مناهج البحث في جغرافية الزراعة

من خلال الإطلاع على المناهج القديمة في الجغرافية نرى بانها مناهج اعتمدت على الوصف للظواهر الجغرافية الطبيعية منها والبشرية ، فمن خلال مراجعة كتب البلدان والرحلات الجغرافية  والمعاجم والأطالس وغيرها من المؤلفات الجغرافية في المراحل الأولى من الجغرافية وخلال العصرين القديم والاوسط مثل العصور اليونانية والرومانية والعصر الإسلامي   بانها وصف لما شاهده الجغرافيين امثال كتب معجم البلدان وكتاب المسالك والممالك ورحلات ابن بطوطة وابن جبير وكتب ابن خلدون وغيرها ، وهذه الكتب ماهي الا وصف للظواهر من خلال الأسفار التي قام بها الجغرافيين ووصفهم لحياة الشعوب وعاداتهم واجناسهم وطبيعة البلدان من انهار وجبال وسهول وهضاب ومراعي وانواع لأشجار الفواكه وغيرها من الظواهر .

وبعد التطورات التي حصلت في مجالات العلوم الأخرى اصبحت هذه المناهج عرضة للنقد وعدم مقدرة المناهج القديمة مسايرة التطورات الحديثة في مجال العلم ، لذا تطلب من علماء الجغرافية مواكبة هذا التطور واللحاق بالعلوم الأخرى التي قطعت شوطا كبيرا في التقدم ، واول محاولة في ذلك للجغرافي والفيلسوف (كانت  Emmaunel Kant ) الذي استطاع في بداية القرن التاسع عشر ان يتخذ اسلوب جديد في تنسيق المعلومات الجغرافية وقسم الجغرافية الى الجغرافية الرياضية التي تنتهج الأساليب الكمية في منهجها والجغرافية الأدبية مثل الجغرافية التجارية والسياسية والاجتماعية والدينية وغيرها ، وقد ساعد على ذلك ظهور علم الجغرافية الكمي بدلا من الوصفي والجغرافية التطبيقية بدلا من النظرية .

والمعروف ان جغرافية الزراعة من فروع الجغرافية التي تتخذ من المنهج التطبيقي والكمي في معظم دراساتها لذلك كانت من أوائل فروع الجغرافية التي استخدمت في تحليل نتائج بحوثها على الجوانب التطبيقية نتيجة تداخل العوامل والظروف الطبيعية في دراساتها ، ولذلك اعتمدت الدراسات الزراعية في مناهجها على الجوانب التطبيقية بنسب متساوية مع الجوانب النظرية في معظم دول العالم المتطورة وهذا ما لا نجده في الأقطار النامية الأ في الآونة الأخيرة كما هو الحال في كليات الزراعة العراقية ، بالإضافة الى التغير المستمر في المناهج الدراسية لهذه الكليات لتأثير العوامل المتغيرة على الإنتاج الزراعي وخاصة البشرية منها وانعكاسها على نتائج البحوث الزراعية التطبيقية ، فعلى سبيل المثال تغير اعداد السكان من فترة الى اخرى ضمن المكان الواحد ويكون عاملا إيجابيا للزراعة لتوفيره اعداد من الأيدي العاملة في الزراعة وتوفير الربح السريع لرخص هذا العامل وخاصة في المناطق المزدحمة السكان كأقطار جنوب شرقي آسيا الزراعية .

ان دراسة المناهج التي تبحث في جغرافية الزراعة يمكن تقسيمها الى عدة مناهج بعضها تخصص بدراسة العوامل الجغرافية الطبيعية منها والبشرية المؤثرة في الإنتاج الزراعي  والبعض الاخر تخصص بدراسة الموارد الاقتصادية والغلات الاقتصادية المزروعة في العالم وتخصص قسم آخر بدراسة النشاط الزراعي كحرفة اقتصادية يزاولها مجموعة من السكان في كثير من دول العالم ،  واحتوت هذه المناهج  على تطبيق الجوانب الإحصائية في تحليل النتائج  وسوف نوجز خصائص كل منها على حدة .

فالمنهج هو طريقة لتنظيم البيانات والمعلومات والأفكار المتعلقة بإحدى الظاهرات الجغرافية , و قد اتفق معظم  الجغرافيون على أن فرع تخصصهم يبحث في التوزيع الجغرافي لفروع الإنتاج المختلفة مع العناية بتفسيرها وتعليلها ,ثم يحلل خصائصها الاقتصادية والتباين الجغرافي المرتبط بذلك ,وذلك بتناول الظاهرات من جوانبها الموضوعية والإقليمية .