المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17615 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02

كريتان ، هنري جاك
9-10-2015
الاحرام
2023-10-17
مواعظ الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) و حكمه البليغة
18-05-2015
أدوات التحليل المالي (التحليل الأفقي Horizental analysis)
2023-06-23
Calculating Formal Charge
5-5-2019
كرم الإمام السجاد
20-10-2015


تفسير الآية(57-60)من سورة هود  
  
2173   06:22 مساءً   التاريخ: 22-5-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الهاء / سورة هود /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-5-2020 8810
التاريخ: 7-6-2020 4507
التاريخ: 4-5-2020 2752
التاريخ: 13-6-2020 13973

 

قال تعالى :{ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ويَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ ولا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ( 57 ) ولَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ونَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ ( 58 ) وتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وعَصَوْا رُسُلَهُ واتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ( 59 ) وأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ }[هود: 56 -60]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{فَإِنْ تَوَلَّوْا} هذا حكاية عما قاله هود (عليه السلام) لقومه والمعنى: فإن تتولوا ويجوز أن يكون حكاية عما قاله سبحانه لهود والمعنى: فإن تولوهم {فـ} قل لهم {قَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ}أي: ليس ذلك لتقصير مني في إبلاغكم وإنما هو لسوء اختياركم في إعراضكم عن نصحي فقد أبلغتكم جميع ما أوحي إلي .

{ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ} أي: ويهلككم ربي بكفركم ويستبدل بكم قوما غيركم يوحدونه ويعبدونه { وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} يعني: إذا استخلف غيركم فجعلهم بدلا منكم لا تقدرون له على ضر وقيل: معناه لا تضرونه بتوليكم وإعراضكم شيئا ولا ضرر عليه في إهلاككم لأنه لم يخلقكم لحاجة منه إليكم { إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} يحفظه من الهلاك إن شاء ويهلكه إذا شاء وقيل معناه: إن ربي يحفظني عنكم وعن أذاكم وقيل: معناه إن ربي على كل شيء من أعمال عباده حفيظ حتى يجازيهم عليها { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} بهلاك عاد { نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}  من الهلاك وقيل : أنهم كانوا أربعة آلاف { برحمة منا } أي: بما أريناهم من الهدى والبيان عن ابن عباس وقيل { برحمة منا } أي: بنعمة منا وهي النجاة أي أنجيناهم برحمة ليعلم أنه عذاب أريد به الكفار لا اتفاق وقع { وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} أي: كما نجيناهم من عذاب الدنيا نجيناهم من عذاب الآخرة والغليظ الثقيل العظيم ويحتمل أن يكون هذا صفة للعذاب الذي عذب به قوم هود ثم ذكر سبحانه كفر عاد فقال {وتلك} أي: وتلك القبيلة {عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} يعني معجزات هود الدالة على صحة نبوته { وَعَصَوْا رُسُلَهُ} إنما جمع الرسل وكان قد بعث إليهم هود لأن من كذب رسولا واحدا فقد كفر بجميع الرسل ولأن هودا كان يدعوهم إلى الإيمان به وبمن تقدمه من الرسل وبما أنزل عليهم من الكتب فكذبوا بهم جميعا فلذلك عصوهم.

 {وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} أي: واتبع السفلة والسقاط الرؤساء وقيل إن الجبار من يقتل ويضرب على غضبه والعنيد الكثير العناد الذي لا يقبل الحق {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} أي: وأتبع عادا بعد إهلاكهم في الدنيا بالإبعاد عن الرحمة فإن الله تعالى أبعدهم من رحمته وتبعد المؤمنين بالدعاء عليهم باللعن { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: وفي يوم القيامة يبعدون من رحمة الله كما بعدوا في الدنيا منها ويلعنون بأن يدخلوا النار فإن اللعنة الدعاء بالإبعاد من قولك لعنه إذا قال عليه لعنة الله وأصله الإبعاد من الخير {ألا} ابتداء وتنبيه {إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ} أراد بربهم فحذف الباء كما قالوا أمرتك الخير أي:  بالخير {أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} أي: أبعدهم الله من رحمته فبعدوا بعدا .

____________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج5،ص291-292.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ } غير وان ولا مقصر { ويَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ } بعد ان ينزل عذابه بكم في الدنيا قبل الآخرة { ولا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً } بتوليكم عن الايمان { إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } يراقب الأشياء ، ويدبرها بعلمه وحكمته . قال ابن عربي في « الفتوحات المكية » : { كما أن ربك على كل شيء حفيظ فهو بكل شيء محفوظ } . يشير إلى قول من قال :

وفي كل شيء له آية .

{ ولَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ونَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ } . المراد بأمرنا عذابنا ، وبالنجاة الأولى من عذاب الدنيا ، وبالنجاة الثانية من عذاب الآخرة ، وقيل : ان النجاة الأولى كانت لبيان النجاة من العذاب من حيث هو بصرف النظر عن نوعه وانه خفيف أو ثقيل ، أما النجاة الثانية فهي لبيان نوع العذاب الذي نزل بقوم هود ، وانه كان من الوزن الثقيل . . وكل من المعنيين محتمل . وتقدمت الإشارة إلى نجاة هود ومن معه في سورة الأعراف الآية 72 ج 3 ص 348 .

{ وتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وعَصَوْا رُسُلَهُ واتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } . بعد ان أوجز سبحانه قصة عاد أشار إلى سبب هلاكهم ، وانه كفرهم باللَّه وآياته ، وعصيانهم لرسله وأحكامه ، وتخاذلهم عن نصرة الحق ، وتهاونهم في مقاومة الباطل ، وانقيادهم لقادة الضلال والطغيان . . وقال سبحانه : { وعَصَوْا رُسُلَهُ } ولم يقل : وعصوا رسوله لان من عصى واحدا من أنبياء اللَّه ورسله فقد عصى الجميع بالنظر إلى أن رسالة الكل واحدة ، وهي الدعوة إلى الايمان بالوحدانية والبعث .

{ وأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً ويَوْمَ الْقِيامَةِ } أي انهم فعلوا ما يستوجب اللعن دنيا وآخرة ، ومعنى اللعن البعد عن كل خير ، ولذا قال سبحانه : { أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ } أي جحدوه { أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ } . وكرر كلمة هود مع ألا مبالغة في الذم ، وتأكيدا للتهديد .

________________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية، ج4،ص242-243.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} وهذه الجملة من كلامه (عليه السلام) ناظر إلى قولهم في آخر جدالهم:{إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} الدال على أنهم قاطعون على أن لا يؤمنوا به ودائمون على الجحد، والمعنى إن تتولوا وتعرضوا عن الإيمان بي والإطاعة لأمري فقد أبلغتكم رسالة ربي وتمت عليكم الحجة ولزمتكم البلية.

قوله تعالى:{ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ}هذا وعيد وإخبار بالتبعة التي يستتبعها إجرامهم، فإنه كان وعدهم إن يستغفروا الله ويتوبوا إليه أن يرسل السماء عليهم مدرارا ويزيد قوة إلى قوتهم، ونهاهم أن يتولوا مجرمين ففيه العذاب الشديد.

وقوله:{ويستخلف ربي قوما غيركم} أي يجعل قوما غيركم خلفاء في الأرض مكانكم فإن الإنسان خليفة منه في الأرض كما قال تعالى:{إني جاعل في الأرض خليفة:}البقرة: - 30، وقد كان (عليه السلام) بين لهم أنهم خلفاء في الأرض من بعد قوم نوح كما قال تعالى حكاية عن قوله لقومه:{واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة:}الآية، الأعراف: - 69.

وظاهر السياق أن الجملة الخبرية معطوفة على أخرى مقدرة، والتقدير: وسيذهب بكم ربي ويستخلف قوما غيركم على حد قوله:{إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء:}الأنعام: - 133.

وقوله:{ولا تضرونه شيئا} ظاهر السياق أنه تتمة لما قبله أي لا تقدرون على إضراره بشيء من الفوت وغيره إن أراد أن يهلككم ولا أن تعذيبكم وإهلاككم يفوت منه شيئا مما يريده فإن ربي على كل شيء حفيظ لا يعزب عن علمه عازب ولا يفوت من قدرته فائت، وللمفسرين في الآية وجوه أخر بعيدة عن الصواب أعرضنا عنها.

قوله تعالى:{ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ} المراد بمجيء الأمر نزول العذاب وبوجه أدق صدور الأمر الإلهي الذي يستتبع القضاء الفاصل بين الرسول وبين قومه كما قال تعالى:{وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون:}المؤمن: - 78.

وقوله:{برحمة منا} الظاهر أن المراد بها الرحمة الخاصة بالمؤمنين المستوجبة نصرهم في دينهم وإنجاءهم من شمول الغضب الإلهي وعذاب الاستئصال، قال تعالى:{إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد:} المؤمن: - 51.

وقوله:{ونجيناهم من عذاب غليظ} ظاهر السياق أنه العذاب الذي شمل الكفار من القوم فيكون من قبيل عطف التفسير بالنسبة إلى ما قبله، وقيل: المراد به عذاب الآخرة وليس بشيء.

