المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

The dipole radiator
2024-03-18
Dirichlet,s Formula
20-8-2018
الجهاز النطقي
30-7-2016
النيوكليوتيدات Nucleotides
2023-11-15
الشيخ محمد صادق الاسترآبادي
2-2-2018
الفيتامينات Vitamins
25-6-2021


بدء الوحي وشبهة ورقة بن نوفل  
  
2390   08:07 مساءاً   التاريخ: 21-04-2015
المؤلف : السيد هاشم الموسوي
الكتاب أو المصدر : القران في مدرسة اهل البيت
الجزء والصفحة : ص 25- 35.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / الإعجاز القرآني / الوحي القرآني /

يشكل الوحي أبرز ظاهرة ربانية غيبية في عالم الإنسان والشهادة.

ولقد تحدث القرآن عن الوحي ، وأضاء ما لا بد للإنسان معرفته من هذه الظاهرة الغيبية.

وفي هذا الموضوع نحاول أن ندرس مسألة بدء الوحي الى النبي محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فإن تحديد بداية الوحي الى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم توضح لنا مسائل عديدة ، من أبرزها إنهاء التقولات التي وصف بها موقف النبي حين مخاطبة جبريل عليه السّلام له في غار حراء.

فقد جاءت روايات مختلفة تصور لنا موقف النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من تلقي البشارة بالبعثة الى البشرية يوم أراد اللّه سبحانه بعثه الى الناس كافة ، تروي أن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يكن يعرف ما حدث له ، فعاد الى أهله يملأ قلبه الرعب والشك بنفسه ، وهو يبحث عن تفسير لما رأى وسمع ، فكان فهم ذلك وتفسيره عند خديجة وورقة بن نوفل.

ولكي نقف على جانب من تلك الروايات فلنقرأ :

أخرج البخاري عن عائشة : (أول ما بدئ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من الوحي ، الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلّا وجاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبّب إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء ، فيتحنّث فيه- وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع الى أهله ، ويتزوّد لذلك ، ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، قال : (ما أنا بقارئ). قال : (فأخذني فغطّني‏ (1) حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني فقال : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } [العلق : 1 - 3] فرجع بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد ، رضي اللّه عنها ، فقال : (زمّلوني زمّلوني).

فزمّلوه حتى ذهب عنه الرّوع ، فقال لخديجة ، وأخبرها الخبر : (لقد خشيت على نفسي). فقالت خديجة : كلّا ، واللّه ما يخزيك اللّه أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحقّ.

فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى ، ابن عمّ خديجة ، وكان امرأ تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب‏ الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء اللّه أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا ابن عم ، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة : يا ابن أخي ما ذا ترى؟ فأخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خبر ما رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزّله اللّه على موسى ...) (2).

ويتحدث الطبري في تأريخه المعروف بتأريخ الطبري عن بدء الوحي في غار حراء فيصور ذلك المشهد بالرواية التي رواها البخاري مضيفا : (... حتى فجأه الحق فأتاه ، فقال : يا محمد أنت رسول اللّه ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فجثوت لركبتي وأنا قائم ، ثم زحفت ترجف بوادري ، ثم دخلت على خديجة ، فقلت : زملوني ، زملوني حتى ذهب عني الروع ، ثم أتاني فقال : يا محمد أنت رسول اللّه ، قال : فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل فتبدى لي حين هممت بذلك ، فقال : يا محمد أنا جبريل ، وأنت رسول اللّه ...) (3).

ويروي لنا الطبري حوادث بدء الوحي في رواية اخرى ، فيقول- بعد أن تحدث عن حوار جبريل مع النبي - : (... فجاء الى خديجة فقال : يا خديجة ما أراني إلّا قد عرض لي ، قالت : كلّا ، واللّه ما كان ربك‏ يفعل ذلك بك ، ما أتيت فاحشة قط ، قال : فأتت خديجة ورقة ابن نوفل فأخبرته الخبر ، فقال : لئن كنت صادقة ، إن زوجك لنبي ...) (4).

ثم يروي الطبري عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال : إن جبريل جاءه ، وهو نائم في غار حراء ليلا ، فقال له : اقرأ ، والنبي يقول : ما ذا أقرأ؟ ثم يكرر عليه ، وهو يقول : ما ذا أقرأ؟ فقال له في المرة الثالثة : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق : 1] الى قوله‏ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق : 5].

