أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-06-2015
3704
التاريخ: 12-06-2015
2479
التاريخ: 14-06-2015
2063
التاريخ: 14-06-2015
1898
|
قال تعالى : {أُولَئِكَ الَّذِينَ
اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا
مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ
كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ
اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ}
[البقرة : 16، 17] .
{أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا
الضَّلالَةَ بِالْهُدى} إذ كانوا ممن هيأ اللّه بألطافه لهم
اسباب الاهتداء وجعل بلادهم محط بركة الهجرة ومشرق أنوار الوحي ومنار الدلائل
والحجج قد أحاطت الألطاف بهم وتوارد عليهم الإرشاد في مصبحهم وممساهم وأجابوا دعوة
الإسلام بلا إكراه حرب ولا إرهاب سيف. ولكن هذا الهدى الذي سعدوا بالقرب من موارده
العذبة وثماره الجنية قد اشتروا به الضلالة. وان كل مشتر من العقلاء لا بد من ان
يراعي منفعته بما اشتراه وغبطته بتجارته وهذا أول ما يطلب من الربح فيها. والربح
نقيض الخسران ومن لم يربح في تجارته ولم يكن لما اشتراه منفعة فهو خاسر ويكفي
هؤلاء من السفه إنهم اشتروا وتاجروا {فَما
رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ} ولا نفع لهم فيما اشتروه فضلا عن وباله
في الدنيا والآخرة {وَما كانُوا مُهْتَدِينَ} من
أول الأمر لأنهم لم يظهروا الإسلام عن بصيرة وإيمان وإنما أظهروه لأغراض أخرى.
وقيل وما كانوا مهتدين في تجارتهم والأول أظهر وأوفق بمقتضى الحال {مَثَلُهُمْ} في حالهم {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً} وطلب وقودها
لحاجته إلى الضياء {فَلَمَّا أَضاءَتْ ما
حَوْلَهُ} من النواحي وحان انتفاعه بنورها فيما يعنيه من أموره ذهب
ذلك النور وعاد هذا المستوقد في ظلام دامس لا يبصر فيه شيئا وخبط عشواء لا يهتدي
فيه سبيلا. وهؤلاء المنافقون المذكورون كانوا يتشرفون بحضرة الرسول (صلى الله عليه
واله وسلم) ويستمعون إلى كلامه وحججه في بيانه ودلائله في إرشاده وتلاوته لكتاب
اللّه فهم بذلك كمن استوقد نارا لهدى فلما أضاءت لهم بلطف اللّه مناهج الرشد ومغاني
الحق تمرّدوا على اللّه بنفاقهم فخرجوا عن كونهم أهلا للتوفيق والتسديد
ووكلهم اللّه الى أنفسهم الأمّارة وأهوائهم الخبيثة. فأسدلا عليهم ظلمات الضلال
بسوء اختيارهم. ولأجل ان ينوّه اللّه بما للتوفيق والتسديد من الأثر الشريف في
تأييد العقل على مكافحته لوساوس الشيطان ونزغات النفس الأمارة واهوائها عبر عن
حالهم في غيهم على سبيل المجاز واستعارة التشبيه بأنهم حينئذ {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وأشار إلى معنى ذلك
بقوله تعالى {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا
يُبْصِرُونَ} أي خلى اللّه بينهم وبين أهوائهم وسوء اختيارهم
وصاروا يخبطون في ظلمات الضلال لا يبصرون فيها طريق الهدى والرشاد. وقد سلك القرآن
الكريم أحسن منهاج البلاغة في بيان مثلهم ونتيجتهم السيئة فذكر مجرى المثل ومغزاه
واكتفى بذكر نتيجته بدلالة النتيجة السيئة لحال الذين ضرب المثل في شأنهم فناول
السامع تتمة المثل ونتيجة حال المنافقين بأوجز بيان مفهم كما اكتفى بمقدمات المثل
عن ذكر المنافقين في استيقادهم لنار الهدى واضاءتها لما حولهم كما ذكرناه وربما
تصوره جودة الفهم أحسن مما ذكرناه. ولو بسط القرآن الكلام كما شرحناه للزم التطويل.
ولو أهمل ما ذكره لحال المنافقين لما تمثلت من ضرب المثل فائدة لها قيمة بل لو ذكر
قبلها نتيجة المستوقد المذكور لأنس الذهن بها ولم يرعه ما ذكر من نتيجة المنافقين
السيئة المهولة وذلك خلاف المقصود وحسن البيان.
(ومما ينبغي التنبيه عليه) هو ان بعض التفاسير المعروفة بالفضيلة ذكرت تفسير الآية على غير ما ذكرناه فنشأ من ذلك أمور «أحدها» جرأة غير المسلمين على الاعتراض على القرآن الكريم «ثانيها» التجاؤه إلى ان يجعل «الذي» بمعنى «الذين» وهذا مع وهنه مناف لإفراد الضمير في «استوقد» و«ما حوله» «ثالثها» استشهاده بقوله تعالى في سورة التوبة {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة : 69] مع ان كلمة «الذي» في الآية للمفرد لا بمعنى الذين «رابعها» عدم ذكر النتيجة السيئة لحال المنافقين وفي ذلك ما فيه. مع ان قوله تعالى {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} إنما هي من صفات المنافقين لا من تتمة المثل وعلى ما ذكره يستلزم ربطها بالمنافقين طفرة كبيرة وفصلا بالأجنبي الطويل وهؤلاء المنافقون الذين ذهب اللّه بنورهم على ما ذكرناه هم في ضلالهم.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|