أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2014
1912
التاريخ: 18-5-2016
1776
التاريخ: 2-9-2016
2277
التاريخ: 17-4-2016
2534
|
في نفس الوقت الذي تدور الأرض فيه حول الشمس ، تدور أيضا حول نفسها ، وقد رمز القرآن الكريم إلى دوران الأرض حول نفسها في آيات عديدة منها :
وردت جملة { اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ } في خمس آيات كريمة هي :
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [البقرة : 164] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } [آل عمران : 190]
{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس : 40]
تدور الأرض حول الشمس في فلك بيضاوي طول محوره الكبير 300 مليون كلم ومحيطه 9600 مليون كلم بحيث تكمل دورة واحدة كل سنة حول الشمس ، وتجري الأرض مسافة 2400000 كلم يوميّا
{إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} [يونس : 6]
{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [المؤمنون : 80]
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم : 22]
وعند ما تتكرر الجملة الواحدة في الآيات الكريمة فإن في ذلك تنبيها للقارئ لكي يتدبر المعاني العلمية الكامنة فيها.
وفيما يلي ننظر في « تعاقب » الليل والنهار ، وفي « تفاوتهما » :
تعاقب الليل والنهار : من معاني « اختلاف الليل والنهار » تعاقبهما ، أي أن الليل يأتي بعد النهار والنهار يتلو الليل بفعل دوران الأرض حول نفسها بصورة معتدلة كما نلاحظ من خلال الوقت الممتد بين الغروب والعشاء والفجر وطلوع الشمس. فلو زادت سرعة دوران الأرض حول نفسها عما قدّرها المولى ( 107 كلم في الساعة ) لحلّ الليل والنهار فجأة خلال تعاقبهما ، ولو نقص دوران الأرض عن سرعته الحالية لحصل العكس. ونلاحظ الإعجاز اللغوي والعلمي في كلمات « نسلخ » و« يغشي » و« حثيثا » و« عسعس » و« تنفّس » في الآيات الكريمة التالية التي تعطي القارئ صورة سمعية حسّيّة ، وتكاد تكون بصرية ، عن التدرّج في تعاقب الليل والنهار :{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس : 37] {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف : 54]
{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير : 17 ، 18] تفاوت الليل والنهار : من معاني «اختلاف الليل والنهار» أيضا عدم تشابههما بالميزات والخصائص ، فلا ليل يتشابه مع آخر ولا نهار مع آخر منذ خلق الله الأرض وحتى قيام الساعة وهو معنى قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } [الفرقان : 62].
{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن : 17 ، 18]
تدور الأرض في مسار إهليلجي ( بيضاوي ) حول الشمس وخلال دورة كاملة ، تمر الأرض في أربع مواقع مميزة : في 20 آذار و21 أيلول يتساوى الليل والنهار في كل بقعة من بقاع الأرض ، وفي 21 حزيران من كل سنة يكون أطول نهار وأقصر ليل ، وفي 21 كانون الأول يكون أطول ليل وأقصر نهار ، فهل مشرقا الأرض ومغرباها في 21 آذار و 23 أيلول هما المشرقان والمغربان اللذان أقسم بهما المولى؟ وهل مشرقا الشمس ومغرباها في 21 حريزان و 21 كانون الأول هما المشرقان والمغربان اللذان أقسم بهما المولى؟ الله أعلم! أليس في هذا القسم دليل علمي قرآني على أن مسار الأرض حول الشمس بيضاوي وليس دائريّا ؟؟
ولمن أراد أن يتذكر قدرة المولى في الخلق نورد المعلومات الفلكية عن دوران الأرض حول نفسها والتي جعلت الليل والنهار خلفة أي متعاقبين وغير متشابهين :
تدور الأرض حول نفسها بشكل مائل وليس مستقيم ، أي أن محور دورانها حول نفسها يشكّل مع محورها العمودي زاوية قدرها 37 ، 23 درجة.
ومن هذا الدوران المائل للأرض نشأت الفصول واختلف الليل والنهار ، فلو كان دوران الأرض مستقيما حول محورها العمودي وليس مائلا كما هي حال الكوكبين « جوبيتر » ( Jupiter ) و « فينوس » ( Venus ) لحصل على أرضنا الآتي :
أ ـ لانعدمت الفصول وتساوى الليل والنهار في كل بقعة من الأرض وفي كل أيام السنة.
ب ـ لتفاوتت درجات الحرارة بين الليل والنهار تفاوتا كبيرا بحيث تنعدم إمكانية الحياة على سطح الأرض.
ج ـ لاختلّ كل النظام البديع في تصريف الرياح وتوزيع السحب والماء في مختلف بقاع الأرض.