ثم ينقل عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قوله : «فقرأته ، ثم انتهى ، ثم انصرف عني ، وهببت من نومي ، وكأنما كتب في قلبي كتابا».

قال - أي النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «و لم يكن من خلق اللّه أحد أبغض إليّ من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق أن أنظر إليهما ، قال : قلت إن الأبعد- يعني نفسه- لشاعر أو مجنون ، لا تحدّث بها عني قريش أبدا ، لأعمدنّ الى حالق من الجبل فلأطرحنّ نفسي منه ، فلأقتلنّها فلأستريحنّ.

قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : فخرجت أريد ذلك ، حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول : يا محمد أنت رسول اللّه ، وأنا جبرئيل ...) (5).

ثم يواصل الطبري نقله لهذه الرواية التي تنسب الى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :

(... وانصرفت راجعا الى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست الى فخذها مضيفا ، فقالت : يا أبا القاسم أين كنت؟ فو اللّه لقد بعثت رسلي في طلبك ، حتى بلغوا مكة ، ورجعوا إليّ ، قال : قلت لها : إنّ الأبعد لشاعر أو مجنون ، فقالت : أعيذك باللّه من ذلك يا أبا القاسم : ما كان اللّه ليصنع ذلك بك مع ما أعلم منك من صدق حديثك ، وعظم أمانتك ، وحسن خلقك ، وصلة رحمك ، وذاك يا ابن عم! لعلك رأيت شيئا؟

قال : فقلت لها : نعم . ثم حدثتها بالذي رأيت ، فقالت : أبشر يا ابن عمّ واثبت ، فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبيّ هذه الامة.

ثمّ قامت فجمعت عليها ثيابها ، ثم انطلقت الى ورقة بن نوفل بن أسد- وهو ابن عمّها ، وكان ورقة قد تنصّر وقرأ الكتب ، وسمع من أهل التوراة والإنجيل- فأخبرته بما أخبرها به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه رأى وسمع ، فقال ورقة : قدّوس ، قدّوس! والذي نفس ورقة بيده ، لئن كنت صدقتني يا خديجة ، لقد جاءه الناموس الأكبر- يعني بالناموس جبرئيل عليه السّلام الذي كان يأتي موسى- وإنه لنبيّ هذه الامة ، فقولي له فليثبت. فرجعت خديجة الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فأخبرته بقول ورقة فسهّل ذلك عليه بعض ما هو فيه من الهمّ ...) (6).

وهكذا تصوّر هذه الروايات شخصية النبي الأكرم محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم‏ وموقفه من تلقي الوحي بشكل يتناقض وما ورد عن أئمة أهل البيت وعلمائهم ، وتبرز ثلاثة عناصر أساسية حريّة بأن نناقشها ، ونكشف ما حوت من طعن في شخص النبي الكريم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وتوهين لموقفه ، ومخالفة للعقل والمنطق. فهي تصوّر :

1- أن النبي كان يجهل ما سمع ورأى ، ولا يعرف له تفسيرا.

2- اتهم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نفسه بأنه شاعر أو مجنون. مما يكشف التلفيق الواضح ، والدس الصريح المأخوذ من تهم الأعداء لشخص النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بعد التعريف بنبوته.

3- لقد فقد النبي السيطرة على موقفه العصبي ، وحاول أن يلقي بنفسه من أعلى الجبل ليقتلها.

4- إن خديجة وورقة بن نوفل قد اكتشفا أن الذي رآه النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو جبريل ، وأن ما حدث له إن هو إلّا تباشير النبوة. فطمأناه بذلك فعرف أنه نبي مخاطب بالوحي منهما ، وبذا اطمأنت نفسه ، وعرف تفسير ما رأى. أما هو فلم يستطع معرفة ما رأى وسمع.

5- انّ ما رآه النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو رؤية منام ، وليس يقظة كما أورد الطبري ذلك في احدى رواياته.

6- تتناقض هذه الروايات مع صدر الرواية التي رواها البخاري عن عائشة من أن الوحي الى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قد بدئ بالرؤية الصالحة ، فكان لا يرى رؤية إلّا جاءت كفلق الصبح.

