أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2020
2736
التاريخ: 29-12-2021
1952
التاريخ: 13-4-2020
2080
التاريخ: 20-5-2022
1533
|
تعرف مجموعة الفرضيات الاستراتيجية التي تضعها الدولة فيما يتعلق بصياغتها لسياستها الخارجية تجاه الدول الأخرى بالمبادئ الجيوبولتيكية أو بخطط التصور , وهي تتضمن تقييم المناطق الجغرافية الواقعة وراء حدود الدولة وأهميتها الاستراتيجية وإمكانية تحولها إلى مصدر تهديد لأمنها واستقرارها في يوم ما ، والمبادئ الجيوبوليتكية لا تقتصر على الجوانب التي تخص الدولة وحدها وإنما تشمل أيضا تقييما للدول المجاورة, وتبرز أهميتها باعتبارها وحدات البناء الأساسية للنظم الجيوبوليتيكية العالمية , وهي تعمل على ثلاثة مستويات محلي، وإقليمي، وعالمي، فالمستوى المحلي مطلوب من الدولة لتقييم أوضاع الدول المجاورة لها ، وهذا الأمر تتبعه كل دول العالم أيا كان حجمها, أما قواعد المستوى الإقليمي فهي مطلوبة للدول التي تتطلع إلى مد نفوذها على حساب جيرانها المباشرين، وهذا ما تضعه القوى الإقليمية القائمة والمحتملة مستقبلا في حساباتها، وأخيرا فان عددا قليلا من الدول لها سياسات إستراتيجية عالمية ومن ثم إنها تعمل طبقا لمبادئ جيوبوليتيكية تساوق المنظومة العالمية(1).
من هنا برزت المبادئ الجيوبوليتيكية لتجمع بين النظريتين الجيوبوليتيكية والجيواستراتيجية في مختلف افتراضاتها الاستراتيجية، فإذا كانت الدولة تشكل وحدة التحليل الرئيس في النظرية الجيوبوليتيكية عبر دراسة موقعها وما يمده بها من موارد وإمكانات تتيح لها حرية الحركة والتأثير فإنها تشكل القاعدة الأساسية في بناء الفرضيات الاستراتيجية للمبادئ الجيوبوليتيكية في تحركاتها السياسية الخارجية, من خلال ما تمنحها تلك المبادئ من إمكانات ذاتية تساعدها على الحركة لتحقيق السيطرة الخارجية , بمعنى أن المقومات الجيوبوليتيكية للدولة تمنحها الموارد الضرورية اللازمة لبناء وصياغة المبادئ الجيوبوليتيكية في تحركاتها الخارجية بل إنها تحدد حركتها إذا كانت محلية أو إقليمية أو عالمية.
أما النظرية الجيواستراتيجية فان الإقليم يشكل محور بنائها الفكري من خلال الخصائص الاستراتيجية التي يحملها وانعكاساتها في تحركات واستراتيجيات القوى العالمية الأخرى ، وهذا ما يساعد المبادئ الجيوبوليتيكية على تقييم وزن المناطق الجغرافية الواقعة خلف الحدود من ناحية أهميتها الاستراتيجية وتأثيرها على مكانة الدولة في النظام الدولي ، وإمكان إن تصبح يوما ما مصدر تهديد لأمنها القومي أو الإقليمي، أو أنها يمكن أن تكون فرصة لزيادة مقومات قوتها لينعكس ذلك في خططها وتصوراتها المستقبلية في مسارات واتجاهات سياستها الخارجية(2).
فالمبادئ الجيوبوليتيكية تعني استخدام القدرة الجيوبوليتيكية والنظرة الجيوستراتيجية للدولة في بناءها لفرضياتها الاستراتيجية ، بمعنى إن الجيوبوليتيكا و الجيوستراتيجية تصبحان خطوه أولية لاستخدام الدولة لطاقاتها ومؤهلاتها في بناء استراتيجياتها على مختلف المستويات, ولذا أعتبر التطبيق العملي للأفكار الجيوبوليتيكية والجيواستراتيجية معا في بناء الدولة لتصوراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والأيديولوجية للعالم عبر النظر إلى عناصر قوتها الداخلية - نظرة جيوبوليتيكية- ومن ثم استشراف الفرضيات الاستراتيجية المستقبلية نحو المناطق الأكثر جاذبية لحركة القوى العالمية - نظرة جيوستراتيجية(3).
حيث يمكن وصفها بأنها الإدارة الاستراتيجية للمصالح الجيوبوليتيكية في مناطق العالم المختلفة ذات الأهمية الحيوية , ومعنى ذلك أن المبادئ الجيوبوليتيكية تنطوي على استخدام العلاقة بين الفرضيات السياسية الجغرافية وقوة الدولة على المستويين الإقليمي والعالمي , فيتم التركيز على العناصر الجغرافية التي تتسم بالحيوية والديناميكية المستمرة أكثر من تلك التي تتسم بالثبات والجمود وفي ذات الوقت تلك العناصر المرتبطة بأبحاث السياسة والتخطيط(4).