قوله تعالى:{وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد} الآية وما بعدها تلخيص بعد تلخيص لقصة عاد فأول التلخيصين قوله:{وتلك عاد - إلى قوله - ويوم القيامة} يذكر فيه أنهم جحدوا بآيات ربهم من الحكمة والموعظة والآية المعجزة التي أبانت لهم طريق الرشد وميزت لهم الحق من الباطل فجحدوا بها بعد ما جاءهم من العلم.

وعصوا رسل ربهم وهم هود ومن قبله من الرسل فإن عصيان الواحد منهم عصيان للجميع فكلهم يدعون إلى دين واحد فهم إنما عصوا شخص هود وعصوا بعصيانه سائر رسل الله وهو ظاهر قوله في موضع آخر:{ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ:}الشعراء: - 124.

ويشعر به أيضا قوله:{ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ:} الأحقاف: - 21، ومن الممكن أن يكون لهم رسل آخرون بعثوا إليهم فيما بين هود ونوح (عليهما السلام) لم يذكروا في الكتاب العزيز لكن سياق الآيات لا يساعد على ذلك.

واتبعوا أمر كل جبار عنيد من جبابرتهم فألهاهم ذلك عن اتباع هود وما كان يدعو إليه، والجبار العظيم الذي يقهر الناس بإرادته ويكرههم على ما أراد والعنيد الكثير العناد الذي لا يقبل الحق، فهذا ملخص حالهم وهو الجحد بالآيات وعصيان الرسل وطاعة الجبابرة.

ثم ذكر الله وبال أمرهم بقوله:{ وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي وأتبعهم الله في هذه الدنيا لعنة وإبعادا من الرحمة، ومصداق هذا اللعن العذاب الذي عقبهم فلحق بهم، أو الآثام والسيئات التي تكتب عليهم ما دامت الدنيا فإنهم سنوا سنة الإشراك والكفر لمن بعدهم، قال تعالى:{ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ:} يس: - 12.

وقيل: المعنى لحقت بهم لعنة في هذه الدنيا فكان كل من علم بحالهم من بعدهم، ومن أدرك آثارهم، وكل من بلغهم الرسل من بعدهم خبرهم يلعنونهم.

وأما اللعنة يوم القيامة فمصداقه العذاب الخالد الذي يلحق بهم يومئذ فإن يوم القيامة يوم جزاء لا غير.

وفي تعقيب قوله في الآية:{واتبعوا} بقوله:{وأتبعوا} لطف ظاهر.

قوله تعالى:{ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} أي كفروا بربهم فهو منصوب بنزع الخافض وهذا هو التلخيص الثاني الذي أشرنا إليه لخص به التلخيص الأول فقوله:{ألا إن عادا} إلخ، يحاذي به وصف حالهم المذكور في قوله:{وتلك عاد جحدوا} إلخ، وقوله:{ألا بعدا لعاد} إلخ، يحاذي به قوله:{وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة} إلخ.

ويتأيد من هذه الجملة أن المراد باللعنة السابقة اللعنة الإلهية دون لعن الناس، والأنسب به أحد الوجهين الأولين من الوجوه الثلاثة السابقة وخاصة الوجه الثاني دون الوجه الثالث.

___________________

1- تفسير الميزان،الطباطبائي،ج10،ص239-242.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

أنّ هود قال لقومه في آخر كلامه معهم كما تحكيه الآية {فإِنّ تولّوا فقد بلغتكم ما أُرسلت به إِليكم}.

إِشارة إِلى أن لايتصوروا أنّ هوداً سيتراجع إِن لم يستجيبوا لدعوته، فإِنّه أدى واجبه ووظيفته، وأداء الواجب انتصار بحدّ ذاته حتى لو لم تقبل دعوته، وهذا درس لجميع القادة الحقيقيين وأئمة طريق الحق ألاّ يحسّوا أبداً بالتعب والقلق من أعمالهم، وإِن لم يقبل الناس دعوتهم.

وكما هدد القوم هوداً، فإنّه هددهم بأشد من تهديدهم، وقال: إِن لم تستجيبوا لدعوتي فإِنّ الله سيبيدكم في القريب العاجل { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ}.

هذه سنة الله في خلقه وقانونه العام، إِنّه متى كان قوم غير لائقين لاستجابة الدّعوة والهدايه والنعم الأُخرى التي أنعمها عليهم فإِنّه سيبعدهم ويستخلف قوماً لائقين بمكانهم { إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }.

فلا تفوته الفرصة، ولا يهمل أنبياءه ومحبيه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة من حساب الآخرين بل هو عالم بكل شيء وقادر على كل شيء.

