المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تقدّم الشيعة في علم الكلام
6-2-2018
تفسير آية (32) من سورة المائدة
28-2-2017
العلاقات العامة والإعلان
27-7-2022
يسلب البهاء من الكذاب
22-7-2019
الامام الكاظم (عليه السلام) والعلم
22-5-2022
حكم نسيان الجهر والإخفات حتى الفراغ من القراءة
2-12-2015


تفسير الآية (90-93) من سورة يونس  
  
5797   04:49 مساءً   التاريخ: 28-4-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يونس /

 

قال تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [يونس: 90 - 93]

____________________

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

بين سبحانه من آل فرعون وقومه فقال: { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ}أي: عبرنا بهم البحر حتى جاوزوه سالمين بأن يبسنا لهم البحر وفرقنا لهم الماء اثني عشر فرقا، { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا}أي: ليبغوا عليهم ويظلموهم وذلك أن الله سبحانه لما أجاب دعاء موسى أمره بإخراج بني إسرائيل من مصر ليلا فخرج وتبعهم فرعون وجنوده مشرقين حتى انتهوا إلى البحر وأمر الله سبحانه موسى (عليه السلام) فضرب البحر بعصاه فانفلق اثني عشر فرقا وصار لكل سبط طريق يابس فارتفع بين كل طريقين الماء كالجبل وصار في الماء شبه الخروق فجعل بعضهم ينظر إلى بعض.

 فلما وصل فرعون بجنوده إلى البحر رأوا البحر بتلك الهيأة فهابوا دخول البحر وكان فرعون على حصان أدهم فجاء جبرائيل (عليه السلام) على فرس وديق وخاض البحر وميكائيل يسوقهم فلما شم أدهم فرعون ريح فرس جبريل (عليه السلام) انسل خلفه في الماء واقتحمت الخيول خلفه فلما دخل آخرهم البحر وهم أولهم أن يخرج انطبق الماء عليهم.

 { حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ}أي: وصل إليه الغرق وأيقن بالهلاك { قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وكان ذلك إيمان إلجاء لا يستحق به الثواب فلم ينفعه إيمانه { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ}قيل فيه إضمار أي قيل له الآن آمنت حين لا ينفع الإيمان ولا يقبل لأنه حال الإلجاء {وقد عصيت} بترك الإيمان في حال ما ينفعك الإيمان فهلا آمنت {قبل} وذلك {وكنت من المفسدين} في الأرض بقتل المؤمنين وادعاء الإلهية وأنواع الكفر.

 واختلف في قائل هذا القول فقيل قاله جبريل (عليه السلام) وقيل ذلك كلام الله تعالى قاله له على وجه الإهانة والتوبيخ وكان ذلك معجزة لموسى (عليه السلام) وروى علي بن إبراهيم بن هاشم بإسناده عن الصادق (عليه السلام) قال ما أتى جبريل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلا كئيبا حزينا ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون فلما أمر الله سبحانه بنزول هذه الآية نزل وهو ضاحك مستبشر فقال له حبيبي جبريل ما أتيتني إلا وبينت الحزن في وجهك حتى الساعة قال نعم يا محمد لما غرق الله فرعون { قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}فأخذت حمأة فرضعتها في فيه ثم قلت له { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}ثم خفت أن تلحقه الرحمة من عند الله فيعذبني على ما فعلت فلما كان الآن وأمرني أن أؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون آمنت وعلمت أن ذلك كان لله رضا {فاليوم ننجيك ببدنك}اختلف في معناه فقال أكثر المفسرين معناه لما أغرق الله فرعون وقومه أنكر بعض بني إسرائيل غرق فرعون وقالوا هو أعظم شأنا من أن يغرق فأخرجه الله حتى رأوه فذلك قوله {فاليوم ننجيك}أي: نلقيك على نجوة من الأرض وهي المكان المرتفع ببدنك أي بجسدك من غير روح وذلك أنه طفا عريانا وقيل معناه نخلصك من البحر وأنت ميت والبدن الدرع قال ابن عباس كانت عليه درع من ذهب يعرف بها فالمعنى نرفعك فوق الماء بدرعك المشهورة ليعرفوك بها { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}أي: لتكون نكالا لمن خلفك فلا يقولوا مثل مقالتك عن الكلبي وقيل أنه كان يدعي أنه رب فبين الله أمره وأنه عبد وفيه من الآية أنه غرق مع القوم وأخرج هو من بينهم وكان ذلك آية عن الزجاج { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}يعني أن كثيرا من الناس عن التفكر في دلالاتنا والتدبر لحججنا وبيناتنا غافلون أي ذاهبون.

