أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-04-2015
3819
التاريخ: 2023-07-27
1107
التاريخ: 21-04-2015
1895
التاريخ: 30-05-2015
3995
|
الذي يقتضيه التحقيق أن لفظ الوحي - بصيغة المختلفة - في القرآن
الكريم أطلق على خمسة معانٍ ، وساير الموارد تدخل في مصاديق أحد هذه المعاني :
1. الوحي الغريزي . وهو شعور غريزيٌ فطريٌ مجبولة عليه الموجودات بمقتضى خلقتها
وفطرتها وطبيعتها ، بلا فرق بين الحيوانات والجمادات . فقد جاء لفظ الوحي في
القرآن بهذا المعنى في كلتيهما .
أما في
الحيوانات : فقوله تعالى :
{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ
الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ...} [النحل : 68، 69] .
وأما في
الجمادات : فقوله تعالى : { وأوحى في كل سماء أمرها} ، فإن ظاهره أنه تعالى أوحى
الى السماء أمرها ؛ أي أراد هدايته التكوينية . وقال : {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة : 4، 5] .
ويمكن
أن يقال : إن هذا النوع من الوحي داخل في الهداية التكوينية ويشمله قوله تعالى : {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ
شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه : 50] .
فتحصل
أن الوحي الغريزي من قبيل الهداية التكوينية للموجودات ، بل نوع منها .
2. الوحي الالهامي :
وهو
خطور ذهني رحماني يدعو الانسان الى الخيرات .
قال الخليل : " ألهمه الله خيراً ؛ أي : لقنه
خيراً " (1) .
قال في
المفردات : " الالهام إلقاء الشيء في الرّوع . ويختص ذلك بما كان من جهة الله
تعالى وجهة الملأ الأعلى " (2) .
ولا
يخفى أن ما يعرفه الانسان بالعلم الضروري البديهي غير العلم الحاصل بالالهام ، كما
يشهد لذلك ما قاله أبو هلال
العسكري :
" الفرق بين الالهام والمعرفة : أن الإلهام ما يبدو في القلب من المعارف بطريق الخير ليفعل وبطريق
الشر ليترك ، والمعارف الضرورية على أربعة أوجه . أحدها : يحدث عند المشاهدة . والثاني : عند التجربة . والثالث : عند الأخبار المتواترة . والرابع : أوائل العقل " (3) . ولا يخفى أن مقصوده من أوائل العقل بديهيات العقل التي لا تحتاج
الى فكر ونظر . ولا يخفى أن تقسيمه الضروريات الى أربعة أقسام ، خلاف ما هو
المشهور من الأقسام الستة بإضافة الفطريات ومن هذا القبيل قوله تعالى :
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى
أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا
تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ
الْمُرْسَلِينَ} [القصص : 7] . فالمقصود إلقاء ذلك في قلب أم موسى وإخطاره في ذهنها
.
وقد ورد
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) كان
ملهماً من جانب الله .
رواه
الصدوق في الخصال عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : " أعطاني الله خمساً وأعطى علياً
خمساً : .... أعطاني الوحي وأعطاه والإلهام ... " (4).
فتحصّل
: إن الوحي الالهامي هو إخطارٌ في الذهن وإلقاء في القلب من جانب الله ، وإنه
تلقينٌ للخيرات والفضائل والحقائق ، في مقابل الوسواس .
3. الوحي الوسواسي الشيطاني (الوسوسة).
وهو
إخطار الشرور وإلقاء القبائح والفحشاء والرذائل في الذهن والقلب .
والوسوسة
خطور ذهني وإلقاءٌ باطني قلبي ، إلا أنها من جانب الشياطين ، وتدعو الانسان الى
الرذائل والقبائح .
وقد
استعمل لفظ الوحي في القرآن بهذا المعنى أيضاً ، كما قال تعالى : {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ
إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام : 121] أي يوسوسونهم ويلقنونهم
المجادلة السيئة والمِراءَ معكم .
ومن هذا
القبيل قوله تعالى :
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ
نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ
زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام : 112] .
4. الوحي الاشاري . وقد عُبر عنه في رواية تفسير النعماني المزبورة بوحي الاشارة . وهو
التفهيم بالاشارة والرمز .
ومنه
قوله تعالى : {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ
سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم : 11] ؛ حيث كان القرار بين الله وبين زكريا أن لا
يكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاً ، كما دل عليه قوله تعالى : {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً
قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران : 41] . ومن هنا كان
زكريا يكلم الناس في تلك الايام الثلاثة بالرمز والايماء والاشارة .
5. الوحي الرسالي .
وهو ما
يلقيه الله الى أنبيائه ورسله من الشرايع والأحكام والحكم والحقائق بواسطة ملك من
الملائكة أو بغير واسطة . وهذا مختص بالأنبياء ومن شؤون النبوة والرسالة . كما أنه
تعالى أوحى الحدود والأحكام والشرايع والحقائق والمغيبات الى نبينا محمد (صلى الله
عليه وآله وسلم) بواسطة جبرائيل وبطريق الرؤيا الصادقة ، والى ابراهيم بالرؤيا
الصادقة وغيرها ، والى موسى بإيجاد الصوت في الشجرة .
وأما
ساير الأقسام المذكورة في خبر تفسير النعماني ، فإمّا يندرج في بعض هذه الأقسام أو
يكون إطلاق الوحي عليها بلحاظ ماهية متعلقه ومورده .
وفي
المقام مباحث نافعة دقيقة نغمض عنها لخروجها عن الغرض المقصود .
______________
1.
العين : ص 1659 .
2.
المفردات في غريب القرآن : ص 455 في مادّة " لهم " .
3.
الفروق اللغوية : ص 68-69 .
4. الأمالي للطوسي : 104 ، المحتضر ص 251 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|