أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-12-2020
2156
التاريخ: 23-10-2016
1489
التاريخ: 23-10-2016
1449
التاريخ: 19-10-2016
1561
|
الاثر المباشر للمياه على حروب العراق القديم
في هذه الفقرة سنناقش اثر المياه المباشر في اندلاع الحروب في العراق القديم سواء كانت حروبا داخلية ام خارجية، وذلك من خلال الفقرات الاتية:
النزاع على مصادر الارواء
نظرا لان الحضارة العراقية كانت ولا زالت في قسمه الجنوبي والاوسط حضارة اروائية نهرية، اذ اعتمدت على مياه الانهر والقنوات في سقي المزروعات، ولأهمية الزراعة في توفير الحاجات الضرورية للسكان من مواد غذائية وغيرها فقد كانت مصادر الارواء تمثل مواقع مهمة واستراتيجية للسلطات الحاكمة آنذاك، ونتيجة للتزاحم والتوسع كانت تظهر الحاجة ملحة للسيطرة عليها، لذا كانت سببا مباشرا لقسم كبير من الحروب في العراق القديم.
ومن أقدم الاشارات التي وردتنا حول النزاع على مصادر الارواء في العراق هو الصراع المرير بين سلالتي لكش واوما، حيث كانت مدينة اوما تقع في أعالي مصادر المياه لكلا الدولتين (1( وفي عيد اكوركال (1490-1475 ق.م( حاكم سلالة لكش الاولى الخامس- لم يتمكن من وضع حد لاعتداءات ملك اوما( اوش (على سهل كوايدنا (2( اذ استمرت اوما طيلة مدة حكم هذا الملك من استثمار السهل المذكور لصالحها (3( وقد جاء تفصيل ذلك في النص الاتي:
ولكن( اوش (انسي( اوما (انتهك
حرمة( كل من (قرار الالهة والعهد( الذي تعيد به كرجل لرجل (واقتلع مسلتها( أي مسلة الحدود( ودخل سهل (لكش( (4(.
وقد انتهى الصراع بينهما مرحليا نتيجة للتحكيم الذي قام به ملك كيش( ميسلم (بصفته حاكما دوليا او بصفته الملك الاعلى الذي كان يتبعه حاكما هاتين الدولتين، وقد عين الانصاب والمسلات لتحديد خط الحدود مابين الدولتين المتنازعتين (5( وقد جاء ذلك في النص ادناه:
الاله انليل
سيد جميع البلدان،
ابو جميع الالهة،
استنادا الى كلمته الثابتة( قام انليل (
( من اجل ( الاله ننكرسو،
ومن أجل الاله شارا
برسم الحدود،
ميسالم،
ملك كيش،
قام استنادا الى امر الاله اشتران
بمسح الحقول
واقام في المكان( الذي مسحه( مسلة (6(.
وفي عهد حاكمها السادس( اي ناتم( (2457-2445 ق.م( وبعد معركة طاحنة من طرد سكان مدينة اوما من سهل كوايدنا، وحفر خندقا على طول الحدود معها (7(.
وقد جاء ذلك في النص الاتي:
اياناتم وضع شبكة ..... (اشوشكال(
العائدة للاله (انليل( فوق رجل (اوما(
واقسم( رجل اوما (له (اي ل اياناتم( (8(.
ونتيجة لهذا الانتصار تم فرض شرط على حاكم اوما بحفر قناة جديدة تأخذ مياهها من نهر الفرات تسمى بقناة( لوما((9(
اذ وردت اشارة تاريخية في كتابات( اياناتم (بحفر هذه القناة كما ورد في النص الآتي:
لقد قوى( جانبي القناة ("لوما جيمدوج " ل "نينجرسو" وقدمه هدية له (عندئذ( أقام "اياناتم"، الذي وهبه "نينجرسو" القوة، خزانا لقناة "لوماجيمدوج .... (10(.
ورغم التأكيدات التي قطعتها اوما على نفسها حسب ما ورد في النص الاتي:
سوف لا انتهك الى ابد الابدين حرمة حدود( ننجرسو(
قط، كما لا اتجاوز على سدوده وقنواته( التي تكون الحدود (
كما لن اقتلع مسلاته،( غير انه (لو اعتديت( على الحدود (
عندئذ عسى ان تلقي عليّ( اوما (من السماء الشبكة
(شوشكال( العائدة (لننخرساج (11(.
