أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
749
التاريخ: 23-8-2016
775
التاريخ: 28-5-2020
1138
التاريخ: 22-5-2020
836
|
إعلم أنّه لا ريب حسب الارتكاز وشهادة الطبع في تقديم الطرق على الاصول أعني قول الشارع: خذ بحكاية الأمارة الفلانيّة على قوله: خذ بالحالة السابقة عند الشكّ، أو ابن على الحليّة أو الطهارة كذلك.
إنّما الكلام في أنّ هذا التقديم هل هو من باب التخصيص أو التخصّص أو الحكومة؟
اختار شيخنا المرتضى قدّس سرّه أنّه من باب الحكومة، وذكر في توضيح الحكومة أنّها كون أحد الدليلين بمفاده اللفظي بيانا وتفسيرا للمفاد اللفظي للدليل الآخر؛ فإنّ مقتضى الجمع العرفي حينئذ الأخذ بظهور التفسير وإن فرض في أدنى مرتبة، ورفع اليد عن ظهور المفسّر وإن كان في أعلى مرتبة، وتطبيق ذلك على المقام أنّ الشارع جعل في حقّ الجاهل طائفتين من الوظيفة.
الاولى: بلسان حفظ الشكّ في الواقع والحكم على موضوع الشكّ، والثانية:
بلسان رفع الشكّ وإزالته، فيشترك مع الإخبار في هذه الجهة، أعني كما أنّ نظر المخبر إلى الواقع المشكوك ورفع حجاب الشكّ عنه، كذلك الشارع في قوله: قول الثقة عين الواقع، نظر إلى الشكّ بعنوان إزالته، غاية الأمر أنّ الرفع في الإخبار وجداني وهنا تعبّدي، فكأنّه قال بعنوان التعبّد قد اتّضح الواقع فلا شك بعد اتّضاحه، وقوله: ما قاله العادل عين الواقع، نظير قولك مشيرا إلى جاهل: هذا عالم عند قصد ترتيب آثار العلم، وقوله: لا شكّ لك بعده، نظير قولك مشيرا إلى عالم:
هذا ليس بعالم، بقصد رفع أثر العلم عنه.
فتحصّل من هذا أنّ قوله: إذا شككت في كذا فابن على كذا، لا نظر له أصلا إلى قوله: قول الثقة عين الواقع، ولكنّ الثاني ناظر إلى الأوّل باعتبار اشتماله على أنّه لا شكّ بعد قوله بعد معلوميّة أنّ نفي الموضوع تعبّدا إنّما هو بلحاظ رفع آثاره، كما أنّ إثباته كذلك بلحاظ إثباتها، هذا.
واستشكل عليه قدّس سرّه بأنّ ما ذكره في ضابط الحكومة لا إشكال في مصححيّته للتقديم متى تحقّق، ولكنّ الشأن في إثباته في المقام وسائر المقامات التي يقولون بالحكومة فيها، بيان ذلك أنّ اللازم من هذا التقرير أن يكون الدليل الحاكم لغوا وبلا مورد لو لم يكن الدليل المحكوم، فإنّه بمنزلة «أعني» فكما أنّه ناظر إلى مقام الإثبات، ولو لم يكن قبله مفسر في مقام الإثبات كان لغوا وبلا مورد، كذلك الدليل الحاكم على ما قرّره قدّس سرّه.
ولا شبهة في عدم حصول هذا المعيار في شيء من موارد الحكومة، فإنّ منها قاعدة لا ضرر في الإسلام، ومن المعلوم أنّ القائل بهذا الكلام يفيد هذا الكلام منه، ولو لم يصدر منه لعارض في مرحلة الإظهار وعالم الإثبات شيء من المجعولات الاسلاميّة، فإنّ الإسلام عبارة عن الوجود اللوح المحفوظي، وهكذا في قوله: لا شكّ لكثير الشكّ، فإنّه لو لم تكن الأدلّة المتكفّلة لحكم الشكوك في ركعات الصلاة لما خلّي من الفائدة، فإنّ عدم الحكم في نفسه أمر واقعي، وهكذا في «لا حرج» وكذا في المقام، لوضوح عدم لغويّة قوله: الحكاية الفلانيّة صدق وعين الواقع لو لم يكن حكم في موضوع الشكّ مجعولا أصلا.
وإذن فيتحقّق التنافي بين مدلولي الأصل والطريق، فإنّ مفاد الأصل أنّ الحكم اللوح المحفوظي في حقّ الشاك كذا، ومفاد الأمارة أيضا إثبات خلاف ذلك في اللوح المحفوظ، من دون نظر أحدهما إلى ما يفيده الآخر في مرحلة الإثبات.