فالتنافس والصراع السياسي بين الدول يكون ذات أبعاد جغرافية عديدة ، يتم تشخيصها وبحثها عن طريق المبادئ الجيوبوليتيكية للوقوف على خلفية التنافس وأسباب الصراع السياسي بين الدول, ولا شك فان الاستراتيجية لأي دولة تتأثر بالعوامل الجغرافية بما في ذلك تصنيف الأماكن في الكرة الأرضية حسب أهميتها الاستراتيجية ، بمعنى تفسير وتشخيص السياسات الخارجية في أطر جغرافية ، وهذا ما يجعلها تتعلق بالتنافس السياسي ذي الأبعاد الجغرافية بين الدول في سعيها لتحقيق مصالحها السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والأيديولوجية في النظام الدولي ، بغض النظر عن مصالح وأهداف الأطراف الأخرى أو حتى الأضرار بها(5).
لذا وصفت بأنها "الدليل الملخص لرجال السلطة أو إنها كتاب السلطة لما يجب وضعه في الاعتبار عند اتخاذ القرارات المصيرية ، من قبيل شن الحرب وعقد التحالفات والقيام بالإصلاحات وتطبيق الإجراءات الاقتصادية والسياسية على مستوى واسع"(6).
وهذا المفهوم يقترب من أحد اتجاهات تعريف الجيوبوليتيكا ، لان الأخيرة هي المادة العلمية التي تنطلق منها المبادئ الجيوبوليتيكية لتزود القائد السياسي والعسكري بأسلوب موحد للاقتراب من المشكلات، واستثمار الفرص الملائمة والمترابطة في الوقت ذاته بمحيطه الخارجي(7).
وبناءً على ما تقدم فالمبادئ الجيوبوليتيكية تفرض تصوراتها على العمل السياسي والاستراتيجي للدولة ، نتيجة لدورها المحوري والكبير في مستوى أدائها الاستراتيجي , من خلال تحديد المعطيات المؤثرة في مجمل الفعاليات داخل الدولة وخارجها وتحديد الفرضيات الاستراتيجية الملائمة, عن طريق التفاعل بين هذه المعطيات وبين قدرات الدولة ووسائلها وأهدافها التي تروم تحقيقها , سيما وان المبادئ الجيوبوليتيكية تتسم بالديناميكية نظرا لارتباطها الدائم مع الظروف والتغييرات التي تطرأ على إستراتيجية الدولة ووضعها الاستراتيجي الذي تجد نفسها فيه من وقت لآخر(8).
وعليه فلابد للدولة من الاستعانة بهذه المبادئ كونها الوسيلة الفاعلة في منحها مرونة تحديد احتياجاتها وتحقيق رغباتها وتحديد الاتجاهات المكانية التي يجب الاندفاع نحوها ، فضلا عن الوسائل والاستراتيجيات الملائمة لإحداث التغيرات المرغوب فيها , بعد اهتمام الدولة بمعالجة بنيتها ومصادر تنميتها وأولوياتها الاستراتيجية(9).
ولابد لها أيضا من صياغة فرضياتها الاستراتيجية وفقا للمبادئ الجيوبوليتيكية التي تتلاءم وواقعها الجغرافي وإمكاناتها ووزنها الحقيقي ، وإلا أصبحت هذه المبادئ والإجراءات مجردة من الفاعلية إلى حد كبير , مع الآخذ بنظر الاعتبار أن أخطر مآخذ على الاستراتيجية من خلال مبادئها الجيوبوليتيكية هو رفضها تفعيل حقيقة الظروف المتغيرة أو عدم القدرة على التعامل مع الأوضاع الجديدة عند التنبه لها , بل إن ضمان نجاح وفاعلية الاستراتيجية يستلزم أن يكون هناك انسجام بين الأهداف والوسائل بصورة جيدة ومقبولة (10).
_________
(1) بيتر تيلور وكولن فلنت , الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر (الاقتصاد العالمي , الدولة القومية , المحليات) , ترجمة عبد السلام رضوان واسحق عبيد ، مطابع السياسة ، الكويت ، 2002 , ص 164.
(2) نافع القصاب وآخرون , مصدر سابق , ص 13 - 14.
(3) نافع القصاب وآخرون , مصدر سابق , ص 15.
(4) عادل عبد الحمزة ثجيل , تأثير المبادئ الجيوبوليتكيه على الإدراك الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب الباردة , أطروحة دكتوراه (غير منشورة) كلية العلوم السياسية جامعة بغداد , 2012 ص 38.
(5) تيلور، بيتر، وكولن فلنت: مصدر سابق , ص115.
(6) الكسندر دوغين , أسس الجيوبولتيكا مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي ، ط1, ترجمة عماد حاتم ، دار الكتاب الجديد المتحدة ، بيروت ، 2004 , ص 60.
(7) الأميرال بيير سيليريية , مصدر سابق , ص84.
(8) محمد حجازي محمد , الجغرافيا السياسية , ط2 , الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة ، 1997 , ص219.
(9) كاظم هاشم النعمة , الوجيز في الإستراتيجية ، مطبعة أياد ، بغداد ، 1988 , ص16 .
(10) Jones Roy , Analyzing Foreign Policy- an Introduction to Some Conceptual Problems , Rutledge & Kegau Paul , London, 1970, p 20.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|