أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2016
850
التاريخ: 1-8-2016
674
التاريخ: 24-8-2016
633
التاريخ: 1-8-2016
790
|
نقول: أمّا شرط البراءة العقليّة عند الشكّ في التكليف فهو الفحص عن أدلّته وعدم الظفر بها. وجه الشرطية أنّ ما يجب على المولى إنّما هو نصب الحجّة وإقامة البيان على التكليف للعبد على نحو أمكن الوصول إليه بالأسباب العادية، وليس عليه أزيد من ذلك بحكم العقل، فلو كانت الحجّة قائمة واقعا وأمكن الوصول إليها بالأسباب العادية كان وجودها الواقعي بمنزلة وجودها العلمي.
فلو تهاون المكلّف في الفحص ووقع في خلاف الواقع استحقّ العقوبة، لتماميّة الحجّة عليه، ولا إشكال في ذلك أي استحقاق العبد للعقوبة عقلا على مخالفة الواقع مع كون الحجّة عليه بحيث أمكن الوصول إليها بالأسباب العاديّة.
إنّما الكلام والإشكال فيما إذا كان التكليف بحسب الواقع موجودا ولم يكن الحجّة عليه بهذا النحو، بحيث لو فحص المكلّف عن أدلّته انجرّ أمره بالأخرة إلى البراءة، ولكنّه لم يتفحّص وبنى من أوّل الأمر على البراءة فوقع في خلاف الواقع، فهل يستحقّ العقوبة حينئذ أو لا؟.
ذهب شيخنا المرتضى قدّس سرّه إلى الأوّل، نظرا إلى أنّه صار مرتكبا للحرام مثلا بلا عذر وذلك لأنّ العقل يلزم بأحد الأمرين، إمّا الفحص عن التكليف والاستراحة، وإما الاحتياط مع عدمه، وهذا الشخص خالف كلا الأمرين، فليس له عذر مسموع، نعم هو في الواقع بحيث لو فحص عن الدليل لم يظفر به، ومجرد ذلك لا يصير عذرا ما لم يصدر عنه الفحص.
والحق عدم تماميّة ما ذكره قدّس سرّه، ويظهر وجهه بملاحظة أنّ استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع الثابت هل هو دائر مدار الفحص وعدمه، فيثبت مع الثاني ولا يثبت مع الأول، أو أنّه دائر مدار ثبوت البيان واقعا على نحو ما ذكرناه وعدم ثبوته كذلك؟ فيستحقّ مع الأوّل من غير فرق بين الفحص وعدمه، ولا يستحقّ مع الثاني من غير فوق بينهما أيضا، فعلى التقدير الأوّل يكون وجه حكم العقل بلزوم الاحتياط مع عدم الفحص هو الحذر عن العقوبة المترتّبة على مخالفة الواقع مع ترك الفحص، وعلى الثاني يكون وجه حكمه بلزوم الاحتياط تردّد أمر المكلّف بين ثبوت البيان المذكور في حقّه حتّى يكون المنجّز في حقّه تامّا فيستحق العقوبة، وبين عدم ثبوت هذا البيان حتّى لا يكون المنجّز تامّا فلا يستحقّ العقوبة، فيلزم الاحتياط دفعا لهذا الضرر المحتمل.
وحينئذ فحكم العقل بوجوب الاحتياط هنا يكون نظير حكمه بوجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالى، فإنّ حكمه بوجوب الاحتياط في كلّ من الأطراف أيضا لأجل احتمال أن تكون الحجّة الواقعيّة موجودة فيه، فكما أنّه لو ترك الاحتياط في أحد الأطراف وصادف عدم وجود الحجّة فيه لم يستحقّ العقوبة، فكذلك عند الشك في التكليف مع تردّد الأمر بين ثبوت البيان المذكور وعدمه أيضا لو ترك الاحتياط وصادف عدم البيان واقعا لم يستحقّ العقوبة أيضا.
وحينئذ فنقول: الظاهر أنّ حكم العقل بلزوم الاحتياط في موارد الشكّ في التكليف قبل الفحص إنّما هو لأجل احتمال أن يكون البيان المذكور ثابتا، فيكون العقاب عقابا مع البيان، ومعنى ذلك تسليم العقل أنّه لو لم يكن البيان المذكور ثابتا لم يكن العقاب موجودا، لا أنّ للعقل حكما تنجيزيا بثبوت العقاب على كلّ تقدير مع ثبوت التكليف واقعا.
