أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-9-2020
5598
التاريخ: 3-9-2020
2402
التاريخ: 2-9-2020
5851
التاريخ: 1-9-2020
2180
|
قال تعالى : {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُو السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت : 1 - 9]
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :
{الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} أي أ ظن الناس أن يقنع منهم بأن يقولوا إنا مؤمنون فقط ويقتصر منهم على هذا القدر ولا يمتحنون بما تبين به حقيقة إيمانهم هذا لا يكون وهذا استفهام إنكار وتوبيخ وقيل إن معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم عن مجاهد وهو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ويكون المعنى ولا يشدد عليهم التكليف والتعبد ولا يؤمرون ولا ينهون وقيل معناه ولا يصابون بشدائد الدنيا ومصائبها أي أنها لا تندفع بقولهم آمنا وقال الحسن معناه أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا لا إله إلا الله ولا يختبروا أ صدقوا أم كذبوا يعني أن مجرد الإقرار لا يكفي والأولى حمله على الجميع إذ لا تنافي فإن المؤمن يكلف بعد الإيمان بالشرائع ويمتحن في النفس والمال ويمنى بالشدائد والهموم والمكاره فينبغي أن يوطن نفسه على هذه الفتنة ليكون الأمر أيسر عليه إذا نزل به .
ثم أقسم سبحانه فقال {ولقد فتنا الذين من قبلهم} أي ولقد ابتلينا الذين من قبل أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) من سالف الأمم بالفرائض التي افترضناها عليهم أو بالشدائد والمصائب على حسب اختلافهم وذكر ذلك تسلية للمؤمنين قال ابن عباس منهم إبراهيم خليل الرحمن وقوم كانوا معه ومن بعده نشروا بالمناشير على دين الله فلم يرجعوا عنه وقال غيره يعني بني إسرائيل ابتلوا بفرعون يسومونهم سوء العذاب {فليعلمن الله الذين صدقوا} في إيمانهم {وليعلمن الكاذبين} فيه وإنما قال فليعلمن مع أن الله سبحانه كان عالما فيما لم يزل بأن المعلوم سيحدث لأنه لا يصح وصفه سبحانه فيما لم يزل بأنه عالم بأنه حادث وإنما يعلمه حادثا إذا حدث وقيل معناه فليميزن الله الذين صدقوا من الذين كذبوا بالجزاء والمكافاة وعبر عن الجزاء والتمييز بالعلم لأن كل ذلك إنما يحصل بالعلم فأقام السبب مقام المسبب ومثله في إقامة السبب مقام المسبب قوله تعالى {كانا يأكلان الطعام} فهذا سبب قضاء الحاجة فكني بذكره عنها ومعنى صدقوا أي ثبتوا على الشدائد وكذبوا أي لم يثبتوا ومنه قول زهير :
((إذا ما الليث كذب عن أقرانه صدقا)) (2) .
{أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا} أم هذه استفهام منقطع عما قبله وليست التي هي معادلة الهمزة والمعنى بل أ حسب الذين يفعلون الكفر والقبائح أن يفوتونا فوت السابق لغيره ويعجزونا فلا نقدر على أخذهم والانتقام منهم {ساء ما يحكمون} أي بئس الشيء الذي يحكمون ظنهم أنهم يفوتوننا وروى العياشي بالإسناد عن أبي الحسن (عليه السلام) قال جاء العباس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له امش حتى نبايع لك الناس فقال أ تراهم فاعلين قال نعم فأين قول الله {الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا} الآيات {من كان يرجوا لقاء الله} أي من كان يأمل لقاء ثواب الله وقيل معناه من كان يخاف عقاب الله عن سعيد بن جبير والسدي والرجاء قد يكون بمعنى الخوف كما في قول الشاعر :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها *** وحالفها في بيت نوب عواسل (3)
والمعنى من كان يخشى البعث ويخاف الجزاء والحساب أو يأمل الثواب فليبادر بالطاعة قبل أن يلحقه الأجل {فإن أجل الله لآت} أي الوقت الذي وقته الله للثواب والعقاب جاء لا محالة {وهو السميع} لأقوالكم {العليم} بما في ضمائركم .
ولما رغب سبحانه في تحقيق الرجاء والخوف بفعل الطاعة عقبه بالترغيب في المجاهدة فقال {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} أي ومن جاهد الشيطان بدفع وسوسته وإغوائه وجاهد أعداء الدين لإحيائه وجاهد نفسه التي هي أعدى أعدائه فإنما يجاهد لنفسه لأن ثواب ذلك عائد عليه وواصل إليه دون الله تعالى {إن الله لغني عن العالمين} غير محتاج إلى طاعتهم فلا يأمرهم ولا ينهاهم لمنفعة ترجع إليه بل لمنفعتهم {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم} التي اقترفوها قبل ذلك أي لنطلبنها حتى تصير كأنهم لم يعملوها {ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} أي يجزيهم بأحسن أعمالهم وهوما أمروا به من العبادات والطاعات والمعنى لنكفرن سيئاتهم السابقة منهم في حال الكفر ولنجزينهم بحسناتهم التي عملوها في الإسلام .
ولما أمر سبحانه بمجاهدة الكفار ومباينتهم بين حال الوالدين في ذلك فقال {ووصينا الإنسان بوالديه} أي أمرناه أن يفعل بوالديه {حسنا} وألزمناه ذلك ثم خاطب سبحانه كل واحد من الناس فقال {وإن جاهداك} أي وإن جاهداك أبواك أيها الإنسان وألزماك واستفرغا مجهودهما في دعائك {لتشرك بي} في العبادة {ما ليس لك به علم} أي وليس لأحد به علم {فلا تطعهما} في ذلك فأمر سبحانه إطاعة الوالدين في الواجبات حتما وفي المباحات ندبا ونهى عن طاعتهما في المحظورات ونفي العلم به كأنه كناية عن تعريه من الأدلة لأنه إذا لم يكن عليه حجة ودليل لم يحصل العلم به فلا يحسن اعتقاده .
