منذ نزول القرآن أولى المسلمون أهتماماً بالغاً بالقرآن الكريم ومايرتبط به من علوم ومباحث فأهتموا برسم الكتاب وقراءته وإعرابه وإعجازه ، وبدأ البحث يتطوّر ويأخذ شكل الدفاع عن هذا الكتاب أما الهجمات المغرضة للنيل من الإسلام العزيز وكتابه الكريم ، فتوسعت البحوث والدراسات المرتبطة بعلوم القرآن إلى مواضيع الاعجاز وجمع القرآن وتدوينه وغيرها من المباحث المتعددة ، وقيل : إن القرن الخامس يمثل بداية حقيقية لهذا الفن (1) في كتابه المؤلفة في علوم القرآن .

لو طالعنا الدراسات التي تعرضت إلى هذا العنوان نجد أنها توزعت على ثلاث أتجاهات :

الأتجاه الاول: الدراسات التي أهتمت بعنوان واحد من عناوين هذا العلم من قبيل الدراسات التي أهتمت بالإعجاز أو التحريف أم المحكم والمشابه أو الناسخ والمنسوخ وغيرها ومن أمثلة هذه الدراسات(2):

ماكتبه يحيى بن يعمر (ت89هـ) حول القراءات.

ماكتبه الحسن البصري (110هـ) حول نزول القرآن وعدد آيات القرآن .

ماكتبه عبد الله بن عبامر الحصبي (118هـ) حول أختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق والمقطوع والموصول.

ماكتبه محمد بن سائب الكلبي (ت146هـ) حول بداية تدوين احكام القرآن.

ماكتبه عطاء بن أبي مسلم ميسرة الخراساني (ت135هـ) ، وهو أول من كتب في علم الناسخ والمنسوخ.

مادونه محمد بن يزيد الواسطي (ت306 هـ) في إعجاز القرآن.

الاتجاه الثاني: الدراسات التي جمعت أغلب عناوين هذا البحث في كتب مستقلة ومن أمثلة هذا الاتجاه :

كتاب البرهان للزركشي (ت794هـ).

كتاب الاتقان للسيوطي (ت911هـ).

كتاب التمهيد في علوم القرآن للشيخ محمد هادي معرفة (ت1427هـ).

وغيرهم.

الاتجاه الثالث: الدراسات التي جعلت مباحث علوم القرآن من مقدمات علم التفسير ولا نبالغ إذا قلنا: إنّ أغلب التفاسير التي كتبت في هذا المجال تضمنت هذا النوع من البحوث ولعل أقدم بحث في علوم القرآن كان في مقدمات الكتب التفسيرية ويمكن القول بأنّ هذا الاتجاه من أقدم الاتجاهات التي كتبت في علوم القرآن. ويجب الالتفات إلى أنّ هذه الاتجاهات لا تتسلسل زمانياً وإنّما في كل اتجاه نجد دراسات ضاربة في القدم الزماني وفي نفس الوقت نجد دراسات حديثة ومعاصرة.

الخلاصة

1- القرآن الكريم هو دستور المسلمين وقد اتفقوا على أصالته وسلامته من التحريف.

2- كانت الحياة قبل الإسلام حياة تسودها الهمجية والجهل والأخلاق الوضيعة ، كوأد البنات وغيرها ، حتى جاء الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) فأنقذهم منها .

3- لقد عاش المسلمون واقعاً مراً بعد الرسول حتى أصبحت الفاظ القرآن غريبة غير مفهومة لدى الناس ، وقد ترجع أسباب إلى : الفاصلة الزمنية بين تلك الكلمات القرآنية وبين المخاطبين ، عمليات التحريف والتزوير والدس المتعددة ، دخول الكثير من القوميات غير العربية إلى الإسلام جغرافياً.

4- ولد علوم القرآن في أحضان علم التفسير عندما كان المفسرون يجعلون مباحثه مقدّمات لتفسيرهم ، لأن شرح الأيات وتفهيمها يتوقف على بيان وعرض مباحث علوم القرآن ، وشيئاً فشيئاً بدأ علوم القرآن ينفصل عن علم التفسير .

5- قيل : إن القرن الخامس يمثل بداية حقيقية لتأسيس هذا الفن .

6- صُنفت كتب عديدة في مجال علوم القرآن ، وهي على ثلاث أتجاهات : أتجاه أهتم بعنوان واحد من عناوين هذا العلم من قبيل الدراسات التي أهتمت  بالإعجاز أو التعريف وغيرها ، وأتجاه عكف على جعل مباحث هذا العلم في كتب مستقلة ، واتجاه وضع مباحث علوم القرآن كمقدمات لعلم التفسير .

_____________

1- راجع :مناهل العرفان :1 ،35.

2- راجع : مقالة بعنوان التمهيد للأستاذ محمد علي مهدوي راد في مجلة بينات العدد 3 لسنة 1373 ش، وانظر مقدمة البرهان ج1 ص 48، وانظر مقال للأستاذ محمد إبراهيم جناتي في مجلة كيهان انديشه العدد 28 لسنه 1376 ش، وانظر الدكتور علي أصغر حلبي في كتاب التعرف على علوم القرآن ص 132.