اللعن الأبدي على القوم الظّالمين:

في آخر الآيات التي تتحدث عن قصّة قوم عاد ونبيّهم هود إِشارة إِلى العقاب الأليم للمعاندين، فتقول الآيات: { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}وتوكّد أيضاً نجاة المؤمنين { وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}.

الطريف هنا أنّ الآيات قبل أن تذكر عقاب الظلمة والكافرين ومجازاتهم، بيّنت نجاة المؤمنين وخلاصهم، لئلا يُتصور أنّ العذاب الإِلهي إِذا نزل يحرق الأخضر واليابس معاً لأنّ الله عادل وحكيم وحاشاه أن يعذب ولو رجلاً مؤمناً بين جماعة كفرة يستحقون العذاب والعقاب.

لكن رحمة الله تنقل هؤلاء الأشخاص قبل نزول العذاب إِلى محل آمن كما رأينا من قبل في قصّة نوح أنّه قبل شروع الطوفان كانت سفينة النجاة قد أُعدّت للمؤمنين، وقبل أن ينزل العذاب على قوم لوط ويدمر مدنهم خرج لوط وعدد معدود من أصحابه من المدينة ليلا بأمر الله.

وفي قوله تعالى: {نجّينا} وتكرار هذه الكلمة في الآية مرّتين أقوال مختلفة للمفسّرين، فـ «نجينا» الأولى تعني خلاصهم من عذاب الدنيا و«نجّينا» الثّانية تعني نجاتهم في المرحلة المقبلة من عذاب الآخرة، وينسجم هذا التعبير مع وصف العذاب بالغلظة أيضاً.

ويشير بعض المفسرين إِلى مسألة لطيفة هنا، وهي أنّ الكلام لما كان على رحمة الله فمن غير المناسب أن تتكرر كلمة العذاب مباشرة، فأين الرحمة من العذاب؟ لذلك تكررت كلمة «نجينا» لتفصل بين الرحمة والعذاب دون أن ينقص شيء من التأكيد على العذاب.

كما ينبغي الإلتفات إلى هذه المسألة الدقيقة أيضاً، وهي أنّ آيات القرآن وصفت العذاب بالغليظ في أربعة موارد(إبراهيم،7ولقمان،34وفصلت،50،وهود،58).

وبملاحظة تلك الآية بدقّة نستنتج أنّ العذاب الغليظ مرتبط بالدار الآخرى، وخصوصاً الآيات التي جاءت في سورة ابراهيم وذكر فيها العذاب الغليظ، فإنّها تصف بصراحة حال أهل جهنّم وأهوالها، وهكذا أن يكون، وذلك لأنّ عذاب الدنيا مهما كان شديداً فإنّه أخفّ من عذاب الآخرة!

وهناك تناسب ينبغي ملاحظته أيضاً، وهو أن قوم عاد ـ كما سيأتي بيان حالهم إن شاء الله ـ ورد ذكرهم في سورة القمر. والحاقة، وكانوا قوماً ذوي أبدان طوال خشنين، فشبّهت أجسامهم بالنخل، ولهذا السبب كانت لديهم عمارات عالية عظيمة، بحيث نقراً في تاريخ ما قبل الإِسلام أن العرب كانوا يَنسبون البناءات الضخمة والعالية إِلى عاد ويقولون مثلا: «هذا البناء عاديٌ» لذلك كان عذابهم مناسباً لهم لا في العالم الآخر بل في هذه الدنيا كان عذابهم خشناً وعقابهم صارماً، كما مرّ في تفسير السور الآنفة الذكر.

ثمّ تلخّص الآيات ذنوب قوم عاد في ثلاثة مواضيع:

الأوّل : بإِنكارهم لآيات الله وعنادهم أيضاً لم يتركوا دليلا واضحاً وسنداً بيّناً على صدق نبوة نبيّهم إلاّ جحدوه { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ}.

والثّاني: إِنّهم من الناحية العملية لم يتّبعوا أنبياء الله {وعصوا رسله} وإِنّما جاءت الرسل بصيغة الجمع، إِمّا لأن جميع دعوات الأنبياء هي نحو حقيقة واحدة وهي «التوحيد: وفروعه» فإِنكار دعوة نبي واحد يُعدّ إِنكاراً لجميع الأنبياء، أو أن هوداً دعاهم للإِيمان بنبوة الأنبياء السابقين أيضاً،؟ وكانوا ينكرون ذلك.

والثّالث من الذنوب: إِنهم تركوا طاعة الله ومالوا لكل جبار عنيد { وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}.

فأيّ ذنب أعظم من هذه الذنوب: ترك الإِيمان، ومخالفة الأنبياء، والخضوع لطاعة كل جبار عنيد.

و«الجبار» يطلق على من يضرب ويقتل ويدمر من منطلق الغضب ولا يتبع أمر العقل، وبتعبير آخر هو من يُجبر سواه على أتباعه ويريد أن يغطي نقصه بادعاء العظمة والتكبر الظاهري.

و«العنيد» هو من يخالف الحق والحقيقة أكثر ممّا ينبغي، ولا يرضخ للحق أبداً.

هاتان الصفتان تتجلّيان في الطواغيت والمستكبرين في كل عصر وزمان، الذين لا يستمعون لكلام الحق أبداً ويعمدون الى من يخالفهم بانزال أشد انواع العقاب به بلا رحمة.

هنا يَرِدُ سؤال: إِذا كان الجبار يعطي هذا المعنى فلماذا ذُكرت هذه الصفة لله، كما في سورة الحشر الآية (23) وسائر المصادر الإِسلامية.

والجواب هو أنّ «الجبار» ـ كما أشرنا آنفاً ـ مشتق إمّا من «الجبر» بمعنى القوّة والقهر والغلبة، أومن مادة «الجبران» ومعناه: إِزالة النقص من شيء.

ولكن «الجبار» سواء كان بالمعني الأوّل أو الثّاني فهو يستعمل بشكليه، وقد يراد به الذم إِذا حاول الإِنسان تجاوز النقص الذي فيه باستعلائه على الغير وتكبره وبالإِدعاءات الخاطئة، أو أنّه يحاول أن يجبر غيره على أن يكون تحت طاعته ورغبته، فيكون الأخير ذليلا لأمره.

هذا المعنى ورد في كثير من آيات القرآن الكريم، وأحياناً تقترن معه صفات ذميمة أُخرى، كالآية المتقدمة التي اقترنت مع كلمة «عنيد» وفي الآية (32) من سورة مريم نقرأ على لسان عيسى بن مريم رسول الله {ولم يجعلني جباراً شقياً}كما نقرأ على لسان بني إِسرائيل في خطابهم لموسى(عليه السلام) في من سكن بيت المقدس من الظالمين حيث ورد في الآية (22) من سورة المائدة {قالوا إِن فيها قوماً جبارين}.

ولكن قد تأتي كلمة «الجبار» من هذين الجذرين «الجبر» و«الجبران» وهي بمعنى المدح، وتطلق على من يسدّ حاجات الناس ويرفع نقصانهم ويربط العظام المتكسرة، أو أن تكون له قدرة وافرة بحيث يكون الغير خاضعاً لقدرته، دون أن يظلم أحداً أو يستغل قدرته ليسيء الإِستفادة منها، ولذلك حين تكون كلمة الجبار بهذا المعنى فقد تقترن بصفات مدح أُخرى، كما نقرأ في سورة الحشر الآية (23) {الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر} وواضح أن صفات كالقدوس والسلام والمؤمن لا تنسجم مع «الجبار» بمعنى الظالم أو «المتكبر» بمعنى من يرى نفسه أكبر من غيره، وهذا التعبير يدل على أنّ المراد هنا من «الجبار» هو المعنى الثّاني.

ولكن حيث أنّ البعض فسّروا «الجبار» ببعض معانيه دون الإلتفات إلى معانيه المتعددة في اللغة، تصوّروا أنّ استعمال هذا اللفظ غير صحيح في شأن الله، وكذلك في ما يخصّ لفظ «المتكبر» ولكن بالرجوع إلى جذورهما اللغوية الأصيلة يرتفع الإشكال(2).

وفي الآية الأخيرة التي تنتهي بها قصّة «هود» وقومه «عاد» بيان لنتيجة أعمالهم السيئة والباطلة حيث تقول الآية : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} وبعد الموت لايبقى إلاّ خزيهم والصيت السيء {ويوم القيامة} يقال لهم {ألا إن عاداً كفروا ربّهم ألا بعداً لعاد قوم هود} .

وكان يكفي تعريف هذه الجماعة بلفظ «عاد» ولكن بعد ذكر عاد جاء لفظ «قوم هود» أيضاً لتوكّد عليهم أوّلا ، ولتشير الى أنّهم القوم الذين آذوا نبيهم الناصح لهم ثانياً ، ولذلك فقد أبعدهم الله عن رحمته .

__________________

1- تفسير الامثل ،مكارم الشيرازي،ج6،ص102-106.

2-  يراجع في هذا الصدد تاج العروس للزبيدي والمفردات للراغب مادة (جبر) و(كبر) ومجمع البيان وتفسير البيان ذيل الآية محل البحث وآيات سورة الحشر الأخيرة .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .