أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2016
3623
التاريخ: 28/9/2022
1209
التاريخ: 11-4-2016
3588
التاريخ: 11-4-2016
2933
|
بعد ان أخضع الحجاج مكة والمدينة علم عبد الملك بأنّ العراقيين يناسبهم شخص كالحجاج يقمعهم ويسيطر عليهم، ولهذا ولاّه عام 75 العراق ـ الكوفة والبصرة ـ وعندما جاء الكوفة لم يتصرف كما هو المعهود لدى الأُمراء، فقدمها وصعد المنبر متلّثماً بعمامته متنكباً قوسه وكنانته، فجلس على المنبر ملياً لا يتكلم.
وأخذ الناس يتهامسون من هذا؟ فقال أحدهم: لنحصبه؟ فقالوا: لا أصبر حتى نسمع ما يقول؟
وما أن ساد الصمت أجواء المسجد أماط الحجاج اللثام عن وجهه وقال: واللّه إنّي أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وانّي لصاحبها، كأنّي أنظر إلى الدماء ترقرق بين العمائم واللحى.
ثمّ استمر في تهديده وأرعب الناس رعباً شديداً حتى الحصباء التي جمعها رجل ليحصبه بها تناثرت من يده دون أن يشعر!
وقد كان دخول الحجاج البصرة بنفس الطريقة التي دخل بها الكوفة وقد وصف ابن قتيبة ذلك: توجّه الحجاج ومعه ألفا رجل من مقاتلة الشام و جملتهم آلاف من أخلاط الناس، وتقدّم بألفي رجل وتحرّى دخول البصرة يوم الجمعة في حين أوان الصلاة، فلمّا دنا من البصرة أمرهم أن يتفرقوا على أبواب المسجد، على كلّ باب مائة رجل بأسيافهم تحت أرديتهم، وعهد إليهم ان إذا سمعتم الجلبة في داخل المسجد والوقيعة فيهم، فلا يخرجن خارج من باب المسجد حتى يسبقه رأسه إلى الأرض.
فجلس رجاله على أبواب المسجد ينتظرون، ودخل الحجاج و بين يديه مائة رجل كلّ منهم مرتد بردائه وسيفه تحت ردائه، فدخل المسجد وقد أخفى هو أيضاً سيفه تحت ردائه، وقد قال لجماعته: إنّي إذا دخلت المسجد فسألكم في خطبتي وسيحصبوني، فإذا رأيتموني قد وضعت عمامتي على ركبتي فضعوا أسيافكم وامتشقوها.
فصعد المنبر حينما حان وقت الصلاة وخطب فقال: إنّ أمير المؤمنين عبد الملك قد ولاّني مصركم وقسيمة فيئكم، وأمرني بإنصاف مظلومكم، وإمضاء الحكم على ظالمكم، وصرف الثواب إلى المجلس البريء والعقاب إلى العاصي ... وأنّه قلّدني بسيفين حين توليته إياي عليكم: سيف رحمة وسيف عذاب نقمة، فأمّا سيف الرحمة فسقط مني في الطريق، وأمّا سيف النقمة فهو هذا.
فحصبه الناس، فلمّا أكثروا عليه خلع عمامته فوضعها على ركبتيه، فجعلت السيوف تبري الرقاب فلمّا سمع الخارجون الكائنون على الأبواب وقيعة الداخلين، ورأوا تسارع الناس إلى الخروج تلقوهم بالسيوف فاردعوا الناس إلى جوف المسجد، ولم يتركوا خارجاً يخرج، فقتل منهم بضعة وسبعين ألفاً حتى سالت الدماء إلى باب المسجد وإلى السكك.
وهكذا خلق الحجاج من العراق مسرحاً للرعب والقمع والإرهاب، وقد قتل الكثير من الناس الأتقياء والناسكين والأبرياء، وبلغ الرعب الذي أوجده في النفوس مبلغاً ليشمل مناطق خوزستان والشرق بجميع أرجائه.
كتب المسعودي المؤرخ الشهير: وكان تأمّره على الناس عشرين سنة، وأُحصي من قتله صبراً سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة وعشرين ألفاً، ومات وفي حبسه خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة منهن ستة عشر ألفاً مجردة، وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ولا من المطر والبرد في الشتاء.
فلو لاحظنا الجوانب المضيئة والمظلمة في صحيفة أعمال الوليد بن عبد الملك فانه تقلّد الخلافة بعد موت أبيه عبد الملك، وقد أثنى عليه بعض المؤرّخين وفضّلوه على أبيه وجده مروان وكثير من حكّام بني أُميّة ، ذلك انّه لم يقم أي واحد من الحكام الأمويين بمثل ما قام به عمر بن عبد العزيز من الأعمال الإصلاحية والإنسانية، وقد قام أبّان حكمه ببناء الجوامع وترميم المساجد وتوسيعها، وحثّ ولاته على ذلك وشجعهم، ويقول المؤرخون:
وبنى الوليد المسجد الجامع بدمشق، ووسّع مسجد النبي والمسجد الأقصى، وأمر ببناء المساجد في كلّ مكان خلا ممّا يصلّى فيه، وبنى الثغور والقلاع على الحدود لحماية البلاد الإسلامية، وأحدث الطرق، وحفر الآبار في أرجاء البلاد، وأسّس المدارس والمستشفيات، وألغى الصدقات، وأجرى على العميان والمساكين والمقعدين الأرزاق، وعمل دوراً للعميان والمساكين والمجذومين، ووظّف الأطباء والممرضين لرعايتهم وأمر بإطعامهم والاهتمام والسهر على راحتهم، وهكذا بنى دوراً لرعاية وتربية وتعليم اليتامى، وغالباً ما كان يشرف بنفسه على أوضاع المدينة والأسواق، ويراقب ارتفاع الأسعار ونزولها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|