فلو لا دوران الأرض حول نفسها بشكل مائل ما كان اختلاف الليل والنهار ، لذلك كان اختلاف الليل والنهار آية ، أي برهانا علميّا على وجود الله لقوم يعقلون ولأولي الألباب.
أما القدرة التي جعلت من الأرض مائلة في دورانها حول نفسها دون بقية الكواكب فقد أرجعها الذين نقلنا عنهم هذه المعلومات الفلكية إلى المصادفة العجيبة أو السعيدة حسب أقوالهم ، فهؤلاء ، رغم علمهم ، لا يعقلون وليسوا بأولي الألباب بحسب التعريف القرآني لهم.
ولمن أراد أن يشكر المولى على جعله الليل والنهار « خلفة » نورد المعلومات العلمية التالية المتعلقة باختلاف الليل والنهار :
اختلاف الليل والنهار هو المنظّم لوجود الأحياء : فهجرة الطيور والأسماك والحشرات وغيرها من الأحياء وتوالدها ، وكذلك نمو النبات وتفتّح {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا } [النبأ : 6] .
لو كان محور دوران الأرض حول نفسها عموديّا وليس مائلا كما يظهر في الصورة لما كانت الأرض مهادا أزهارها ونضج ثمارها مرتبط باختلاف الليل والنهار. فقد تبين لعلماء الأحياء مؤخرا في القرن العشرين أن في داخل كل حي « ساعة » داخلية حياتية ، أي بيولوجية ، تتأثر بطول النهار والليل وتوقيت الشروق والغروب وكذلك بدرجة الحرارة ، ومنها تعلّم علماء الأحياء دراسة الخصائص الحياتية عند المخلوقات المتأثرة باختلاف الليل والنهار فكانت الزيادة الهائلة في الإنتاج النباتي والحيواني التي عرفناها في القرن العشرين.
فمبدأ البيوت الزجاجية التي تنتج الفواكه والخضار في غير أوانها ، ومبدأ مزارع الدواجن الحديثة والأسماك الاصطناعية التي زادت من إنتاج الثروة الحيوانية بصورة مذهلة ، قائم على فهم التصرفات الحياتية كالنمو والنضج والتوالد والهجرة عند النبات والحيوان. وقد أثبت علم الأحياء أن هذه التصرفات تتأثر مباشرة باختلاف الليل والنهار. من هنا نفهم البعد العلمي الدفين في الرد الذي أوحاه الله لسيدنا موسى عند ما سأله فرعون : من ربّ العالمين ؟
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء : 23] ، {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء : 28]. فجميع المخلوقات الحية الموجودة ما بين المشرق والمغرب تتأثر ميزاتها وتصرفاتها الحياتية بالمشرق والمغرب واختلافهما. ومن هذه الزاوية العلمية نفهم أيضا معنى من معاني الآيات التي وردت فيها كلمة المشرق والمغرب : {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} [المعارج : 40] {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ } [الصافات : 5] {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل : 9] {ربُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن : 17 ، 18]
2 ـ إيلاج الليل في النهار والنهار في الليل
{تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [آل عمران : 27]
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [الحج : 61]
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [لقمان : 29]
{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } [فاطر : 13]
{ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الحديد : 6] الإيلاج هو إدخال شيء في آخر برفق. والمولى ، سبحانه وتعالى ، بجعله الأرض مائلة عن محورها العمودي خلال دورانها حول نفسها يولج جزءا من الليل في النهار خلال ستة أشهر من السنة فيقصر الليل ويطول النهار ( من 21 كانون الأول أطول ليل في السنة ، حتى 22 حزيران أطول نهار في السنة بالنسبة للنصف الشمالي من الكرة الأرضية ، والعكس من ذلك بالنسبة للنصف الجنوبي من الكرة الأرضية ). والمولى سبحانه يولج جزءا من النهار في الليل خلال ستة أشهر من السنة فيقصر النهار ويطول الليل ( من 22 حزيران أطول نهار في السنة ـ 15 ساعة تقريبا ـ إلى 21 كانون الأول أطول ليل في السنة ـ 15 ساعة تقريبا ـ بالنسبة للنصف الشمالي من الكرة الأرضية ، والعكس من ذلك بالنسبة للنصف الجنوبي من الكرة الأرضية ). ويتساوى الليل والنهار في 23 آذار و 23 أيلول تقريبا. ولم ير الإنسان الأسباب الفلكية لزيادة الليل والنهار ونقصهما وتعادلهما إلا بعد قرون من التنزيل مصداقا لقوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [لقمان : 29].
