أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-04-2015
3240
التاريخ: 17-04-2015
3536
التاريخ: 17-04-2015
3238
التاريخ: 17-04-2015
3604
|
الموضوع الاهم الذي يسترعي الانتباه في دراسة حياة الإمام الصادق (عليه السَّلام) هو امتناعه عن قبول اقتراح بيعة قادة الثورة العباسية له، وإذا ألقينا نظرة سطحية إلى هذا الأمر فانّا سنظن انّ للدوافع الدينية أثراً كبيراً فيها، لأنّ الشعارات التي حملوها كانت جميعها إسلامية، والكلمات التي كتبوها على راياتهم كلّها آيات قرآنية، وكانوا يتظاهرون بالولاء لأهل البيت وانّهم يريدون الانتقام لدماء أهل البيت التي أُريقت ظلماً من بني أُمية وبني مروان، وكان كلّ هدفهم هو ربط الثورة بأهل البيت ؛ ومع أنّهم لم يعلنوا عن اسم الخليفة الذي كان يدعون الناس إليه غير انّ شعارهم كان الرضا من آل محمد أي ثرنا لبيعة شخص منتخب من آل محمد (صلَّى الله عليه وآله) .
قالوا : كان لأبي مسلم أصحاب وأنصار كثيرون بين العرب، وعندما بايعوه أقسموا بأن يصمدوا ويثبتوا في اتّباع كتاب اللّه وسنّة النبي وفي طاعة الرضا من آل البيت، وأن لا يتأخّروا في اتبّاع قادتهم، وأن ينفّذوا كلّ أوامرهم بدون مناقشة حتى أنّهم أقسموا بأنّهم إذا انتصروا على عدوهم لا يقتلونهم إلاّ بما أمر به الإسلام وزعماءهم، وكان شعارهم الذي يعرفون به بعضهم ويتصلون من خلاله ببعضهم هي الملابس والرايات السوداء، وكان راياتهم سوداء باعتبار انّ راية النبي كانت سوداء، وهدفهم هو الرجوع إلى دين النبي، أو أن يكون رمزاً لمطالبتهم بدماء أهل البيت وحزنهم عليهم ؛ ولعلّهم أرادوا أن يجعلوا أنفسهم مصداقاً لأخبار الملاحم التي تقول بأن ظهور الرايات السوداء من خراسان علامة على زوال سلطان الطغاة وظهور الحكومة الحقة العادلة وعلى أي حال دلّ ظاهر الأمر انّ ثورة العباسيين ثورة عظيمة ذات مغزى إسلامي.
وفد ارسل قادة الثورة رسائل إلى الإمام الصادق (عليه السَّلام) وبعد موت إبراهيم الامام كتب أبو مسلم إلى الإمام الصادق (عليه السَّلام) : إنّي أدعو الناس إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فليس مزيد عليك.
فأجابه الإمام : ما أنت من رجالي ولا الزمان زماني.
وكذلك يقول الفضل الكاتب : كنت عند أبي عبد اللّه، فأتاه كتاب أبي مسلم ; فقال : ليس لكتابك جواب، أُخرج عنّا .
وهكذا قرر أبو سلمة الخلال الذي عرف فيما بعد بوزير آل محمد أن يبتعد عن العباسيين ويتصل بالعلويين، لأنّه لاحظ انّ الظروف قد انقلبت ضده بعد موت إبراهيم الإمام، ولذلك كاتب ثلاثة من أعيان العلويين، وهم : جعفر بن محمد الصادق، وعبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عبد اللّه المحض ، وعمر الأشرف بن زين العابدين، و أرسل الكتب مع رجل من مواليهم، وقال للرسول : اقصد أوّلاً جعفر بن محمد الصادق (عليمها السَّلام )، فإن أجاب فأبطل الكتابين الآخرين، وإن لم يجب فالق عبد اللّه المحض، فإن لم يجب فالق عمر. فذهب الرسول إلى جعفر بن محمد أوّلاً ودفع إليه كتاب أبي سلمة.
فقال الإمام (عليه السَّلام) : مالي ولأبي سلمة؟ وهو شيعة لغيري .
فقال له الرسول : اقرأ الكتاب، فقال الإمام لخادمه : ادن السراج مني، فأدناه، فوضع الكتاب على النار حتى احترق !
فقال الرسول : ألا تجيبه.
قال الإمام : قد رأيت الجواب ! فخرج الرسول فأتى عبد اللّه بن الحسن ودفع إليه الكتاب، فقرأه وقبله، ثمّ ركب حتى أتى منزل أبي عبد اللّه الصادق (عليه السَّلام) ، فقال هذا كتاب أبي سلمة يدعوني إلى الخلافة وقد قدمت عليه شيعتنا من أهل خراسان، فقال الإمام : ومتى كان أهل خراسان شيعة لك ؟! أنت بعثت أبا مسلم إلى خراسان ؟! وهل تعرف منهم أحداً ؟! فإن لم تعرفهم ولم يعرفوك فكيف صاروا شيعة لك ؟! .
فقال عبد اللّه : كان هذا الكلام منك لشيء .
فقال الصادق (عليه السَّلام) : قد علم اللّه أنّي أُوجب النصح على نفسي لكلّ مسلم، فكيف ادّخره عنك، فلا تمن نفسك بالأباطيل، فإنّ هذه الدولة ستتم لبني العباس، وقد جاءني مثل الكتاب الذي جاءك ؛ فخرج عبد اللّه غاضباً، وكان موقف عمر بن زين العابدين سلبياً تجاه كتاب أبي سلمة أيضاً ورفضه، وقال : أنا لا أعرف صاحب الكتاب حتى أرد عليه.
ولمّا أقبلت رايات الانتصار ترفرف وظهرت علائم النجاح كاتب أبو سلمة الإمام مرة ثانية : إنّ سبعين ألف مقاتل وصل إلينا، فننتظر أمرك.
فقال (عليه السَّلام) : إنّ الجواب كما شافهتك .
ويروي لنا أبو بكر الحضرمي انّه : دخلت أنا وأبان على أبي عبد اللّه الصادق (عليه السَّلام) ، وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان فقلنا : ماترى؟
فقال : اجلسوا في بيوتكم، فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح .
وقال الإمام (عليه السَّلام) في حديث آخر لأصحابه : كفّوا ألسنتكم، وألزموا بيوتكم، فإنّه لا يصيبكم أمر تخصون به أبداً .
لماذا رفض الإمام الصادق (عليه السَّلام) اقتراح قادة الثورة العباسية ؟ و بالنظر إلى ما تقدم يبدو موقف الإمام في الوهلة الأُولى تجاه اقتراحات أبي سلمة وأبي مسلم أمر يصعب فهمه وتحليله، ولكن إذا أمعنّا النظر قليلاً في الأُمور أدركنا السبب الكامن وراء هذا الموقف، فقد كان الإمام الصادق يدرك بأنّ قادة الثورة لا هدف لهم إلاّ الحصول على مقاليد السلطة، وليس رفع شعار الولاء لأهل البيت إلاّ لجذب واستقطاب الموالين لأهل البيت.
وتشهد الروايات التاريخية بوضوح انّ أبا سلمة الخلاّل تسلّم مقاليد الأُمور السياسية بعد وصول القوات الخراسانية إلى الكوفة، وراح يوزع المناصب السياسية والعسكرية بين جماعته وأصحابه، فقد أراد باختياره خليفة علوياً أن يكون هو صاحب القرار والسلطة في الحكومة ويكون منصب الخليفة منصباً شكلياً.
وكان الإمام يدرك بأنّ أبا مسلم وأبا سلمة يبحثان عن شخصية مرموقة من أهل البيت حتى يستغلا مكانتها وشعبيتها للوصول إلى أهدافهما وبأنّهما لا يعتقدان بإمامته، وإلاّ فما معنى إرسال ثلاث رسائل بمضمون واحد إلى ثلاث شخصيات من آل الرسول ؟!
كان الإمام يدرك وبكلّ ذكاء انّ المخطط الرئيسي للثورة هم العباسيون، وهؤلاء ليس لهم هدف غير تحقيق آمالهم في استلام مقاليد الحكم والسلطة، وليس أبو مسلم وأبو سلمة وغيرهما إلاّ بيادق بأيديهم، وكان يعلم أنّهم سرعان ما سيقضون على كلّ من لم يعد يفيدهم أو يقف سداً في طريقهم، وقد كان كذلك مصير أبي مسلم وأبي سلمة وسليمان بن كثير والآخرين حيث لقوا حتفهم .
يقول المقريزي : وتاللّه لو توجّه أبو مسلم إلى أرض الحرب ليغزو أهل الشرك باللّه، لما جاز أن يوصى إبراهيم بهذا، فكيف وإنّما توجّه إلى دار الإسلام وقتال أبناء المهاجرين والأنصار.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|