{إلي مرجعكم} أي إلى حكمي مصيركم {فأنبئكم بما كنتم تعملون} أي أخبركم بأعمالكم فأجازيكم عليها وروي عن سعد بن أبي وقاص قال كنت رجلا برا بأمي فلما أسلمت قالت يا سعد ما هذا الدين الذي أحدثت لتدعن دينك هذا أولا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي فيقال يا قاتل أمه فقلت لا تفعلي يا أمه إني لا أدع ديني هذا لشيء قال فمكثت يوما لا تأكل وليلة ثم مكثت يوما آخر وليلة فما رأيت ذلك قلت والله يا أمه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا فكلي واشربي وإن شئت فلا تأكلي ولا تشربي فلما رأت ذلك أكلت فأنزلت هذه الآية {وإن جاهداك} وأمه حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس .
وروي عن بهر بن أبي حكيم عن أبيه عن جده قال قلت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا رسول الله من أبر؟ قال أمك قلت ثم من؟ قال ثم أمك قلت ثم من؟ قال ثم أمك قلت ثم من قال ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب وعن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال ((الجنة تحت أقدام الأمهات)) . ثم قال سبحانه {والذين آمنوا} أي صدقوا بوحدانية الله تعالى وإخلاص العبادة له {وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين} أي في زمرتهم وجملتهم في الجنة .
______________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص7-11 .
2- تمام البيت : (( ليث بعثر يصطاد الرجال اذا ما الليث كذب عن أقرانه صدقا )) وعثر بتشديد الثاء – موضع كثير الاسد .
3- مر البيت في الاجزاء السابقة .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :
{ ألم} تقدم تفسيره في أول سورة البقرة {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ} . ليس الايمان كلمة تقال ، بل لا بد من الابتلاء والامتحان بأنواع من السراء والضراء ، فمن صبر عند هذه ولم يخرج عن دينه ، وشكر وتواضع عند تلك ولم يطغه الجاه والمال فهو المؤمن حقا ، والا فما هومن الايمان في شيء . . هذا ما دل عليه ظاهر الآية ، وإذا عطفنا عليها بقية الآيات الواردة في هذا الباب نستخلص منها ان للايمان ظاهرة لا تنفك عنه بحال ، وهي أن يستجيب المؤمن لدعوة اللَّه تعالى استجابة عملية ، لا لفظية مهما كانت النتائج ، أي ان يحرص أشد الحرص على طاعة اللَّه في أمره ونهيه ، ويطبقها في عمله وسلوكه ، وإذا ابتلي بالخطوب والمحن لأنه أخلص للَّه فما يزيده ذلك إلا ايمانا وتسليما .
أنظر ج 1 ص 242 فقرة (ثمن الجنة) ، وص 314 فقرة (لا ايمان بلا تقوى) ، وج 2 ص 457 فقرة (بين الدين وأهل الدين) .
{ولَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} . اختبرنا بالشدائد أتباع الأنبياء من الأمم السابقة ، فصبروا صبر الأحرار ، وازدادوا تمسكا بدينهم وإخلاصا لربهم وأنبيائهم ، وأوضح تفسير لهذه الآية قوله تعالى : {وكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وما ضَعُفُوا ومَا اسْتَكانُوا واللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران - 146] ج 2 ص 174 . {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ} . يمتحن سبحانه عبده بإقبال الدنيا عليه وادبارها عنه لتظهر أفعاله التي يستحق عليها الثواب والعقاب ، لأنه ، جلت حكمته ، لا يحاسب الإنسان على ما فيه من قابلية واستعداد للخير والشر ، وانما يحاسبه على أعماله التي تظهر للعيان .
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا} . أيحسب المسيئون ان اللَّه عاجز عن طلبهم ؟ كيف وهو على كل شيء قدير ؟ وبمن يمتنعون عنه ولا ضد يعانده ولا شريك يساويه ؟ {ساءَ ما يَحْكُمُونَ} بأنهم يفلتون من سلطان اللَّه وحكمه .
{مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} بعد أن ذكر سبحانه من كفر باليوم الآخر ذكر من آمن به وقال لهذا المؤمن : أثبت على إيمانك ، فان الساعة آتية لا ريب فيها ، فاعمل لها {وهُو السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} . يسمع ما تقول ، ويعلم ما تضمر وتفعل ، ويجزيك بما أسلفت {ومَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ} وتفسيره :
{فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ومَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها} [الأنعام - 104] ج 3 ص 238 . {إِنَّ اللَّهً لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ} لا تنفعه طاعة من أطاع ، ولا تضره معصية من عصى .
{والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ} . من آمن بعد ما كفر ، وأصلح بعد ما أفسد فإن اللَّه يغفر له ويعفو عما مضى ، وفوق ذلك يثيبه تفضلا منه على إيمانه وإصلاحه تماما كمن لا ذنب له . . وفي هذا المبدأ الخير كل الخير للإنسانية لأنه يفتح باب الأمل للمذنبين والمجرمين ، ويدفع بهم إلى التوبة والاقلاع ، ولا سبيل أجدى من هذا السبيل لتطهير المجتمع من المظالم والمفاسد .
أيضا البر بالوالدين :
{ووَصَّيْنَا الإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} . أمر سبحانه بالإحسان إلى الوالدين وإطاعتهما في كل شيء إلا فيما لا يرضيه تعالى ، حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية 23 من سورة الإسراء ، فقرة (البر بالوالدين) ج 5 ص 35 . وفي كتب الحديث قصة تدل على أن البر بالوالدين ينفع عند الشدائد ، وأيضا تدل على أن أفضل دعاء يتجه به الإنسان إلى اللَّه عند المحنة هو العمل الصالح .
روي عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ان ثلاثة رجال لجأوا إلى غار في الطريق يبيتون فيه ليلتهم ، فسقطت صخرة ضخمة من الجبل وسدت عليهم باب الغار ، وبعد التفكير طويلا لم يجدوا إلا التوجه بالدعاء إلى اللَّه وحده أن ينجيهم من هذا الهلاك ، ثم ذكر كل واحد منهم عملا صالحا كان قد صنعه . . فذكر الأول بره بوالديه وتوفير الراحة لهما ، فانفرجت الصخرة قليلا . وذكر الثاني انه صرف نفسه عن عمل فاحش مع امرأة كانت في حاجة تضطرها إلى ذلك ، فكفاها هذه الحاجة ووفرها لها ، فانفرجت الصخرة قليلا أيضا . وقال الثالث : ان أجيرا كان يعمل عنده ، فترك أجره ورحل عنه ، فاحتفظ له بأجره ونمّاه له ، فلما عاد إليه ، وقد كثر الأجر وأصبح قطيعا كبيرا من الأنعام ، أعطاه إياه ، فانفرجت الصخرة تماما ، وخرجوا من الغار .
وسواء أصحت هذه الرواية ، أم لم تصح فان القصة تعبّر عن الإسلام في حقيقته وجوهره لأنه يحصر طريق النجاح في الدنيا والآخرة بالأعمال الصالحة ، لا بالأقوال والمظاهر .
{والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} . وتسأل : ما الفرق بين قوله تعالى هنا : لندخلنهم في الصالحين وقوله في الآية السابقة : {لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ} ؟
الجواب : ان الإدخال في زمرة الصالحين كالشهداء والأولياء أرفع بكثير من العفو والجزاء ، فهو أشبه بقولك لمن أساء ثم أصلح وأخلص : لقد عفوت عنك ، وأحسن إليك بكذا ، وفوق ذلك أجعلك في عداد المصطفين الأخيار
_____________
1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص 93-96 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :
يلوح من سياق آيات السورة وخاصة ما في صدرها من الآيات أن بعضا ممن آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة قبل الهجرة رجع عنه خوفا من فتنة كانت تهدده من قبل المشركين فإن المشركين كانوا يدعونهم إلى العود إلى ملتهم ويضمنون لهم أن يحملوا خطاياهم إن اتبعوا سبيلهم فإن أبوا فتنوهم وعذبوهم ليعيدوهم إلى ملتهم .
يشير إلى ذلك قوله تعالى : {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} الآية ، وقوله : {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله} الآية .
وكان في هؤلاء الراجعين عن إيمانهم من كان رجوعه بمجاهدة من والديه على أن يرجع وإلحاح منهما عليه في الارتداد كبعض أبناء المشركين على ما يستشم من قوله تعالى : {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} الآية ، وقد نزلت السورة في شأن هؤلاء .
فغرض السورة على ما يستفاد من بدئها وختامها والسياق الجاري فيها أن الذي يريده الله سبحانه من الإيمان ليس هو مجرد قولهم : آمنا بالله بل هو حقيقة الإيمان التي لا تحركها عواصف الفتن ولا تغيرها غير الزمن وهي إنما تتثبت وتستقر بتوارد الفتن وتراكم المحن ، فالناس غير متروكين بمجرد أن يقولوا : آمنا بالله دون أن يفتنوا ويمتحنوا فيظهر ما في نفوسهم من حقيقة الإيمان أو وصمة الكفر فليعلمن الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين .
فالفتنة والمحنة سنة إلهية لا معدل عنها تجري في الناس الحاضرين كما جرت في الأمم الماضين كقوم نوح وعاد ثمود وقوم إبراهيم ولوط وشعيب وموسى فاستقام منهم من استقام وهلك منهم من هلك وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
فعلى من يقول : آمنت بالله أن يصبر على إيمانه ويعبد الله وحده فإن تعذر عليه القيام بوظائف الدين فليهاجر إلى أرض يستطيع فيها ذلك فأرض الله واسعة ولا يخف عسر المعاش فإن الرزق على الله وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياه .
وأما المشركون الذين يفتنون المؤمنين من غير جرم أجرموه إلا أن يقولوا ربنا الله فلا يحسبوا أنهم يعجزون الله ويسبقونه فأما فتنتهم للمؤمنين وإيذاؤهم وتعذيبهم فإنما هي فتنة لهم وللمؤمنين غير خارجة عن علم الله وتقديره ، فهي فتنة وهي محفوظة عليهم إن شاء أخذهم بوبالها في الدنيا وإن شاء أخرهم إلى يوم يرجعون فيه إليه وما لهم من محيص .
وأما ما لفقوه من الحجة وركنوا إليه من باطل القول فهو داحض مردود إليهم والحجة قائمة تامة عليهم .
فهذا محصل غرض السورة ومقتضى ذلك كون السورة كلها مكية ، وقول القائل : إنها مدنية كلها أو معظمها أو بعضها - وسيجيء في البحث الروائي التالي - غير سديد ، فمضامين آيات السورة لا تلائم إلا زمن العسرة والشدة قبل الهجرة .
قوله تعالى : {الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} الحسبان هو الظن ، وجملة {أن يتركوا} قائمة مقام مفعوليه ، وقوله : {أن يقولوا} بتقدير باء السببية ، والفتنة الامتحان وربما تطلق على المصيبة والعذاب ، والأوفق للسياق هو المعنى الأول ، والاستفهام للإنكار .
والمعنى : أ ظن الناس أن يتركوا فلا يتعرض لحالهم ولا يمتحنوا بما يظهر به صدقهم أو كذبهم في دعوى الإيمان بمجرد قولهم : آمنا؟ وقيل : المعنى : أ ظن الناس أن يتركوا فلا يبتلوا ببلية ولا تصيبهم مصيبة لقولهم : آمنا بأن تكون لهم على الله كرامة بسبب الإيمان يسلموا بها من كل مكروه يصيب الإنسان مدى حياته؟ ولا يخلو من بعد بالنظر إلى سياق الآيات .