وإذا كانت هذه المجموعة من الروايات تتحدث بهذا الشكل‏ المشوّه والمفترى في بدء الوحي ، وتلقّي الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لهذا الفتح الغيبي الفريد في عالم الانسان ، والتي تبناها المستشرقون والمشوّهون لمبدأ النبوة ، فلنتناول مجموعة اخرى من الروايات والآراء التي تتحدث عن بدء الوحي ، وعن موقف الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعلاقته باللّه سبحانه قبل أن يتفضّل المولى عليه ببشارة البعثة في غار حراء ، لنسجل التناقض بين المجموعتين ، ونعرض الفهم السليم لشخص الرسول ، ولنزول الوحي وكيفية تلقيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لهذا الحدث العظيم.

فقد جاء عن أئمة أهل البيت عليهم السّلام ، وعن عدد من علماء ينتسبون الى مدارس مذهبية متباينة ؟. أن النبي لم يفاجأ بالوحي ، وأن هناك مرحلة إعداد الهي ، وتربية للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليكون مؤهلا لتلقي الوحي ، واستقبال المهمة الكبرى في عالم الإنسان.

قال الأحول : سألت أبا جعفر عن الرسول والنبي والمحدث : قال :

(الرسول الذي يأتيه جبريل قبلا فيراه ويكلمه ، فهذا الرسول. وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السّلام ونحو ما كان رأي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من أسباب النبوة قبل الوحي ، حتى أتاه جبريل عليه السّلام من عند اللّه بالرسالة ، وكان محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حين جمع له النبوة ، وجاءته الرسالة من عند اللّه يجيئه بها جبريل عليه السّلام ، ويكلمه قبلا ...) (7).

وعن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه : كيف لم يخف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم‏ فيما يأتيه من قبل اللّه أن يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان؟ قال : فقال :

«إن اللّه إذا اتخذ عبدا رسولا أنزل عليه السكينة والوقار فكان يأتيه من قبل اللّه ، عز وجل ، مثل الذي يراه بعينه» (8).

وتحدث الإمام علي عليه السّلام في الإعداد الإلهي لشخص النبي الكريم وتأهيله للنبوة فقال : «لقد قرن اللّه به من لدن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره»(9).

ونقل الماوردي عن الشعبي ما يساوق قول الإمام علي عليه السّلام فقد جاء فيه : (إنّ اللّه قرن إسرافيل عليه السّلام بنبيه ثلاث سنين ، يسمع حسه ، ولا يرى شخصه ، يعلّمه الشي‏ء بعد الشي‏ء ، ولا يذكر له القرآن ، فكان في هذه المدة مبشرا بالنبوة ، وأمهله هذه المدة؛ ليتأهب لوحيه) (10).

وأخرج البخاري عن عائشة- رض- أنها قالت : (أول ما بدئ به رسول اللّه من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ...).

وقال القاضي وغيره : (و إنما ابتدئ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالرؤيا لئلا

يفجأه الملك الذي هو جبرئيل عليه السّلام بالنبوة : أي الرسالة ، فلا تتحملها القوى البشرية : أي لأن القوى البشرية لا تتحمل رؤية الملك ، وإن لم يكن على صورته التي خلقه اللّه عليها ، ولا على سماع صوته ، ولا على ما يخبر به ، لا سيما الرسالة ، فكانت الرؤيا تأنيسا له صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والمراد بالملك جبرئيل عليه السّلام) (11).

ثم نقل الحلبي في سياق عرضه للآراء الواردة في بدئ الوحي فقال : وعن علقمة بن قيس : (أول ما يؤتى به الأنبياء في النوم ، أي ما يكون في المنام ، حتى تهدأ قلوبهم ، ثم ينزل الوحي) (12).

ثم علق الحلبي على ذلك بقوله : أي في اليقظة (13) ؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي وصدق وحق ، لا أضغاث أحلام ، ولا تخيّل من الشيطان ، إذ لا سبيل له عليهم ، لأن قلوبهم نورانية فما يرونه في المنام ، له حكم اليقظة ، فجميع ما ينطبع في عالم مثالهم لا يكون إلّا حقا ، ومن ثمّ جاء : «نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا» (14).

ثم قال : (و ذكر بعضهم أن مدة الرؤيا ستة أشهر ، قال : فيكون ابتداء الرؤيا حصل في شهر ربيع الأول ، وهو مولده صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ثم أوحى اللّه إليه‏ في اليقظة ، أي في رمضان ، ذكره البيهقي وغيره) (15).

وتحدث العلّامة المجلسي بعد أن عرض جملة من الأخبار والروايات والتحليلات المتعلقة ببدء الوحي ، قال : (فإذا عرفت ذلك فاعلم أن الذي ظهر لي من الأخبار المعتبرة ، والآثار المستفيضة ، هو أنه كان قبل بعثته ، مذ أكمل اللّه عقله في بدو سنه ، نبيا مؤيدا بروح القدس ، يكلمه الملك ، ويسمع الصوت ، ويرى في المنام ، ثم بعد أربعين سنة صار رسولا ، وكلمه الملك معاينة ، ونزل عليه القرآن ، وأمر بالتبليغ ، وكان يعبد اللّه قبل ذلك بصنوف العبادات ، إما موافقا لما أمر به الناس بعد التبليغ ، وهو أظهر ، أو على وجه آخر ، أما مطابقا لشريعة إبراهيم عليه السّلام أو غيره ممن تقدمه من الأنبياء عليهم السّلام لا على وجه كونه تابعا لهم ، أو عاملا بشريعتهم ، بل أن ما اوحي إليه كان مطابقا لبعض شرائعهم ، أو على وجه آخر ، نسخ بما نزل عليه بعد الإرسال ...) (16).

إنّ هذه المجموعة من الروايات والآراء والتحليلات العلمية التي وردت عن أئمة أهل البيت وعلمائهم ، وعدد من علماء المذاهب الإسلامية الاخرى. لتؤكد لنا حقيقة منطقية ، وتكشف واقعا موضوعيا يتلخص في المبادئ الآتية :

1- إن اللّه أعدّ نبيّه ، وهيّأه لتحمل تلك المسئولية الكبرى ، ورعاه‏ رعاية ربانية عن طريق ملك (روح القدس) مكلف بذلك قبل أن يكلف بحمل الرسالة الى البشرية في غار حراء.

2- إن بدء الوحي ، هو الرؤية الصادقة في المنام التي كان يدرك حقيقتها ، كما يدرك في عالم اليقظة.

3- إنه نبّئ فكان نبيا ، مذ أكمل اللّه عقله في بدو سنه ، يتلقى الوحي عن طريق المنام والإلقاء في النفس وحديث الملك قبل أن يبعث الى الناس رسولا.

4- إن فترة الخلوة التي كان يخلوها في غار حراء كان فيها نبيا ، فكان يخلو للتعبد والتأمل ، منتظرا البعثة والرسالة. ولم يفاجأ بشي‏ء أبدا.

5- بعد أن كمل عمره الشريف أربعين سنة ، نزل عليه جبريل عليه السّلام بالقرآن ، وبعثه اللّه الى الناس رسولا.

_____________________

(1) غطّني : كبسني وعصرني عصرا شديدا/ المعجم الوسيط.

(2) صحيح البخاري : 1/ 37- 38 ، دار احياء التراث العربي- بيروت ط 2 ، 1401 هـ 1981 م.

(3) تأريخ الطبري : 2/ 205 ، ط 1399- 1979 م دار الفكر- بيروت.

(4) المصدر السابق : 2/ 206.

(5) المصدر السابق : ص 207.

(6) تأريخ الطبري : 2/ 207.

(7) المجلسي ، بحار الأنوار : 18/ 266.

(8) المجلسي ، بحار الأنوار : 18/ 262.

(9) المجلسي ، بحار الأنوار : 18/ 271.

(10) علي بن برهان الدين الحلبي ، السيرة الحلبية : 1/ 400 ط 1/ دمشق : دار المعرفة (1409 هـ - 1989 م).

(11) المصدر السابق : ج 1 ص 397.

(12) المصدر نفسه.

(13) يعني نزول الوحي.

(14) المصدر السابق.

(15) المصدر السابق.

(16) بحار الأنوار : 18/ 277 ط 3 (1403 هـ- 1983 م).




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .