المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



درس التحرّر  
  
3470   03:02 مساءً   التاريخ: 10-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص259-260 .
القسم :

يجب أن لا يعتقد بأنّ الحكام الأمويين لم يفكّروا بنصب المصائد للإمام السجاد مثلما نصبوها للزهري وأمثاله ؛ فقد كان (عليه السلام) لا يعبأ بما يقومون به من إغراءات ووعود وتهديد وكلّما حاولوا أن يستميلوه إليهم كان يخيب أملهم، ونعرض هنا نموذجين يشهدان على ذلك :

أ - ان عبد الملك بن مروان يطوف بالبيت وعلي بن الحسين يطوف بين يديه لا يلتفت إليه ولم يكن عبد الملك يعرفه بوجهه، فقال : من هذا الذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا؟ فقيل : هذا علي بن الحسين، فجلس مكانه وقال : ردّوه إليّ، فقال له : يا علي إنّي لست قاتل أبيك فما يمنعك من المصير إليّ؟

فقال (عليه السلام)  : «إنّ قاتل أبي أفسد بما فعله، دنياه عليه وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو فكن».

فقال : كلا، ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا .

فجلس زين العابدين وبسط رداءه فقال : «اللّهمّ أره حرمة أوليائك عندك» فإذا رداءه مملوء درراً يكاد شعاعها يخطف الأبصار، ثمّ قال : «اللّهم خذها فلا حاجة لي فيها» .

ب - كان عبد الملك قد اطّلع على أنّ سيف رسول الإسلام بحوزة علي بن الحسين (عليمها السَّلام) وكان هذا أمراً رائعاً، لأنّه ذكرى الرسول(صلى الله عليه واله) ، ويبعث على الفخر و الاعتزاز، وناهيك عن أنّه رمز الحكم والدولة، لذا كان وجوده في حوزة علي بن الحسين موجباً للقلق لدى عبد الملك، لأنّه كان يجذب الناس ولذلك أرسل إليه رسولاً يطلب منه أن يبعث السيف إليه، وكتب في أسفل الرسالة بأنّني مستعد لأن أقضى ما تحتاج إليه، فرفض الإمام .

ثمّ كتب عبد الملك رسالة إليه يتوعّده فيها وانّه إذا لم تبعث بالسيف فسوف أحرمك من العطاء و كان لجميع الناس في تلك الفترة عطاء من بيت المال و للإمام أيضاً فكتب الإمام ردّاً على ذلك :

«أما بعد فانّ اللّه أمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون، وقال جل ذكره {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج : 38] فانظر أيّنا أولى بهذه الآية .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.