3- امتداد الظل
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا } [الفرقان : 45]
إن طول وقصر وانعدام ظل الأشياء غير الشفافة التي تسقط عليها أشعة الشمس يكون تبعا لدوران الأرض حول نفسها ، ولو سكنت الأرض لسكن الظل. ومبدأ الساعة الشمسية قائم على امتداد الظل وموقعه خلال مختلف أوقات النهار ، فالشمس هي دليل الظل ( أي هي تقوده وتسيّره ) والظل دليل على أوقات النهار.
4- نعمة اختلاف الليل والنهار
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ} [القصص : 71]
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } [القصص : 72]
لو سكنت الشمس والأرض عن الدوران لغرق نصف الكرة الأرضية في ليل سرمدي وغرق نصفها الآخر في نهار سرمدي. ومن عاش لبعض الوقت في المناطق القطبية حيث يبقى النهار تقريبا لمدة ستة أشهر وكذلك الليل ، يعرف نعمة تعاقب الليل والنهار التي هي من رحمة الله علينا : {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [القصص : 73].
{فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} [المعارج : 40] ومثاني هذه الآية قوله تعالى : {النَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } [الشمس : 3 ، 4] ( هنا يقسم المولى بوقت معيّن في النهار وذلك عند ما تتجلى الشمس أي بشروقها ، ويقسم بوقت معيّن من الليل وذلك عند ما تغشى الظلمة الشمس أي بغروبها ) في الآيات الكريمة دلالة أيضا على دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس : فعلى مدار 24 ساعة ، وفي كل ثانية ، هناك شروق على نقطة معيّنة من الأرض يقابله غروب في نفس الوقت ، وعلى مدار أيام السنة تشرق الشمس من مكان مختلف وتغرب في مكان مختلف عن اليوم الآخر. وللآية مفهوم جغرافي أيضا ، فهي تعني أقطار الأرض الواسعة كالشرق الأوسط والشرق الأقصى وبلاد الغرب كما كشفها وقسّمها لا حقا علماء الجغرافيا. كما أن لها دلالة بيولوجية مهمة جدّا ، فجميع الأحياء البحرية والبرية النباتية والحيوانية تتأثر تصرفاتها الحياتية من نمو وتوالد وهجرة بساعة داخلية تتأثر مباشرة بالضوء والظلام وتعاقب الليل والنهار ، كما سبقت الإشارة إليه.
{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل : 88]
أخيرا نتوقف عند الآية الكريمة التي نرى فيها دليلا قرآنيّا على دوران الأرض حول نفسها :
تدور الأرض بمن عليها من مخلوقات بنفس السرعة ، لذلك نحسب أي نظن خطأ أن الجبال ثابتة ، بينما هي في الحقيقة متحركة تحرّك السحاب. ولتقريب الصورة من ذهن القارئ يكفي أن نتصور قطارين انطلقا في نفس الوقت والاتجاه والسرعة فالراكب في واحد منهما إذا نظر إلى الراكب الموازي له في القطار الآخر يظنه جامدا لا يتحرك.
ملاحظة
يرى البعض في هذه الآية الكريمة وصفا لمشهد من مشاهد يوم القيامة ، ونرى والله أعلم ، أنها مشهد يومي من مشاهد أيام الدنيا ودليل قرآني إعجازي على دوران الأرض حول نفسها استنادا إلى الأدلة القرآنية التالية :
هذه هي الحالات التي تمر فيها الجبال عند قيام الساعة ، كما جاء وصفها في التنزيل :
{يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل : 14]
{يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} [المعارج : 8 ، 9] { إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة : 4 - 6] .
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه : 105 - 107] .
إذن لا وجود للجبال يوم القيامة لأن المولى ينسفها نسفا.
وكلمة « تحسبها » تعني « تظنها خطأ » ، وقد وردت كلمة « حسب » وما اشتق منها في خمس وأربعين آية كريمة وكلها تعني تخيّل وظن واعتقد خطأ ، منها قوله تعالى : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون : 115] ، و {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت : 2] ، و { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [الجاثية : 21] ، و{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم : 42]
فلو كانت الآية الكريمة التي نحن بصددها مشهدا من مشاهد يوم القيامة لما قال المولى « تحسبها » لأنه لا مجال للظن والشك يوم القيامة فبصر الإنسان يومئذ حديد ، وكل شيء نراه يوم القيامة يقين كما جاء في التنزيل : {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق : 22]
وأخيرا ، عند قيام الساعة يهدم المولى كل النظام الكوني الحالي قبل أن يستبدله بنظام آخر. ولو كانت الآية الكريمة مشهدا من مشاهد الساعة لما قال المولى في آخرها : {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل : 88]. لذلك نرى أن المنظر الذي توحيه إلينا الآية الكريمة التي نحن بصددها هو مشهد من مشاهد الحياة الدنيا ، وفيها أتقن المولى صنع كل شيء ، والله أعلم.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|