أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-06-2015
2344
التاريخ: 2024-10-29
142
التاريخ: 25-11-2020
1850
التاريخ: 9-10-2014
2485
|
في حديثنا عن هذه الاُقصوصة ينبغي أولا ألاّ نفصلها عن اُقصوصة زكريّا أي طلب الذرّيّة ، لقد استجابت السماء للنمط الذرّيّ الذي طلبه زكريّا (عليه السلام) ، فبشّرته بالسمة الخطيرة التي ستلفّ هذا الوليد ، . . . إنّها سمة النبوّة فيما تمثّل الصفوة من الآدميين .
كما أنّ السماء ألمحت إلى زكريّا بوظيفة خطيرة اُخرى سينهض بها وليده يحيى ، وهذه الوظيفة تتمثّل في أنّ يحيى سيكون أوّل شخصية ستساند دعوة عيسى الذي سيولدُ بعد ستة شهور من حين ولادة يحيى .
وسنرى عند حديثنا عن قصة يحيى ، كيف أنّ لشخصية يحيى التي عُرفت بالصدق والنزاهة ، أثراً بالغاً في اجتذاب الجمهور إلى رسالة عيسى .
والمهمّ ، أنّ السماء قد استجابت لطلب زكريّا (عليه السلام) ووهبته يحيى (عليه السلام) .
إلاّ أنّ زكريّا ، وقد أذهلته المفاجأةُ التي كان يتوقعها دون أدنى شك ، لا يسعه إلاّ أن يتساءل مستفهماً ، ومنبهراً ، وفرحاً عن العلامة ، عن الآية التي ستعمّق قناعته ويقينه باستجابة السماء لدعوته . . .
ولذلك هَتَفَ :
﴿رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً . . .﴾
فأجابته السماء ، بأنّ آية ذلك أن يصوم عن الكلام ثلاثة أيام ، أو أن يصوم عن الأكل والكلام جميعاً ، كما تقول بعض النصوص المفسّرة ، وأن ينحصر تعامله بالرمز والإيماء مع الآخرين ، عدا الكلام المتصل باللّه وبالتسبيح له بالعشيّ والإبكار .
* * *
والذي نعتزم لَفتَ نظركَ إليه هو أن تتأمّل بدقة موقع قصة زكريّا من القصتين اللتين تقدّم الحديث عنهما ، أي قصة امرأة عمران ومريم .
فلقد رسمها القرآن الكريمُ بعد قصة امرأة عمران ، وعند بداية قصة مريم (عليها السلام) . . .
أي أنّ القرآن رسمها خلال قصة مريم وعند الشطر الأوّل من حياتها المتصلة بالعمل العبادي في المحراب . فقطع بذلك سلسلة الأحداث في قصة مريم ، ثمّ تابع رسمها بعد الانتهاء من قصة زكريّا (عليه السلام) .
هنا ينبغي أن تضع في ذهنك أنّ لهذا القطع دلالته الفنّية والنفسيّة .
فهناك أولا مسوّغاتٌ تتصل بطلب زكريّا (عليه السلام) للولد ، فهو حينما شاهد المعجز المتمثّل في الرزق الذي كان يمطر مريم (عليها السلام) ، تحرّكت نفسه واستُثيرت ، لأن يتقدّم بطلب كان يختلج في سريرته وتنازعه نفسه إليه ، فكانت المناسبة أن يتوافق طلبه زمنياً مع ظاهرة الرزق .
وهذا ما يُشكّل المسوّغ لقطع سلسلة الأحداث والمواقف في قصة مريم ، للبدء بصياغة قصة زكريّا (عليه السلام) .
