أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2017
1814
التاريخ: 21-4-2016
2019
التاريخ: 25-1-2023
1323
التاريخ: 19-6-2016
2277
|
أثناء مرحلة الطفولة المتوسطة يتوجه الأطفال لأمثالهم ـ وليس إلى الآباء لكي يقوموا بتقييم سلوكياتهم. "الجميع يفعلون ذلك" بغض النظر عما يشير إليه الضمير في تلك العبارة فإنها تعني للأطفال في تلك المرحلة أكثر مما تعنيه عبارة: "أخبرتني أمي أن أفعل ذلك". ولأن هذه المرحلة تتسم بالتشوش والاضطراب الفكري يهتم الأطفال اهتماماً شديداً بتحديد السلوك المعتاد وسط أصدقائهم لكي يتكيفوا معهم ويتجنبوا أن يصبحوا منبوذين لكونهم "غريبي الأطوار أو" لا يتّبعون سلوك الجماعة".
وبالضبط مثلما يستخدم الأطفال المقارنات الاجتماعية ـ عملية ملاحظة الآخرين ومقارنة أنفسهم بهم ـ في الفصل لكي يتمكنوا من تقدير مدى تحصيلهم الدراسي مقارنة بأقرانهم، فهم أيضاً يستخدمونها كمقياس لموقفهم ومركزهم الاجتماعي. وفي الواقع أنا متأكد أن المقارنات الاجتماعية تستخدم كثيراً وبكثافة في المواقف الاجتماعية الجديدة وغير المنظمة. ويبدو أن كل شيء يتم إملاؤه وتعزيزه من جانب مجموعة أصدقاء الطفل، بدءاً مما يجب ارتداؤه وانتهاءً بما يجب عمله عند غياب الآباء أو المعلمين. ويساعد ذلك الشعور بالولاء والانتماء أو التوافق مع الجماعة على تقليل الشكوك عندما يشعر الطفل بأنه ضعيف وغير مستعد للتحديات الحالية.
يبدو أن الأطفال الخجولين يعقدون المقارنات الاجتماعية كثيراً لأنهم مهتمون للغاية بفهم واستيعاب القواعد السلوكية حتى يتحرروا من شعورهم بالقلق بشأن عدم كفاءتهم اجتماعياً. ولكن ذلك لا يترجم بالضرورة إلى نجاح اجتماعي كما أنه لا يمثل تقييماً سليماً في كل الأحيان. وأنا أعتقد أن الأطفال الخجولين يعقدون مقارنات تتبع أنماطاً محددة تتسبب في إبعادهم عن باقي الأطفال.
لقد وجدت أن الأطفال الخجولين يميلون لمقارنة أنفسهم بأقران لا يصلحون للمقارنة ويفعلون ذلك عن بعد؛ فهم يقارنون أنفسهم بأشخاص لا يعرفونهم جيداً ـ وهذا يشمل المشاهير ـ ممن يمتازون بالجرأة ويحتلون موقع الصدارة. فالخجولون لا يقارنون أنفسهم بشكل واقعي بأصدقاء يعرفونهم جيداً أو بأطفال أكثر هدوءً منهم ويشبهونهم كثيراً؛ بل يتعلقون بغرباء ناجحين اجتماعياً من الأطفال الانبساطيين. وعلى العكس أيضاً فإنهم يتشبثون بواقعهم المليء بالقلق والإحباط.
وبالإضافة إلى ذلك فعندما يقارن الأطفال الخجولون أنفسهم بأقرانهم غالباً ما يتوصلون لنتيجة من إحدى النتيجتين غير الواقعيتين: إما يشعرون بالدونية مقارنة بالانبساطيين لأنهم يبدون ناجحين اجتماعياً وفي حالة من الاسترخاء التام، أو مما يدعو للدهشة هو أن يشعروا بالتميز والسمو لأنهم يفترضون أن الانبساطيين مزيفون أو أغبياء أو يحظون بشعبية كبيرة بلا مبرر. وكلتا النتيجتين تمنع الأطفال الخجولين من الشعور بمشاعر إيجابية تجاه أنفسهم بطريقة صحية وواقعية.
