حديث خضاب عبد المطلب بالوسمة [1]

ذكر الكلبي أن أول من خضب بالوسمة من أهل مكة عبد المطلب وذلك أنه قدم اليمن ونزل عل بعض ملوكها فنظر إلى شيبه فقال:

يا عبد المطلب! هل لك في تغيير [2] هذا البياض فتعود شابا؟ قال: ذلك إليك، فخضبه بالحناء ثم علاه بالوسمة، فلما أراد الانصراف زوّده منه شيئا كثيرا، فلما أقبل ودنا من مكة اختضب ودخل مكة وكأن رأسه ولحيته حنك [3] الغراب، فقالت نتيلة [4] بنت جناب [5] النمرية أم العباس: يا شيبة الحمد! ما أحسن هذا الخضاب لو دام! فقال عبد المطلب: (الطويل)

لو دام لي هذا السواد حمدته ... فكان بديلا من شباب قد انصرم

تمتّعت منه والحياة قصيرة ... ولا بد من موت نتيلة [6] أو هرم

وماذا الذي يجدي على المرء خفضه ... ونعمته يوما إذا عرشه انهدم

فموت جهيز [7] عاجل لا شوى [8] له ... أحب إلينا من مقالتهم [9] حكم

قولهم حكم أي انتهى [10] سنه، يقال حكم الرجل إذا انتهى [11] سنه وعقل، فخضب أهل مكة بعد [هـ]

_____________

[1] الوسمة كرحمة وفرحة: ورق النيل أو نبات يختضب بورقه. [وذكر هذا الحديث في طبقات ابن سعد 1/ 86 و 87 وأنساب الأشراف ج 1 ص 65- مدير] .

[2] في الأصل: تغير.

[3] يقال: أسود من حنك الغراب (متحركا) أي من منقارة أو سواده، جمعه أحناك، وفي طبقات ابن سعد 1/ 86: حلك الغراب، والحلك: شدة السواد.

[4] في الأصل: تنيلة- بتقديم التاء على النون، ونتيلة كجهينة وهي زوجة عبد المطلب.

[5] في الأصل: جناب- بتضعيف النون، وجناب كسحاب.

[6] في الأصل: ننيله. [والأبيات الثلاثة في أنساب الأشراف 1 ص 66- مدير] .

[7] في الأصل: جهير- بالراء، والجهيز: السريع.

[8] الشوى كهوى: الخطأ، والأمر الهين وكل ما كان غير مقتل من الأعضاء، والمراد هنا المعنى الأول.

[9] في طبقات ابن سعد 1/ 87: إليّ. [وليس البيت في أنساب الأشراف ج 1 ص 66- مدير] .

[10] في الأصل: مقالهم.

[11] في الأصل: انتهت.