قوله تعالى : {ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} اللامان للقسم ، وقوله : {ولقد فتنا الذين من قبلهم} حال من الناس في قوله : {أ حسب الناس} أومن ضمير الجمع في قوله {لا يفتنون} وعلى الأول فالإنكار والتوبيخ متوجه إلى ظنهم أنهم لا يفتنون مع جريان السنة الإلهية على الفتنة والامتحان وعلى الثاني إلى ظنهم الاختلاف في فعله تعالى حيث يفتن قوما ولا يفتن آخرين ، ولعل الوجه الأول أوفق للسياق .
فالظاهر أن المراد بقوله : {ولقد فتنا الذين من قبلهم} أن الفتنة والامتحان سنة جارية لنا وقد جرت في الذين من قبلهم وهي جارية فيهم ولن تجد لسنة الله تبديلا .
وقوله : {فليعلمن الله الذين صدقوا} إلخ تعليل لما قبله ، والمراد بعلمه تعالى بالذين صدقوا بالكاذبين ظهور آثار صدقهم وكذبهم في مقام العمل بسبب الفتنة والامتحان الملازم لثبوت الإيمان في قلوبهم حقيقة وعدم ثبوته فيها حقيقة فإن السعادة التي تترتب على الإيمان المدعو إليه وكذا الثواب إنما تترتب على حقيقة الإيمان الذي له آثار ظاهرة من الصبر عند المكاره والصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله لا على دعوى الإيمان المجردة .
ويمكن أن يكون المراد بالعلم علمه تعالى الفعلي الذي هو نفس الأمر الخارجي فإن الأمور الخارجية بنفسها من مراتب علمه تعالى ، وأما علمه تعالى الذاتي فلا يتوقف على الامتحان البتة .
والمعنى : أ حسبوا أن يتركوا ولا يفتنوا بمجرد دعوى الإيمان وإظهاره والحال أن الفتنة سنتنا وقد جرت في الذين من قبلهم فمن الواجب أن يتميز الصادقون من الكاذبين بظهور آثار صدق هؤلاء وآثار كذب أولئك الملازم لاستقرار الإيمان في قلوب هؤلاء وزوال صورته الكاذبة عن قلوب أولئك .
والالتفات في قوله : {فليعلمن الله} إلى اسم الجلالة قيل : للتهويل وتربية المهابة والظاهر أنه في أمثال المقام لإفادة نوع من التعليل وذلك أن الدعوة إلى الإيمان والهداية إليه والثواب عليه لما كانت راجعة إلى المسمى بالله الذي منه يبدأ كل شيء وبه يقوم كل شيء وإليه ينتهي كل شيء بحقيقته فمن الواجب أن يتميز عنده حقيقة الإيمان من دعواه الخالية ويخرج عن حال الإبهام إلى حال الصراحة ولذلك عدل عن مثل قولنا : فلنعلمن إلى قوله : {فليعلمن الله} .
قوله تعالى : {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون} أم منقطعة ، والمراد بقوله : {الذين يعملون السيئات} المشركون الذين كانوا يفتنون المؤمنين ويصدونهم عن سبيل الله كما أن المراد بالناس في قوله : {أ حسب الناس} هم الذين قالوا : آمنا وهم في معرض الرجوع عن الإيمان خوفا من الفتنة والتعذيب .
والمراد بقوله : {أن يسبقونا} الغلبة والتعجيز بسبب فتنة المؤمنين وصدهم عن سبيل الله - على ما يعطيه السياق .
وقوله : {ساء ما يحكمون} تخطئة لظنهم أنهم يسبقون الله بما يمكرون من فتنة وصد فإن ذلك بعينه فتنة من الله لهم أنفسهم وصد لهم عن سبيل السعادة ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله .
وقيل : مفاد الآية توبيخ العصاة من المؤمنين وهم المراد بقوله : {الذين يعملون السيئات} والمراد بالسيئات المعاصي التي يقترفونها غير الشرك ، وأنت خبير بأن السياق لا يساعد عليه .
وقيل : المراد بعمل السيئات أعم من الشرك واقتراف سائر المعاصي فالآية عامة لا موجب لتخصيصها بخصوص الشرك أو بخصوص سائر المعاصي دون الشرك .
وفيه أن اعتبار الآية من حيث وقوعها في سياق خاص من السياقات أمر واعتبارها مستقلة في نفسها أمر آخر والذي يقتضيه الاعتبار الأول وهو العمدة بالنظر إلى غرض السورة هوما قدمناه من المعنى ، وأما الاعتبار الثاني : فمقتضاه العموم ولا ضير فيه على ذلك التقدير .
قوله تعالى : {من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم} إلى تمام ثلاث آيات .
لما وبخ سبحانه الناس على استهانتهم بأمر الإيمان ورجوعهم عنه بأي فتنة وإيذاء من المشركين ووبخ المشركين على فتنتهم وإيذائهم المؤمنين وصدهم عن سبيل الله إرادة لإطفاء نور الله وتعجيزا له فيما شاء وخطأ الفريقين فيما ظنوا .
رجع إلى بيان الحق الذي لا معدل عنه والواجب الذي لا مخلص منه ، فبين في هذه الآيات الثلاث أن من يؤمن بالله لتوقع الرجوع إليه ولقائه فليعلم أنه آت لا محالة وأن الله سميع لأقواله عليم بأحواله وأعماله فليأخذ حذره وليؤمن حق الإيمان الذي لا يصرفه عنه فتنة ولا إيذاء وليجاهد في الله حق جهاده ، وليعلم أن الذي ينتفع بجهاده هو نفسه ولا حاجة لله سبحانه إلى إيمانه ولا إلى غيره من العالمين وليعلم أنه إن آمن وعمل صالحا فإن الله سيكفر عنه سيئاته ويجزيه بأحسن أعماله ، والعلمان الأخيران يؤكدان العلم الأول ويستوجبان لزومه الإيمان وصبره على الفتن والمحن في جنب الله .
فقوله : {من كان يرجوا لقاء الله} رجوع إلى بيان حال من يقول : آمنت فإنه إنما يؤمن لو صدق بعض الصدق لتوقعه الرجوع إلى الله سبحانه يوم القيامة إذ لولا المعاد لغا الدين من أصله ، فالمراد بقوله : {من كان يرجوا لقاء الله} من كان يؤمن بالله أومن كان يقول : آمنت بالله ، فالجملة من قبيل وضع السبب موضع المسبب .
والمراد بلقاء الله وقوف العبد موقفا لا حجاب بينه وبين ربه كما هو الشأن يوم القيامة الذي هو ظرف ظهور الحقائق ، قال تعالى : {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} .
وقيل : المراد بلقاء الله هو البعث ، وقيل : الوصول إلى العاقبة من لقاء ملك الموت والحساب والجزاء ، وقيل : المراد ملاقاة جزاء الله من ثواب أو عقاب وقيل : ملاقاة حكمه يوم القيامة ، والرجاء على بعض هذه الوجوه بمعنى الخوف .
وهذه وجوه مجازية بعيدة لا موجب لها إلا أن يكون من التفسير بلازم المعنى .
وقوله : {فإن أجل الله لآت} الأجل هو الغاية التي ينتهي إليها زمان الدين ونحوه وقد يطلق على مجموع ذلك الزمان والغالب في استعماله هو المعنى الأول .
و{أجل الله} هو الغاية التي عينها الله تعالى للقائه ، وهو آت لا ريب فيه وقد أكد القول تأكيدا بالغا ، ولازم تحتم إتيان هذا الأجل وهو يوم القيامة أن لا يسامح في أمره ولا يستهان بأمر الإيمان بالله حق الإيمان والصبر عليه عند الفتن والمحن من غير رجوع وارتداد ، وقد زاد في تأكيد القول بتذييله بقوله : {وهو السميع العليم} إذ هو تعالى لما كان سميعا لأقوالهم عليما بأحوالهم فلا ينبغي أن يقول القائل : آمنت بالله إلا عن ظهر القلب ومع الصبر على كل فتنة ومحنة .
ومن هنا يظهر أن ذيل الآية : {فإن أجل الله لآت} إلخ ، من قبيل وضع السبب موضع المسبب كما كان صدرها : {من كان يرجوا لقاء الله} أيضا كذلك ، والأصل من قال : آمنت بالله .
فليقله مستقيما صابرا عليه مجاهدا في ربه .
وقوله : {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين} المجاهدة والجهاد مبالغة من الجهد بمعنى بذل الطاقة ، وفيه تنبيه لهم أن مجاهدتهم في الله بلزوم الإيمان والصبر على المكاره دونه ليست مما يعود نفعه إلى الله سبحانه حتى لا يهمهم ويلغو بالنسبة إليهم أنفسهم بل إنما يعود نفعه إليهم أنفسهم لغناه تعالى عن العالمين فعليهم أن يلزموا الإيمان ويصبروا على المكاره دونه .
فقوله : {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} تأكيد لحجة الآية السابقة ، وقوله : {إن الله لغني عن العالمين} تعليل لما قبله .
والالتفات من سياق التكلم بالغير إلى اسم الجلالة في الآيتين نظير ما مر من الالتفات في قوله : {فليعلمن الله الذين صدقوا} الآية .
وقوله : {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} بيان لعاقبة إيمانهم حق الإيمان المقارن للجهاد ويتبين به أن نفع إيمانهم يعود إليهم لا إلى الله سبحانه وأنه عطية من الله وفضل .
وعلى هذا فالآية لا تخلو من دلالة ما على أن الجهاد في الله هو الإيمان والعمل الصالح فإنها في معنى تبديل قوله في الآية السابقة : {ومن جاهد} من قوله في هذه الآية : {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} .
وتكفير السيئات هو العفو عنها والأصل في معنى الكفر هو الستر ، وقيل : تكفير السيئات هو تبديل كفرهم السابق إيمانا ومعاصيهم السابقة طاعات ، وليس بذاك .
وجزاؤهم بأحسن الذي كانوا يعملون هو رفع درجتهم إلى ما يناسب أحسن أعمالهم أو عدم المناقشة في أعمالهم عند الحساب إذا كانت فيها جهات رداءة وخسة فيعاملون في كل واحد من أعمالهم معاملة من أتى بأحسن عمل من نوعه فتحتسب صلاتهم أحسن الصلاة وإن اشتملت على بعض جهات الرداءة وهكذا .
قوله تعالى : {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} إلخ ، التوصية العهد وهو هاهنا الأمر ، وقوله : {حسنا} مصدر في معنى الوصف قائم مقام مفعول مطلق محذوف والتقدير : ووصينا الإنسان بوالديه توصية حسنة أو ذات حسن أي أمرناه أن يحسن إليهما وهذا مثل قوله : {وقولوا للناس حسنا} أي قولا حسنا أوذا حسن ، ويمكن أن يكون وضع المصدر موضع الوصف للمبالغة نحو زيد عدل ، وربما وجه بتوجيهات أخر .
وقوله : {وإن جاهداك لتشرك بي} إلخ ، تتميم للتوصية بخطاب شفاهي للإنسان بنهيه عن إطاعة والديه إن دعواه إلى الشرك والوجه في ذلك أن التوصية في معنى الأمر فكأنه قيل : وقلنا للإنسان أحسن إلى والديك وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما .
ولم يقل : وأن لا يطيعهما إن جاهداه على أن يشرك إلخ ، لما في الخطاب من الصراحة وارتفاع الإبهام ولذلك قال أيضا : {لتشرك بي} بضمير المتكلم وحده فافهمه ويئول معنى الجملة إلى أنا نهيناه عن الشرك طاعة لهما ورفعنا عنه كل إبهام .
