ما زال مفهوم الضغط النفسي من أكثر المفاهيم غموضا، وهناك صعوبة في تحديد تعريفه ودراسته بشكل دقيق، وذلك لارتباطه بعدة مفاهيم متقاربة من حيث المعنى، وارتباطه كذلك باتجاهات نظرية مختلفة، ولم يتوصل العلماء والباحثين الى اتفاق محدد حول معنى الضغط النفسي، إذ ما زال هذا المصطلح غامضا ويحتاج إلى مزيد من البحث والدقة والتحديد.

وجميع أفراد المجتمع بلا استثناء يتعرضون يوميا لمصادر متنوعة من الضغوط الخارجية بما فيها ضغوط العمل والدراسة والضغوط الأسرية وضغوط تربية الأطفال ومعالجة مشكلات الصحة والأمور المالية وتكاثر الأعباء الاجتماعية أو الانتقال لبيئة جديدة والعجز عن تنظيم الوقت، أو السفر والصراعات الأسرية وتكاثر الأعمال المطلوب !نجازها والأزمات المختلفة التي قد نتعرض لها على نحو متوقع أو غير متوقع.

كما يتعرض الأفراد يوميا للضغوط ذات المصادر الداخلية كضغوط تناول الأودية ومضاعفاتها. بعبارة أخرى فإن قائمة الضغوط النفسية واسعة وممتدة وتشمل بالنسبة للإنسان العادي خبرات ومواقف متنوعة نستجيب لها في حالة تزايدها وتراكمها وفي حالة العجز عن التعامل مع بعض نتائجها السلبية بالمرض والاضطراب نفسيا كان أو عضويا.

إن هذا المفهوم الذي شاع استخدامه في علم النفس والطب النفسي، تمت استعارته من الدراسات الهندسية والفيزيائية، حينما كان يشير الى (الإجهاد ، والضغط ، والعبء).

ويعد هانز سيلي الطبيب الكندي من أوائل الأطباء الذين بحثوا هذا الموضع و أعطاه أرضية علمية وافية حوالي عام 1956م، فقد لاحظ منذ فترة مبكرة أن المرضى يشتركون بالرغم من تعدد مصادر المرض والشكوى لديهم في خصائص متماثلة وأعراض مرضية متشابهة بالإضافة إلى الأعراض النوعية التي تصف وترتبط بالمرض الخاص بكل منهم، فجمع المرضى يعانون من ضعف الشهية والوهن العضلي، وفقدان الاهتمام بالبيئة، ومن ثم افترض سيليا أن الأمراض المختلفة تشترك في احداث زملة من الأعراض أطلق عليها زملة الضغط العام بالإضافة إلى الأعراض النوعية الخاصة بكل مرض.

إن مقدرة الجسم على التكيف المبدئي والتوافق للضغوط سماها سيلي طاقة التكيف وقد  استمرار التعرض للضغوط يؤدي تدريجيا إلى فقدان هذه الطاقة وانهيارها ومن ثم تضعف - في الحالات البشرية - قدرة الجسم على المقاومة فتحدث الأمراض والوفيات المبكرة. وتستجيب للضغوط اولا الأعضاء الضعيفة من الجسم فهي الى تكون مستهدفة بشكل اسرع من غيرها للمرض، مما يفسر التأثير النوعي للضغوط على حدوث أمراض دون أمراض اخرى ففي حالة فشل الجهاز المناعي تحدث الأورام السرطانية وتحدث السكتة القلبية عندما تفشل الدورة الدموية ، والشرايين عن أداء وظائفها المعتادة وتحدث أمراض المعدة عندما يفشل الجهاز الهضمي عن أداء وظائفه المعتادة بسبب قلة كمية الدم التي تصله نتيجة للتوتر الذي تثيره هذه الضغوط.

والضغط النفسي كما يعرفه سي لي بأنه : الاستجابة غير المحددة للجسم تجاه اي وظيفة تتطلب منه ذلك سواء كانت سببا أو نتيجة لظروف مؤلمة أو غير سارة.