أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-13
1191
التاريخ: 23-04-2015
14571
التاريخ: 2023-06-01
1093
التاريخ: 2024-01-22
997
|
قد ذهب ابن جني مذهبا صوتيا فريدا يربط بين الصوت والفعل تارة ، وبين الصوت والاسم تارة أخرى ، ويبحث علاقة كل منهما بالآخر علاقة حسية ومادية متجسدة ، فجرس الألفاظ ووقعها فيما يحدثه من أصوات وأصداء سمعية قد يكون متجانسا ومقاربا لنوعية عنده فيقول :
«فإن كثيرا من هذه اللغة وجدته مضاهيا بأجراس حروفه أصوات الأفعال التي عبر بها عنها ، ألا تراهم قالوا : قضم في اليابس ، وخضم في الرطب. وذلك لقوة القاف وضعف الخاء ، فجعلوا الصوت الأقوى للفعل الأقوى ، والصوت الأضعف للفعل الأضعف» (1).
وتجده يلائم بين الصوت اللغوي وعلاقته بصوت الطائر في الاستطالة والقطع ، فالراء مرددة مكررة مستطيلة ، وصوت الجندب مثلا مستطيل ، فجعلت له «صرّ» مشددة ، وصوت البازي مثلا متقطع ، فقطعت الراء فكانت «صرصر» وذلك ما رآه :
«و كذلك قالوا «صر الجندب» فكرروا الراء لما هناك من استطالة صوته ، وقالوا «صرصر البازي» لما هناك من تقطيع صوته» (2).
وفي هذا المجال فإن ابن جني لا يقف عند هذا الحد من النظرية والتطبيق ، بل يربط أحيانا بين الأصوات وبين ما سمي به الشيء ، نظرا لمشابهته لذلك الصوت المنطلق من التسمية ، كالبط لصوته ، والواق للصرد لصوته ، وغاق للغراب لصوته (3).
وهو بهذا يذهب مذهب من يجد مناسبة ما بين الصوت والمعنى ، لا سيما عند البلاغيين في التماس علاقة اللفظ بالمعنى ، أو في الدلالة الحسية للفظ بالمعنى ، وهو من باب تسمية الشيء باسم صوته ، وتلك مقولة صحيحة في جملة من الأبعاد ، وحقيقة في كثير من المسميات والتسميات.
وابن جني يؤكّد هذه الحقيقة في المفردات اللغوية ، ليعطيها صفة صوتية متمازجة ، فالعرب «قد يضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبر عنها بها ترتيبها ، وتقديم ما يضاهي أول الحديث ، وتأخير ما يضاهي آخره ، وتوسيط ما يضاهي أوسطه ، سوقا للحروف على سمت المعنى المقصود والغرض المطلوب ، وذلك كقولهم : بحث ، فالباء لغلظها تشبه بصوتها خفقة الكف على الأرض ، والحاء لصلحها تشبه مخاطب الأسد وبراثن الذئب ونحوهما إذا غارت في الأرض ، والثاء للنفث والبث للتراب» (4).
ولا غرابة بعد هذا أن نجد صيغتين من صيغ العربية تدلان على الحدث الصوتي من جانبين :
أ- فعال ، وتستعمل في جزء كبير منها للدلالة على الأصوات والضوضاء مثل : صراخ.
ب- فعللة ، فإنها تستعمل في العربية في جزء كبير منها للدلالة على حكايات الأصوات مثل : «الغرغرة» فإن صوتها من جنس تشكيل حروفها لفظيا ، وإن معناها صدى من أصداء صوتها.
هذا نفسه هو ما ينجم عن التوليد الصوتي للألفاظ عند الأوروبيين ، كما في الكلمة (قهقهـ) والأصوات فيها دليل من دلائل المعنى ، وإذا أضفنا إلى (قهقهـ) (تمايل) فإننا سنجد في الكلمة الأولى حدث تقليد صوت لصوت آخر ، وفي الثانية ترجمت الحركة ترجمة بيانية بوسائل صوتية.
والمصطلح الذي يغلب إطلاقه في حالة الكلمات التي من هذا النوع هو (محاكاة الأصوات Onomatopoeia) (5).
هذه جولة قد تكون نافعة فيما أوجده لنا ابن جني من تأصيل صوتي لكثير من الملامح والخصائص والمكتشفات.
(2) المصدر نفسه : 1/ 165.
(3) المصدر نفسه 2/ 165.
(4) ابن جنّي ، الخصائص :/ 162- 163.
(5) ظ : ستيفن أولمان ، دور الكلمة في اللّغة : 73- 74 بتصرف.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|