وعلى هذا فكما يكون ثبوت التكليف واقعا من أجزاء الحجّة والمنجّز للتكليف، كذلك يكون ثبوت البيان المذكور أيضا متمّما للحجّة والمنجّز، فكما لا يستحقّ العقوبة بترك الفحص مع عدم ثبوت التكليف واقعا، فكذلك لا يستحقّ العقوبة بتركه مع عدم ثبوت البيان المذكور ولو مع ثبوت التكليف واقعا، من غير فرق بين صورة الفحص وعدمه، فإنّ عقاب المكلّف التارك للفحص حينئذ عند المولى العالم بعدم ثبوت البيان المذكور واقعا يكون عقابا بلا بيان وإن كان المكلّف جاهلا بأنّ عقابه عقاب مع البيان أو بدونه، فإنّ جهله لا يجوّز عقاب المولى مع علمه بكونه عقابا بلا بيان.
وعلى كلّ حال فلا إشكال على الوجهين في أنّه ليس للعقل حكم بالبراءة جدّا قبل الفحص، هذا هو الحال في الشبهة الحكميّة.
وكذا الكلام في الشبهة الموضوعيّة، فالبراءة العقليّة فيها ايضا منوطة بالفحص؛ فإنّ موضوع حكم العقل بلزوم الفحص وعدم جواز العمل على طبق البراءة قبله إنما هو الجهل بحكم اللّه، والشبهة الموضوعية أيضا جهل بحكم اللّه، غاية الأمر أنّه على تقدير ثبوته يكون مضافا إلى الموضوع الشخصي، ولا فرق في مناط حكم العقل بين أن يكون حكم اللّه مضافا إلى الموضوع الشخصي أو الكلّي، والاستحقاق وعدمه أيضا يكون الكلام فيهما ما مضى من التفصيل بين ما إذا كانت الحجّة موجودة وأمكن الوصول إليها بالطريق المتعارف، وبين غير هذه الصورة، إلّا أنّ الذي سهّل الخطب في هذه الشبهة وجود الدليل القطعي من إطلاق الأدلّة اللفظيّة على ثبوت البراءة الشرعيّة فيها قبل الفحص وهي قوله صلّى اللّه عليه وآله: «رفع ما لا يعلمون» وأمثاله، فإنّه بإطلاقه شامل للموضوع الشخصي المشكوك كونه من أفراد العنوان المحرّم أو المحلّل أو النجس أو الطاهر مع إمكان تبيّن الحال فيه بالفحص، هذا هو الكلام في شرط البراءة العقليّة.
وأمّا البراءة النقليّة فقد يقال بعدم اشتراطها بالفحص(1) تمسكا بإطلاق نحو قوله: «رفع ما لا يعلمون»، فإنه كما يكون بإطلاقه شاملا للموضوع المشتبه مع إمكان الفحص، فكذلك يكون شاملا للحكم المشتبه مع إمكانه أيضا بلا فرق، لوضوح صدق عنوان «ما لا يعلم» على المسائل المجهولة التي يتمكّن المكلّف من رفع الجهل فيها بالفحص، والعقل أيضا لا يستقلّ بقبح الترخيص الشرعي قبل الفحص ولهذا يكون ثابتا في الشبهة الموضوعية بلا كلام وإنّما يحكم بقبح العمل على طبق البراءة قبل الفحص مع عدم الترخيص الشرعي، فإذا ثبت الترخيص الشرعي بالإطلاق المذكور ارتفع حكم العقل بارتفاع الموضوع.
وقد يجاب :
أوّلا: بانّ هذا الإطلاق مقيّد في الشبهة الحكميّة بما بعد الفحص، للإجماع القائم على وجوب الفحص فيها.
وثانيا: بأنّ هذا الإطلاق مقيّد في هذه الشبهة بما بعد الفحص بسبب العلم الإجمالى بوجود واجبات ومحرّمات في الشريعة؛ فإنّ من لوازم التصديق بنبوّة النبي صلّى اللّه عليه وآله والعلم برسالته عن اللّه تعالى هو العلم بثبوت تكاليف من واجبات ومحرّمات يكون المكلّف مأخوذا بها، والوقائع المحتملة للتكليف بتمامها أطراف لهذا العلم، فيجب فيها بمقتضى العلم الإجمالي الفحص والطلب.
ويرد على الأوّل أنّ الإجماع في مثل المسألة ممّا يتمشّى فيه الأدلّة الأخر من العقل والنقل لا يصلح للاعتماد، ويرد على الثاني أنّ العلم الإجمالي تارة يدّعى بوجود الواجبات والمحرّمات في نفس الأمر، واخرى يدّعى بوجودها فيما بأيدينا من الكتب، فإن كان المراد هو الأوّل، ففيه أنّه مع عدم تحصيل مقدار من المسائل يساوي مقدار المعلوم بالإجمال يكون العلم باقيا، فلا يكون الفحص رافعا لأثره من وجوب الاحتياط في المسائل المشكوكة، فلا تكون البراءة جارية فيها بعد الفحص أيضا، ومع تحصيل هذا المقدار من المسائل يكون العلم منحلّا، ومعه لا مقتضى لوجوب الفحص في المسائل المشكوكة، فتكون البراءة جارية فيها قبل الفحص أيضا.
وإن كان المراد هو الثاني ففيه أنّه وإن كان مفيدا للمدّعى قبل تحصيل مقدار المعلوم بالاجمال من المسائل بلحاظ أنّ المسألة المشكوكة على هذا تكون من أطراف العلم قبل الفحص، وتكون شبهة بدوية بعده وذلك لاحتمال كونها ممّا في الكتب قبل الفحص ووضوح عدم كونها كذلك بعده، إلّا أنّه لا يفيد المدّعى بعد تحصيل المقدار المذكور؛ لانحلال العلم حينئذ كما ذكرنا في الوجه الأوّل، فمقتضى العلم الإجمالي على هذا أخصّ من المدّعى، كما أنّه على الوجه الأول كان مباينا له هذا.
______________
(1) والتحقيق في المقام أن يقال: لا فرق بين الشبهة الموضوعيّة و الحكميّة، لا في البراءة العقليّة، و لا في النقليّة، فالبراءة العقليّة التي هي عبارة عن الترخيص المستند إلى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان يتوقّف في كلتا الشبهتين على الفحص عن الواقع بمقدار المتعارف؛ إذ مع عدمه و وجود الواقع و وجود الأمارة المتعارفة عليه ليس العقاب بلا بيان، و هذا واضح.
وأمّا البراءة النقليّة فلا بدّ أوّلا من التكلّم في أنّه هل لأدلّته اللفظيّة من مثل حديث الرفع إطلاق شامل للشبهة بكلتا قسميها قبل الفحص، فنحتاج في الشبهة الحكميّة التي لا نقول فيها بعدم الفحص إلى التماس الدليل من الإجماع و غيره على وجوب الفحص؟ أو أنّها قاصرة في كلتا القسمين من شمول الشكّ الغير المفحوص عن جهات رفعه، و ذلك للبناء على أنّ لفظ ما لا يعلم، و الشكّ و أمثالهما و إن كانا يصدقان لغة بمحض عدم العلم مطلقا، و لكنّهما لا يصدقان عرفا إلّا فيما كان للشكّ استقرار، و أمّا من كان بجنبه من لو سأله يخبره بالواقع مثلا، و الحاصل يكون العلم بالواقع سهل التناول له فلا يصدق في حقّه أنّه لا يعلم.
ألا ترى أنّ من لا يعلم أنّ زيدا مطالب منه و ذو دين عليه، و لكنّه لو نظر في دفتره لاتّضح عليه الحال لا يصدق عليه أنّه جاهل بالحال؟.
وعلى هذا بنى سيّد الأساتيد الميرزا الشيرازي طاب رمسه في الشكوك الصلاتيّة حيث أفتى بتعلّق الأحكام على حالة استقرار الشكّ الحاصل بعد التروّي، لا على مجرّد حصوله، و على هذا فنحتاج في الشبهة الموضوعيّة التي نقول فيها بالبراءة قبل الفحص إلى التماس الدليل من الإجماع، فيقتصر على مقداره و هو الشبهات التحريميّة، و باب الطهارة و النجاسة. و أمّا الوجوبيّة فلا، كما لو شكّ في بلوغ مقدار مسيره حدّ المسافة الشرعيّة، فلا يجوز له الرجوع إلى استصحاب التمام مع إمكان الفحص و تحصيل العلم بسهولة و على حسب المتعارف، و كذا لو شكّ في تعلّق الأخماس أو الزكوات أو ديون الناس بماله مع إمكان تحصيل العلم بالمراجعة و الحساب، أو في كونه مستطيعا كذلك فلا يجوز له الرجوع إلى أصل البراءة.
الإنصاف عدم شمول الأدلّة لمثل الجاهل المتمكّن عن إزالة الجهل بسهولة، لا نقول: إنّ مادّة العلم أو الشكّ عرفا غيرهما لغة، فليس هذا الشخص بعالم و هو شاكّ بكلا الاصطلاحين، لكن حالهما حال الإنسان ذي الرأسين في كونه إنسانا لغة و عرفا و مع ذلك الحكم المعلّق على الإنسان لا يشمله، و هنا أيضا نقول في قوله عليه السلام: كلّ شيء حلال حتى تعلم، مثلا، هذا الشخص لا يصدق عليه أنّه عالم فلا يجري عليه حكم الغاية، فيصدق عليه لا محالة« لا عالم» لعدم ارتفاع النقيضين، و لكن مع ذلك الحكم المعلّق في المغيّا على اللاعالم لا يشمله أو مشكوك الشمول له.
وحينئذ يكفي في عدم الرخصة له حكم العقل بالاشتغال قبل الفحص و لا يلزم دخوله في عنوان العالم، فإنّ الحكم في العالم إرشادي عقلي، و التعبّدي مختصّ بحكم اللاعالم، و قد فرضنا انصرافه عن هذا المصداق العرفي اللغوي من اللاعالم، فالقضيّة منحلّة إلى قضيّتين، الاولى: العالم ليس له بحلال، و الثانية: انّ غير العالم له حلال، فالاولى إرشادية و ليس لها انصراف، فلا يدعى أنّ هذا الشخص عالم، و الثانية شرعيّة و هذا الشخص أيضا غير عالم، لكن الحكم لا يشمله، كما أنّ الإنسان ذي الرأسين إنسان لا بقر و لا غيره، و مع ذلك حكم الإنسان لا يشمله، فإذا خرج هذا الشخص عن الغاية و المغيّا، شمله حكم العقل، هذا.
وأمّا الكلام في العامل بالبراءة قبل الفحص من حيث التبعة و العقوبة فنقول: لو اتفقت مخالفته للتكليف الثابت عليه واقعا الذي لو فحص لظفر به، فلا يخلو إمّا أن يكون التكليف مطلقا لا مشروطا و لا معلّقا على عنوان خاص، بل على عنوان المكلّف، فحينئذ لا شبهة في استحقاقه العقوبة، و إمّا أن يكون مشروطا بشرط أو وقت فحينئذ استشكل في استحقاقه فيما إذا ترك التعلّم قبل حصول الشرط و دخول الوقت و لم يتمكّن منه بعدهما بناء على ما تقرّر عندهم من أنّ الوجوب المشروط عدم عند عدم الشرط، فلا وجوب لمقدّمته أيضا التي هي التعلّم، فلا تصحّ العقوبة على ترك التعلّم عند التمكّن؛ لعدم الوجوب، و لا على المخالفة الحاصلة بعد حصول الشرط و دخول الوقت؛ للعجز و عدم الوجوب أيضا. و من هنا التجأ بعضهم هنا و في الغسل قبل الفجر للصوم إلى القول بالوجوب المعلّق، و مقتضاه تحصيل المقدّمات الأخر غير المعلّق عليها إذا علم حصولها، و بعض آخر إلى القول بالوجوب النفسي للتعلّم للغير، لا الوجوب الغيري، و الأوّل ممكن قبل وجوب الغير، و الثاني غير ممكن، و الفرق أنّ الثاني معلول للإرادة الخارجيّة المتعلّقة بالغير، فإذا فرضت معدومة فلا محالة ينعدم ما هو بتبعها و مترشّح منها، و الأوّل معلول لحاظ الإرادة المتعلّقة بالغير، فحال الإرادة الملحوظة حال المصلحة الملحوظة الداعية إلى الطلب و الإرادة مع عدم تحقّقها في الخارج، فإنّ المؤثّر في النفس هو لحاظ وجودها في المستقبل، و هنا أيضا كذلك.
وإمّا أن يكون متعلّقا بعنوان خاص كعنوان البالغ أو المستطيع أو نحو ذلك، و هذا أيضا يجري فيه الإشكال المتقدّم و إن كانوا لم يتعرّضوا لهذا في كلماتهم.