فقد قام سكان اوما بتجفيف قنوات الحدود التي تفصل بين الدولتين فضلا عن نقض المعاهدة التي تنظم مصدر الارواء المشتركة بينهما (12( حيث يذكر ملك اوما ( اور –لوما ( كيف نقض هذه المعاهدة حسب النص الاتي :
اور لوما انسي اوما –
حرم قناة حدود نينجرسو
وقناة حدود نانشه من الماء
واقتلع من الماء مسلات قناة الحدود
واحرقها، وهدم مزارات الالهة المكرسة
(واخيرا( عبر قناة حدود نينجرسو ( 13 (.
لذا قام الملك الثامن لسلالة لكش انتيمينا (2425- 2395 ق.م( بشن حرب طاحنة على اوما زمن ملكها (اور لوما( واستطاع هزيمته وقتل الكثير من جيشه (14(. وبعد ان وفر انتمينا المياه الضرورية لسلالته استطاع الاستغناء عن قسم من اراضيه الزراعية، فأعفى نتيجة ذلك اهالي مدينة اوما من دفع الجزية الى حكام سلالة لكش الاولى مقابل زراعتهم لقسم من سهل كوايدنا (15(، وهنا نلحظ اهمية مصادر المياه في نشوب الحروب في تلك الحقبة اذ كانت سببا رئيسا للحروب الطاحنة بين سلالتي لكش واوما، لكنها حين توفرت المياه انتهت هذه الحروب بل صارت هناك حالة تقارب بين الدولتين من خلال الغاء الجزية عن سلالة اوما .
ومن الحروب الاخرى التي كانت للمياه اسبابا مباشرة في نشوبها هي الحرب التي جرت بين مدينة خلاب (16( وسلالة لكش الاولى وملخص ذلك ان (ايل( رئيس معبد مدينة حلاب كان ينتظر نتيجة الحرب بين انيمينا واور لوما وبعد هزيمة الاخير هاجم سلالة لكش واندفع عميقا في اراضيها كما سيطر على مدينة اوما وبدء بمضايقة سلالة لكش حول مصادر الارواء فقد حرم قنوات الحدود من المياه التي كانت ضرورية لري المزروعات، ولم يستجب لمطالب اتيمينا بإزالة هكذا تجاوزات، حين يرد ذلك في النص الاتي:
في ذلك الوقت قام (ايل( رئيس معبد (زبلبم (17( (
بتدمير (؟( (البلاد( من (جيرسو( الى (اوما( واستولى (ايل( عمى انسية (اوما( وقطع الماء عن قناة حدود (ننجرسو(
وقناة حدود (نانشه(. ( 18 (
وقال (ال( حول ذلك ما نصو :
" ان جوايدينا برمتها مقاطعتي وملكا لي " ولم تكن المعلومات واضحة عن كيفية حل
هذا النزاع، وربما تم حله نتيجة وساطة طرف ثالث (19(.
ومن الأجراءات التي قام بيا انتيمينا نتيجة لاستيلاء اوما عمى مصادر الارواء هي
شق جدول يأخذ الماء من نهر دجلة وحلا لمعاناة سكان لجش من الحصول على
المياه فقد أنشأ انتيمينا هذا الجدول وبناه بالآجر والقار وأوصل مياهه الى لجش، ثم
وبمرور الزمن اخذ هذا الجدول بالانحدار نحو اراضي لجش المنخفضة حتى اصبح
فرعا لنهر لدجلة والذي يعرف حاليا بـ (نهر الغراف(، وبذلك اصبحت لجش تعتمد في
اروائها على نهر دجلة (20)، وقد سمي هذا المشروع بقناة انتيمينا (21) ، ويعد من
المشاريع الكبرى التي أنشئت في العصر السومري القديم، وقد ورد ذلك في النص الاتي:
انتيمينا انسي لجش الذي اعلن اسمه ننجرسو،
حفر هذه القناة (التي تحدد الحدود) من نهر دجلة الى
( ادنون) وفقا لأمر (انليل) الصريح، ووفقا لأمر
(ننجرسو) الصريح ووفقا لكلمة (نانشه) الصريحة،
واعادها لملكته المحبوبة (نانشه) ( 22 ).
ومن المؤكد ان ما جرى على سلالة لكش من نهاية مأساوية على يد سلالة اوما بقيادة حاكمها لوكال زاكيزي (2400- 2371 ق.م) في عهد اخر حاكم من حكام دولة لجش في سلالتها الاولى اوروانمكينا اذ تعرضت الى هجوم مفاجئ قام به لوكال زاكيزي حاكم اوما ( 23 ) ، حيث قام بحرق وتدمير الاماكن المقدسة في لجش( 24 ) وما هذه الحرب الا امتداد للحروب الطاحنة بين السلالتين حول مصادر المياه للا راضي الزراعية العائدة لهما .
