أقرأ أيضاً
التاريخ: 8/9/2022
1444
التاريخ: 10-12-2015
10513
التاريخ: 10-12-2015
9298
التاريخ: 3-06-2015
5938
|
قال تعالى : {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ
يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ
مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ } [البقرة : 19] .
الصيب على فيعل من صاب يصوب ، وأصله صَيوِبْ ، لكن استقبلتها ياء ساكنة فقلبت
الواو ياء وأدغمتا ، كما قيل : سيد من ساد يسود ، وجيد من جاد يجود ، قياساً مطرداً.
والصيب المطر. وكل نازل من علو الى أسفل يقال فيه صاب يصوب. قال الشاعر :
كأنهم صابت عليهم سحابة صواعقها لطيرهن دبيب
وقال عبيد بن الأبرص :
حيّ عفاها صيب رعده داني النواحي مغدق وابل
وهذا مثل ضربه اللَّه للمنافقين ، كان المعنى : أو كأصحاب صيب. فجعل كفر الإسلام
لهم مثلا فيما ينالهم فيه من الشدائد ، والخوف. وما يستضيئون به من البرق مثلا لما
يستضيئون به من الإسلام. وما ينالهم من الخوف في البرق بمنزلة ما يخافونه من القتل
بدلالة قوله : {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون : 4] وقال ابن
عباس : الصيب القطر. وقال عطا : هو المطر. وبه قال ابن مسعود ، وجماعة من الصحابة.
وبه قال قتادة. وقال مجاهد : الصيب : الربيع.
وتأويل الآية : مثل استضاءة المنافقين بضوء إقرارهم بالإسلام مع استسرارهم الكفر
كمثل مُوقِد نار ، يستضيء بضوء ناره ، أو كمثل مطر مظلم ودقه يجري من السماء ، تحمله
مزنة ظلماء في ليلة مظلمة. فان قيل : فان كان المثلان للمنافقين فلِمَ قال : «أَوْ
كَصَيِّبٍ» وأو لا تكون إلا للشك وان كان مثلهم واحداً منهما ، فما وجه ذكر الآخر بأو
وهي موضوعه للشك من المخبر عما أخبر به؟ قيل : إن (أو) قد تستعمل بمعنى الواو كما تستعمل
للشك بحسب ما يدل عليه سياق الكلام. قال توبة بن الحمير :
وقد زعمت ليلى باني فاجر لنفسي تقاها أو عليها فجوره
ومعلوم أن توبة لم يقل ذلك على وجه الشك ، وانما وضعها موضع الواو.
وقال جرير :
نال الخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر
ومثله كثير. قال الزجّاج : معنى (أو) في الآية التخيير ، كأنه قال : إنكم مخيرون
بان تمثلوا المنافقين تارة بموقد النار ، وتارة بمن حصل في المطر. يقال : جالس الحسن
أو ابن سيرين. أي : انت مخير في مجالسة من شئت منهما.
والرعد : قال قوم : هو ملك موكل بالسحاب يسبح. روي ذلك عن مجاهد وابن عباس ،
وأبي صالح.
وهو المروي عن أئمتنا (عليهم السلام). وقال قوم : هو ريح يختنق تحت السماء.
رواه ابو خالد عن ابن عباس . وقال قوم : هواصطكاك اجرام السحاب. فمن قال انه ملك قدر
فيه صوته ، كأنه قال : فيه ظلمات وصوت رعد ، لأنه روي انه يزعق به ، كما يزعق الراعي
بغنمه. والصيب إذا كان مطراً. والرعد إذا كان صوت ملك ، كان يجب أن يكون الصوت في المطر
، لأنه قال (فيه) والهاء راجعة اليه ، والمعلوم خلافه ، لأن الصوت في السحاب والمطر
في الجو الى أن ينزل. ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن يقال : لا يمتنع أن يحل الصوت المطر
حين انفصاله من السحاب ، ولا مانع يمنع منه ، ويحتمل أن يكون المراد بفي (مع) ، كأنه
قال : معه ظلمات ورعد. وقد بينا جوازه فيما مضى.
