الشيعة أوّل من دوّن الحديث
المؤلف:
جعفر السبحاني
المصدر:
سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة:
ص290-292.
15-04-2015
4063
لحسن الحظ بذل الشيعة قصارى جهدهم في هذا المجال منذ الأيام الأُولى من عهد نبي الإسلام وتأسّياً بأمير المؤمنين حازوا قصب السبق في نقل وكتابة الحديث، وخلّفوا تراثاً قيماً ومجموعات ثمينة من الروايات والأحاديث.
فقد كان عليّ أوّل من جمع أحاديث رسول اللّه، فكان نبي الإسلام يملي الأحاديث وعلي يكتبها وأخرجها على شكل كتاب، وانتقل هذا الكتاب من علي (عليه السَّلام) إلى الأئمة (عليهم السَّلام) حتى صار في يد الإمام الباقر (عليه السَّلام) ، وقد رآه الحكم بن عتيبة يوماً عند الإمام الباقر، وكان قد اختلف مع الإمام الباقر (عليه السَّلام) في مسألة ما، فعرض الإمام الكتاب والحديث المتعلّق بالمسألة المختلف فيها عليه وقال: هذا خط علي وإملاء رسول اللّه .
وقد اعتبر السيوطي علياً (عليه السَّلام) وابنه الحسن من المدافعين عن كتابة الحديث.
وإذا كان أهل السنّة ظلّوا بعيداً عن كتابة الأحاديث الإسلامية ما يقارب المائة عام بسبب بدعة النهي عن كتابة الحديث ، فإنّ الشيعة ولحسن الحظ حازوا قصب السبق في ذلك، لأنّه قد كتب أبو رافع، وهو أحد أصحاب النبي ومن أصحاب الإمام علي (عليه السَّلام) أيضاً كتاباً في عهد النبي باسم السنن والأحكام والقضايا وجمع فيه الأحكام والسنن الخاصة في المجالات الإسلامية المختلفة، مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج والمرافعات، وإذا ما اعتبرنا هذا الكتاب أوّل كتاب في الحديث ألّفه واحد من الصحابة، يمكننا أن نعدّه أوّل كتاب فقهي من هذا القبيل أيضاً. وقد كتب أبو رافع هذا الكتاب في وقت كانت كتابة الحديث وكلام الرسول تعد جريمة كبرى في رأي جهاز الخلافة لكنّه لم يعبأ بهذا المنع وأقدم على تأليف الكتاب المذكور، وبعد أبي رافع قام الكُتّاب الشيعيون في تلك الفترة التي منعت فيها كتابة الحديث بتسجيل وكتابة الأحاديث الإسلامية، وبذلك حافظوا على كلام أئمتهم من يد التحريف وآفات الأيام الأُخرى.
وقد استمرت هذه السيرة منذ عهد أمير المؤمنين إلى عهد الإمام الخامس، وتطوّرت في عهد الإمام الباقر (عليه السَّلام) بشكل ملحوظ، بحيث لمّا صدر أمر عمر بن عبد العزيز لتجميع وكتابة الحديث، كان كلّ واحد من أصحاب وتلاميذ الإمام الخامس قد حفظ الآلاف من الأحاديث.
ويعدّ محمد بن مسلم الذي هو من كبار شخصيات الشيعة وعظماء الرواة وفضلائهم ; المثال البارز لتلامذة الإمام الخامس في الفقه والحديث، فقد كان كوفياً وخلال إقامته في المدينة التي استغرقت أربع سنوات تشرّف بلقاء الإمام الباقر (عليه السَّلام) والإمام الصادق بعده وأفاد من الإمامين العظيمين علوماً جمة، فقد قال : ما شجر في رأيي شيء قط إلاّ سألت عنه أبا جعفر، حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث، وسألت أبا عبد اللّه عن ستة عشر ألف حديث.
وكان محمد بن مسلم قد ألّف كتاباً باسم الأربعمائة مسألة الذي يحتمل أن يكون أجوبة سمعها من الإمامين الخامس والسادس لتلك المسائل الأربعمائة.
والشخصية الأُخرى التي تربّت في مدرسة الإمام الباقر هو جابر بن يزيد الجعفي، وكان كوفياً أيضاً وهاجر إلى المدينة ليفيد من الإمام الباقر، وبلغ درجات علمية عالية في ظل إفادته من مدرسة الإمام الخامس الغنية، وقد خلّف جابر ممّا أفاده من معارف الإمام الخامس الكثيرة كتباً ومصنّفات عديدة، وهو شاهد آخر على اهتمام الشيعة بمسألة كتابة الحديث وجمع المعارف الإسلامية، وأمّا كتب جابر فهي :
1. كتاب التفسير، 2. كتاب النوادر، 3. كتاب الفضائل، 4. كتاب الجمل، 5. كتاب صفين، 6. كتاب النهروان، 7. كتاب مقتل أمير المؤمنين (عليه السَّلام) ، 8. كتاب مقتل الحسين (عليه السَّلام)
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة