أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-10-2020
5127
التاريخ: 17-1-2016
23291
التاريخ: 24-1-2022
1135
التاريخ: 31-1-2022
1184
|
الشرق الأوسط الكبير ( Big Middle East):
وبما إننا نتحدث عن الترتيبات الأمنية الدائرة في المنطقتين العربية والآسيوية الجديدة، فإن أهم تلك الترتيبات هو مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يدمج المنطقتين في منطقة سياسية أكثر من كونها جغرافية، إذ يمثل الشرق الأوسط مفهوماً سياسياً وجيوبولتيكياً، له مدلولات جغرافية غير محددة المعالم، إذ يتسع المفهوم أو يضيق حسب مصالح الدول الكبرى المهيمنة على الساحة السياسية، فالمفهوم ليس بجديد، إذ أجريت عليه تعديلات سياسية واستراتيجية غير جغرافية من قبل دول لها مصلحة سياسية واقتصادية وإشراك دول الإقليم وخاصة تركيا وإسرائيل وبأشراف الولايات المتحدة الأمريكية.
فالشرق الأوسط مصطلح جغرافي وسياسي يقصد به تقسيم الشرق على أقسام حسب البعد والقرب من أوربا، إلا إن الإقليم في الواقع هو إقليم أوسط بالنسبة لخريطة العالم، فالإقليم ذو حدود مرنة غير واضحة أو قاطعة ، كما هو الحال في بعض أقاليم جغرافية أخرى، ولا يرجع السبب في ذلك إلى أن الإقليم مجرد ابتكار لفظي في قاموس السياسة الدولية، وإنما هو هلامي القوام أي يضيق ويتسع على خريطة العالم حسب التصنيف أو الهدف الذي تسعى إليه الدول الكبرى أو حسب التصنيف الذي تتخذه هيأة خاصة أو دولية من وزارة خارجية دول كبرى من دول العالم(1).
وبذلك يكون مفهوم الشرق الأوسط هو تعبير استراتيجي ذو صلة بتخطيطات واستراتيجيات القوى الكبرى ونظرتها لمشاكل الأمن العالمية ووجهة نظرها، ويرى أصحاب هذا الرأي أن مصطلح الشرق الأوسط لا يحمل دلالة جغرافية بقدر ما هو مصطلح سياسي في نشأته واستخدامه، وإن التسمية لا تنطلق من المكونات والخصائص البشرية والثقافية والحضارية بل من نظرة الغير للمنطقة (2)، ومنهم من يرى إن مفهوم الشرق الأوسط هو مفهوم منحاز سياسياً وجغرافياً بحيث لا ينسجم مع الحقائق الجغرافية ولا التكوين القومي ولا النسيج الثقافي ولا مع المعطيات الاقتصادية(3)، لذلك لم يتم التوصل إلى اتفاق محدد بصدد منطقة الشرق الأوسط من ناحية التحديد الجغرافي، فالآراء الأوربية والأمريكية والإسرائيلية تختلف فيما بينها في تحديد المنطقة، إذ تضيف دولاً وتحذف دولاً أخرى وفقاً لمصالحها السياسية العالمية، فالمدرسة البريطانية حددت المنطقة التي يشملها مفهوم الشرق الأوسط وحسب طروحات المعهد البريطاني الملكي للعلاقات الدولية على " إنها المنطقة التي تشمل إيران وتركيا وشبه الجزيرة العربية ومنطقة الهلال الخصيب ومصر والسودان وقبرص"، أما المدرسة الفرنسية وتبعاً لوجهة نظر دائرة المعارف الفرنسية (لاروس) فإن تسمية الشرق الأوسط تطلق على مجموعة من الدول المحاذية لشرق البحر المتوسط وهي " تركيا وسوريا ومصر وإسرائيل ولبنان والسعودية والعراق وإيران" ثم تتسع مرة أخرى لتشمل " ليبيا والسودان وأفغانستان وباكستان والهند"(4) ،أما الشرق الأوسط في الأدبيات الروسية فليس هناك اتفاق حول المقصود بتحديد منطقة الشرق الأوسط، إذ غالباً ما يستخدم مصطلح (بليزني فوستوك)أي الشرق الأدنى للإشارة إلى المنطقة العربية وإسرائيل لتشمل (سوريا، فلسطين، الأردن، مصر وإسرائيل) وتستبعد كل من دول الخليج العربي وشمال أفريقيا من ذلك المفهوم.
أما وزارة الخارجية الأمريكية على وفق تحديد (دالاس)(*) فإن منطقة الشرق الأوسط حددت بثلاث مجموعات في آسيا وأفريقيا وأوربا على النحو الاتي:
- الدول العربية وإسرائيل في أسيا.
- مصر والسودان وليبيا والحبشة في أفريقيا.
- تركيا واليونان وقبرص في أوربا.
أما مفهوم الشرق الأوسط لدى الجمعية الإسرائيلية للدراسات الشرقية فإنها ترى بأنه يشمل المنطقة الممتدة من تركيا شمالاً إلى أثيوبيا والصومال والسودان جنوباً، ومن إيران شرقاً إلى ليبيا غرباً، أما الباحثون العراقيون فيرفضون المصطلح ويعتبرونه مصطلحاً منحازاً جغرافياً وسياسياً، فهو يشير من الناحية الجغرافية إلى منطقة غير محددة المعالم، إذ يهدف الترويج السياسي لشرق أوسطي إلى أيجاد بديلاً عن النظام الإقليمي العربي، إذا يرمى إلى تقسيم الوطن العربي وإدخاله في نفق ما يسمى (الإقليمية الجديدة) يتوزع العرب على عدة نظم إقليمية، فهو لا يتساوى مع الخصائص الجغرافية ولا التكوين القومي والنسيج الثقافي العربي(5).
ويذكر إن مفهوم الشرق الأوسط الجديد أو الكبير مشروع قديم ظهر على الساحة السياسية منذ أوائل الخمسينات كبديل عن المشروع العربي ، إلا إنه لم يظهر كمشروع سياسي حقيقي قابل للنقاش إلا مع أوائل التسعينات من القرن العشرين(6) عندما طرحت الإدارة الأمريكية مشروع الشرق الأوسط الكبير( الجديد) الذي تبلور بشكل واسع في حزيران عام 2004 عقب أحداث
( 11أيلول 2001 )(7)، إذ من المعروف إن لتلك الإحداث أثرها الكبير في وضع تشكيل جديد للمنطقة العربية تحت مسميات خادعة(الشرق الأوسط الجديد- الموسع-الكبير)(8)، إذ يكمن مضمون الشرق الأوسط الكبير في أعادة صياغة كاملة للخريطة الجيوستراتيجية للمنطقة العربية تعمل على طمس المقومات الثقافية-الحضارية- الإسلامية عبر تذويبها في نطاق استراتيجي جديد و واسع يمتد من بحر قزوين وشمال القوقاز شمالاً وشرقاً إلى المغرب العربي غرباً والمحيط الهندي وشمال السودان جنوباً( خريطة 1)، فإن الشرق بمضمونه الحضاري والاقتصادي، والذي تتقارب حدوده مع حدود الشرق الأوسط الذي طرحه ( الفريد ماهان) عام 1902 المقترن بأبعاد الاستراتيجية والجيوبوليتكية المتعلقة بالدفاع والأمن للقوى الكبرى في ذلك الوقت، ومع ما طرحة ويطرحه الاستراتيجيون الأمريكان من نظريات ابتداءاً من نظرية ( قوس الأزمة) التي وضعها مستشار الأمن القومي الأسبق ( بريجنسكي) وصولاً إلى نظرية (صراع الحضارات) للمفكر الأمريكي (صموئيل هنتنغتون)(9)، ونص مشروع الشرق الأوسط الموسع على الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الأمنية ومصالح حلفائها، والتركيز على الدفاع باتجاه تشكيل منطقة الشرق عبر الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي (10).
وهذا الطرح الجغرافي السياسي الجديد يشمل دول الشرق الأدنى ودول الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا و(إسرائيل )، وتوسيع امتداده ليشمل دول المجال الآسيوي التي تتكلم التركية وهذا معناه أيجاد دور إقليمي تركي أوسع(العالم التركي)الناطق بالتركية، وهذا مالا تقبله تلك الدول لأنه وصاية عليها ولا تقبله دول الإقليم مثل أيرن ولا القوى الدولية مثل الولايات المتحدة لأنها تعتبره أكبر من دورها المحدد في المنطقة، بالإضافة إلى ضم إسرائيل بوصفها دولة موجودة بحكم الواقع في تلك المنطقة الجغرافية وضمها إلى مجموعة الشرق الأوسط ودمجها في المشروع العربي وإدخالها في النسيج العربي تمهيدا لانتزاع الاعتراف العربي بها وفرض التعامل الطبيعي معها وأصبحت بالضرورة عضواً في النظام الشرق أوسطي.
______________
(1) محمد رياض، الأصول العامة في الجغرافية السياسية والجيوبولتكيا (دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط)، دار النهضة العربية، بيروت، ط2، 1979، ص 291-292.
(2) مجيد حميد شهاب البدري، مصدر سابق، ص34.
(3) مها ذياب حميد بدي، منظمة التجارة العالمية والأمن القومي العربي، أطروحة دكتوراه( غير منشورة)، كلية الآداب، جامعة بغداد، 2004، ص170.
(4) حسين وحيد عزيز الكعبي، المضامين الجغرافية لفكرة النظام الشرق أوسطي (مالها وما عليها)، مجلة البحوث الجغرافية، العدد(2)، كلية التربية للبنات، جامعة الكوفة، ، 2001، ص32.
(*) دالاس: جون فوستر دالاس، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي أيزنهاور وصاحب نظرية الدفع إلى حافة الهاوية.
(5) عمر كامل حسن، النظام الشرق أوسطي وتأثيراته على الأمن المائي العربي، رسالة ماجستير ( غير منشورة)، كلية التربية، جامعة الانبار، 2002، ص11-19.
(6) سعود عبد العزيز الشعبان الفضلي، وفهد مزبان خزار، الخيارات المستقبلية للعلاقات الإيرانية- السعودية، مجلة السدير، العدد(11)، كلية الآداب، جامعة الكوفة، 2006، ص21.
(7) طالب حسين حافظ، الشرق الأوسط الجديد (قديماً وحديثاً)، مجلة أوراق دولية، العدد(179)، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، 2009، ص18.
(8) السيد مصطفى أحمد أبو الخير، إستراتيجية فرض العولمة (الآليات و وسائل الحماية)، مطبعة أيتراك، القاهرة،2008، ص6.
(9) سعود عبد العزيز الشعبان الفضلي، وفهد مزبان خزار، مصدر سابق، ص136.
(10) محمد عقلة المومني، الجغرافية السياسية و الجيوبوليتيكا، دار الكتاب الثقافي، عمان، 2005، ص274.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|