المنشـآت الإنتاجيـة في الفضـاء العـام (الملكيـة في مقابل الإدارة) |
1627
02:14 صباحاً
التاريخ: 7-7-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2023
998
التاريخ: 6-7-2021
1543
التاريخ: 2023-02-09
1254
التاريخ: 2023-05-19
908
|
2 - الملكية في مقابل الإدارة
ليس لطبيعة الملكية - خلافاً لطبيعة الإدارة - أي دور في ربحية المنشأة ما دامت تُدار بمعیار تعظيم الربح ضمن استقلال مالي وإداري. فالأهمية القصوى هي لطبيعة السوق التي تتعامل معها المنشأة من حيث درجة التنافس السائدة فيها.
إذا كانت المنشأة الإنتاجية تعمل في سوق التنافس الكامل، فإن ذلك يضمن أن تعمل بكفاءة كاملة من حيث إنتاج أفضل منتوج بأقل ثمن، وإلا فتفشل وتخرج من السوق. لكن المنشأة التي تعمل في سوق محتكرة أو سوق يسودها "التنافس المنقوص"، فلا بد لكفاءة أدائها من أن تتأثر سلباً، ويكون التأثر مختلفاً في حالة منشاة يملكها القطاع العام عنه في منشأة يملكها القطاع الخاص أو انتقلت ملكيتها إليه بواسطة الخصخصة. وتتصدّی النظرية الاقتصادية لتحليل تأثير السوق الاحتكارية في المنشأة الخاصة والمنشأة العامة من خلال "نظرية التعاقد" (Contract Theory) التي تعالج في جانب منها التباينات بين الأسواق التي يسودها "التنافس المنقوص" (3) .
نشأ الاهتمام بنظرية التعاقد تبعاً للاهتمام بالتباينات الخاصة بحيازة المعلومات الاقتصادية بين ما هو متاح من المعلومات للقطاع العام وما هو متاح للقطاع الخاص، وكذلك بين ما هو متاح من المعلومات للمنتج أو المورّد في مقابل ما هو متاح للمستهلك ... إلخ. يمثل غياب التكافؤ بين المعلومات المتاحة للمنشآت العامة وتلك المتاحة للمنشآت الخاصة إحدى التطبيقات المهمة لنظرية التعاقد .
في ما يتعلق بالقطاع العام، يحجب تملك الحكومة المنشاة الاحتكارية أو العاملة ضمن تنافس منقوص عن أي جهة خارجية المعلومات الخاصة بنشاط المنشأة وخططها في التسويق والاستثمار، ويؤدي هذا إلى حجب فرص مراقبة نشاط المؤسسة ومسلكية إدارتها، ما يضعف الرقابة على جودة الأداء في هذه المنشآت ويضعف بالتالي حوافز تحسين الأداء عند القائمين على إدارتها. في المقابل، نجد أن المنشآت في القطاع الخاص تستطيع أن تحجب عن الحكومة معلومات مهمة عن نشاطاتها. إذاً، على سياسة الخصخصة أن تأخذ في الاعتبار أنّ تَنازُل الحكومة عن ملكية المنشآت العامة يرافقه تَنازُل عن المعلومات الدقيقة الخاصة بنشاط المؤسسة، خصوصاً ما يتعلق بحقيقة الأرباح التي تجنيها من ذلك النشاط، وانعكاس ذلك على الضرائب المستحقة للمالية العامة.
في المقابل، حين تكون المنشأة المُخصخَصة شركة مساهمة عامة مُدرجة في السوق المالية، ولا سيما إذا كانت في قطاع يتسم بدرجة عالية من التنافس، فإن السوق المالية تُوفر درجة من الرقابة على أدائها، وتضع إدارتها موضع المساءلة ما قد لا يكون متوافراً حين تكون المنشأة مؤسسة ضمن القطاع العام غير خاضعة لتقويم السوق المالية .
على مستوى آخر، وفي حالة القطاع العام، كثيراً ما تكون شروط التعاقد الضمني المُطبّقة بين المالك (الحكومة) والجهاز المكلَف بالإدارة من طبيعة لا تُتيح لهذا الجهاز الاستقلال الكافي وحرية التصرف للقيام بالاستثمار والتجديد في المنشاة لزيادة كفاءتها، كما تفعل منشآت القطاع الخاص، وفق ما تمليه ضرورات المنافسة. في هذه الحالة، يعتبر التعاقد مخلاً بمتطلبات الإدارة الناجحة. في المقابل، إذا لم تواجه المنشأة في القطاع الخاص ضغوط التنافس، في حالات الأحتكار أو التنافس المنقوص، فإن إدارة المنشأة عُرضَة لأن تَستغل ضعف التنافس للتراخي في ضبط الجودة والإخلال بالتعاقد القائم بينها وبين المالك (المساهمين) الذي يُلزمها بالأداء الكفؤ، وربما يمتد ذلك "التعاقد المختل" إلى عمليات تزوير وفساد. وفي الأدبيات الاقتصادية مباحث نظرية جدية في المقابلة بين حسنات حالتي اختلال التعاقد الإداري المذكورتين وسيئاتهما، وفي تقويم ثمن المبادلة بين حسنات الواحدة وسيئات الأخرى.
لا تعني الملاحظات المذكورة أعلاه أن ليس ثمة أساس للشكوى من ضعف الكفاءة في أداء المؤسسات والمنشآت الحكومية في كثير من الأحيان. فلا شك في أن سوء الإدارة وتدني الكفاءة يطبعان أداء بعض المرافق العامة والمنشآت الحكومية، إلى درجة الفشل التام. هناك حالتان في المؤسسات والمنشآت الحكومية تؤشران إلى إخلال الإدارة بواجباتها: الأولى، اندماج المنشأة الإنتاجية الحكومية ضمن جهاز الدولة الإداري حيث ينسحب عليها ما ربما يكون في هذا الجهاز من عيوب مثل تعيين موظفين غير أكفاء وجاهلين بطبيعة المنشأة التي يديرونها؛ والثانية، غياب الاستقلال المالي والإداري للمنشأة أو ضعفه، حيث لا تُتَاح محاسبة المسؤولين الإداريين في ضوء نتائج التشغيل الفعلي للمنشأة من ربح أو خسارة. في هذه الحالة، يكون أداء المنشاة عُرضة للاختلال حتى لو كان الجهاز الإداري مؤهلاً وكفؤاً .
إن حالة نقص الكفاءة الإدارية بسبب نقص الاستقلال المالي والإداري للمنشأة الإنتاجية الحكومية لا تُعالج بتخلي الدولة عن ملكيتها بل إحداث الاستقلال المالي والإداري المطلوب. أكثر من ذلك، في حال تعذر أن يكون الاستقلال المالي والإداري كافياً لضمان الكفاءة في إدارة المنشأة، من الممكن التعاقد مع شركات متخصصة لإدارة ذلك النوع من المنشآت بالشروط الملائمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3)Gerard Roland, Private and Public Ownership in Economic Theory, in: Gerard Roland, ed.. Privatization: Successes and Failures, Foreword by Joseph E. Stiglitz, Initiative for Policy Dialogue at Columbia (New York: Columbia University Press, 2008), chap. 1. pp. 9-27 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
نقابة تمريض كربلاء تشيد بمستشفى الكفيل وتؤكّد أنّها بيئة تدريبية تمتلك معايير النجاح
|
|
|