وغالباً ما يتمادى الأطفال الخجولون في المقارنات الاجتماعية أكثر من اللازم ويقعون فريسة لضغط الأقران بتقليد مظهر وسلوك الأطفال الانبساطيين أو الذين يتسمون بخفة الظل. وبينما يفعل معظم الأطفال ذلك بدرجات متفاوتة، إلا أن الأطفال الخجولين يفعون ذلك أكثر من اللازم أو بدرجة كبيرة لأن حساسيتهم وعدم ثقتهم في أنفسهم تزداد حدة في العادة. كما أن التوافق مع الجماعة يعطيهم إحساساً بالأمان عندما يشعرون بالضعف حيث يعتقدون أنهم لا يختلفون عن الجماعة، ومن ثم تزداد حساسيتهم وترقبهم إذا كان مظهرهم وسلوكهم مثل الجميع من حولهم. وهذا الأمر أيضاً في غاية السهولة لأن الأطفال الخجولين لن يضطروا لتبرير تصرفات لا تتوافق مع تصرفات الأطفال الآخرين.
وسيخفي التوافق إحساسهم بالخجل وعدم الامان ولكنه لن يجدي في أن يكونوا صرحاء مع أنفسهم ويصبح لديهم وعي إيجابي بذاتهم.
عندما تكون في موضع المقارنة
إن الأطفال الخجولين ليسوا الوحيدين الذي يعقدون المقارنات الاجتماعية، فكما ناقشنا سابقاً فإن الأطفال الآخرين يلاحظون سلوك الخجولين ويتتبعون إشاراتهم. وللأسف فغالباً ما تكون تلك المقارنات سلبية. فيبدو أن الأطفال "المتساهلين" الخجولين في الصف الرابع الابتدائي قد اعتادوا على الخمول، ويبدأ أقرانهم في ملاحظة تقاعسهم عن الكلام وحرجهم وضعفهم، وتلك الصفات تجعل الأطفال الآخرين لا يشعرون بالارتياح للأطفال الخجولين ولذلك يبتعدون عنهم.
بينما قد لا يظهرون ذلك حينئذ ولكن الكثير من الكبار الخجولين يخبروني أن عدم شعورهم بالراحة وسط أقرانهم في ذلك الوقت الحرج كان له تأثير لا يمحى على مشاعرهم بالنسبة للإحساس بتقدير الذات وسعادتهم بوجه عام. وذلك الشعور بعدم الراحة يكون صعباً على وجه الخصوص للأولاد الخجولين الذين يشعرون بأن المجتمع يضغط عليهم ليكونوا حازمين وانبساطيين وشجعاناً. ويسود في مجتمعاتنا بصفة عامة اعتقاد بأن الطريقة الأساسية لاكتساب هذه الصفات هي ممارسة الرياضة والمشاركة في الأنشطة الرياضية المختلفة، لذا فإن الأولاد الذين لا يجيدون ممارسة أي نشاط رياضي يميلون إلى الشعور بأنهم منبوذون، كما قال لي أحد المصورين: "لم يتم اختياري أبداً من قبل لكي أنضم للفريق الرياضي في المدرسة الابتدائية أو حتى في أي ناد بعد الدراسة في المدرسة الثانوية. لم يكن يحبني أحد أو يرغب في صداقتي ـ وما زلت أشعر بذلك حتى الآن".
من الضروري أيضاً أن تكون على علم بتقييمك لطفلك الخجول. ومن الطبيعي أن تقارن سلوك طفلك بسلوك أقرانه ـ أو ربما بسلوك إخوته وأخواته ـ بما أن ذلك سيعتبر بمثابة مؤشر تتعرف من خلاله على سلوكياته العادية وغير العادية، وكذلك لكي تقيس مدى نجاحك كأب أو أم. ولكن إذا كنت دائماً تعقد المقارنات غير العادلة وتجد أن طفلك لا يشبه أقرانه فإن تلك الرسالة تنتقل بصوتٍ عالٍ وواضح، مهما كنت تعتقد أنك تخفي مشاعرك جيداً أو مهما كنت تعتقد أنك حساس لمشاعر الآخرين. فكر مرتين قبل أن تدرج اسم طفلك في العديد من الأنشطة.
فكر مرتين قبل أن تخبره أنك تتمنى لو كان يشبه أقرانه الانبساطيين في الفصل. فكر مرتين في أن تجعله يشعر بالدونية أو النقص والعجز عندما يتصرف على طبيعته وسجيته.
|
المفكرة اليومية للخجول الناجح |
|
أجب من فضلك في مفكرتك عن الأسئلة التالية:
بما أنه من الطبيعي أن تعقد المقارنات الاجتماعية فلن أطلب منك التوقف عن ذلك، ولكن الآن وقد أصبحت أكثر وعياً بتأثير مقارناتك فسأطلب منك أن تكون أكثر عدلاً عندما تعقد تلك المقارنات. فإذا كان طفلك خجولاً فربما لن يصبح انبساطياً للغاية أبداً، فلماذا الاكتراث بقياس طفلك وفقاً لهذا المعيار إذن؟ وبالإرشاد والتوجيه السليم قد يصبح طفلك ناجحاً برغم خجله ويتقبل ذاته بطريقة سليمة نفسياً. كن حانياً ولا تضع شروطاً على حبك لطفلك. |
الخطوة التالية: أن تصبح قائداً
كما ترى فإن الطفل ينمي فرديته وتميزه من خلال سياق اجتماعي ملئ بالضغوط ويجب عليه أن يصمد أمام ضغوط الأقران السلبية ويتصرف وفقاً لقيمه الداخلية، وفي نفس الوقت يبقى على الصداقات السليمة. وإذا كنت قدوة حسنة لطفلك وسمحت له بالنقاش وحرية الحديث فسوف يمكّنه ذلك من اتخاذ القرارات المناسبة والسليمة. وفي النهاية عندما يكتسب الثقة في قدرته على الحكم على الأمور سيتمكن من التأثير على الآخرين بدلاً من أن يؤثروا هم عليه.
وفي تخيلي أن الأطفال الخجولين بوسعهم أن يصبحوا قادة اجتماعيين وأن يصمدوا أمام ضغط الأقران. لقد وجدت أن الحذر الطبيعي للأطفال الخجولين يعتبر شيئاً إيجابياً؛ بينما يأتي الأطفال الأكثر جرأة بأفكار وخطط جامحة وخطيرة التي بلا شك تسبب لهم المشاكل. وفي الواقع فإن الأصدقاء الذين يريدون المتعة لكن دون التعرض لمواقف خطيرة يجب أن يقدروا عقلية الأطفال الخجولين؛ فإن صفاتهم المتأخرة عن سنوات عمرهم قد تجبرهم على مقاومة الضغط لخوض تجارب مقصورة على الكبار فقط مثل التدخين وارتداء الملابس غير اللائقة والمثيرة قبل وقت طويل من استعدادهم له. وكأب أو أم لا يمكنك التدخل بطريقة مباشرة في حياة طفلك الاجتماعية خاصة لأنك لن تكون بجانبه دائماً في كل موقف. ولكن يمكنك إمداده بالأدوات التي تساعده على التعبير عن نفسه والثبات على آرائه الإيجابية. والمهم هو أن تناقش بعضاً من تلك المواقف مع طفلك قبل أن يواجهها وأن تساعده على التوصل إلى استجابات وقرارات جيدة. فهذا التحذير المسبق سيمنحه البدائل ويزيد من مقاومته لضغط الأقران.
أخبرتني إحدى صديقاتي عن موقف واجهه ابن زوجها مؤخراً، والذي يدعى "مايكل"، والذي كان في منزل صديقه وكانت لديه الفرصة لمشاهدة أحد الأفلام الإباحية على قناة فضائية خاصة. كان "مايكل" يعرف أنه لم يكن مسموحاً له بمشاهدة مثل هذه النوعية من الأفلام، ولكن أصدقاءه "راي" و"باتريك" و"هنري" كان يملؤهم الفضول إزاء ذلك الفيلم وكانوا على استعداد للوقوع في المشاكل من أجل مشاهدته. وجد "مايكل" نفسه في محنة: هل ينصاع لرغبة الجماعة وهو الخيار السهل بما أن آراء أصدقائه أهم بالنسبة له من آراء أبويه ويجازف بمواجهة العقوبة المحتملة إذا علم أبواه بذلك، أم يفارق أصدقاءه ويخبرهم أنه لا يريد مشاهدة الفيلم ويواجه خطر التعرض لمضايقتهم. ولكي يصل "مايكل" للخطوة التالية كان عليه أن يلجأ لبعض المهارات القيادية البسيطة والتي يمكن للأطفال اكتسابها؛ حيث تمكن من إقناع الأطفال الآخرين بمشاهدة شيء آخر في التلفاز ووافقوا جميعاً عليه ولم يتذمر أحدهم.
وإليك كيف يمكن للوالد مساعدة طفل مثل "مايكل" على أن يقود أقرانه:
ناقش القضايا الصعبة: التحدث عن الموضوعات الشائكة بطريقة مناسبة يساعد طفلك على الارتياح للموضوعات الصعبة. في حالة "مايكل" يمكنك مناقشة المواد الإعلامية المناسبة لمن في مثل عمره.
وضح أسباب صحة قواعدك: في حالة "مايكل" يمكنك توضيح أنه ليس مستعداً بعد لمشاهدة ما سيحدث في الفيلم حتى يكبر. أيضاً كن ثابتاً في عرض معاييرك على طفلك، فإذا تغيرت معاييرك كثيراً لن يعرف طفلك ما هو السلوك المتوقع منه اتباعه.
حمّل طفلك بمسؤوليات أكثر: إذا كان من الصعب عليك أن تمنح بعضاً من الحرية لطفلك فلن يستعد الاستعداد الكافي للمواقف الصعبة. فإذا شاهد "مايكل" أفلام الأطفال فقط لتغلب فضوله بسهولة على حذره الطبيعي.
وفِّر لطفلك البدائل والفرص: إذا لم يكن لدى طفلك الأهداف والأنشطة الإيجابية فستبدو الأنشطة المحظورة أكثر جاذبية له. على سبيل المثال، إذا لم يكن "مايكل" وأصدقاؤه شغوفين أيضاً بكرة البيسبول أو قيادة الدراجات أو رؤية برامج التلفاز المناسبة لسنهم فسيكون الحل البديل هو الأفلام المخلة.
تحاور مع طفلك: لن يتمكن طفلك من التحدث والتعبير عن نفسه إذا لم يعرف ما الذي سوف يقوله. كان من الممكن أن يستحث "مايكل" على قول الآتي: "إنني فقط لا أشعر بالرغبة في مشاهدة ذلك الفيلم.
دعونا نرَ ماذا يوجد من أشياء أخرى على شاشة التلفاز".
علّم طفلك الوثوق بغريزته: إذا كان إحساسه الداخلي ينبئه أنه في منطقة خطر فغالباً ما يكن ذلك صحيحاً، لذا شجعه على التحقق من الواقع قبل اتخاذ أية قرارات. فإذا كان "مايكل" يعتقد أن العوائق التي تحول دون مشاهدته للفيلم أقوى من رغبته في المشاهدة فمن المرجح أن يتخذ القرار الملائم.
ساعد طفلك على البحث عن علامات التعاون: إذا كان "مايكل" متردداً في مشاهدة الفيلم الإباحي فغالباً يشعر بعض من أصدقائه بنفس التردد ، وقد ينجح "مايكل" في إقناع أحدهم لكي يوافقه الرأي ثم يحاول التأثير على باقي الأطفال في الجماعة.
دع قنوات الاتصال مفتوحة: قد لا يبدو طفلك مهتماً بالاقتراب منك أو اتباع قواعدك، لكن المظاهر خادعة؛ فلقد وجدت أنه عندما يشعر الأطفال بالضعف والحيرة فسيتوجهون لمن يمكنه فهم إحساسهم بعدم الأمان والصعوبات التي يواجهونها. ولذلك إذا أوضحت لطفلك أنك ستحبه دائماً حتى عندما يخطئ فسوف يتوجه إليك طلباً للمساندة عندما يحتاجها بشدة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|