أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-05-2015
1067
التاريخ: 24-05-2015
867
التاريخ: 24-05-2015
883
التاريخ: 24-05-2015
933
|
إنّ الوقوف على تاريخ الفرق الإسلامية ، وكيفية تكوّنها والعلل الباعثة على نشأتها ، من الأبحاث المهمة التي تعين الباحث في تقييم المذاهب الإسلامية ومدى إخلاص أصحابها في نشرها وبثها بين الأُمّة ، وهذه النقطة الحسّاسة من علم الملل والنحل ، قد أهملت في كثير من كتب الفرق والنحل إلاّ شيئاً قليلاً لا يشبع نهمة الطالب ، ونحن نأتي في هذه العجالة بإجمال ما وقفنا عليه في تاريخ تكوّنها والبواعث الموجدة لها ، وأمّا الإسهاب في البحث فموكول إلى آونة أُخرى.
لبّى النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) دعوة ربّه وانتقل إلى جواره وترك لأُمّته ديناً قيماً عليه سمات من أبرزها « بساطة العقيدة ويسر التكليف » وأخذ المسلمون يفتحون البلاد بقوة المنطق أوّلاً وحدّ السلاح ثانياً ، وأخذت قوى الكفر والشر تنسحب أمام دعاة الإسلام وجنوده البواسل ، وتنصاع لهداه البلاد إثر البلاد.
ارتحل الرسول الصادع بالحق ، وترك بين أُمّته كتاب اللّه العزيز الذي فيه تبيان كل شيء {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } [النحل: 89] ، وسنّته الوضّاءة المقتبسة من الوحي {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم: 4], السليم من الخطأ ، المصون من الوهن وعترته الطيبين الذين هم في لسان نبيّهم قرناء الكتاب. (1)
فالمسلمون الأوّلون في ضوء بساطة العقيدة وسهولة التشريع وفي ظل هذه الحجج والأدلة القويمة ، كانوا في غنى عن الخوض في أقوال المدارس العقلية والمناهج الكلامية التي كانت دارجة بين الأُمم المتحضّرة آنذاك ، فهم بدل الغور فيها ، كانوا يخوضون غمار المنايا ويرتادون ميادين الحروب في أقطار العالم وأرجاء الدنيا لنشر الدين والتوحيد ومكافحة شتى ألوان الشرك و الثنوية ومحو العدوان والظلم عن المجتمع البشري.
نعم كان هذا وصفهم وحالهم إلاّ شذاذاً منهم من الانتهازيين ، عبدة المقام وعشاق المال ممن لم تهمّهم إلاّ أنفسهم وإلاّ علفهم وماؤهم ، وقد قلنا إنّ بساطة التكليف كانت إحدى العوامل التي صرفت المسلمين عن التوجه والتعرض للمناهج الفلسفية الدارجة في الحضارات القائمة آنذاك ، فلأجل ذلك كانوا يكتفون مثلاً في معرفة اللّه سبحانه بقوله عزّمن قائل : {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم : 10] ، وقوله عزوجل : { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } [الطور: 35]. وفي نفي الشرك و الثنوية كانوا يكتفون بقوله سبحانه : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الفاتحة: 22]. وفي التعرّف على صفاته وأفعاله بقوله سبحانه : { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } [الحشر: 22] ، إلى آخر سورة الحشر. وفي تنزيهه عن التشبيه والتجسيم بقوله سبحانه : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى: 11] ،
وبقوله { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ } [الأنعام : 103] وفي سعة قدرته : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } [الأنعام : 91]. إلى غير ذلك من الآيات الواردة حول المبدأ والمعاد وما يرجع إليهما من الأبحاث الكلامية الغامضة ، فلكلّ واحدة من هذه المسائل نصوص في الكتاب والسنّة وهي أغنتهم عن الرجوع إلى غيرهم.
نعم إنّ مفاهيم هذه الآيات على بساطتها تهدف إلى معان بعيدة الأغوار ، عالية المضامين ، فالكلّ يستفيد منها حسب مقدرته واستعداده فهي هادية لكلّ البشر ومفيدة لجميع الطبقات من ساذجها إلى متعلّمها ، إلى معلمها ....
وهذه الميزة يختصّ بها القرآن الكريم ويتميّز فيها عن غيره ، فهو مع كونه هدى للناس عامة ، خير دليل للمفكّرين صغارهم وكبارهم.
هذا هو الكتاب ، وأمّا السنّة فهي عبارة عمّا ينسب إلى النبي من قول أو فعل أو تقرير ، نازلة منزلة التفسير والتبيين لمعاني الكتاب الحكيم ، مبينة لمجمله ، شارحة لمعانيه كما يعرب عنه قوله سبحانه : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل : 44] ، أي لا لتقرأ فقط ، بل لتبيّن وتشرح ما نزل ، بقولك وفعلك وتقريرك.
وأمّا العترة فيكفي في عصمتهم وحجية أقوالهم ، حديث الثقلين الذي تواتر نقله ، وقام بنقله أكابر المحدّثين في العصور الإسلامية كلّها.
وكان اللائق بالمسلمين والواجب عليهم مع الحجج الإلهية ، التمسّك بالعروة الوثقى ورفض الاختلاف ، ولكن يا للأسف تفرقوا إلى فرق وفرق لعلل نشير إليها.
إنّ لتكوّن المذاهب الإسلامية ـ أُصولاً وفروعاً ـ عللاً وأسباباً ومعدات وممهدات ولا يقوم بحقّ بيانها الباحث إلاّ بإفراد كتاب خاص في هذا الموضوع ،... {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66] .
__________________
1 ـ لقوله (صلى الله عليه واله وسلم) : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض. والتثليث في كلامنا لا يعارض التثنية في كلام الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ، لأنّ مرجع كلام العترة إلى سنّة الرسول التي أودعها في قلوبهم بإذن اللّه عزّ وجلّ.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|