بيد أنّ هذا لم يكن وحده مسوّغاً فنّياً ونفسيّاً لعملية القطع ، بل ثمة مسوّغ آخر له خطورته الكبيرة . وهذا المسوّغ من الناحية الفنية يتمثل في عملية التمهيد والارهاص ، بما ستكشف عنه الأحداث والمواقف في قصة مريم ، أي قصة الإنجاب المعجز ذاتها ، وفي قصة وليدها عيسى (عليه السلام) ، حيث أنّ وليدها عيسى (عليه السلام) قد بُشّر على لسان الملائكة بأنّ مهمّة الرسالة ستكون على يديه ، غير أنّ هناك حدثاً خطيراً لا زال مضمراً في قلب الأيام ، ألا وهو أنّ رسالة عيسى (عليه السلام) سوف تعتمد في بعض خطواتها على مساندة يحيى له ، ذلك بأنّ ليحيى (عليه السلام) شخصية ذات مركز اجتماعي خطير ، إنّها تتمتّع بتقدير اجتماعي ، وبسمعة اجتماعية كفيلة بأن تجعل كلمته مسموعةً عند الجماهير ، نظراً لما عُرِفَ من صدقه وزهده .
إذن لمّا كان من حيث الزمان مولد يحيى سابقاً على مولد عيسى (عليه السلام) ، حينئذ يكون المسوّغ الفنّي لمجيء قصة زكريّا (عليه السلام) والحديث عن ولده يحيى (عليه السلام) ، يكون هذا المسوّغُ واضحاً في قطع سلسلة الوقائع المتصلة بمريم ، لأنّ الشطر الثاني من حياتها هو الذي كشفت القصةُ عن ولادة عيسى من خلاله ، فكان من الطبيعي أن تجيء قصة يحيى قبل قصة عيسى ، سواء أكان مجيئها من حيث التسلسل الزمني في الولادة ـ حيث وُلد يحيى قبل عيسى بستة شهور ـ أو كان مجيئها من حيث التسلسل الزمني ، ومن حيث التسلسل الموضوعي ، في عملية المساندة لرسالة عيسى .
وبكلمة اُخرى ، مادام يحيى سيكون أول مساند لعيسى ، وستكون لكلمته أثرها على نفسية الجمهور ، حينئذ لابدّ أن تجيء قصته سابقةً أيضاً على قصة عيسى (عليه السلام) .
إنّ هذه المسوغات الفنّية ، يجب ألاّ تغيب عن بالك ، لأنّها تجسّد قيمة الفنّ العظيم في القصص القرآني .
ولكننا حين نتجاوز ذلك كلّه ونتابع قصة زكريّا (عليه السلام) ، نجد أن شخصية يحيى نفسها من الممكن أن تشكّل قصة جديدة ، فيكون عدد القصص في سورة آل عمران ستةً ، وتكون قصة يحيى حينئذ ، أمّا قصة مستقلة ، أو متداخلة ، أو قصة داخل قصة زكريّا . . .
ولا نُريد أن نطيل الحديث عن البناء الفنّي لهذه القصة ـ ونقصد بها قصة يحيى (عليه السلام) ـ ، بل نكتفي بالإشارة إلى أنـّها رسمت شخصية يحيى ، وهي تحمل أربع سمات ، لها مساهمتها في المواقف الأحداث ، دون أدنى شك ، ويكفي أنها تحمل سمة النبوّة كما هو الحال بالنسبة لزكريا وعيسى ، فضلا عن أنّ القرآن رسمها شخصية تحصر نفسها عن الشهوات ، وعن اللهو والأباطيل ، وهي سمة الحصور التي أطلقها القرآن الكريم عليه ، كما رسمها سيّداً في العلم والعبادة . . .
والمهم أنّ السمات المذكورة تظل متجانسة مع السمات التي لحظناها عند امرأة عمران ، وعند مريم ، وعند زكريّا ، فيما لا حاجة إلى إطالة الكلام في ذلك ، بل ندع المتلقّي بنفسه ، أو ندعوه إلى أن يستخلص بنفسه السمات المتجانسة بينها وبين ما سبقها وما يلحقها .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|