وقد ذكر للحكومة ضابط آخر مسلّم الانطباق على غير المقام، وهو كون أحد الدليلين متكفّلا للحكم على غير الحكم من الموضوعات الأخر، والآخر متعرّضا للحكم على الحكم ولو بوجوده النفس الأمري الثبوتي لا الإثباتي.
مثلا لا ينقدح التعارض بين قوله: أكرم العلماء وقوله: إرادتي للإكرام في الفاسق غير ثابتة، أو إرادتي للإكرام في حقّ زيد الجاهل ثابتة، ولا يلاحظ الترجيح في مرتبة الظهور، بل يرجّح الثاني ولو كان أضعف ظهورا على الأوّل.
فإن قلت: كيف تقول: ليس الحكم في قضيّة أكرم العلماء على الإرادة، مع أنّ مفاد الهيئة هو الطلب.
قلت: فرق بين إيجاد الطلب الحقيقي في النفس متعلّقا بفعل من الأفعال- ففي هذا اللحاظ لا يمكن الحكم على الإرادة- وبين لحاظ الطلب بما هو كسائر العناوين والحكم عليه.
ولعلّ السرّ في التقديم أنّ نسبة الإرادة إلى المتكلّم في قضيّة أكرم العلماء خارج عن مفاد اللفظ، وإنّما هو حكم العقل في مقدار، والعقلاء في الزائد عليه، فيتحصّل من العقل والعقلاء حكم على موضوع إرادة المتكلّم وطلبه، وهو نسبته إليه، وأمّا في القضيّة الاخرى فهذا المطلب صار مفادا لفظيّا، وقد تكفّله نفس المتكلّم، فإذا اريد بالحكم العقلي العقلائي أن يحكم على مورد التصادق بثبوت إرادة الإكرام للقائل يعارضه نفس قول القائل: إرادتي غير موجودة هنا، وإن كان هذا أيضا محتاجا إلى إجراء الأصل العقلائي فيه، لكن هذا الأصل العقلائي ينتهى إلى قول من القائل له إثبات ونفي في نفس مورد القضيّة العقلائيّة في الجانب الآخر.
لا يقال: حكم العقل إنّما هو بمطابقة الاستعمال للجدّ، ولازم هذا ثبوت الإرادة، وحكم الشارع في الحاكم بنفي الارادة على وجه المدلول المطابقي، فما حصل التكاذب بينهما في المدلول المطابقي.
لأنّا نقول أوّلا: حيثيّة المطابقة تعليلية، يعني يحكم بالإرادة الجديّة بعليّة مطابقتها للاستعماليّة، وعلى فرض التسليم فالعقل يحكم بالإرادة الخاصّة، والشرع ينفي الإرادة المطلقة، فيحصل التنافي.
ثمّ لا يجري هذا الضابط أيضا في المقام؛ لأنّ الشارع ما حكم في دليل اعتبار الطريق إلّا بواقعيّة المؤدّى، ولم يحكم بنفي الشكّ تعبّدا حتى يرجع إلى نفي أحكامه فيجيء فيه التقريب المذكور.
فإن قلت: بعد أنّ لسان التعبّد بالأمارة إنّما هو لسان الإرشاد إلى الواقع فكما أنّ المخبر حقيقة إنّما يخبر بغرض رفع الشكّ بإخباره بأن يحصل العلم الحقيقي فيرتفع الشكّ حقيقة، أو العلم العادي فيرتفع تعبّدا، كذلك التعبّد بلسان الإرشاد أيضا ظاهر في كونه بغرض رفع الشكّ تعبّدا، فهاهنا تنزيلان طوليان، أحدهما غرض للآخر، فلا يقال: يلزم اجتماع اللحاظين.
قلت: مضافا إلى أنّه يلزم ترتيب الآثار المترتّبة على صفة اليقين- لأنّ غرض المخبر الحقيقي حصوله أيضا ففي التعبّد يكون الغرض هو التعبّد بثبوته، فيرجع إلى ثبوت آثاره، ولا تلتزمون به- يرد عليه أنّا لو سلّمنا هذا الظهور فإنّما هو في رفع الشكّ بلحاظ ما له من الأثر بالنسبة إلى الواقع، وأمّا الأثر المترتّب على صفة الاحتمال والترديد فلا، هذا.
وهاهنا تقريب لورود أدلّة الطرق على أدلّة الاصول وهو أن يقال: إنّ العلم المجعول غاية في الاصول- أعني قوله: لا تنقض اليقين بالشك بل تنقضه بيقين آخر، وكذا قوله: كلّ شيء حلال حتّى تعلم أنّه حرام، وقوله: كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر، ونحو ذلك- يراد بحسب لفظه ما يقابل الثلاثة من الظنّ والوهم والشكّ، ولكنّ المناسبة المقاميّة مقتضية لتعميم الحكم إلى غيره من سائر أفراد الحجّة وما يوجب رفع الحيرة عن الواقع.
