المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



التغاير بين أفراد البشر  
  
1826   01:01 صباحاً   التاريخ: 9-12-2020
المؤلف : الشيخ ياسين عيسى
الكتاب أو المصدر : مع الشباب سؤال وجواب
الجزء والصفحة : ص277-279
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-2-2017 8465
التاريخ: 28-11-2017 6201
التاريخ: 13-2-2022 2157
التاريخ: 14-4-2016 6161

لماذا الاختلاف بين أفراد البشر؟

الجواب :

إن الاختلاف المادي واقع بين أفراد البشر، والقرآن صرّح بهذه الظاهرة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].

والسؤال يتوجَّه إلى الحكمة من ذلك؟

ومن المعلوم أن أفعال الله كلها عن إرادة حكيمة، لأنه لا يفعل من عبث ولهو ولعب. وإرادته في إيجاد الأشياء تتعلق بكمالها وخيرها، ربما أن تزاحم الموجودات يتسبب بالنقص والضرر على بعضها البعض فيكون متعلق إرادة الله في إيجاد الأشياء هو الكمال والخير الغالب والأكثر(1).

وعليه فالاختلاف بين أفراد البشر يتناسب مع الحكمة من إيجاد الإنسان في الأرض كما ذكرنا، فكان الأبيض والأسود والأحمر والأصفر وكان الغني والفقير والصحيح والمريض والتام في خلقته والناقص والرجل والمرأة والذكي والأحمق... وكان ذوو الأمزجة الأربعة :

- البلغمي ذو المزاج المائي والأبيض.

- الصفراوي ذو المزاج الحار والمر.

- السوداوي ذو المزاج الحامض والمحرق.

- الدموي ذو المزاج الأحمر والحلّو والطَّرِب(2).

ان هذا الاختلاف بالفوارق المادية هو من أجل التعارف بين البشر، إذ من خلاله يتم التواصل بين الأفراد وتتم المعاملات على اشكالها وتبنى الأسر وتقوم المصالح الكبرى في المجتمعات. والتي منها المؤسسات ومشروع الدولة المتكامل.

وبه تتحقق حاجة البعض إلى البعض الآخر بحيث يُستفاد من أصحاب الخبرة والقدرة والطول، ومن خلال هذا الاختلاف يتم اختبار الإنسان وامتحانه، ليتأهل للمساءلة بين يدي المحكمة الإلهية من أجل اثابته او عقوبته على ما أسلف من أعماله في الحياة الدنيا كما قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} [آل عمران: 30].

أو فقل إنّ الفوارق المادية بين الافراد ليست مورداً للشَرَف والكرامة عند الله تبارك وتعالى، بل هو محل لقيام تجربة الإنسان وموضوع للامتحان والاختبار، بعد وضوح الحجة على الإنسان من قبل العقل والشرع المُنزَل، ولكن بالعمل الصالح النابع من العقيدة الصالحة يمتاز الأخيار من الأشرار، والكرامة الإلهية ستكون لأهل التقوى الذين خافوا الله في ظهر الغيب وعملوا بما أمر وانتهوا عما نهى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] أما الذين اغترّوا بذاتهم وبدنياهم واستسلموا لشهواتهم حتى نسوا الله وما أمر به فسيحلُّ عليهم غضب الله تعالى.

إذن ليس الامتياز بين البشر –عند الله - هو بالشكل واللون والحسب والجاه والمال والوظيفة ... ولو تحولت هذه الفوارق المادية إلى مورد للامتياز والفضيلة لوقعت البشرية في الهلاك والفساد والشقاء ولانتفت مقاييس العدالة ولاستعلى بعضهم على بعض، ولكانت الحياة البشرية أشبه بغابة الوحوش المفترسة، لا حياة فيها إلا للأقوى والأشرس وذي الكمال...

نعم قد يتصور أهل الضلال أن هذه الفوارق المادية هي مورد للفضيلة والامتياز نتيجة قياساتهم الخاطئة وأوهامهم المسيطرة على عقولهم، وعندها يكون مقتلهم وشقاؤهم وفساد المجتمعات وتكون الخسارة للفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.

وقد صحح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المفهوم الخاطئ للفضيلة لدى الجاهلية بقوله في خطبة الوداع : يا أيها الناس ألا أنَّ ربَّكم واحد، ألا إنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجميّ، ولا لعجميّ على عربي ولا أسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلَّغت؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال فليبلِّغ الشاهد الغائب(3).

__________________

1ـ راجع دروس في العقيدة الإسلامية ج1 ص107.

2ـ راجع اجوبة الشبهات، ص177.

3ـ الميزان في تفسير القرآن ج18 ص334.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.