اذا وجهنا السؤال : أي من هذه العناوين الثلاثة يجب أن يتقدم النشرة ويكون قاطرتها (يعتبر الخبر الأول في النشرة ؟ الجواب بالطبع سيكون: أهم خبر. وهذا الخبر يصطلح على تسميته بلغة الأخبار: الخبر القاطرة أو lead story  وبالفرنسية ouverture.

هذا السؤال يطرح بحدة أمام رئيس التحرير في كل نشرة. فهذه الأحداث الثلاثة مهمة جداً جميعها، ولكن كيف يمكن تصنيفها ؟ وهنا يلعب المكان الذي تتواجد فيه القناة دوراً هاماً وكذلك العناصر الأخرى التي أشرنا إليها سابقاً حسب قانون القرب. فبالنسبة للقنوات العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص فإن الترتيب سيكون دون شك على الشكل التالي:

خبر الانسحاب من غزة : (الأقرب والأهم ولأنه ينعكس على قضية شعب بأكمله).

خبر الانفجار في بغداد : حسب مبدأ الموت الكيلومتري فإن ضحايا جسر بغداد وإن كان عددها أقل من ضحايا اعصار كاترينا الا أنها الأقرب، وجاءت نتيجة لخوف شديد انتاب الجموع لوجود انتحاري بينهم، أو بمعنى آخر ان الحدث جاء بفعل فاعل، أضف إلى ذلك أن الحدث وقع في بلد عربي ويهم المشاهد العربي أن يتابع ما يجري فيه.

- خبر اعصار كاترينا : يأتي كعنوان ثالث لأن الحدث بعيد ولأنه جاء بفعل الطبيعة ولأنه تزامن مع حدثين بحسب قانون القرب أهم منه. ولكن لو لم يتزامن هذا الحدث مع الحدثين الآنفي الذكر فإنه دون أدنى شك سيكون الخبر الأول في النشرة.

وبالطبع لو افترضنا أن قناة أخرى أمريكية تناولت هذه الأخبار سيكون ترتيب الأخبار فيها مختلفا :

- خبرها الأول في النشرة بالتأكيد سيكون إعصار كاترينا لأنه يمس ملايين الأمريكيين.

- اما خبرها الثاني سيكون الانسحاب الإسرائيلي من غزة كون المسألة تتعلق بإسرائيل التي تعتبرها الحليف الأول لها في العالم.

- الخبر الثالث سيكون خبر ضحايا الجسر في بغداد لأن كل الضحايا من العراقيين. ولو أن مجموعة من الضحايا كانوا من الجنود الأمريكيين لاختلف الأمر بالطبع وتقدم هذا الخبر على الانسحاب الإسرائيلي من غزة.

وهكذا نرى أن اختيار العناوين وصياغتها ثم ترتيبها حسب الأولوية تعد من أهم مراحل بناء النشرة الإخبارية الإذاعية والتلفزيونية. ولابد لمن سيقوم بعملها أن يكون متمرساً، وملماً إلماماً جيداً باللغة التي يكتب بها، وعالما تماما بالخط التحريري للقناة، ولديه اطلاع على قانون القرب كي يتسنى له تحديد الأولويات وبناء النشرة بحسب هذه الأولويات التي تعكس بشكل واضح سياسة القناة من جهة وقدرته المهنية من جهة ثانية.