والتحقيق في دفع الإشكال في كلا المقامين، أمّا المقام الأوّل أعني: الواجبات المشروطة بالوقت أو بأمر آخر فبأنّا نرى بالوجدان أنّ الإرادة المتعلّقة بالمقيّد أو المركّب الذي بعضه خارج عن حيّز الطلب و غير مطلوب حصوله من جوارح العبد يكون هو مأخوذا بالنسبة إلى غير هذا البعض من سائر مقدّماتها الوجوديّة لو علم بحصول هذا البعض، و أنّه لو لم يبادر بإتيان تلك المقدّمات لامتنع إتيان ذيها عند حصول ذلك الأمر، و لا فرق في ذلك بين إرادة الآمر و إرادة الفاعل، و قد مرّ تحقيق هذا و تشريحه زيادة على هذا في مبحث مقدّمة الواجب، و على هذا فيجري مثل ذلك في المقام بالنسبة إلى ترك التعلّم الذي فرضناه من المقدّمات الوجوديّة قبل حصول شرط الواجب الذي نعلم بحصوله فيما بعد، و أنّه لو لم يتعلّمه الآن تعذّر عليه بعد حصوله.
وأمّا في المقام الثاني أعني التكاليف المعلّقة على العناوين فنقول: يمكن ادّعاء أنّ الظاهر من تلك القضايا التي يصنّف فيها الإنسان و يخرج صنف عن تحت التكليف والمؤاخذة بالمرّة و الآخر تحتها، لا كما في القضيّة المشروطة من جعل جميع ذوات الناس تحت التكليف في الخطاب عند حصول الأمر الفلاني، هو كون القدرة الخاصّة أعني الحاصلة حال حصول العنوان لها مدخليّة في المصلحة والغرض كنفس العنوان المعلّق عليه الحكم، فكما لا فوت للغرض مع عدم العنوان، فكذلك مع عدم القدرة حال حصول العنوان، فتكون القدرة شرطا شرعيا، و على هذا فمع العلم بحصول العنوان في المستقبل و أنّه لو لم يتعلّم الأحكام المتعلّقة بالواجب لما تمكّن منه حين حصوله لو ترك التعلّم، فتعذّر عليه العمل لا يستحقّ العقوبة. و أمّا الكلام في العامل بالبراءة التارك للفحص من حيث الأحكام فلا إشكال في عدم إجزاء عمله لو خالف الواقع و وجوب الإعادة عليه في الوقت و القضاء في خارجه، كما هو الحال في كلّ جاهل، سواء المعذور و غيره قبل الفحص و بعده.
نعم قد دلّت النصوص و الإجماع على إجزاء عمل الجاهل المخالف للواقع في مقامين، الأوّل في الجهر و الإخفات، و الثاني في القصر موضع التمام و بالعكس من حيث القضاء و الإعادة، و أنّه معاقب مع ذلك على مخالفة الواقع لو كان مقصّرا.
فيستشكل عليه من جهتين من حيث القضاء، الاولى: أنّه إذا كانت الصلاة غير مأتيّ بها على وجهها فما معنى الصحّة و التماميّة؟ و الثانية: إذا كان الوقت باقيا فالواجب الحكم بالإعادة ليرفع عنه العقوبة، لا رفع الإعادة و إثبات العقوبة.
واجيب عن كلتا الجهتين بأنّه من الممكن أن يكون هنا مطلوبين متضادّين غير ممكن الاجتماع في الوجود، و كان أحدهما أهمّ و الآخر مهمّ، و قد امر بهما معا على نحو الترتّب.
واستشكل عليه بمنع الترتّب، و أنت خبير بأنّ القول بالترتّب حتّى يتوجّه عليه المنع على القول به إنّما يصحّ في مثل القصر و التمام اللذان كلّ منهما مقيّد بقيد ينافي قيد الآخر، و أمّا في مثل الجهر و الإخفات اللذان أحدهما مقيّد و الآخر مطلق حيث إنّ المطلوب الأدنى هو الصلاة لا بقيد الجهر لا مقيّدا بالإخفات فالقول بوجود الأمرين وأنّه ممتثل بامتثالين عند إتيان المقيّد و ممتثل و عاص عند إتيان صرف الوجود بلا قيده لأنّ المفروض أنّ صرف الوجود غير قابل للتكرار لا يمنعه القائل بالترتّب أيضا، و لا يتوقّف صحّته على صحّة الترتّب كما هو واضح، فلا وجه لهذا الابتناء والمنع في كلا المقامين، كما وقع في الرسائل و الكفاية. منه قدّس سرّه الشريف.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|