واما البرق ، فمروي عن علي (عليه السلام) أنه قال : مخاريق الملائكة من حديد
، تضرب بها السحاب ، فتنقدح منها النار.
وروي عن ابن عباس : انه سوط من نور ، يزجر به الملك السحاب. وقال قوم : إنه
ما رواه ابو خالد عنابن عباس. وقال مجاهد : هو مصع ملك. والمصاع : المجالدة بالسيوف
وبغيرها. قال أعشى بني ثعلبة ، يصف جواري لعبن بحليهن :
إذا هن نازلن أقرانهن وكان المصاع بما في الجون
يقال منه : ماصعه مصاعا ، والمعاني متقاربة ، لأن قول علي عليه السلام : إنه مخاريق.
وقول ابن عباس : إنه سياط يتقاربان. وما قال مجاهد : إنه مصاع قريب ، لأنه لا يمتنع انه أراد مصاع الملك بذلك ، وإزجاره به.
والصواعق جمع صاعقة : وهو الشديد من صوت الرعد ، فتقع منه قطعة نار تحرق ما
وقعت فيه. والصاعقة : صيحة العذاب. والصاعاق : الصوت الشديد للثور والحمار صعق صعاقا.
والصعق : الموت من صوت الصاعقة. والصعق : الغشي من صوت الصاعقة. صعق فهو صعق. ومنه
قوله : {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا } [الأعراف : 143] وروي شهر ابن حوشب : ان الملك إذا
اشتد غضبه ، طارت النار من فيه ، فهي الصواعق. وقيل : إن الصواعق نار تنقدح من اصطكاك
الاجرام. وقريش وغيرهم من الفصحاء يقولون : صاعقة وصواعق ، والقوم يصعقون. وتميم وبعض
ربيعة يقولون : صواقع ، والقوم يصقعون.
وفي تأويل الآية ، وتشبيه المثل أقاويل : روي عن ابن عباس : أنه مثل للقرآن. شبه المطر المنزل من السماء بالقرآن وما فيه الظلمات بما في القرآن من الابتلاء. وما فيه من الرعد بما في القرآن من الزجر. وما فيه من البرق بما فيه من البيان. وما فيه من الصواعق بما في القرآن من الوعيد آجلا ، والدعاء الى الجهاد عاجلا.
والثاني - وقيل : إنه مثل للدنيا وما فيها من الشدة والرخاء ، والبلاء كالصيب
الذي يجمع نفعاً وضراً ، فان المنافق يدفع عاجل الضر ، ويطلب آجل النفع.
والثالث - انه مثل القيمة لما يخافونه من وعيد الآخرة ، لشكهم في دينهم وما
فيه من البرق بما فيه من إظهار الإسلام ، من حقن دمائهم ، ومناكحتهم ، ومواريثهم. وما
فيه من الصواعق بما في الإسلام من الزواجر بالعقاب في العاجل والآجل.
والرابع - أنه ضرب الصيب مثلا بضرب إيمان المنافق. ومثل ما في الظلمات بضلالته.
وما فيه من البرق بنور إيمانه. وما فيه من الصواعق بهلاك نفاقه.
والوجه الأخير أشبه بالظاهر ، وأليق بما تقدم.
وروي عن ابن مسعود ، وجماعة من الصحابة : أن رجلين من المنافقين من أهل المدينة
هربا من رسول اللّه (صلى اللَّه عليه وآله) ، فأصابهما المطر الذي ذكره اللَّه «فيه
رعد شديد وصواعق وبرق» ، فجعلا كلما أصابتهما الصواعق ، جعلا أصابعهما في آذانهما من
الفرق أن تدخل الصواعق في آذانهما فتقتلهما وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه ، وإذا لم
يلمع ، لم يبصرا ، فأقاما في مكانهما لا يمشيان. فجعلا يقولان : ليتنا قد أصبحنا فنأتي
محمداً ، فنضع أيدينا في يده. فأصبحا فأتياه ، وأسلما ، وحسن إسلامهما فضرب اللَّه
شأن هذين المنافقين مثلا لمنافقي المدينة ، وأنهم إذا حضروا النبي (صلى الله عليه واله
وسلم) ، جعلوا أصابعهم فرقاً من كلام النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أن ينزل فيهم
شيء ، كما قام ذانك المنافقان ، يجعلان أصابعهما في آذانهما.
{كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} : يعني إذا كثرت أموالهم ، وأصابوا غنيمة
وفتحاً ، مشوا فيه ، وقالوا دين محمد (صلى اللَّه عليه وآله) صحيح.
{وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا} : يعني إذا أهلكت أموالهم ، وولد البنات
، وأصابهم البلاء ، قالوا : هذا من أجل دين محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ، وارتدوا
كما قام ذانك المنافقان إذا أظلم البرق عليهما. ويقوي عندي ، أن هذا مثل آخر ، ضربه
اللَّه بالرعد والبرق لما هم فيه من الحيرة والالتباس. يقول لا يرجعون الى الحق إلا
خلسا كما يلمع البرق ، ثم يعودون الى ضلالهم وأصلهم الذي هم عليه ثابتون واليه يرجعون.
والكفر كظلمة الليل والمطر الذي يعرض في خلالهما البرق لمعاً. وهم في أثناء ذلك يحذرون
الوعيد والعذاب العاجل إن أظهروا الكفر كما يحذرون الصواعق من الرعد ، فيضعون أصابعهم
في آذانهم ارتياعا وانزعاجا في الحال ثم يعودون الى الحيرة والضلال.
{حَذَرَ الْمَوْتِ} : نصب على التمييز وتقديره (من حذر الموت). ويجوز ان يكون
نصباً ، لأنه مفعول له فكأنه قال : يفعلون هذا الأجل حذر الموت.
ويحتمل أن يكون نصباً على الحال.
والموت : ضد الحياة . والاماتة : فعل بعده الموت. والميتة : ما لم تدرك ذكاته.
والميتة : الموت في حال مخصوص من ذلك ميتة سوء. والموتان : وقوع الموت في المواشي.
وموّتت المواشي : إذا كثر فيها الموت. وموتان الأرض :
التي لم تزرع.
والحذر : طلب السلامة من المضرة. وحذّره تحذيرا ، وحاذره محاذرة والحذيرة :
المكان الغليظ ، لأنه يتحذر منه.
قوله : {مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ} يحتمل أمرين :
أحدهما- إنه عالم بهم- وإن كان عالماً بغيرهم - وإنما خصهم لما فيه من التهديد.
والثاني- إنه المقتدر عليهم- وان كان مقتدراً على غيرهم- ، لأنه تقدم ذكرهم
، ولما فيه من الوعيد. والمحيط : القادر. قال الشاعر :
أحطنا بهم حتى إذا ما تيقنوا بما قدروا مالوا جميعاً الى السلم
أي قدرنا عليهم. فاما الاحاطة بمعنى كون الشيء حول الشيء ، مما يحيط به فلا
يجوز على اللَّه تعالى ، لأنه من صفات الأجسام. والذي يجوز ، الاحاطة بمعنى الاقدار
والملك. كما يقال : أحاط ملكك بمال عظيم : يعنون أنه يملك ما لا عظيما. ويقال :
حاطه يحوطه حوطا : إذا حفظه من سوء يلحقه. ومنه الحائط ، لأنه يحيط بما فيه.
وأحاط به : جعل عليه كالحائط الدائر. والاحتياط : الاجتهاد في حفظ الشيء.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|