المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17607 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

محاصيل ذات طبيعة خاصة- مقومات انتاج التبغ
25-12-2016
دودة الحرير (القز) التوتية Mulberry silk warm Bombyx mori L..
18-12-2019
glossematics (n.)
2023-09-13
الاحوال السياسية لعصر السلالات في العراق
18-10-2016
سياسة سلمان الخارجية
11-12-2018
ورع وتقوه المجتبى (عليه السلام)
6-3-2018


تفسير الاية (20-23) من سورة النحل  
  
3126   06:33 مساءً   التاريخ: 7-8-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النحل /

 

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: 20 - 23]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } إلها { لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} يعني الأصنام لا يمكنها خلق شيء بل هي مخلوقة مربوبة منحوتة من الحجر والخشب ونحوهما مما هو مخلوق لله تعالى.

 ثم قال { أَمْوَاتٌ} أي: هي أموات { غَيْرُ أَحْيَاءٍ} أكد كونها أمواتا بقوله { غَيْرُ أَحْيَاءٍ} لنفي الحياة عنها على الإطلاق فإن من الأموات من سبقت له حالة في الحياة وله حالة منتظرة في الحياة بخلاف الأصنام فإنه ليس لها حياة سابقة ولا منتظرة وقال { أموات } ولم يقل موات وإن كان الأموات جمع الميت الذي كان فيه حياة فزالت لأنهم صور والأصنام على صور العقلاء وهيئاتهم وعاملوها معاملة العقلاء تسمية واعتقادا ولذلك قال: { لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} معناه: وما تشعر هذه الأصنام متى تبعث عن الفراء وقيل في الآية: إن معناه هم أموات يعني أن الكفار في حكم الأموات لذهابهم عن الحق والدين ولا يدرون متى يبعثون وقيل: إن المعنى ولا تدري الأصنام متى يبعث الخلق عن الجبائي {وأيان}: في موضع نصب {يبعثون} وقرىء في الشواذ: إيان بكسر الهمزة والفتح أفصح وأصح .

ثم خاطب سبحانه عباده فقال { إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا يقدر على ما يستحق به العبادة من خلق أصول النعم سواه فاثبتوا على عبادته.

 {  فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ} أي: جاحدة للحق تستبعد ما يرد عليها من المواعظ { وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } عن الانقياد للحق ذاهبون عنه دافعون له من غير حجة والاستكبار طلب الترفع بترك الإذعان للحق ثم قال سبحانه { لا جرم } أي: حقا وهو بمنزلة اليمين قال الخليل وهو كلمة تحقيق ولا يكون إلا جوابا لقول فعلوا كذا فيقول السامع لا جرم يندمون وقال الزجاج: معناه حق أن الله ووجب أن الله ولا رد لفعلهم قال الشاعر :

ولقد طعنت أبا عيينة طعنة            جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا

 المعنى: أحقت فزارة بالغضب وقال أبومسلم أصله من الكسب فكأنه قال لا يحتاج في معرفة هذا الأمر إلى اكتساب علم بل هو معلوم { أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} وهذا تهديد لهم بأنه عالم بجميع أحوالهم فيجازيهم على أقوالهم وأفعالهم { إنه لا يحب المستكبرين } أي: المتعظمين الذين يأنفون أن يكونوا أتباعا للأنبياء أي: لا يريد ثوابهم وتعظيمهم .

____________

1- تفسير مجمع البيان،الطبرسي،ج6،ص147-148.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ والَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وهُمْ يُخْلَقُونَ } . سبق الحديث عن الشرك والجدال مع المشركين في العديد من الآيات . . والآن وبعد ما ان عدّد سبحانه أنواعا من النعم على عباده أشار بهذه الآيات والتي بعدها إلى الكافرين باللَّه وآلائه ، والجاعلين له شركاء في خلقه ، وقال لهم بكل بساطة ، وبأبلغ حجة :

ان الإله المعبود يجب أن يكون خالقا غير مخلوق ، وأنتم أيها المشركون تعبدون مخلوقا غير خالق { أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ } وأيضا من شروط المعبود أن يكون حيا لا جمادا ، ومعبودكم جماد لا حياة فيه .

{ وما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } . وهذه الجملة يتضح معناها من السؤالين التاليين وجوابيهما :

السؤال الأول : ان واويشعرون ويبعثون تستعمل في العاقل ، والمشركون يعبدون الأصنام ، فكيف أطلق ضمير العاقل على غير العاقل ، ومثله ضمير ( هم ) في الآية السابقة ؟ .

الجواب : ان هذا الاستعمال جاء على وفق عقيدة المشركين الذين يعتقدون بأن الأصنام تعقل وتشعر . . وأي ضير في هذا الاستعمال وأمثاله ما دامت المسألة مسألة ألفاظ وعبارات .

السؤال الثاني : ان الأصنام لا تبعث ، فكيف قال سبحانه : وما يشعرون أيان يبعثون ؟ .

وأجاب بعض المفسرين بأن ضمير يشعرون يعود إلى الأصنام ، وضمير يبعثون إلى المشركين ، وعليه يكون المعنى ان الأصنام لا تعلم متى يبعث المشركون من قبورهم ، وإذا لم تعلم الأصنام ذلك ، فكيف تكون أهلا للعبادة ؟ .

{ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } .

ذكر سبحانه في هذه الآية وصفين لمنكري الآخرة : الأول ان قلوبهم قد أنكرت وجحدت اليوم الآخر ، وهم من أجل ذلك لا يعملون أي شيء طمعا في ثواب اللَّه ، أوخوفا من عقابه . . وانما يعملون على أساس الربح والمنفعة في هذه الحياة الدنيا . الوصف الثاني الذي وصفهم اللَّه به في هذه الآية انهم ينفرون من الحق ولا ينقادون له علوا واستكبارا .

{ لا جَرَمَ } ليس من شك { أَنَّ اللَّهً يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ } . انه تعالى يعلم أن انكارهم كان علوا واستكبارا ، وهو يكره الذين يستنكفون عن الخضوع للحق ، ويعاقبهم بما يستحقون .

______________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 504-505.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

وقوله:{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} إشارة إلى فقدان الركن الأول من أركان الربوبية في آلهتهم الذين يدعون من دون الله ويتفرع عليه الركن الثاني وهو إيتاء النعمة، فليس الذين يدعونهم آلهة وأربابا والله الرب.

وقوله:{ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } إشارة إلى فقدان الركن الثالث من أركان الربوبية في أصنامهم وهو العلم بما يسرون وما يعلنون وقد بالغ في نفي ذلك فنفى أصل الحياة المستلزم لنفي مطلق العلم فضلا عن نوعه الكامل الذي هو العلم بما يسرون وما يعلنون فقال:{ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} فأثبت الموت أولا وهولا يجامع الشعور ثم أكده بنفي الحياة ثانيا.

وخص من وجوه جهلهم عدم شعورهم متى يبعث عبادهم من الناس فقال:{ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي ما يدري الأصنام أيان يبعث عبادهم فإن العبادة هي التي يجزى بها الإنسان يوم البعث فمن الواجب في الإله المعبود أن يعلم متى يوم البعث حتى يجزي عباده فيه عن عبادتهم، وهؤلاء لا يدرون شيئا من ذلك.

ومن هنا يظهر أن أول ضميري الجمع - يشعرون - للأصنام والثاني - يبعثون - للمشركين، وأما إرجاعهما كليهما إلى الأصنام فغير مرضي لأن العلم بالبعث مختص به سبحانه محجوب عن غيره ولا يختص الجهل به بالأصنام، وأردأ منه قول بعضهم: إن ضميري الجمع معا في الآية عائدان إلى المشركين.

هذا.

والآيات وإن كانت مسوقة بظاهرها لنفي ربوبية الأصنام لكن البيان بعينه بأدنى دقة جار في أرباب الأصنام كالملائكة المقربين والجن والكملين من البشر والكواكب من كل ما يعبده الوثنيون فإن صفات الخلق والإنعام والعلم لا تقوم بالأصالة والاستقلال إلا بالله سبحانه، ولا ربوبية حقيقة إلا بالأصالة والاستقلال، فافهم.

وفي الآيتين أعني قوله:{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ- إلى قوله - يبعثون} التفات من الخطاب إلى الغيبة، ولعل النكتة فيه ذكر يوم البعث فيهما والمشركون لا يقولون به فحول الخطاب منهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للتوسل بذلك إليه من غير اعتراض.

وقوله:{ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} بيان لنتيجة الحجة التي أقيمت في الآيات السابقة أي إذا كان الله سبحانه هو الواجد لما تتوقف عليه الألوهية وهي المعبودية بالحق، وغيره تعالى ممن يدعون من دونه غير واجد لشيء مما تتوقف عليه وهو الخلق والإنعام والعلم فإلهكم الذي يحق له أن يعبد واحد ولازم معناه أنه الله عز اسمه.

هذا هو الشطر الثاني من آيات صدر السورة، وقد كان الشطر الأول يتضمن توحيد الربوبية وإقامة الحجة على المشركين في ذلك بعد ما أنذرهم بإتيان الأمر ونزه الله سبحانه عن شركهم.

