أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-01
1076
التاريخ: 3-4-2017
2149
التاريخ: 1-4-2016
7847
التاريخ: 2024-07-03
864
|
أن الرخصة الإدارية تفترض وجود حظر عام، ثم قيام الإدارة بالسماح الشخص معين بممارسة هذا النشاط المحظور.
وعلى هذا الأساس فصدور الرخصة يفترض وجود طلب يتقدم به الفرد المستفيد من الرخصة، بحيث لا تستطيع الإدارة إصدار مثل تلك القرارات إلا إذا كان هنالك علاقة رضائية lieux volontaire غير قائمة على الإلزام، ولكن ما هو دور إرادة الأفراد في نشأة الرخصة، وهل يرقى إلى درجة الاشتراك في تكوينها وتحديد مضمونها القانوني وأساسها الملزم أم أن الأمر يقتصر على كونها مجرد عمل إجرائي أو شرط من شروط الحصول على الرخصة؟؟.
أن الوظيفة الإدارية هي الفكرة الأم المفتاح في حياة القانون الإداري، وقلنا أيضا أن القرار الإداري هو العجلة الأداة التي تدور عليها هذه الحياة باعتباره الآلية التي تؤمن للإدارة هيمنتها على المرفق وتأمين سيره باضطراد وانتظام.
والقرار الإداري تبعا لخصوبة الحياة الإدارية وضرورة تنويع العلاقة مع الأفراد قد يكون صادرة عن محض إرادة الإدارة دون أن يكون هناك أي دور للأفراد، وهذه
هي الأوامر الإدارية orders، ومن جهة أخرى فهنالك الأسلوب العقدي الذي يقف الأفراد مع الإدارة على قدم المساواة، وأخيرا هنالك القرارات الإدارية التي لا تصدر جبرة على الأفراد كما هي الحال في الرخصة، ولقد استرعى هذا النوع من القرارات أنظار بعض الفقهاء، فحاولوا اسكان طبيعته وتكييفه تكييفه يضعه خارج نطاق القرارات الإدارية.
ويميزه بأوصاف وماهيات وطبائع مستقلة عن القرار الإداري، ولعل الباعث والسبب على كل ذلك هو تلك الحرية التي يتمتع بها الفرد في الحصول على الرخصة وقبوله بها :
على هذا الأساس أطلق الفقيه الألماني "أوتوماير" على التصرفات المانحة للرخصة (ومثلها معها من القرارات مثل قرارات التوظيف) تسمية قرارات إذعان (1)
، على اعتبار أن إرادة الأفراد تساهم في تكوين هذه القرارات وفي تحديد فحواها، ولكنها تخضع لإرادة الإدارة خضوعا تاما.
وحقيقة الأمر لا يمكن الكلام في مجال الرخصة عن عقد إذعان contrat de adhesion لأن هذا العقد من معطيات القانون الخاص، وهو في الوقت نفسه يفترض وجود احتكار قانوني أو فعلي للسلطة أو المرفق، ثم توجيه خطاب بالانتفاع بهذه السلطة إلى الجمهور بشروط متماثلة ومستمرة دون أن يتقيد هذا الاحتكار بأية قيود أو قواعد اللهم إلا المصلحة العامة.
وعلى العكس من ذلك، فالرخصة تفترض عادة وجود تنظيم عام، والتزام الإدارة بكتلة الشرعية bloque légalité.
ومن جهة أخرى فأصحاب هذا الاتجاه لم يحددوا لنا مقدار حرية الأفراد، وهل هي مستغرقة في الإذعان أي أن لها قدرة متينة من الاستقلال، ومن ثم إذا كان هنالك استقلال فما هو نطاقه ومضمونه وحدوده.
حيال هذا النقض برز اتجاه آخر حاول أن يرأب النقص في النظرية السابقة، وذلك بإعطاء جرعة ودفعة من الأهمية الإرادة الأفراد بحيث يكون لها ثقل وحضور في التصرف القانوني، وهكذا فقد أطلق الفقيه الألماني "جيلينيك" على هذا النوع من التصرفات تسمية التصرفات الإدارية الثنائية أو المزدوجة ووسمها بسمة خاصة بها ، معتبرة إياها طائفة ثالثة من الأعمال القانونية تتوسط القرارات الإدارية والعقود .
ونتيجة لذلك فقد رتب «في حال انعدام موافقة الأفراد » بطلان القرار وليس مجرد كونه قابلا للإبطال (2).
ونقطة الانطلاق لدى "جيلينيك" تتحدد بأن الدولة تملك فرض إرادتها جبرة على الأفراد، ولكنها «التماسا للمصلحة العامة» تبتعد عن ذلك مكتفية باللجوء إلى الأعمال المزدوجة، لأن هذه الأعمال تيسر لها تحديد عناصر القرار دون إلغاء إرادة الأفراد، ومن ثم ففي هذه الأعمال تلمح طرفين غير متكافئين الإدارة والأفراد بحيث تظهر الدولة على أنها الطرف الأقوى المسيطر، ومع ذلك نبقى أمام إرادتين وأمام تصرف قانوني مركب acte composée، وليس حيال تصرف بسيط.
أما الجهة النظام القانوني لهذا النوع من التصرف القانوني، فنحن حيال نظام مزدوج، إذ يضع أحد عناصره «وهو إرادة الإدارة» إلى القانون العام في حين تخضع إرادة الأفراد إلى القانون الخاص (3) .
هكذا يفترض "جيلينيك" وجود إرادة للأفراد تملك على صعيد الحياة الإدارية التعبير وتوليد الآثار القانونية، ويكون لها الاعتبار كقيمة قانونية وإن كانت هذه القوة أو القيمة القانونية لا ترقى إلى مستوى إرادة الإدارة إلا أنها النهاية إرادة تساهم في إنشاء شكل أو درجة أو صيغة من صيغ التصرفات القانونية المختلفة عن العمل الانفرادي (4) وعن العقد الإداري وهكذا يبدو الغموض واضحة في هذه النظرية والسؤال المطروح هو: هل نحن أمام أطراف تتحاور وتتبادل التأثير والتأثر في تكوين العمل القانوني، وهل أن هذا الحوار على درجة المساواة، أم العكس وإذا لم تكن على قدم المساواة فما هي جرعة القوة التي يمتلكها الأفراد في تكوين هذا النوع من التصرف؟؟.
إن وجود الأطراف كما هو معلوم بعيد عن التصور إلا في العقد، وهو الأمر الذي رفضه "جيلينيك"، هذا فضلا عن أنه غير مقبول أو مستحسن إخضاع تصرف قانوني واحد في شيء منه إلى نظام القانون العام والعكس بالنسبة للشق الثاني.
وهنالك نظرية ثالثة دلل بها الفقيه "ليون ديجي"، ومؤداها أن مثل هذه
التصرفات تنشأ عن توافق الاتفاق إرادتين accord de volonté، إرادة الإدارة وإرادة الأفراد وهذا التوافق ينشئ عملا متحدة accord de volonté وما يطلق عليه الألمان vereinlirgun (5)
هذا التصرف لا يعد بذاته عقد حيث لا تواجد أطراف متقابلة تمثل مصالح مختلفة ويعمل كل طرف منها على تحقيق مصلحته الخاصة، ثم تلتقي الإرادات في نقطة التقاء المصالح parie - parti ، كما لا يلزم التصرف الاتحادي كل طرف فيه بالتبادل mutelment مع الطرف الآخر، ولا تنشأ التزامات متبادلة، بل هنالك تعاون لغرض واحد corille حيث تتحد الإرادتان في الغرض نفسه لإنشاء أثر قانوني خارج نطاق الإرادات المتحدة ومن ثم فلا ينسب التصرف القانوني الاتحادي أي شخص من المشتركين في إنشائه، بل إلى كافة الإرادات المتحدة(6) .
فهذا التصرف المتحد يقوم على صياغة قانونية خاصةtechnique jurdique بمقتضاها تتجمع أجزاء الإرادات المتعددة وتتعاون Collaboration من أجل غرض معين، هو إنشاء أثر قانوني معين.
وفضلا عن ذلك، فالمفروض بالرخصة إذا كانت تصرفا متحدة أن تنشئ أثرها منذ اتحاد الإرادات، وهو أمر مرفوض في نظام هذا التصرف.
لهذه الأسباب لم يعد للنظريات السابقة إلا القيمة التاريخية، وإن قرار الترخيص هو تصرف إداري انفرادي unilateral، وفي الوقت نفسه تصرف شرطي acte conditionnel لتطبيق القوانين والأنظمة.
وبالطبع فهذا الغموض الذي أزلناه ينشئ بالنسبة للرخصة الناشئة من القرار الإداري، أما الترخيص الناشئ من العقد، فهو عمل ثنائي acte bilateral يخضع للنظرية العامة للعقد الإداري.
______________
1- مؤلفة في القانون الإداري الألماني، الطبعة الفرنسية، ج1، ص124.
2- Michel. D. Stassinopoulos:Traité des actes dministratifs, 1954 Athenes, p59.
3- د. حامد الجمل: الموظف العام فقها وقضاء ، ص 101.
4- المرجع السابق، ص 101.
5- د. حامد الجمل: الموظف العام فقها وقضاء ، ص 104. 2
6- المرجع السابق، ص105.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|