وفي قوله : {ما ليس لك به علم} إشارة إلى علة النهي عن الطاعة فإن دعوتهما إلى الشرك بعبادة إله من دون الله دعوة إلى الجهل وعبادة ما ليس له به علم افتراء على الله وقد نهى الله عن اتباع غير العلم قال : { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } [الإسراء : 36] ، وبهذه المناسبة ذيلها بقوله : {إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} أي سأعلمكم ما معنى أعمالكم ومنها عبادتكم الأصنام وشرككم بالله سبحانه .
ومعنى الآية : وعهدنا إلى الإنسان في والديه عهدا حسنا - وأمرناه أن أحسن إلى والديك - وإن بذلا جهدهما أن تشرك بي فلا تطعهما لأنه اتباع ما ليس لك به علم .
وفي الآية - كما تقدمت الإشارة إليه - توبيخ تعريضي لبعض من كان قد آمن ثم رجع عن إيمانه بمجاهدة من والديه .
قوله تعالى : {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين} معنى الآية ظاهر ، وفي وقوعها بعد الآية السابقة وفي سياقها ، دلالة على وعد جميل منه تعالى وتطييب نفس لمن ابتلي من المؤمنين بوالدين مشركين يجاهدانه على الشرك فعصاهما وفارقهما ، يقول سبحانه : إن جاهداه على الشرك فعصاهما وهجرهما ففاتاه لم يكن بذلك بأس فإنا سنرزقه خيرا منهما وندخله بإيمانه وعمله الصالح في الصالحين وهم العباد المنعمون في الجنة ، قال تعالى : {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر : 27 - 30] .
وأما إرادة المجتمع الصالح في الدنيا فبعيد من السياق .
______________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص79-85 .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :
الامتحان الإلهي سنة خالدة :
نواجه في بداية هذه السورة الحروف المقطعة
[ألف ـ لام ـ ميم] أيضاً . . وقد بيّنا تفسيرها عدة مرات من وجوه مختلفة (2) .
وبعد هذه الحروف المقطعة يشير القرآن إلى واحدة من أهم مسائل الحياة البشرية ، وهي مسألة الشدائد والضغوط والإمتحان الإلهي . فيقول أوّلا : {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } . (3)
ثمّ يذكر القرآن هذه الحقيقة ـ بعد الآية المتقدمة مباشرة ، وهي أن الإمتحان سنة الهية دائمية ، فالامتحان لا يختص بكم ـ أيّها المسلمين ـ بل هو سنة جارية في جميع الأمم المتقدمة ، إذ يقول : {ولقد فتنا الذين من قبلهم} .
وهكذا ألقينا بهم أيضاً في أفران الإمتحانية الشديدة الصعبة . . . ووقعوا أيضاً ـ تحت تأثير ضغوط الأعداء القُساة والجهلة المعاندين . . فساحة الإمتحان كانت مفتوحة دائماً ، واشترك فيها جماعة كثيرون .
وينبغي أن يكون الأمر كذلك ، لأنّه في مقام الإدعاء يمكن لكل أحد أن يذكر عن نفسه أنّه أشرف مجاهد وأفضل مؤمن وأكثر الناس تضحيةً . . فلابدّ من معرفة قيمة هذه الإدعاءات بالإمتحان ، وينبغي أن تعرف النيات والسرائر إلى أي مدى تنسجم مع هذه الإدعاءات . ؟!
أجل {فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} .
من البديهي أنّ الله يعرف جميع هذه الأُمور جيداً ـ قبل أن يخلق الإنسان ـ إلاّ أنّ المراد من العلم هنا هو التحقق العيني للمسائل . . ووجودها الخارجي ، وبتعبير آخر : ظهور الآثار والشواهد العملية . . ومعناه أنّه ينبغي أن يرى علم الله في هذه المجموعة عملياً في الخارج ، وأن يكون لها تحقق عيني ، وأن يكشف كلٌّ عمّا في نفسه وداخله . . . هذا هو العلم حين يطلق على مثل هذه المسائل وينسب إلى الله ! .
والدليل على هذه المسألة واضح ـ أيضاً ـ لإنّ النيّات والصفات الباطنية إذا لم تحقق في عمل الإنسان وتكون عينيّة ، فلا مفهوم للثواب والجزاء والعقاب ! .
وبعبارة أُخرى : فإنّ هذا العالم مثله كمثل «المدرسة» أو «المزرعة» [والتشبيهات هذه واردة في متون الأحاديث الإسلامية] والمنهج هو أن تتفتح الإستعدادات وتربّى القابليات وتكون فعلية بعد ما كانت بالقوّة .
وينبغي أن تنمو البذور في هذه المدرسة وأن تطلع البراعم من تحت الأرض فتحاط بالرعاية والعناية لتكون شجيرات صغيرة ، ثمّ تكون أشجاراً ذوات أصول قوية وأغصان ومثمرّة على تعاقب الزمن . . وهذه الأُمور لا تكون إلاّ بالإمتحان والإختبار .
ومن هنا نعرف أن الإمتحانات الإلهية ليست لمعرفة الأفراد ، بل هي من أجل تربية الإستعدادات ورعايتها ، لتتفتح وتكون بصورة أحسن .
فعلى هذا . . لو أردنا نحن أن نمتحن شيئاً ، فهو لأجل كشف المجهول ، لكنّ امتحان الله ليس لكشف المجهول ، لأنّه أحاط بكل شيء علماً . . . بل هو لتربية الإستعدادت وايصال مرتبة «القوة» إلى «الفعل» (4) .
وقوله تعالى : {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [العنكبوت : 4 - 6]
لا مهربَ من سلطان الله :
كان الكلام في الآيات السابقة عن امتحان المؤمنين الشامل ، والآية الأُولى من الآيات أعلاه تهديد شديد للكفار والمذنبين ، لئلا يتصوروا أنّهم حين يضيّقون على المؤمنين ويضغطون عليهم ولا يعاقبهم الله فوراً ، فإنّ الله غافل عنهم أو عاجز عن عذابهم ، تقول الآية هذه : {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون} .
فلا ينبغى أن يغرّهم إمهال الله إيّاهم فهو امتحان لهم ، كما أنّه فرصة للتوبة والعودة إلى ساحة الله تعالى .
وما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ هذه الآية هي إشارة إلى المؤمنين المذنبين ، فلا يناسب هذا التّفسير سياق الآيات بأي وجه ، بل جميع القرائن تدل على أنّ المقصود بالآية هم المشركون والكفار .
ثمّ يتحدث القرآن مرّة أُخرى عن سير المؤمنين ومناهجهم ، ويقدم النصح لهم ، فيقول : {من كان يرجوا لقاء الله} فعليه أن يعمل ما في وسعه على امتثال الأوامر الإلهية والاحكام الشرعية ، لأنّ الوقت المعيّن سيأتي حتماً {فأنّ أجل الله لأت} (5) .
أجل ، إنّ وعد الله هذا لا يقبل التخلّف ، هو طريق لابدّ من اجتيازه ، ثمّ إنّ الله سبحانه يسمع أحاديثكم ، وهو مطلع على أعمالكم ونيّاتكم . . . لأنّه {هو السميع العليم} .
وفي معنى قوله تعالى : {لقاء الله} وما المقصود منه؟ فسّره بعض المفسّرين بملاقاة الملائكة ، كما فسّره البعض بملاقاة الحساب والجزاء . . وبعض بملاقاة الحكم وأمر الحق . . وآخرون بأنّه كناية عن يوم القيامة . . في حين أنّه لا دليل على أن تفسّر هذه الآية بهذه المعاني المجازية .
وينبغي القول أن «لقاء الله» في يوم القيامة ليس لقاءاً حسيّاً بل نوعاً من الشهود الباطني ، لأنّ الستائر الضخمة لعالم المادة تنكشف عن عين روح الإنسان ، وتبدو في حالة الشهود للإنسان !
وكما يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان : إنّ المقصود من لقاء الله ، هو أنّ العباد يكونون في موقف لا يكون بينهم وبين الله حجاب ، لأنّ طبيعة يوم القيامة هي ظهور الحقائق كما يقول القرآن : {ويعلمون أنّ الله هو الحقّ المبين} [سورة النور الآية 25] (6) .
أمّا الآية التي تليها ، فهي ـ في الحقيقة ـ تعليل لما سبق بيانه في الآية الآنفة ، إذ تقول : إن على المؤمنين الذين يرغبون في لقاء الله السعي بما اوتوا من قدرة وقابلية من أجل ذلك فإن نتيجة كل ذلك السعي والجهاد وتحمل الشدائد ترجع ثمارها للعامل نفسه : {ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين} .
إن خطة الإمتحان الالهي هي الجهاد ، جهاد النفس وهواها ، وجهاد الاعداء الألداء ، لحفظ الإيمان والتقوى والطهارة ، ونفع ذلك يعود للانسان . . . وإلاّ فإنّ الله وجود غير متناه من جميع الوجوه ، وغير مفتقر لأي شيء حتى يتم بواسطة طاعة الناس أو عبادتهم جبرانه ، ولا ينقصه شيء حتى يكمله الآخرون ، فكل ما عندهم فمنه ، وليس لهم شيء من أنفسهم! .
ويتّضح هنا من هذا البيان أن الجهاد لا يعني بالضرورة جهاد العدو المسلّح ، بل يحمل معناه اللغوي الذي يشمل كل أنواع السعي والجد لحفظ الإيمان والتقوى ، وتحمل أنواع الشدائد ، والمواجهات «الموضعية» للأعداء الألدّاء والحاقدين .
والخلاصة أنّ جميع منافع هذا الجهاد ترجع للشخص المجاهد نفسه ، وهو الذي يفوز بخير الدنيا والآخرة في جهاده ، وحتى إذا كان المجتمع يستفيد من بركات هذا الجهاد ، فهو في مرحلة أُخرى بعده .
فعلى هذا ، متى ما وفّق أي إنسان إلى الجهاد فنال نصيب منه ، فعليه أن يشكر الله على هذه النعمة ! .
وآخر آية ـ محل البحث ـ توضيح لما تقدم ذكره في الآية السابقة بشكل مبهم تحت عنوان الجهاد ، فهنا يكشف القرآن حقيقة الجهاد فيقول : {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم} .
إذن أوّل فائدة كبيرة لهذا الجهاد الكبير
[وهو الإيمن والعمل الصالح] هي تكفير الذنوب وسترها على الإنسان ، كما أن الثواب سيكون من نصيبهم ، كما يقول القرآن في نهاية هذه الآية أيضاً : {ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} .
كلمة «نكفّر» مشتقة من مادة «تكفير» ومعناها في الأصل التغطية والستر ، والمقصود بتغطية الذنوب هنا عفو الله وصفحه !
والتعبير بـ {أحسن الذي كانوا يعملون} مع أن الله يجزي على الأعمال الصالحة ـ حسنةً كانت أم أحسن لعله إشارة إلى أنّنا نجازي جميع أعمالهم الصالحة والحسنة بأحسن الجزاء ، أي إذا كانت بعض أعمالهم أحسن وبعضها حسناً ، فنحاسب الجميع بالأحسن ، وهذا هو معنى تفضل الله سبحانه .
وفي آيات أُخرى من القرآن ، كالآية (38) من سورة النور وردت الإشارة إلى ذلك أيضاً {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النور : 38] .
وقوله تعالى : {وَوَصَّيْنَا الاْنْسَانَ بِوَلِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَىَّ مَرْجِعُكمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصّاَلَحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الْصَّلِحِينَ}
أفضل الوصايا بالنسبة للوالدين :
إنّ واحداً من أهم الإمتحانات الإلهية ، هي مسألة «التضاد» بين خط الإيمان والتقوى وبين علاقة العاطفية والقرابة . . والقرآن في هذا المجال ـ يوضح وظيفة المسلمين بجلاء !
في البداية يتحدث عن قانون كلّي يستمد من جذور العواطف الإنسانية وردّ الجميل فيقول : {ووصينا الإنسان بوالديه} .
وبالرغم من أنّ هذا حكم تشريعي ، ولكن هذه المسألة قبل أن تكون «لازماً» تشريعياً ، لها وجود في فطرة الانسان بشكل قانون تكويني . وخاصّة أن التعبير بـ «الإنسان» هنا يلفت النظر . . فهذا القانون لا يختصُّ بالمؤمنين ، بل كلّ من كان جديراً بأن يحمل اسم الإنسان ينبغي أن يكون عارفاً بحق الأبوين . . . وأن لا ينسى تكريمهما واحترامهما والإحسان إليهما طيلة عمره . . وإن كان كل ذلك لا يفي بحقوقهما ! .
بعد ذلك ، ومن أجل أن لا يتبادر إلى الذهن أنّ العلاقة العاطفية بالوالدين يمكن أن تكون حاكمةً على العلاقة بين الإنسان وربّه وإيمانه ، يأتي استثناء صريح ـ ليوضّح هذا الموضوع في الآية ، فيقول تعالى : {وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} .
والتعبير بـ(جاهداك) مفهومه بذل قصارى جهدهما وإصرارهما ومنتهى سعيهما للحيلولة بين الولد وبين الإيمان بالله .
والتعبير بـ{ما ليس لك به علم} إشارة إلى عدم منطقية الشرك ، لأنّ الشرك لوكان صحيحاً واقعاً لكان عليه دليل بيّن .
وبتعبير آخر : متى ما لم يعلم الإنسان بشيء فلا ينبغي أن يتبعه فكيف إذا كان يعلم ببطلانه ؟
فهذا الاتباع هو اتّباع للجهل ، فلو أن الوالدين أمراك باتباع الجهل فلا تطعهما .
وأساساً فإنّ التقليد الأعمى خطأ حتى ولوكان في مورد الإيمان ، فكيف إذا كان هذا التقليد للكفر والشرك ! .
وهذه الوصية وردت ـ أيضاً ـ في سورة لقمان مع اضافة {وصاحبهما في الدنيا معروفاً} فمع عدم قبول دعوتهما للشرك ، ينبغي عليك احترامهما والاحسان إليهما والارفاق بهما .
ولا ينبغي أن يتصور أحد أن وجوب مخالفة الأبوين فيما لودعوا ولديهما الى الشرك دليل على جواز الاساءة لهما ، فهذا يؤكّد منتهى تأكيد الإسلام على احترام الأبوين .
وبهذا ـ يستفاد من هذا المنطلق أصل كلي : أي إن شيئاً لا يمكن أن يكون حاكماً على علاقة الإنسان بالله ، لأنّها مقدمة على كل شيء ، حتى على علاقته بأبويه التي هي أقرب العلائق إليه .
والحديث المعروف «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (7) . . . الذي نقل عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) يعطينا معياراً واضحاً لهذه المسائل ! .
ثمّ يضيف تعالى في نهاية الآية {إليّ مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون} وأجازيكم دون غمط ونقص في الثواب أو العقاب .
وهذه الجملة ـ في الحقيقة تهديد لأُولئك الذين يسيرون في طريق الشرك ، والذين يدعون الآخرين إلى هذا الطريق . . لأنّها تقول بصراحة : إنّ الله يرى أعمالكم ويحفظهما ثمّ يعيدها إليكم «في معادكم» .
والآية التي بعدها تؤكّد الحقيقة في أُولئك المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، وتكرر هذا المضمون أيضاً {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين} .
وأساساً فإنّ عمل الإنسان يترك في الإنسان أثره . . فالعمل الصالح يصبغ الإنسان بلونه ويدخله في زمرة «الصالحين» .
كما أنّ العمل السيء يدخله في زمرة «الخاطئين والمسيئين» .
ولكن ما الغاية من هذا التكرار ؟!
قال بعضهم : في الآيات السابقة إشارة إلى أُولئك الذين يسلكون طريق الحق ، أمّا هذه الآية فهي إشارة إلى أُولئك الذين هم الأدلاء والهداة الى طريق التوحيد ، لأنّ التعبير بـ «الصالحين» ورد في كثير من الأنبياء ، إذ كانوا يطلبون من الله أن يدخلهم في الصالحين .
كما يحتمل أيضاً ، أنّ الكلام في الآيات المتقدمة كان عن غفران الذنوب وتكفير السيئات وما يستحقه المؤمنون من الجزاء ، إلاّ أنّه هنا إشارة عن مقامهم الرفيع الذي هو في نفسه ثواب آخر! فهم في صف الصالحين ، صف الأنبياء والصديقين والشهداء ، وهم جلساؤهم ورفقاؤهم في الجنان .
_____________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص10-19 .
2 ـ يراجع بداية تفسير سورة البقرة وبداية سورة آل عمران وبداية تفسير سورة الأعراف من التّفسير الأمثل .
3 ـ «يفتنون» مشتق من «الفتنة» وهي في الأصل وضع الذهب في النّار لمعرفة مقدار خلوصه ، ثمّ أطلق هذا التعبير على كل امتحان ظاهري ومعنوي . . «لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآية (193) من سورة البقرة» .
4 ـ لمزيد الإيضاح في مسألة الإمتحان الإلهي وجوانبها المختلفة ، يراجع التّفسير الأمثل ذيل الآية (157) من سورة البقرة حيث بيّناه بتفصيل ! . . .
5 ـ هذه الجملة ـ في الحقيقة ـ فيها حذف ، والتقدير «من كان يرجو لقاء الله فيبادر بالطاعة قبل أن يلحقه الأجل» أو «من كان يرجو لقاء الله ويقول آمنت بالله فليقله مستقيماً صابراً عليه فإنّ أجل الله لآت» .
6 ـ بحثنا المراد من لقاء الله في الجزء الأوّل ذيل الآية (46) من سورة البقرة فليراجع هناك أيضاً .
7 ـ نهج البلاغة ، الكلمات القصار ـ الجملة 165 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|