المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



تفسير الأية (36-40) من سورة مريم  
  
3286   06:34 مساءً   التاريخ: 3-9-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الميم / سورة مريم /

 

قال تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ  } [مريم: 36 - 40]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

قوله { وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} من فتح الهمزة ففيه أربعة أوجه ( أحدها ) أن المعنى وقضى أن الله ربي وربكم عن أبي عمروبن العلاء ( والثاني ) أنه معطوف على كلام عيسى أي وأوصاني بأن الله ربي وربكم ( والثالث ) ذلك عيسى بن مريم وذلك أن الله ربي وربكم عن الفراء ( والرابع ) أن العامل فيه فاعبدوه والتقدير ولأن الله ربي وربكم { فاعبدوه } فحذف الجار ومن كسر الهمزة جاز أن يكون معطوفا على قوله قال إني عبد الله أي وقال إن الله ربي وربكم وجاز أن يكون ابتداء كلام من الله تعالى أوأمر من الله لرسوله أن يقول ذاك وقوله { هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} معناه: هذا طريق واضح فالزموه وقيل إن المعنى هذا الذي أخبرتكم إن الله أمرني به هو الدين المستقيم الذي لا اعوجاج فيه.

 { فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} الاختلاف في المذهب أن يعتقد كل قوم خلاف ما يعتقده الآخرون والأحزاب جمع حزب وهو الجمع المنقطع في رأيه عن غيره وتحزبوا أي صاروا أحزابا فالمعنى أن الأحزاب من أهل الكتاب اختلفوا في عيسى (عليه السلام) فقال قوم منهم هو الله وهم اليعقوبية وقال آخرون هو ابن الله وهم النسطورية وقال آخرون هو ثالث ثلاثة وهم الإسرائيلية وقال المسلمون هو عبد الله عن قتادة ومجاهد وإنما قال من بينهم لأن منهم من ثبت على الحق وقيل إن من زائدة والمعنى اختلفوا بينهم { فويل } أي: فشدة عذاب وهي كلمة وعيد { للذين كفروا } بالله بقولهم في المسيح { مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} المشهد بمعنى الشهود والحضور أي من حضورهم ذلك اليوم وهو يوم القيامة وسمي عظيما لعظم أهواله وقيل ويل لهم من مجمع يوم أي من الفضيحة على رءوس الجمع يومئذ { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} قيل فيه وجهان ( أحدهما ) أن التقدير صاروا ذوي سمع وبصر والجار والمجرور في موضع رفع لأنه فاعل أسمع والمعنى ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة وإن كانوا في الدنيا صما وبكما عن الحق عن الحسن ومعناه الإخبار عن قوة علومهم بالله تعالى في تلك الحال ومثله قوله فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد.

 { لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} يعني أن الكافرين في الدنيا آثروا الهوى على الهدى فهم في ذهاب عن الدين وعدول عن الحق والمراد أنهم في الدنيا جاهلون وفي الآخرة عارفون حيث لا تنفعهم المعرفة وقال أبومسلم : وهذا يدل على أن قوله سبحانه صم بكم عمي ليس معناه الآفة في الأذن واللسان والعين بل هو أنهم لا يتدبرون ما يسمعون ويرون ولا يعتبرون أ لا ترى أنه جعل قوله { لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} في مقابلته فأقام السمع والبصر مقام الهدى إذ جعله في مقابلة الضلال المبين ( والثاني ) أن معناه أسمعهم وأبصرهم أي بصرهم وبين لهم أنهم إذا أتوا مع الناس إلى موضع الجزاء سيكونون في ضلال مبين عن الجنة والثواب عن الجبائي قال ويجوز أن يكون المعنى أسمع الناس بهؤلاء الأنبياء وأبصرهم بهم ليعرفوهم ويعرفوا خبرهم فيؤمنوا بهم لكن من كفر بهم من الظالمين اليوم يعني يوم القيامة في ضلال عن الجنة وهذا بعيد وقد استدرك على الجبائي في قوله والأولى والأظهر في الآية الوجه الأول.

 { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمعنى خوف يا محمد كفار مكة يوم يتحسر المسيء هلا أحسن العمل والمحسن هلا ازداد من العمل وهو يوم القيامة وقيل إنما يتحسر المستحق للعقاب فأما المؤمن فلا يتحسر وروى مسلم في الصحيح بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قيل يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون. وقيل يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيجاء بالموت كأنه كبش أملح فيقال لهم تعرفون الموت فيقولون هذا هذا وكل قد عرفه قال فيقدم فيذبح ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت وقال وذلك قوله { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ } الآية ورواه أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام) ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا ويشهق أهل النار شهقة لوكان أحد ميتا لماتوا.

 { إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} أي: فرغ من الأمر وانقطعت الآمال وأدخل قوم النار وقوم الجنة وقيل معناه انقضى أمر الدنيا فلا يرجع إليها الاستدراك الفائت وقيل معناه حكم بين الخلائق بالعدل وقيل قضي على أهل الجنة بالخلود وقضي على أهل النار بالخلود { وهم في غفلة } في الدنيا عن ذلك ومعناه إنهم مشغولون اليوم بما لا يعنيهم غافلون عن أحوال الآخرة { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} أي: لا يصدقون بذلك ثم أخبر سبحانه عن نفسه فقال { نَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا} أي: نميت سكانها فنرثها ومن عليها من العقلاء لأنا نميتهم ونهلكهم فلا يبقى فيها مالك ومتصرف { وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} أي: إلينا يردون بعد الموت أي إلى حيث لا يملك الأمر والنهي غيرنا .

_________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص422-424.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وإِنَّ اللَّهً رَبِّي ورَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ } : هذه الآية عطف على قول عيسى : ( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ الخ ) يأمرهم فيها أن يعبدوا إلها واحدا ، ولا يشركوا به شيئا ، وان دين التوحيد هو الطريق القويم من سلكه نجا ، ومن ضل عنه هوى { فَاخْتَلَفَ الأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ } وهم قوم عيسى ، قالت طائفة منهم :

ان عيسى هو اللَّه هبط إلى الأرض ثم صعد إلى السماء ، وقالت ثانية : هو ابن اللَّه ، وقالت ثالثة : هو عبد اللَّه . . كان هذا الخلاف فيما مضى ، أما اليوم فهم متفقون على ربوبية عيسى .

{ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }. والمراد بالذين كفروا هنا الطائفة الأولى القائلة : ان المسيح هو اللَّه ، والثانية القائلة : هو ابن اللَّه ، وهذه الآية تعبير ثان عن قوله تعالى : « ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ » - 27 ص . { أَسْمِعْ بِهِمْ وأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا } حبن يرى الكافرون العذاب يوم القيامة يقولون : « رَبَّنا أَبْصَرْنا وسَمِعْنا » - الحق - « فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ » - 12 السجدة ، وكانوا من قبل إذا دعوا إلى الحق يقولون : « قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وفِي آذانِنا وَقْرٌ » - 5 فصلت { لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } المراد باليوم هنا يوم القيامة ، وبالضلال العذاب ، حيث لا طريق في ذاك اليوم لا إلى الهداية ، ولا إلى الضلالة ، بل حساب وجزاء ، ولا شيء سواهما .

{ وأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وهُمْ فِي غَفْلَةٍ وهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } .

الخطاب في أنذرهم للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، ويوم الحسرة هو يوم القيامة ، وسمي بذلك لأن النفس المجرمة تقول غدا : « يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ » - 56 الزمر ، وقضي الأمر آنذاك حيث لا إقالة ولا رجعة ، وهم في غفلة الآن حيث يمكنهم أن يرجعوا عن كفرهم وضلالهم ، ويطلبوا من اللَّه العفو والصفح ، ولكنهم لم يفعلوا ، واستمروا في طغيانهم يعمهون ، وقوله تعالى : { وهُمْ لا يُؤْمِنُونَ } معناه انهم لا يصدقون قولنا : انهم سيبعثون ، بل يلوون رؤوسهم ، وهم يسخرون .

{ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ ومَنْ عَلَيْها وإِلَيْنا يُرْجَعُونَ }. الأرض ومن عليها للَّه ، ولا أحد يملك معه شيئا ، والإنسان فيها عابر غير مقيم ، وكل ما في يده عارية مسؤول عنها ومحاسب عليها . . وبالاختصار ان هذه الآية ترادف كلمة انّا للَّه وانا إليه راجعون . والقصد منها تخويف العصاة وزجرهم من جهة ، والتخفيف من حزن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) وألمه لإعراض الكافرين عن دعوته من جهة ثانية .

______________

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 181-182.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} معطوف على قوله:{إني عبد الله} وهو من قول عيسى (عليه السلام)، ومن الدليل عليه وقوع الآية بعينها في المحكي من دعوته قومه في قصته من سورة آل عمران، ونظيره في سورة الزخرف حيث قال:{ إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ}: الزخرف: 65.

فلا وجه لما احتمله بعضهم أن الآية استئناف وابتداء كلام من الله سبحانه أوأمر منه للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول: إن الله ربي و{ربكم} إلخ على أن سياق الآيات أيضا لا يساعد على شيء من الوجهين فهو من كلام عيسى (عليه السلام) ختم كلامه بالاعتراف بالمربوبية كما بدأ كلامه بالشهادة على العبودية ليقطع به دابر غلوالغالين في حقه ويتم الحجة عليهم.

قوله تعالى:{ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} الأحزاب جمع حزب وهو الجمع المنقطع في رأيه عن غيره فاختلاف الأحزاب هو قول كل منهم فيه (عليه السلام) خلاف ما يقوله الآخرون، وإنما قال:{من بينهم} لأن فيهم من ثبت على الحق، وربما قيل{من} زائدة والأصل اختلف الأحزاب بينهم، وهو كما ترى.

والويل كلمة تهديد تفيد تشديد العذاب، والمشهد مصدر ميمي بمعنى الشهود: هذا.

وقد تقدم الكلام في تفصيل قصص المسيح (عليه السلام) وكليات اختلافات النصارى فيه في الجزء الثالث من الكتاب.

قوله تعالى:{ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} أي ما أسمعهم وأبصرهم بالحق يوم يأتوننا ويرجعون إلينا وهو يوم القيامة فيتبين لهم وجه الحق فيما اختلفوا فيه كما حكى اعترافهم به في قوله:{ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}: الم السجدة: 12.

وأما الاستدراك الذي في قوله:{ لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} فهو لدفع توهم أنهم إذا سمعوا وأبصروا يوم القيامة وانكشف لهم الحق سيهتدون فيسعدون بحصول المعرفة واليقين فاستدرك أنهم لا ينتفعون بذلك ولا يهتدون بل الظالمون اليوم في ضلال مبين لظلمهم.

وذلك أن اليوم يوم جزاء لا يوم عمل فلا يواجهون اليوم إلا ما قدموه من العمل وأثره وما اكتسبوه في أمسهم ليومهم وأما أن يستأنفوا يوم القيامة عملا يتوقعون جزاءه غدا فليس لليوم غد، وبعبارة أخرى هؤلاء قد رسخت فيهم ملكة الضلال في الدنيا وانقطعوا عن موطن الاختيار بحلول الموت فليس لهم إلا أن يعيشوا مضطرين على ما هيئوا لأنفسهم من الضلال لا معدل عنه فلا ينفعهم انكشاف الحق وظهور الحقيقة.

وذكر بعضهم أن المراد بالآية أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسمع القوم ويبصرهم ببيان أنهم يوم يحضرون للحساب والجزاء سيكونون في ضلال مبين.

وهو وجه سخيف لا ينطبق على الآية البتة.

قوله تعالى:{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} ظاهر السياق أن قوله:{إذ قضي الأمر} بيان لقوله: يوم الحسرة} ففيه إشارة إلى أن الحسرة إنما تأتيهم من ناحية قضاء الأمر والقضاء إنما يوجب الحسرة إذا كان بحيث يفوت به عن المقضي عليه ما فيه قرة عينه وأمنية نفسه ومخ سعادته الذي كان يقدر حصوله لنفسه ولا يرى طيبا للعيش دونه لتعلق قلبه به وتولهه فيه، ومعلوم أن الإنسان لا يرضى لفوت ما هذا شأنه وإن احتمل في سبيل حفظه أي مكروه إلا أن يصرفه عنه الغفلة فيفرط في جنبه ولذلك عقب الكلام بقوله:{ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.

فالمعنى - والله أعلم - وخوفهم يوما يقضى فيه الأمر فيتحتم عليهم الهلاك الدائم فينقطعون عن سعادتهم الخالدة التي فيها قرة أعينهم فيتحسرون عليها حسرة لا تقدر بقدر إذ غفلوا في الدنيا فلم يسلكوا الصراط الذي يهديهم ويوصلهم إليها بالاستقامة وهو الإيمان بالله وحده وتنزيهه عن الولد والشريك.

وفيما قدمناه كفاية عن تفاريق الوجوه التي أوردوها في تفسير الآية والله الهادي.

قوله تعالى:{ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} قال الراغب في المفردات،: الوراثة والإرث انتقال قنية إليك عن غيرك من غير عقد ولا ما يجري مجرى العقد وسمي بذلك المنتقل عن الميت - إلى أن قال - ويقال: ورثت مالا عن زيد وورثت زيدا. انتهى.

والآية - كأنها - تثبيت ونوع تقريب لقوله في الآية السابقة:{قضي الأمر} فالمعنى وهذا القضاء سهل يسير علينا فإنا نرث الأرض وإياهم وإلينا يرجعون ووراثة الأرض أنهم يتركونها بالموت فيبقى لله تعالى ووراثة من عليها أنهم يموتون فيبقى ما بأيديهم لله سبحانه، وعلى هذا فالجملتان{ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا } في معنى جملة واحدة{نرث عنهم الأرض}.

ويمكن أن نحمل الآية على معنى أدق من ذلك وهو أن يراد أن الله سبحانه هو الباقي بعد فناء كل شيء فهو الباقي بعد فناء الأرض يملك عنها ما كانت تملكه من الوجود وآثار الوجود وهو الباقي بعد فناء الإنسان يملك ما كان يملكه كما قصر الملك لنفسه في قوله:{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }: غافر: 16، وقوله:{ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا }: مريم: 84.

ويرجع معنى هذه الوراثة إلى رجوع الكل وحشرهم إليه تعالى فيكون قوله:{ وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} عطف تفسير وبمنزلة التعليل للجملة الثانية أولمجموع الجملتين بتغليب أولي العقل على غيرهم أولبروز كل شيء يومئذ أحياء عقلاء.

وهذا الوجه أسلم من شبهة التكرار اللازم للوجه الأول فإن الكلام عليه نظير أن يقال ورثت مال زيد وزيدا.

واختتام الكلام على قصة عيسى (عليه السلام) بهذه الآية لا يخلوعن مناسبة فإن وراثته تعالى من الحجج على نفي الولد فإن الولد إنما يراد ليكون وارثا لوالده فالذي يرث كل شيء في غنى عن الولد.

____________

1- تفسير الميزان،الطباطبائي، ج14،ص40-42.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

يوم القيامة .. يوم الحسرة والأسف:

إِنّ آخر كلام لعيسى(عليه السلام) بعد تعريفه لنفسه بالصفات التي ذكرت، هو التأكيد على مسألة التوحيد، وخاصّة في مجال العبادة، فيقول: { وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}(2).

وعلى هذا فإِنّ عيسى(عليه السلام) بدأ بمحاربة كل أنواع الشرك وعبادة الآلهة المزدوجة والمتعددة منذ بداية حياته، وكان يؤكّد أينما كان على التوحيد، وبناء على هذا، فإِنّ ما يلاحظ اليوم بين المسيحيين بعنوان التثليث بدعة محضة ابتدعت بعد عيسى قطعاً، وقد بينا تفصيل ذلك في آخر الآية (171) من سورة النساء(3).

وبالرغم من أن بعض المفسّرين احتمل أن تكون هذه الجملة من كلام نبي الإِسلام(صلى الله عليه وآله وسلم)، أي إِنّ الله سبحانه أمره أن يدعو الناس إِلى التوحيد في العبادة، وقد وصف ذلك بأنّه الصراط المستقيم، إِلاَّ أن آيات القرآن الأُخرى شاهدة على أن هذه الجملة من قول المسيح(عليه السلام) وتابعة للكلام السابق، فنقرأ في سورة الزخرف / الآية 63 ـ 64 : { وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} وهنا نرى نفس الجملة تقريباً نقلت عن لسان عيسى، وكذلك ورد هذا المضمون في سورة آل عمران / الآية 50 ـ 51.

غير أنّه بالرغم من كل هذه التأكيدات التي أكّد عليها المسيح(عليه السلام) في مجال التوحيد وعبادة الله، فقد اختلفت الفئات، وأظهروا اعتقادات مختلفة، وخاصّة في شأن المسيح { فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.

إِنّ تاريخ المسيحية يشهد بوضوح على مدى الإِختلاف الذي حصل بعد المسيح(عليه السلام) في شأنه، وحول مسألة التوحيد، هذه الإِختلافات التي ازدادت حدتها، فشكل «قسطنطين» إِمبراطور الروم مجمعاً للأساقفة ـ علماء النصارى الكبار ـ وكان واحداً من المجامع التأريخية المعروفة، ووصل عدد أعضاء هذا المجمع إِلى ألفين ومائة وسبعين عضواً، وعندما طرحت مسألة المسيح للبحث أظهر العلماء الحاضرون وجهات نظر مختلفة تماماً، وكان لكل مجموعة عقيدتها.

فذهب البعض: إنّ المسيح هو الله الذي نزل إِلى الأرض! فأحيى جماعة، وأمات أُخرى، ثمّ صعد إِلى السماء!

وقال البعض الآخر: إِنّه ابن الله!

ورأى آخرون: إِنّه أحد الأقانيم الثلاثة ـ الذوات الثلاثة المقدسة ـ الأب والإبن وروح القدس، الله الأب، والله الابن وروح القدس.

وآخرون قالوا: إِنّه ثالث ثلاثة: فالله معبود، وهو معبود، وأُمّه معبودة!

وأخيراً قال البعض: إِنّه عبد الله ورسوله.

وقال آخرون أقوالا أُخرى، ولم تتفق الآراء على أي من هذه العقائد، وكان أكبر عدد من الاصوات حازت عليه عقيدة من العقائد المذكورة آنفاً هو (308) فرد، وقبله الإِمبراطور كرأي حصل على أكثرية نسبية، ودافع عنه باعتباره الدين الرسمي، وطرح الباقي جانباً، أمّا عقيدة التوحيد فقد بقيت في الأقلية لقلّة ناصريها مع الأسف(4).

ولما كان الإِنحراف عن أصل التوحيد يعتبر أكبر انحراف للمسيحيين، فقد رأينا كيف أن الله قد هدد هؤلاء في ذيل الآية بأنّهم سيكون لهم مصير مؤلم مشؤوم في يوم القيامة، في ذلك المشهد العام، وأمام محكمة الله العادلة(5).

ثمّ تبيّن الآية التالية وضع أُولئك في عرصات القيامة، فتقول عندما يقدمون علينا يوم القيامة فسوف تكون لهم اسماع قوية وابصار حادّه فيسمعون ويرون جميع الحقائق التي كانت خافية عليهم في هذه الدنيا، ولكن الظالمين اليوم، أي في هذه الدنيا غافلون عن هذه العاقبة: { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.

إِنّ من الواضح أن الحجب سترتفع في النشأة الآخرة، لأنّ آثار الحق هناك أوضح من آثاره في عالم الدنيا بمراتب ومن الطبيعي أن تسلب المحكمة وآثار الأعمال نوم الغفلة من العين والأذن، وحتى عمي القلوب فإِنّهم سيعون الأمر ويعلمون الحق، إِلاّ أن هذا الوعي والعلم لا ينفعهم شيئاً.

وفسّر بعض المفسّرين كلمة (اليوم) في جملة { لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} بيوم القيامة، أي إِن معنى الآية: إِنّهم سيصبحون ناظرين سامعين، إِلاَّ أنّ هذا النظر والسمع سوف لا ينفعهم في ذلك اليوم، وسيكونون في ضلال مبين.

لكن يبدو أن التّفسير الأوّل أصح(6).

ثمّ تؤكّد الآية التالية مرّة أُخرى على مصير المنحرفين والظالمين في ذلك اليوم، فتقول: { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.

من المعلوم أنّ ليوم القيامة أسماء مختلفة في القرآن المجيد، ومن جملتها (يوم الحسرة) حيث يتحسر المؤمنون المحسنون على قلّة عملهم، وياليتهم كانوا قد عملوا أكثر، وكذلك يتحسر المسيئون، لأنّ الحجب تزول، وتتضح حقائق الأعمال ونتائجها للجميع.

واعتبر البعض جملة {إِذ قضي الأمر} مرتبطة بانتهاء برامج ووقائع الحساب والجزاء والتكليف في يوم القيامة، واعتبرها بعضهم إِشارة إِلى فناء الدنيا، وعلى هذا التّفسير فإنّ الآية تحذر هؤلاء وتخيفهم من يوم الحسرة، ذلك الحين الذي تفنى فيه الدنيا وهم في حالة الغفلة وعدم الإِيمان.

إِلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأصح كما يبدو، خاصّة وأنّه قد روي في حديث عن الإِمام الصادق(عليه السلام) في تفسير جملة {إِذ قضي الأمر} أنّه قال: «أي قضي على أهل الجنّة بالخلود فيها، وقضي على أهل النّار بالخلود فيها»(7).

ثمّ تحذر الآية الأخيرة ـ من آيات البحث - كل الظالمين والجائرين، وتذكرهم بأن هذه الأموال التي تحت تصرفهم الآن ليست خالدة، كما أن حياتهم ليست خالدة، بل إِنّ الوارث الأخير لكل شيء هو الله سبحانه: { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}(8).

إِن هذه الآية ـ في الحقيقة ـ تتناغم مع الآية 16 / سورة المؤمن، والتي تقول: { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} فإِذا آمن شخص واعتقد بهذه الحقيقة، فلماذا يبيح التعدي والظلم وسحق الحقيقة، وهضم حقوق الناس، أمن أجل الأموال واللذائذ المادية التي أودعت في أيدينا لعدّة أيّام وستخرج من أيدينا بسرعة؟

______________

1- تفسير الامثل ،ناصر مكارم الشيرازي،ج8،ص48-51.

2- إِنّ هذه الآية من جهة التركيب، عطف على كلام عيسى الذي مر آنفاً، والذي ابتدأ بقوله (قال إنّي عبد الله)وانتهى بهذه الجملة.

3- يراجع التّفسير الآمثل ذيل الآية (171) من سورة النساء.

4- تفسير في ظلال القرآن، ج5، ص436،بتصرف.

5- يمكن أن يكون (مشهد) مصدراً ميمياً بمعنى الشهود، أو أن يكون اسم مكان أو زمان بمعنى محل أو زمن الشهود، وبالرغم من اختلاف هذه المعاني، إِلاّ أنّها لا تختلف كثيراً من ناحية النتيجة.

6- الألف واللام في كلمة (اليوم) هي ألف ولام العهد، إِلا أنّه طبقاً للتفسير الأوّل العهد الحضوري، وعلى التّفسير الثّاني العهد الذكري.

7-  تفسير نور الثقلين ،ج3،ص337.

8- هل أن هذه الآية إِشارة إِلى القيامة، أو إِلى زمان فناء الدنيا، فإن كانت إِشارة إِلى القيامة، فإِنّها لا تناسب ظاهراً جملة (وإِلينا يرجعون) وإِن كانت إِشارة إِلى زمان فناء الدنيا، فإِنّها لا تناسب جملة (ومن عليها) لأنّه لا يوجد أي حي عند فناء الدنيا حتى يصدق عليه تعبير (من عليها) وربّما فسّر بعض المفسّرين ـ كالعلاّمة الطباطبائي ـ هذه الجملة هكذا: إِنا نحن نرث عنهم الأرض، لهذا السبب. إِلا أن هذا التّفسير أيضاً يخالف الظاهر قليلا لأن (ومن عليها) عطفت بالواو.

وهنا ـ أيضاً ـ إِحتمال آخر، وهو أن مفعول (نرث) تارة يكون الشخص الذي يترك الأموال، مثل: (وورث سليمان داود)، وتارة أُخرى الأموال التي بقيت للإِرث، مثل: (نرث الأرض) وفي الآية أعلاه ورد كلا التعبيرين.

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .