أُودّ أن أفهم مدى الغلوّ في الإمام علي؟ وكيف نوفق بين قول الامام« أنا عبد من عبيد الرسول »؟ وبين كونه روح من الرسول ؟ |
1591
10:07 صباحاً
التاريخ: 15-9-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2020
1592
التاريخ: 16-9-2020
1519
التاريخ: 16-9-2020
1015
التاريخ: 16-9-2020
1231
|
الجواب : نودّ إعلامك : أنّ الغلوّ بمعنى تجاوز الشيء حدّه ، لذا نهي عن الغلوّ في قوله تعالى : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: 77] ، لأنّ النصارى قالوا : إنّ المسيح ابن الله ، وهذا غلوّ في حقّ عيسى كونه ابن الله ، وغلوّ في حقّ الله تعالى لأنّهم نسبوا له ولداً ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
ثمّ إذا كان قصدك من الغلوّ في الإمام علي عليه السلام هو الحبّ الذي تكنّه الشيعة له ، فهذا لا يعدّ غلوّاً ، فإنّ الشيعة قد تبعت بذلك الله تعالى ورسوله ، ولم تتجاوز ذلك أبداً ، ففي حديث الراية ، قال رسول الله صلى الله عليه واله : « لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ، يفتح الله عليه » ، فإذا نحن بعليٍ وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه واله ، ففتح الله عليه (1).
وعن عوف بن أبي عثمان النهدي قال : قال رجل لسلمان : ما أشدّ حبّك لعلي! قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : « من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني » (2).
وهكذا ورد في علي بن أبي طالب كُلّ خير ، وفي موالاته كُلّ نجاة ، فهل حبّه الذي فرضه النبيّ صلى الله عليه واله علينا يعدّ غلوّاً وتجاوزاً ، أعيذك بالله أن تجعل ما فعله النبيّ صلى الله عليه واله غلوّاً وغير الحقّ ، وهكذا هو تعاملنا مع علي عليه السلام لا يتجاوز ما أمرنا النبيّ صلى الله عليه واله في حبّه وولايته.
وأيضاً في قوله تعالى : {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } [المائدة: 56] فعن ابن عباس قال : ( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ ) يعني يحبّ الله ، ( وَرَسُولَهُ ) يعني محمّداً ، ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) يعني ويحبّ علي بن أبي طالب ، ( فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) يعني شيعة الله ، وشيعة محمّد ، وشيعة علي هم الغالبون ، يعني العالون على جميع العباد ، الظاهرون على المخالفين لهم.
قال ابن عباس : فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ، ثمّ ثنّى بمحمّد ، ثمّ ثلّث بعلي ، ثمّ قال : فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه واله : « رحم الله علياً ، اللهم أدر الحقّ معه حيث دار ».
قال ابن مؤمن ـ من علماء أهل السنّة ـ : « لا خلاف بين المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي » (3).
فإذا كان الأمر في علي هكذا ، فهل هذا غلوّ؟ وهل تقول الشيعة غير هذا في علي عليه السلام ، فهذه مرويّات أهل السنّة تؤكّد ما تذهب إليه الشيعة ، وما تعتقده في علي ، فهل هذا يعدّ غلوّاً فيه؟!
وما ذكرته من السؤال : كيف أنّ الإمام علي عليه السلام روح من الرسول صلى الله عليه واله؟ فإنا نؤكّد أنّ المقصود من الروح في سؤالك تعني به إمّا قبل الخلقة ، وإمّا بعد الخلقة :
أمّا قبل الخلقة : فإنّ حديث النورانية يؤكّد أنّ النبيّ صلى الله عليه واله وعلي عليه السلام كانا نوراً واحداً ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور إلى جزئين ، فجزء رسول الله صلى الله عليه واله ، وجزء علي عليه السلام ، وهذا الحديث قد تواتر عند علماء أهل السنّة ، كما تواتر عند علماء الشيعة ، فعن سلمان المحمّدي عن النبيّ صلى الله عليه واله قال : « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى ، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزأين ، فجزء أنا ، وجزء علي بن أبي طالب » (4).
هذا بعض ما رواه علماء أهل السنّة في أنّ النبيّ صلى الله عليه واله وعلي عليه السلام كانا نوراً واحداً ، ثمّ قسّم إلى نورين : أحدهما النبيّ صلى الله عليه واله والآخر علي عليه السلام ، ممّا يعني أنّهما روح واحدة في أصل خلقتهما ، وهي ما تعنيه أحاديث النور الواحد الآنفة الذكر.
أمّا بعد الخلقة : فإنّ القرآن قد نصّ على ذلك في قوله تعالى : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ } [آل عمران: 61] ، فعن جابر : ( وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) رسول الله وعلي ، ( أَبْنَاءنَا ) الحسن والحسين ، ( وَنِسَاءنَا ) فاطمة (5).
وعن ابن عباس قال : نزلت في رسول الله وعلي ( وَأَنفُسَنَا ) (6) ، وقال الشعبي : ( وَأَنفُسَنَا ) علي بن أبي طالب (7).
والخطاب كان موجّهاً من النبيّ صلى الله عليه واله للنصارى بقوله : ( وَأَنفُسَنَا ) ، يعني نفس النبيّ الذي هو علي ، لأنّ الضمير « نا » وهو ضمير المتكلّم يرجع إلى علي ، فعلي عليه السلام نفس النبيّ صلى الله عليه واله بمقتضى سياق الآية.
هذا ما أمكننا ذكره في هذه العجالة ، ومنه ثبت أنّ علياً نفس النبيّ ، أي روحه كما عبّرت في سؤالك.
وعن حبشي بن جنادة السلولي قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : « علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي » (8).
وقوله صلى الله عليه واله : « علي منّي وأنا منه » يعني أنّ « من » التي تفيد التبعيض ، تؤكّد أنّ علياً من النبيّ ، أي امتداد له وهو نفسه ، وليس في ذلك دعوى تدّعيها الشيعة دون ما تستند إلى نصوصٍ صريحة صحيحة.
على أنّ كلامنا هذا يؤكّده أبو بكر في حقّ علي عليه السلام ومنزلته ، فعن ابن السمّاك : أنّ أبا بكر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : « لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز » (9).
أمّا قولك : إنّ علياً عليه السلام قال : « أنا عبد من عبيد الرسول » ، فهذا لا ينافي عبودية علي لله تعالى ، فعلي عبد لله ، ورسول الله عبد لله تعالى ، ومعنى قوله : « أنا عبد من عبيد محمّد » ، يعني أنا تابع من أتباعه ، ومطيع له ، وهو بمعنى قولك : إنّ زيد عبد لعمرو ، أي أنّ عمرو له حقّ الطاعة على زيد ، ولا يعني أن تريد يعبد عمرواً ، فالعبد هنا تابع لسيّده ومطيع له ، وهذا منتهى إخلاص علي للنبي صلى الله عليه واله ، فهو يقرّ له بالطاعة والاتباع ، وليس كما تتصوّر أنّ ذلك يعني العبودية المطلقة ، فالعبودية المطلقة لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد ، ومن قال خلاف ذلك فهو كافر مشرك.
____________
1 ـ فضائل الصحابة : 15 ، مسند أحمد 5 / 333 ، صحيح البخاري 4 / 20 و 207 و 5 / 76 ، السنن الكبرى للبيهقي 6 / 362 ، مجمع الزوائد 6 / 150 ، مسند أبي داود : 320 ، كتاب السنّة : 594 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 46 و 108 و 173 ، خصائص أمير المؤمنين : 49 و 56 و 61 ، المعجم الكبير 7 / 31 و 18 / 237 ، دلائل النبوّة : 124 ، شرح نهج البلاغة 11 / 234 و 13 / 186 ، نظم درر السمطين : 98 ، كنز العمّال 10 / 468 و 13 / 162 ، فيض القدير 6 / 465 ، شواهد التنزيل 2 / 36 ، الثقات 2 / 12 و 267 ، الكامل في التاريخ 5 / 52 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 82 و 88 و 97 و 118 و 123 ، تهذيب الكمال 20 / 485 ، تهذيب التهذيب 7 / 296 ، الإصابة 4 / 466 ، أنساب الأشراف : 93 ، الجوهرة : 68 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 56 ، البداية والنهاية 4 / 211 و 7 / 251 و 372 ، السيرة النبوية لابن هشام 3 / 797 ، المناقب : 108 و 170 و 199 ، السيرة النبوية لابن كثير 3 / 351 ، سبل الهدى والرشاد 2 / 32 و 10 / 62 ، ينابيع المودّة 1 / 153 و 2 / 231 و 390 ، النهاية في غريب الحديث 2 / 140 ، لسان العرب 10 / 430 و 14 / 352 ، تاج العروس 7 / 133.
2 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 130 ، المناقب : 70.
3 ـ شواهد التنزيل 1 / 246.
4 ـ نظم درر السمطين : 7 و 79 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 67 ، جواهر المطالب 1 / 61 ، ينابيع المودّة 1 / 47 و 2 / 307 ، شرح نهج البلاغة 9 / 171 ، المناقب : 145 ، الرياض النضرة 3 / 103.
5 ـ الدرّ المنثور 2 / 39 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 379.
6 ـ شواهد التنزيل 1 / 160.
7 ـ أسباب نزول الآيات : 68.
8 ـ فضائل الصحابة : 15 ، تحفة الأحوذي 10 / 152 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 495 ، الآحاد والمثاني 3 / 183 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 45 و 128 ، خصائص أمير المؤمنين : 90 ، المعجم الكبير 4 / 16 ، نظم درر السمطين : 79 ، الجامع الصغير 2 / 177 ، كنز العمّال 11 / 603 ، كشف الخفاء 1 / 205 ، شواهد التنزيل 1 / 319 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 345 ، تهذيب الكمال 5 / 350 ، سير أعلام النبلاء 8 / 212 ، الجوهرة : 63 ، البداية والنهاية 5 / 232 و 7 / 394 ، ينابيع المودّة 2 / 78 و 96 و 3 / 143 ، الصواعق المحرقة 2 / 356.
9 ـ ذخائر العقبى : 71 ، ينابيع المودّة 2 / 404 و 3 / 230 ، الصواعق المحرقة 2 / 369 ، الرياض النضرة 3 / 118.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|