وهذا الشطر الثاني يتضمن ما يناسب المقام ذكره من مساوي صفات المشركين المتفرعة على إنكارهم التوحيد وأباطيل أقوالهم كاستكبارهم على الله واستهزائهم بآياته وإنكارهم الحشر، وبيان بطلانها وإظهار فسادها، وتهديدهم بإتيان الأمر وحلول العذاب الدنيوي، والإيعاد بعذاب يوم الموت ويوم القيامة وحقائق أخر ستنكشف بالبحث.

قوله تعالى:{ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} قد تقدم الكلام في قوله:{إلهكم إله واحد} وأنه نتيجة الحجة التي أقيمت في الآيات السابقة.

وقوله:{ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} إلخ تفريع عليه، وافتتاح لفصل جديد من الكلام حول أعمال الكفار من أقوالهم وأعمالهم الناشئة عن عدم إيمانهم بالله سبحانه وإنما ذكر عدم إيمانهم بالآخرة ولم يذكر عدم إيمانهم بالله وحده لأن الذي أقيمت عليه الحجة هو التوحيد الكامل وهو وجوب الاعتقاد بإله عليم قدير خلق كل شيء وأتم النعمة لا لغوا باطلا بل بالحق ليرجعوا إليه فيحاسبهم على ما عملوا ويجازيهم بما اكتسبوا مما عهده إليهم من الأمر والنهي بواسطة الرسل.

فالتوحيد المندوب إليه في الآيات الماضية هو القول بوحدانيته تعالى والإيمان بما أتى به رسل الله والإيمان بيوم الحساب والجزاء، ولذلك وصف الكفار بعدم الإيمان بالآخرة لأن الإيمان بها يستلزم الإيمان بالوحدانية والرسالة.

ولك أن تراجع في استيضاح ما ذكرناه قوله في أول الآيات:{ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } فإنه كلام جامع للأصول الثلاثة.

وقوله:{قلوبهم منكرة} أي للحق وقوله:{وهم مستكبرون} أي عن الحق، والاستكبار - على ما ذكروه - طلب الترفع بترك الإذعان للحق.

والمعنى: إلهكم واحد على ما تدل عليه الآيات الواضحة في دلالتها، وإذا كان الأمر على هذا الوضوح والجلاء لا يستتر بستر ولا يرتاب فيه فهم فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة للحق جاحدة له عنادا وهم مستكبرون عن الانقياد للحق من غير حجة ولا برهان.

قوله تعالى:{لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين}{لا جرم} كلمة مركبة باقية على حالة واحدة يفيد معنى التحقيق على ما ذكره الخليل وسيبويه وإليه يرجع ما ذكره غيرهما وإن اختلفوا في أصل تركبه قال الخليل: وهو كلمة تحقيق ولا يكون إلا جوابا يقال فعلوا كذا فيقول السامع: لا جرم يندمون.

والمعنى من المحقق - أوحق - أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون، وهوكناية وتهديد بالجزاء السيىء أي إنه يعلم ما يخفونه من أعمالهم وما يظهرونه فسيجزيهم بما عملوا ويؤاخذهم على ما أنكروا واستكبروا إنه لا يحب المستكبرين.

____________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج12،ص180-186.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

ثمّ يعود القرآن إِلى مسألة الخالقية بأُفق أوسع من الآية السابقة: { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ }.

وقد بحث لحد الآن في عدم صلاحية الأصنام لتكون معبودة لأنّها ليست خالقة. بل والأكثر من ذلك أنّها إِضافة لكونها مخلوقة فهي فقيرة ومحتاجة في وجودها، فكيف يلجأ إِليها الإِنسان لسد حوائجه؟! أوَ ليس ذلك السخف بعينه؟

ومع ذلك كلّه، فإِنّها { أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ}.

أوَ ليس ينبغي أن يكون المعبود حياً (على أقل التقادير) ليكون مطلعاً على حاجات عباده؟

إِذن... يلزم توفر صفة «الحياة» للمعبود الحقيقي، وهذا ما لا يتوفر في الأصنام.

ثمّ يضيف قائلا عنها: { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }.

فإذا كان الثواب والعقاب بيد الأصنام. فلا أقل من معرفتها بوقت بعث عبادهن، ومع جهلها بيوم البعث والحساب كيف تكون لائقة للعبادة؟!

وهذه هي الصفة الخامسة التي يجب توفرها في المعبود الحقيقي وتفتقدها الأصنام(2).