وقد ذكر اورونميكينا هذه الهزيمة بشكل يدل على انه كان مستسلما لها موكلا عقوبة لوكال زاكيزي لتجاوزه على حرمة المعابد في لكش على الالهة حيث يرد :
لان الاوماني هدم اجر (؟) (لجش) فانو اقترف ذنبا
ضد الاله (ننجرسو) وسيقطع (ننجرسو) الايدي التي ترفع ضده
ان هذا ليس ذنب (اوركاجينا) ملك (جيرسو) عسى (نيدابا)
الهة (لوجال ا زجيزي) (الشخصية) حاكم (اوما) ان تحمله اي
لوجال زاجيزي (نتائج) جميع (هذه) (الذنوب) ( 25 )
لقد كانت للحروب والنزاعات المستمرة بين السلالتين اثارا مدمرة على اقتصاد لكش
فقد أشارت النصوص الاقتصادية التي دونت في زمن الحاكم انتيمينا ان كمية الحنطة
المزروعة قد تقلصت الى (سدس) محصول الحبوب، بسبب ارتفاع نسبة الملوحة بشكل
سريع مما إثر على زراعة الحنطة، وان سبب هذه الزيادة في الملوحة من زمن انتيمينا
ىي الن ا زعات المستمرة بين دولتي لجش واوما، وتحكم اوما بمجرى المياه المتفرع من
نهر الفرات (26).
________________
(1) طو باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ج 1، ص ،317
(2) كو ايدينا: هي مقاطعة بين لجش واوما وقد كانت كل منهما تحاول الاستيلاء - عليها مما جمعها مصدر للمشاكل بين المدينتين. ينظر: صموئيل نوح كريمر، السومريون، ترجمة فيصل الوائلي، وكالة المطبوعات، الكويت، ص 443
(3) فوزي رشيد، اوروكاجينا، بغداد، دار الحرية 1997، ص 18.
(4) صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 450
(5) المصدر نفسو، ص 318
(6) فوزي رشيد، ترجمات لنصوص ممكية سومرية، بغداد، 1988، ص 23. ينظر كذلك: صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 447
(7) فوزي رشيد، ترجمات لنصوص ملكية، ص 18
(8) صموئيل نوح كريمر، السومريون ، 44
(9) لوما : قناة حفرها اياناتم على حدود لجش (لنينجرسو) واطلق عليها (لوماجيمدوج) أي جيدة. ينظر: كريمر، السومريون، ص 73
(10) المصدر نفسه ، ص 444
(11) عامر سليمان، العلاقات السياسية الخارجية، حضارة الع ا رق، بغداد، دار الحرية للطباعة، 1985 ، ج 2، ص 116
(12) صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 74
(13) المصدر نفسه، ص 450
(14) صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 75
(15) فوزي رشيد، اوركاجينا، ص 27
(16) حلبب : مدينة تقع الى الشمال من مدينة اوما . ذكرها بهذا الاسم فوزي رشيد في كتابه اوروكاجينا، ص 27
(17) زبلبم: تعرف حاليا باسم ابزيخ وتقع على بعد بضع كيلومترات الى الشمال الشرقي من اوما. ينظر: فوزي رشيد، الشرائع العراقية القديمة، ط 3، بغداد،1987، ص 226
(18) صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 451
(19) 76 المصدر نفسو، ص 75- 76
(20) احمد سوسه، تاريخ حضارة وادي الرافدين في ضوء مشاريع الري الزراعية والمكتشفات الأثرية والمصادر التاريخية، بغداد،1983، ج 1، ص 391
(21) جعفر الساكني، نافذة جديدة على تاريخ الفراتيين في ضوء الدلائل الجيولوجية والمكتشفات الاثارية، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1993، ص 43
(22) صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 451
(23) فاضل عبد الواحد، سومر أسطورة وملحمة، بغداد ،2000، ص 66.
(24) تيومينيف، الاشخاص العاملون في مزرعة معبد با ؤو في لجش خلال عصري -
لوكالندا واوروكاجينيا، العراق القديم، ترجمة سليم طه التكريتي، ط 2، بغداد، 1986، هامش صفحة 170
(25) صموئيل نوح كريمر، السومريون، ص 77
(26) فوزي رشيد، الملك حمورابي مجدد وحدة البلاد، بغداد، دار الحرية للطباعة والنشر، 1991، ص 22.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|