أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-6-2021
2639
التاريخ: 29-7-2019
1645
التاريخ:
4738
التاريخ: 15-12-2020
4121
|
ظل الإنسان حينا من الدهر، وقبل ظهور الكتابة ، حائراً ، ومعذباً لعدم مقدرته على التواصل مع الآخرين، الا عن طريق اللغة المحكية " الرسالة الشفهية " ، أو ما يصطلح على تسميتها بالكلام المنطوق. ولفقدان الوسائل الضرورية لحفظ تعاليمه الدينية وتراثه وأساطيره وأدبه وتاريخه وسيره وعاداته، كي تتمكن الأجيال المتعاقبة من التعرف عليها، فإن جزءاً كبيراً منها تعرض للضياع والتحريف والتغيير لأسباب تتعلق بالذاكرة البشرية ، أو لأسباب تتعلق بالحروب وتغيير السلطة في هذه المنطقة أو تلك التي كانت بشكل عام تعمل على محو آثار سابقاتها. فكيف يمكن لإنسان عادي ، أو لقائد عسكري ، أو لملك أن يخلد ذكراه، ويروي أحداثاً عاشها أو كان عنصراً فاعلا فيها ؟ وما هي الوسيلة الممكنة التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الأماني ؟ أو بمعني آخر كيف يمكن نقل الأخبار من مكان إلى آخر ؟ أو من زمن إلى زمن ؟ ومن جيل إلى جيل ؟ أسئلة كان من الصعب الإجابة عليها لمئات الآلاف من السنين. إذ يؤكد علماء الانتروبولوجيا أن تاريخ اللغة يعود إلى بدايات ظهور الإنسان، أي إلى حوالي مليون سنة ، ولكن الكتابة في شكلها البدائي لم تظهر إلى الوجود الا منذ حوالي أربعة آلاف عام قبل الميلاد تقريباً.
فما نراه سهلا جداً اليوم ضمن الانفجار الإعلامي الكبير يفضل التقدم العلمي والتقني المذهل للإنسان خلال القرنين الماضيين، كان بمثابة معجزة كبيرة لإنسان ما قبل الكتابة.
ففي تلك العصور الغابرة كانت وسائل الاتصال تقتصر على وسيلة واحدة فقط هي اللغة المنطوقة بين الأفراد، كما أسلفنا، والتي لم تكن ترقى إلى مستوى اللغات المستخدمة اليوم من تركيبات
معقدة، وقواعد دقيقة، وبلاغة، وبيان، وفن وأدب. فتدوين اللغة لم يكن ممكنا لعدم توصل إنسان تلك العصور إلى الوسيلة التي يمكن معها ترجمة هذه اللغة المنطوقة ضمن قوالب مرئية أو ملموسة برسوم، أو رموز، أو كلمات مكتوبة، لذا فإذا أردنا أن ندون تاريخ الاتصال لا يمكننا العودة الى هذه الحقبة الزمنية، ذلك أنه لا يوجد أي أثر يدل على أية عملية اتصال بين الناس. وازداد الأمر تعقيداً على هذا الإنسان لأنه لم يجد أمامه، أيضاً ، من مادة يرسم، أو يدون عليها أحاسيسه ومشاعره، ويروي ملاحمه وانتصاراته أو هزائمه، سوى الحجارة، وجدران الكهوف الصلبة. والتي بدورها كانت تتطلب وسائل أخرى أكثر منها صلابة، ومهارات لم يكن قد توصل الإنسان اليها تمكنه من حفر أو رسم أو كتابة (( رسالته )) عليها.
وبذلك نرى أن عملية الاتصال وتطورها تلازم التطور العلمي والفكري للإنسان ، فكلما ازداد التطور وتقدم الفكر، تطورت عمليات الاتصال وازدهرت وسائلها حتى باتت الكرة الأرضية في يومنا هذا (( قرية كونية )) يمكن لكل إنسان فيها أن يتصل بأي إنسان آخر في اللحظة ذاتها، يكفي فقط أن يكونا مجهزين بآلتي هاتف محمول ، حتى ولو كان يبعد الواحد عن الآخر آلاف الأميال ويتواجد في أمكنة صحراوية أو جبلية أو في عمق الأدغال وذلك يفضل الأقمار الاصطناعية. كما أن باستطاعته أن يرى مباشرة المباريات الرياضية ، أو المعارك والحروب الطاحنة وكأنه يشارك فيها من وراء شاشة التلفاز ...
ويقول الجاحظ في كتاب البيان والتبيين إن (( اللسان مقصور على القريب الحاضر، والقلم مطلق في الشاهد والغائب ، وهو للغابر الكائن ، مثله للقائم الراهن ، والكتاب يقرأ بكل : مكان ، ويدرس في كل زمان ، واللسان لا يعدو سامعه ، ولا يتجاوزه إلى غيره )). لقد جاءت هذه العبارة الواضحة لتؤكد على أهمية الكتابة كرسالة يمكن حفظها وتناولها في كل زمان ومكان ..
وقد باتت المادة المكتوبة اليوم سمة العصر فهناك آلاف الكتب والصحف التي تصدر يومياً في أنحاء المعمورة التي تحفظ تراث الإنسان وحضارته وتقدمه في جميع الميادين. وقد مضى ما بين الرسم على الحجارة والأقمار الاصطناعية حوالي خمسة آلاف سنة، لم يتوقف خلالها العقل البشري من التفكير بأفضل وسيلة للاتصال بالآخر.
والرسالة الشفهية ، أو ما اصطلح على تسميتها اعلامياً : رسالة من فم الى أذن، هي رسالة محدودة في الزمان والمكان، وتنحصر بين شخصين أو عدد قليل من الأشخاص وهي أول وسيلة للاتصال وتتطلب، رغم سهولتها لـ :
اتقان اللغة المنطوقة بتعلمها منذ الصغر من العائلة وأفراد المجتمع الذي يعيش فيه الفرد عبر التعرف على كل كلمة منطوقة وما ترمز اليه من معنى مادي أو معنوي متعارف عليه سلفاً.
اتقان عملية الاستماع والفهم، ذلك أن عملية الاستماع والفهم تعتبر في حد ذاتها أصعب من عملية النطق بالكلام. وتأخذ عملية الاتصال هذه في علم الإعلام الشكل التالي :
مرسل ــــــــــــــــــــــــــــــــ مستقبل
أي أن الرسالة توجه مباشرة من المرسل الى المستقبل دون تدخل طرف ثالث (وسيط) ، وفي هذا النوع من الاتصال يمكن للمستقبل أن يتحول بدوره الى مرسل ، والمرسل الى مستقبل، (مبدأ عملية الحوار).
حسب الشكل التالي :
وهذا الشكل من الاتصال كان وسيلة التخاطب والتفاهم الوحيدة بين أفراد المجتمع الواحد في عهود ما قبل الكتابة. وربما أضيف عليه بعض الإشارات أو الإيماءات التي كانت مستخدمة أيضاً إلى جانب اللغة المنطوقة ، بيد أن الوضع قد تغير تماماً بعد اخترع الكتابة التي كانت بمثابة ثورة إعلامية كبرى قفزت بالإنسان مئات الأميال إلى الأمام في المسار الحضاري الطويل. ولتطور الكتابة تاريخ دام آلاف السنين حتى توصل العقل البشري إلى ابتكار الكتابة بالأبجدية والتي تعتبر الثورة الأولى في عالم الاتصال والتي بفضلها انتشرت المعرفة وتقدمت العلوم بخطوات واسعة جداً وسريعة. وهنا لابد من التوقف قليلا في هذه المحطة الأساسية في تطور الاتصال ، أي الكتابة ، كي يتسنى لنا فهم أهميتها على المستوى الإعلامي، وما هو دورها في حياتنا اليومية، وكيف يجب التعامل معها في عمليات الاتصال، ووسائل الإعلام الحديثة. الإنسان البدائي استطاع بمجموعة من الرسوم والأشكال ، التي لاشك أنها كانت توظف لكتابة رسالة معينة في مجتمع ما ، خلق وسيلة للاتصال. وهذه الأشكال التي استطعنا العثور عليها تؤكد على اهتمام الإنسان منذ أمد بعيد باختراع وسيلة ما يمكنه من خلالها حفظ الأحداث التي يمر بها أو وسيلة ما يمكنه من خلالها التخاطب بطريقة أخرى غير طريقة التخاطب المباشر . كما في الشكل التالي :
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|