وقلنا مراراً فيما سبق أن مفهوم الصنم وعبادة الأصنام في المنطق القرآني أوسع من أنّ يحدد بالآلهة المصنوعة من الحجر والخشب والمعادن. فكل موجود نجعله ملجأ لنا مقابل اللّه عزَّ وجلّ، ونسلم له أمر مصائرنا، فهو صنم وإِنّ كان بشراً.

ولهذا فكل ما جاء في الآيات أعلاه يشمل الذين يعبدون اللّه بألسنتهم، ولكن في واقع حياتهم مستسلمون لمعبود ضعيف، وقد تبعوه لكونه المخلص لهم من دون اللّه، بعد أن فقد زمام استقلال المؤمن الحق.

أُولئك الذين يعتقدون أن القوى العالمية الكبرى يمكن أن تكون ملجأً لهم في حياتهم، وإِن كانت كافرة باللّه وجهنمية فهم من الناحية العملية الواقعية عبدةً للأصنام ومشركين باللّه عزَّوجلّ، وينبغي محاججتهم بـ :

هل خلقت لكم هذه المعبودات شيئاً؟

هل هي مصدر النعمة؟

أهي مطلعة على شؤونكم الظاهرة والخفية؟

وهل تعلم متى ستبعثون؟

هل بيدها الثواب والعقاب؟

وإِن كانت الإِجابة بالنفي، فَلِمَ تعبدونها من دون اللّه؟!

وبعد هذه الإِستدلالات الحية والواضحة على عدم صلاحية الأصنام يخلص القرآن إِلى النتيجة المنطقية لما ذكر: { إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ }.

وبما أنّ العلاقة بين المبدأ والمعاد مترابطة ربطاً لا انفصام فيه، يضيف القرآن الكريم من غير فاصلة: { فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ }(3).

فأدلة التوحيد والمعاد قائمة لمن أراد الحق وطلب الحقيقة، إِلاّ أن سبب عدم قبول الحق وإِنكاره يرجع إِلى حالة الإِستكبار وعدم التسليم له، ويصبح ملكةً في وجود المنكرين خصوصاً بعد أن يصل بهم الحال الى إنكار الحقائق الحسيّة المتوفرة لديهم، وعندها فلا ينفع معهم كلام حق أو دليل شاخص أو منطق سليم.

فالأدلة الحية التي ذكرتها الآيات السابقة بعدم صلاحية الأصنام للعبادة كافية لكل ذي لب رشيد، إِلاّ أنّ هناك الكثير ممن لا يقبلها مع مالها من حقيقة ووضوح!!!

ثمّ تتطرق الآية الآخيرة إِلى علم اللّه في الغيب والشهادة: { لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }.

والآية في واقعها تهديد للكفار وأعداء الحق، بأنّ اللّه عزَّ وجلّ ليس بغافل عنهم، سرهم وعلانيتهم، وكل سينال جزاءه بما غرفت يداه.

فهم مستكبرون و { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ }، والإِستكبار على الحق من علامات الجهل باللّه عزَّ وجلّ.

إِنّ كلمة «لاجرم» متكون من «لا» و «جرم» وتستعمل عادة للتأكيد بمعنى (قطعاً)، وأحياناً بمعنى (لابد)، وفي بعض الأحيان تستعمل كقسم مثل: {لا جرم لأفعلن}.

أمّا كيف أمكن استخراج هذه المعاني من كلمة «لا جرم» فذلك لأنّ «جرم» في الأصل بمعنى القطف وقطع الثمار من الأشجار، وعندما تدخل عليها «لا» يكون مفهومها: أنْ لا شيء يستطيع قطع هذا الموضوع ومنعه من التحقق، ولهذا يستفاد منها معاني: قطعاً، ولابدّ، وأحياناً القسم.

_______________

1- تفسير الامثل،مكارم الشيرازي،ج7،ص34-37.

2- ويرى المفسرون في تفسير الأية { اموات غير أحياء ومايشعرون أيان يبعثون} احتمالات اخرى غير ما ذكر في المتن. منها أن المراد من الأية أن الاصنام لاتعلم انها تبعث يوم القيامة ، واستشهدوا لذلك بقوله تعالى { انكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم } (الانبياء98) ولكنا من الواضح أن هذا الاحتمال لاينسجم مع ماقبل الية ما بعدها، فالصحيح هو ماذكرناه اعلاه.

3 ـ إنّ حرف الفاء في كلمة «فالذين» للتفريع كما هو معلوم، فيكون المراد: إِنّ إِنكار القيامة فرع لإِنكار المبدأ.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .