مفهوم الآية، بل إنّه مشكل بصورة واضحة من جهات كثيرة:
1 ـ إنّ تفسير كلمة «الأمر» بالدين لا دليل عليه، بل تنفي آيات القرآن الاُخرى ذلك، لأنّ كلمة الأمر قد إستعملت في آيات اُخرى بمعنى أمر الخلق، مثل {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82].
وقد إستعملت كلمة الأمر في هذه الآية، وآيات اُخرى مثل: الآية 50/ سورة القمر، الآية (27) من سورة المؤمنون، الآية (54) من سورة الأعراف، (32) من سورة إبراهيم، (12) من سورة النحل، (25) من سورة الروم، (12) من سورة الجاثية، بمعنى الأمر التكويني، لا بمعنى تشريع الدين والمذهب. وأساساً فإنّ كلّ مورد يأتي الكلام فيه عن السماء والأرض، والخلق والخلقة وأمثال ذلك، فإنّ «الأمر» يأتي بهذا المعنى (فتأمّل).
2 ـ كلمة «التدبير» تستعمل أيضاً في مورد الخلقة والخلق وتنظيم وضع عالم الوجود، لا بمعنى إنزال الدين والشريعة، ولذلك نرى في آيات القرآن الاُخرى ـ والآيات يفسّر بعضها بعضاً ـ أنّ هذه الكلمة لم تستعمل مطلقاً في مورد الدين والمذهب، بل إستعملت كلمة «التشريع» أو «التنزيل» أو «الإنزال»:
ـ {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } [الشورى: 13].
ـ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].
ـ {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } [آل عمران: 3].
3 ـ إنّ الآيات التي قبل وبعد هذه الآية مرتبطة بالخلقة وخلق العالم، ولا ترتبط بتشريع الأديان، لأنّ الكلام في الآية السابقة كان عن خلق السماء والأرض في ستّة أيّام ـ وبعبارة اُخرى ستّ مراحل ـ والكلام في الآية التالية عن خلق الإنسان.
ولا يخفى أنّ تناسب وإنسجام الآيات يوجب أن تكون هذه الآية المتوسّطة لآيات الخلقة مرتبطة بمسألة الخلقة وتدبير أمر الخلق، ولهذا فإنّنا إذا طالعنا كتب التّفسير التي كتبت قبل مئات السنين فإنّنا لا نجد أحداً قد إحتمل أن تكون الآية متعلّقة بتشريع الأديان، بالرغم من أنّهم احتملوا إحتمالات مختلفة، فمثلا: مؤلّف تفسير «مجمع البيان» ـ وهو من أشهر التفاسير الإسلامية، ومؤلّفه عاش في القرن السادس الهجري ـ لم ينقل عن أحد علماء الإسلام قولا يدّعي فيه أنّ الآية ترتبط بتشريع الأديان، مع أنّه ذكر أقوالا مختلفة في تفسير الآية أعلاه. ـ إنّ كلمة «العروج»، تعني الصعود والإرتفاع، لا نسخ الأديان وزوالها، ولا يلاحظ العروج في أي موضع من القرآن بمعنى النسخ ـ وهذه الكلمة قد ذكرت في خمس آيات من القرآن، ولا تؤدّي هذا المعنى في أيّ منها ـ بل تستعمل كلمة النسخ أو التبديل وأمثالهما في مورد الأديان.
إنّ الأديان والكتب السماوية في الأساس ليست كأرواح البشر تعرج إلى السماء مع الملائكة بعد إنتهاء العمر، بل إنّ الأديان المنسوخة، موجودة في الأرض، إلاّ أنّها تسقط عن الإعتبار في بعض مسائلها، في حين أنّ اُصولها تبقى على قوّتها.
والخلاصة: فإنّ كلمة العروج علاوة على أنّها لم تستعمل في أيّ موضع من القرآن بمعنى نسخ الأديان، فهي لا تتناسب مع مفهوم نسخ الأديان، لأنّ الأديان المنسوخة لا تعرج إلى السماء.
5 ـ إضافةً إلى كلّ ما مرّ فإنّ هذا المعنى لا ينطبق على الواقع الحقيقي العيني، لأنّ الفاصلة بين الأديان السابقة لم تكن ألف سنة في أيّ مورد!
فمثلا : الفاصلة بين ظهور موسى والمسيح (عليهم السلام) أكثر من (1500) سنة، والفاصلة بين المسيح (عليه السلام) وظهور نبي الإسلام العظيم (صلى الله عليه وآله) أقلّ من (600) سنة، وكما تلاحظون فإنّ أيّاً من هذين الموردين لا ينطبق على الألف سنة التي يقول بها هؤلاء، بل إنّ الفاصلة بين الواقع وما يدّعون كبيرة.
وذكروا أنّ الفترة الزمنية بين ظهور نوح (عليه السلام) الذي كان من أنبياء اُولي العزم، وواضع دعائم الدين والشريعة الخاصّة، وبين محطّم الأصنام الصنديد إبراهيم (عليه السلام)الذي كان نبيّاً آخر من ذوي الشرائع أكثر من (1600) سنة، والفترة بين إبراهيم وموسى (عليهما السلام) أقلّ من (500) سنة.
من هذا الموضوع نخلص إلى هذه النتيجة، وهي أنّه لم تكن هناك فترة ولا فاصلة، ولو من باب المثال، بين أحد الأديان والمذاهب وبين الدين الذي يليه بمقدار ألف سنة.
6 ـ وإذا غضضنا النظر عن كلّ ما مرّ، فإنّ بدعة «السيّد علي محمّد باب» والتي تحمل أتباعه لأجل الدفاع عنها كلّ هذه التوجيهات الباطلة لا تتناسب مع هذا الحساب، لأنّه بإعترافهم ولد سنة 1325هجري، وكان بدء دعوته سنة 1260 هجري قمري، وبملاحظة أنّ بداية دعوة الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) التي كانت بثلاثة عشر عاماً قبل الهجرة، فإنّ الفاصلة بين الإثنين تكون (1273) أي بإضافة (273) فماذا نصنع بهذا الفارق الكبير؟ وبأيّة خطّة سنتجاهله؟
7 ـ ولو تركنا جانباً كلّ هذه الإيرادات الستّة، وصرفنا النظر عن هذه الردود الواضحة، وجعلنا أنفسنا مكان القرآن، وأردنا أن نقول للبشرية: كونوا بإنتظار نبيّ جديد بعد مرور ألف سنة، فهل هذا يصحّ طرح هذا المفهوم بالشكل الذي ذكرته الآية، حتّى لا ينتبه ويطّلع أحد من العلماء وغير العلماء أدنى إطّلاع على معنى الآية على مدى الإثني أو الثلاثة عشر قرناً، ثمّ يأتي جماعة بعد مرور (1273) عام ليدّعوا أنّهم اكتشفوا إكتشافاً جديداً، وأزاحوا الغطاء عنه، وهو مع ذلك لا يتجاوز إطار قبولهم أنفسهم لا قبول الآخرين؟!
ألم يكن الأحسن والأكثر حكمة وعقلا أن يقال مكان هذه الجملة: اُبشّركم بأنّ نبيّاً بهذا الإسم سيظهر بعد ألف سنة، كما قال عيسى (عليه السلام) في شأن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) : {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6].
وعلى كلّ حال، فهذه المسألة قد لا تستحقّ بحثاً بهذا المقدار إلاّ أنّه لتنبيه وإيقاظ جيل الشباب المسلم، وإطلاعهم على المكائد التي هيّأها الإستعمار العالمي، والمسالك والمذاهب التي إبتدعها لتضعيف جبهة الإسلام، لم يكن لنا سبيل إلاّ أن يعلموا ويطّلعوا على جانب من منطق هؤلاء، وعليهم الباقى.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|