وذلك بدعوى أنّ الأحكام المعلّقة عند العرف على صفة اليقين يفهمون منها إلغاء هذه الصفة في ترتيب تلك الأحكام وأنّها منوطة بذلك الجامع، نظير قول المولى: يا فلان، مناديا لأحد عبيده باسمه، حيث يفهمون أنّه بملاك يشمل سائر العبيد، أو قولك: ينبغي للإنسان أن يحفظ قبائه من القذارة، حيث يفهم أنّه بملاك يشمل اللبّادة وسائر اللباس، فإنّه إذا قيل: لا ينبغي رفع اليد عن اليقين بالشكّ، يفهمون أنّه بملاك مطلق عدم الحيرة عن الواقع وثبوته في اليد ولو بحجّة غير علميّة، وإذن فيراد بالشكّ ما يقابله وهو عدم الطريق، فعند قيام الطريق يرتفع موضوع عدم الطريق وجدانا.
لا يقال: كما يكون الشكّ في الاصول بهذا المعنى، كذلك في جانب الطريق؛ إذ لا شكّ أنّ التعبّد إنّما يصحّ في مورد عدم العلم، فدليل اعتبار الطريق حيث إنّه تعبّد يكون مختصّا بغير العالم، فيراد بعدم العلم المعتبر فيه عقلا أيضا عدم الطريق للمناسبة المقاميّة.
لأنّا نقول: ليس في دليل اعتبار الطريق لفظ اليقين أو الشكّ مذكورا، وإنّما ورد التعبّد على سبيل الإطلاق، والمناسبة المقاميّة مستفادة من ذينك اللفظين، نعم العقل حاكم بالتقييد، والقدر المسلّم الحاكم به العقل إنّما هو عدم العلم بمعنى الصفة، والزائد عليه تقييد بلا داع يقتضيه.
وإذن فيلزم من تقديم دليل الطريق التخصّص في دليل الأصل، ويلزم من تقديم الأصل التخصيص في دليل الأمارة، وإذا دار الأمر بين الأمرين فالتخصّص أولى.
وهنا تقريب آخر للورود اختاره بعض الأساطين طاب ثراه، وهو أنّ الشكّ وإن كان باقيا، إلّا أنّ ما تعلّق النهي به وهو نقض اليقين بالشكّ يرتفع بعد قيام الأمارة، فيصير النقض بالأمارة لا بالشكّ.
فإن قلت: قد جعل الغاية هو اليقين؛ لقوله: بل انقضه بيقين آخر.
قلت: الطريق أيضا مفيد لليقين، غاية الأمر بالحكم الظاهري لا الواقعي.
والحاصل أنّ كلّا من الطريق والاصل مشتركان في أنّه يحصل بسببهما اليقين مع وجود الشكّ في الواقع بوجه في كليهما، ولكنّ الفرق أنّ العلم جعل غاية في أدلّة الاصول، ولم يجعل كذلك في أدلّة الطرق فمع تقديم الاصل يلزم تخصيص دليل الطريق وأما مع تقديم الطريق فلا يلزم تخصيص في دليل الاصول، لحصول غايته وهو العلم، والحاصل أنّ حكم الأصل مرتّب على الشكّ في الواقع بوجه من الوجوه، وغايته العلم به أيضا بوجه من الوجوه.
واستشكل عليه الاستاد أوّلا بأنّه لا وجه للالتزام ببقاء الشكّ، فإنّ الظاهر أنّه مقابل اليقين المجعول غاية، فالمراد به عدم ذلك اليقين، فإذا كان المراد اليقين بوجه فالمراد هو الشكّ من جميع الوجوه.
وثانيا: لا يتم هذا في الشبهة الموضوعيّة، مثل الشكّ في حياة زيد مع قيام البيّنة على موته، فإنّه لم يحصل القطع الذي هو الغاية بواسطة البيّنة بشيء من الوجوه؛ لأنّ الحياة غير قابلة للجعل.
وثالثا: التعبير بالوجه لا يحسن؛ لأنّ عنوان تصديق الطريق وأخذ حكايته ليس كعنوان الغصبيّة، بل هو إشارة إلى العنوان الواقعي، فالذي يناسب هو التعبير بأنّ الحكم الفعلي في عنوان الفعل الكذائي صار معلوما بعد قيام الطريق، فحصل الغاية.
ولكن فيه أنّ الظاهر كون المراد بالشكّ واليقين في أدلّة الاصول تعلّقها بالواقع، فإنّها وظائف مقرّرة لرعاية الواقع، فالملحوظ فيها نفسه، لا الأعمّ منه ومن المجعول في مرتبة الشكّ فيه.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|