أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2021
2068
التاريخ: 2-2-2018
9218
التاريخ: 25-9-2017
2005
التاريخ: 25-3-2018
2211
|
حكى المسعودي في مروج الذهب في اخبار المأمون وغزاته أرض الروم ما هذا ملخصه : وانصرف من غزاته إلى منزل على (عين البديديون) المعروفة بالقشيرة فأقام هنالك ، فوقف على العين فأعجبه برد مائها وصفاؤه وبياضه وطيب حسن الموضع ، وكثرة الخضرة فأمر بقطع خشب طويل منبسط على العين كالجسر ، وجعل فوقه كالأزج من الخشب وورق الشجر ، وجلس تحت الكنسية التي عقدت له ، والماء تحته ، وطرح في الماء درهم صحيح ، فقرأ كتابته وهو في قرار الماء لصفاء الماء ، ولم يقدر احد ان يدخل يده من شدة برده.
فبينما هو كذلك إذ لاحت سمكة نحو الذراع كأنها سبيكة فضة ، فجعل لمن يخرجها سيفا فبدر بعض الفراشين فأخذها وصعد فلما صارت على حرف العين او على الخشب الذي عليه المأمون اضطربت وانفلتت من يد الفراش فوقعت في الماء كالحجر ، فنضح من الماء على صدر المأمون ونحره وترقوته فبلت ثوبه ، ثم انحدر الفراش ثانية فأخذها ووضعها بين يدي المأمون في منديل تضطرب ، فقال المأمون : تقلى الساعة ثم اخذته رعدة من ساعته ، فلم يقدر يتحرك من مكانه ، فغطي باللحف والدواويج وهو يرتعد كالسعفة ويصيح : البرد البرد ، ثم حول إلى المغرب ودثر وأوقدت النيران حوله وهو يصيح : البرد البرد ، ثم أتي بالسمكة وقد فرغ من قليها فلم يقدر على التذوق منها وشغله ما هو فيه عن تناول شيء منها.
ولما اشتد به الامر سأل المعتصم بختيشوع وابن ماسوية في ذلك الوقت عن المأمون وهو في سكرات الموت ، وما الذي يدل عليه علم الطب من امره ، وهل يمكن برؤه وشفاؤه ، فتقدم ابن ماسوية وأخذ إحدى يديه وبختيشوع الاخرى ، وأخذا يجسان كلتا يديه فوجدا نبضه خارجا عن الاعتدال منذرا بالفناء والانحلال ، والتزقت ايديهما ببشرته لعزق كان يظهر منه من سائر جسده كالزيت او كلعاب بعض الافاعي ، فأخبر المعتصم بذلك ، فسألهما عن ذلك فأنكرا معرفته ، وانهما لم يجداه في شيء من الكتب وانه دال على انحلال الجسد ، فأحضر المعتصم الاطباء حوله وهو يأمل خلاصه مما هو فيه ، فلما ثقل قال : اخرجوني أشرف على عسكري وانظر إلى رحالي واتبين ملكي ، وذلك في الليل ، فأخرج فأشرف على الخيم والجيش وانتشاره وكثرته وما قد وقد من النيران ، فقال : يا من لا يزول ملكه ، إرحم من زال ملكه ، ثم رد إلى مرقده وأجلس المعتصم رجلا يشهده.
ولما ثقل رفع الرجل صوته ليقولها (اي الشهادة) فقال له ابن ماسوية : لا تصح فو الله ما يفرق بين ربه وبين ماني في هذا الوقت ، ففتح عينيه من ساعته وبهما من العظمة والكبر والاحمرار ما لم ير مثله قط .
وأقبل يحاول البطش بيديه بابن ماسويه ، ورام مخاطبته فعجز عن ذلك ، وقضى عن ساعته وذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وحمل إلى طرطوس فدفن بها (1).
ويحتمل ان يكون لمرضه سابقة ، ويقول بعض المؤرخين : ان كل شخص شرب من ماء تلك العين مرض ، او ان السمكة كانت تحتوي على رشح سام ، وكيفما كان فإن الحكومة بتلك العظمة قد انهارت في بضع لحظات ، وانحنى بطل ميادين الحرب أمام شراع الموت ، ولم تكن القدرة لأي شخص ان يصنع شيئا للمأمون ، او على الأقل ليوصله إلى مقره ومسكنه.
وللتاريخ خواطر وقصص كثيرة فيها دروس وعبر من هذا القبيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مروج الذهب ، طبقا لنقل سفينة البحار : 1 / 44 مادة (امن).
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|