المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

علانية النطق بالحكم
5-8-2022
وقت النية
2-12-2015
معنى كلمة برج
23-2-2022
Tschirnhausen Transformation
23-2-2019
Segmental phonology
2024-05-25
الصخور ومظاهر ضعفها
14-9-2019


خسارة غير قابلة للتعويض  
  
3477   03:34 مساءً   التاريخ: 15-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص285-288.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الباقر / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2016 4277
التاريخ: 11-8-2016 2764
التاريخ: 15-04-2015 3085
التاريخ: 15-04-2015 3226

أوجبت هذه المضايقات الحكومية أن تظلّ الأحاديث النبوية حبيسة صدور حملة الحديث وحافظيه، وأن يبقى المسلمون لمدة من الزمن محرومين من المصدر الكبير للثقافة الإسلامية، لدرجة انّ الشعبي قال:  كنت جليساً لابن عمر مدّة عام واحد ولم أسمع منه حديثاً واحداً ؛ وقال السائب بن زيد : كنت مع سعد بن مالك في سفره من المدينة إلى مكة ولم يحدّث خلال ذلك بحديث واحد عن الرسول .

ومن الواضح انّ الخسارة التي مني بها الإسلام جرّاء هذا الحظر غير قابلة للتعويض، لأنّ كتابة الحديث باتت متروكة قرابة مائة عام ، وأصبح ذلك الكلام الراقي بعيداً عن التداول بين المسلمين ؛ والأسوأ من كلّ ذلك انّ بعض المرتزقة والوضّاعين والكذّابين استغلّ هذه الفرصة وراحوا يضعون الأحاديث على لسان الرسول بما ينصب في صالح الحكومات والحكّام في تلك الفترة، لأنّه عندما يكون مصدر الحديث هو المذاكرات والسماع من الأفراد فقط يكون من الطبيعي أن يتحدث ويدّعي أي شخص بأي شيء و كما يحلو له حيث لا كتاب ولا حساب، وواضح انّه يظهر العشرات من أمثال أبي هريرة في مثل هذه الظروف ولمصالح غير مشروعة يعتبرون أنفسهم محدّثين واقعيين.

استمر هذا الوضع حتى نهايات القرن الأوّل الهجري أي حتى خلافة عمر بن عبد العزيز(99ـ 101هـ) وألغى عمر بن عبد العزيز و من خلال مبادرة فقد كتب و بدافع تشجيع وترغيب العلماء والمحدّثين في ذلك : انظروا حديث رسول اللّه فاكتبوه، فإنّي خفت دروس العلم وذهاب أهله.

و كما نقل البخاري انّ عمر بن عبد العزيز كتب كتاباً مماثلاً للكتاب السابق إلى عامله في المدينة أبي بكر بن حزم.

ولكن كانت هذه هي البداية وكان لابدّ من مضي فترة طويلة كي يتم خلالها تعويض كل هذا التأخر والخسران وإحياء سنّة النبي وإنزال ما احتفظت به الذاكرات الذي اختلط ببعض التحريف والتزوير عمداً أو سهواً على الورق.

غير انّه ولأنّ فترة خلافة عمر بن عبدالعزيز كانت قصيرة لم تتطور هذه السيرة التي بدأها بسرعة، لأنّه قد اعتلى يزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك سدة الحكم بعده، والشيء الذي لم يكن له موضع في حكمهما هو الاهتمام بقضايا الإسلام والمسلمين.

وكتب بعضهم بأنّ أوّل مَن جمع الأحاديث بأمر من عمر بن عبد العزيز هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.

وطبعاً ينبغي الالتفات إلى أنّه على الرغم من أنّ كتابة الحديث والتحدّث به صار مسموحاً به منذ حكم عمر بن عبد العزيز، غير انّ الروايات الموضوعة قد دخلت المجاميع الروائية خلال فترة منع كتابة الحديث من ناحية، ومن ناحية، أُخرى راح المحدِّثون الحكوميون ووعاظ السلاطين يمتنعون عن التحدّث بالروايات التي تنصب بنحو ما في صالح أهل البيت والشيعة.

أعذار واهية

ويطرح هنا سؤال وهو انّه ما السبب الذي يكمن وراء منع كتابة الحديث، وبأي دليل أصدر الخليفة هذا الأمر؟ مع أنّنا نعلم جميعاً أنّ سنّة النبي حجة كالقرآن، واتّباعها واجب على جميع المسلمين، وقد قال القرآن حول ما قاله النبي (صلَّى الله عليه وآله) سواء كان قرآناً وهو كلام اللّه أو حديثاً ألفاظه من نفس النبي غير انّ محتواه مستمد من عالم الوحي  {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم: 3، 4]

وفضلاً عن ذلك جعل اللّه كلام الرسول وما يأتي به حجّة على المسلمين وقال: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] ؛ وقد روى عبد اللّه بن عمرو عن النبي انّه أومأ إلى شفتيه، فقال : يا ابن عمرو والذي نفسي بيده ما يخرج ممّا بينهما إلاّ حق فاكتب.

وبالرغم من أهمية السنّة النبوية والتي تعد من الطرق الهامة والموثوقة لتعرف الناس على حقيقة الإسلام، فهل كان يجدر بالخليفة الثاني أن يكتب للمنع من كتابة السنّة النبوية كتاباً إلى الأمصار : من كان عنده شيء فليمحه ؟ وهل يتلاءم هذا الأمر والقرار مع روح الإسلام ، ذلك الدين الذي يدعو إلى التنمية والتوسع في العلم والمعرفة؟ وفي الإجابة على هذا السؤال تمحّل مدافعو جهاز الخلافة في أن ينحتوا لعمل الخليفة فلسفة من عندهم وانّ أبا بكر قال: منعت التحدّث بالسنّة النبوية كي لا تختلط بالقرآن.

وقد بلغ هذا العذر درجة من الوهن حتى أنّه لا يحتاج معها إلى إجابة، ذلك انّه لما رحل النبي الأكرم (صلَّى الله عليه وآله) كانت جميع الآيات والسور القرآنية محددة ومكتوبة، وكان كتبة الوحي وقرّاء القرآن قد حفظوا و بما تمتعوا به من ذاكرة قوية ـ جميع القرآن، وقد بلغت الدقة في حفظ آيات القرآن وسوره وتحديدها درجةً لم يكن بمقدور أحد أن يحذف أو يضيف حرفاً منه أو إليه، إذن فهل كانت كتابة الحديث تضر بالقرآن وتؤثر عليه؟!

هذا مضافاً إلى أنّ القرآن لا يماثله أي كلام من ناحية فصاحته وبلاغته وعذوبة ألفاظه وتراكيبه، ولا يختلط أي كلام مهما بلغ من الرقي في الفصاحة ولا يشتبه بالقرآن، فهذا كلام أمير المؤمنين في نهج البلاغة وهذه خطب الرسول (صلَّى الله عليه وآله) نجدهما يعتليان ذروة الفصاحة والبلاغة وعذوبة الألفاظ وجمالها غير انّهما لا يختلطان بالقرآن أبداً، وانّ الآيات التي تضمنتها خطب أمير المؤمنين تشع كالدرر المتلألأة من بين كلامه، وكلّ من له معرفة بطبيعة الكلام العربي يجد الفرق بين هذين من أوّل نظرة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.