ثم بين سبحانه حال بني إسرائيل بعد إهلاك فرعون فقال: {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق}أخبر سبحانه عن نعمه عليهم بعد أن أنجاهم وأهلك عدوهم يقول مكناهم مكانا محمودا وهو بيت المقدس والشام وإنما قال {مبوأ صدق}لأن فضل ذلك المنزل على غيره من المنازل كفضل الصدق على الكذب وقيل معناه أنزلناهم في موضع خصب وأمن يصدق فيما يدل عليه من جلالة النعمة وقال الحسن يريد به مصر وذلك أن موسى عبر ببني إسرائيل البحر ثانيا ورجع إلى مصر وتبوأ مساكن آل فرعون وقال الضحاك هو الشام ومصر {ورزقناهم من الطيبات}أي: مكناهم الأشياء اللذيذة وهذا يدل على سعة أرزاق بني إسرائيل { فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ}معناه فما اختلفوا في تصديق محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) يعني اليهود كانوا مقرين به قبل مبعثه حتى جاءهم العلم وهو القرآن الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن ابن عباس وقال الفراء العلم محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأنه كان معلوما عندهم بنعته فلما جاءهم اختلفوا في تصديقه فكفر به أكثرهم وقيل أن معناه فما اختلف بنو إسرائيل إلا من بعد ما جاءهم العلم بالحق على يد موسى وهارون فإنهم كانوا مطبقين على الكفر قبل مجيء موسى فلما جاءهم آمن به بعضهم وثبت على الكفر بعضهم فصاروا مختلفين { إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}هذا إخبار منه تعالى بأنه الذي يتولى الحكم بينهم يوم القيامة في الأمور التي يختلفون فيها فإن مع بقاء التكليف لا يرتفع الخلاف .

__________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج5،ص223-225.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{وجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وجُنُودُهُ بَغْياً وعَدْواً} سبق نظيره في سورة البقرة الآية 50 وسورة الأعراف الآية 138 .نهاية الطاغية :

{حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهً إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} . بالأمس كان ينتفخ فرعون ويقول : أنا ربكم الأعلى . وحين أدركه الغرق قال : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل ، ما كان أغناه عن الحالين ؟ . لا هذه ولا تلك ، فقد كان باب الطاعة مفتوحا أمامه حين عصى ، أما الآن فلا طاعة ولا عصيان ، إذ لا إرادة ولا اختيار . . وهذا هو شأن الخسيس اللئيم يتعاظم عند النعماء ، ويتصاغر عند البأساء .

والتاريخ يعيد نفسه ، وأعني بذلك سنة اللَّه في خلقه التي أشار إليها مؤكدا بقوله : {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا - 43 فاطر}.

وإسرائيل اليوم تسير بمساندة الاستعمار على سنة فرعون بالذات .

كان فرعون يذبح أبناء بني إسرائيل ، ويستحيي نساءهم ، وفعلت إسرائيل بأبناء الشعب الفلسطيني أكثر بكثير مما فعله فرعون .

وقال فرعون : أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ؟ . وقالت إسرائيل : أليست لي فلسطين وخيراتها ، ومعها مرتفعات الجولان ، والضفة الغربية ؟ .

وقال فرعون : أنا ربكم الأعلى . وقالت ربيبة الاستعمار وحربته ، {لا غالب لي اليوم}. ولم تمض الأيام ، حتى بدأت سنة اللَّه تعمل عملها ، فمن إغراق إيلات إلى موقعة الكرامة ، ومن تدمير مواقع الصواريخ لإسرائيل إلى عمل الفدائيين الذي اضطر {دايان}إلى القول : على اليهود ان يستعدوا لتوسيع قبورهم . .

وسيقول عاجلا أو آجلا : آمنت بالذي آمن به العرب والمسلمون ، تماما كما قال فرعون من قبل : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل ، لأنها سارت على نفس الطريق الذي سار عليه ، وستكون نهايتها نهايته لا محالة .

وقد يقول قائل : ان الصراع مع إسرائيل طويل ومركز . ونقول في جوابه أجل ، ولكن النصر النهائي لأصحاب الحق مهما طال الزمن ، والتاريخ البعيد والقريب يشهد بهذه الحقيقة من عهد فرعون وهامان إلى عهد هتلر وموسيليني .

{آلآنَ} بعد أن فات ما فات تقول : آمنت {وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} حيث كان الخيار بيدك في التوبة والرجوع إلى الحق ، ولكنك طغيت وبغيت {وكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} فذق جزاء عملك بالغرق والهلاك {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ } لا بروحك ونلقي بجثتك على نجوة من الأرض ليشاهدها من كان يعظم من شأنك {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} يتعظ بها كل من تحدثه نفسه بالسير على طريق الفساد . .

ولكن ما أكثر العبر ، وأقل الاعتبار ، ومن أجل هذا استدرك سبحانه ، وقال {وإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ } وغير مغفول عنهم .

{ولَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} . والمراد بالصدق هنا الخصب بدليل قوله تعالى : {ورَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ} والمعنى اسكناهم بعد هلاك فرعون بلادا خصبة طيبة ، واختلف المفسرون في تحديد هذه البلاد ، فمنهم من قال : هي فلسطين . ومنهم من قال : هي مصر ، وهذا هو الأرجح لقوله تعالى :

{فَأَخْرَجْناهُمْ - أي فرعون وقومه - مِنْ جَنَّاتٍ وعُيُونٍ وكُنُوزٍ ومَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ - 58 الشعراء}. فالآية صريحة في أن اللَّه اسكن بني إسرائيل ديار فرعون وقومه .

{فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ } . المراد بالعلم هنا التوراة كما نزلت على موسى (عليه السلام ) ، وكان فيها الإخبار بنبوة محمد (صلى الله عليه واله ) . وكان بنو إسرائيل قبل نزولها كلمة واحدة في كفرهم وضلالهم ، وبعد ان جاءتهم التوراة اختلفوا فيما بينهم على عهد موسى وبعده ، فقد تمرد عليه أكثرهم ، وعبدوا العجل ، وقالوا له : أرنا اللَّه جهرة . . واذهب أنت وربك ، إلى غير ذلك مما سجله عليهم القرآن {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} حيث لا كذب في ذلك اليوم ، ولا رياء ، ولا شيء إلا الحق يظهر للجميع جليا واضحا .

____________________

1- تفسير الكاشف ،محمد جواد مغنيه ،ج4،ص188-190.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا}إلى آخر الآية، البغي والعدو كالعدوان الظلم وإدراك الشيء اللحوق به والتسلط عليه كما أن إتباع الشيء طلب اللحوق به.

وقوله:{ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}أي آمنت بأنه.

وقد وصف الله بالذي آمنت به بنوإسرائيل ليظفر بما ظفروا به بإيمانهم وهو مجاوزة البحر والأمان من الغرق، ولذلك أيضا جمع بين الإيمان والإسلام ليزيل بذلك أثر ما كان يصر عليه من المعصية وهو الشرك بالله والاستكبار على الله، والباقي ظاهر.

قوله تعالى:{ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}آلآن بالمد أصله أ الآن أي أ تؤمن بالله الآن وهو حين أدركك العذاب ولا إيمان وتوبة حين غشيان العذاب ومجيء الموت من كل مكان، وقد عصيت قبل هذا وكنت من المفسدين، وأفنيت أيامك في معصيته، ولم تقدم التوبة لوقتها فما ذا ينفعك الإيمان بعد فوت وقته وهذا هو الذي كان موسى وهارون سألاه ربهما أن يأخذه بعذاب أليم ويسد سبيله إلى الإيمان إلا حين يغشاه العذاب فلا ينفعه الإيمان ولا تغني عنه التوبة شيئا.

قوله تعالى:{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}التنجية والإنجاء تفعيل وإفعال من النجاة كالتخليص والإخلاص من الخلاص وزنا ومعنى.

وتنجيته ببدنه تدل على أن له أمرا آخر وراء البدن فقده بدنه بغشيان العذاب وهو النفس التي تسمى أيضا روحا، وهذه النفس المأخوذة هي التي يتوفاها الله ويأخذها حين موتها كما قال تعالى:{الله يتوفى الأنفس حين موتها:}الزمر: - 42، وقال:{قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم:}الم السجدة: - 11، وهي التي يخبر عنها الإنسان بقوله:{أنا}وهي التي بها تتحقق للإنسان إنسانيته، وهي التي تدرك وتريد وتفعل الأفعال الإنسانية بواسطة البدن بما له من القوى والأعضاء المادية، وليس للبدن إلا أنه آلة وأداة تعمل بها النفس أعمالها المادية.

ولمكان الاتحاد الذي بينها وبين البدن يسمى باسمها البدن وإلا فأسماء الأشخاص في الحقيقة لنفوسهم لا لأبدانهم، وناهيك في ذلك التغير المستمر الذي يعرض البدن مدة الحياة، والتبدل الطبيعي الذي يطرء عليه حينا بعد حين حتى ربما تبدل البدن بجميع أجزائه إلى أجزاء أخر تتركب بدنا آخر فلو كان زيد هو البدن الذي ولدته أمه يوم ولدته والاسم له لكان غيره وهو ذو سبعين وثمانين قطعا والاسم لغيره حتما، ولم يثب ولم يعاقب الإنسان وهو شائب على ما عمله وهو شاب لأن الطاعة والمعصية لغيره.

فهذه وأمثالها شواهد قطعية على أن إنسانية الإنسان بنفسه دون بدنه، والأسماء للنفوس لا للأبدان يدركها الإنسان ويعرفها إجمالا وإن كان ربما أنكرها في مقام التفصيل.

وبالجملة فالآية:{اليوم ننجيك ببدنك}كالصريح أو هو صريح في أن النفوس وراء الأبدان، وأن الأسماء للنفوس دون الأبدان إلا ما يطلق على الأبدان بعناية الاتحاد.

فمعنى{ننجيك ببدنك}نخرج بدنك من أليم وننجيه، وهو نوع من تنجيتك - لما بين النفس والبدن من الاتحاد القاضي بكون العمل الواقع على أحدهما واقعا بنحو على الآخر - لتكون لمن خلفك آية، وهذا بوجه نظير قوله تعالى:{منها خلقناكم وفيها نعيدكم:}طه: - 55 فإن الذي يعاد إلى الأرض هو جسد الإنسان دون الإنسان التام فليست نسبة الإعادة إلى الإنسان إلا لما بين نفسه وبدنه من الاتحاد.

وقد ذكر المفسرون أن الإنجاء والتنجية لما كان دالا بلفظه على سلامة الذي أنجي إنجاء كان مفاد قوله:{ننجيك}أن يكون فرعون خارجا من أليم حيا وقد أخرجه الله ميتا فالمتعين أخذ قوله:{ننجيك}من النجوة وهي الأرض المرتفعة التي لا يعلوها السيل، والمعنى اليوم نخرج بدنك إلى نجوة من الأرض.

وربما قال بعضهم إن المراد بالبدن الدرع، وقد كان لفرعون درع من ذهب يعرف به فأخرجه الله فوق الماء بدرعه ليكون لمن خلفه آية وعبرة، وربما قال بعضهم إن التعبير بالتنجية تهكم به.

والحق أن هذا كله تكلف لا حاجة إليه، ولم يقل:{ننجيك}وإنما قيل{ننجيك ببدنك}ومعناه ننجي بدنك، والباء للآلية أوالسببية، والعناية هي الاتحاد الذي بين النفس والبدن.

على أن جعل {ننجيك ببدنك}بمعنى نجعلك على نجوة من الأرض لا يفي بدفع الإشكال من أصله فإن الذي جعل على نجوة هو بدن فرعون على قولهم، وهو غير فرعون قطعا وإلا كان حيا سالما، ولا مناص إلا أن يقال: إن ذلك بعناية الاتحاد الذي بين الإنسان وبدنه، ولو صححت هذه العناية إطلاق اسم الإنسان على بدنه من غير نفس لكان لها أن تصحح نسبة التنجية إلى الإنسان من جهة وقوع التنجية ببدنه، وخاصة مع وجود القرينة الدالة على أن المراد بالتنجية هي التي للبدن دون التي للإنسان المستتبع لحفظ حياته وسلامته نفسا وبدنا، والقرينة هي قوله:{ببدنك}.

قوله تعالى:{ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}أي أسكناهم مسكن صدق، وإنما يضاف الشيء إلى الصدق نحو وعد صدق وقدم صدق ولسان صدق ومدخل صدق ومخرج صدق للدلالة على أن لوازم معناه وآثاره المطلوبة منه موجودة فيه صدقا من غير أن يكذب في شيء من آثاره التي يعدها بلسان دلالته الالتزامية لطالبه فوعد صدق مثلا هو الوعد الذي سيفي به واعده، ويسر بالوفاء به موعوده، ويحق أن يطمع فيه ويرجى وقوعه.

فإن لم يكن كذلك فليس بوعد صدق بل وعد كذب كأنه يكذب في معناه ولوازم معناه.

وعلى هذا فقوله:{مبوأ صدق}يدل على أن الله سبحانه بوأهم مبوءا يوجد فيه جميع ما يطلبه الإنسان من المسكن من مقاصد السكنى كطيب الماء والهواء وبركات الأرض ووفور نعمها والاستقرار فيها وغير ذلك، وهذه هي نواحي بيت المقدس والشام التي أسكن الله بني إسرائيل فيها وسماها الأرض المقدسة المباركة وقد قص القرآن دخولهم فيها.

وأما قول بعضهم: إن المراد بهذا المبوء مصر دخلها بنو إسرائيل واتخذوا فيها بيوتا فأمر لم يذكره القرآن.

على أنهم لوفرض دخولهم فيها ثانيا لم يستقروا فيها استقرارا مستمرا، وتسمية ما هذا شأنه مبوأ صدق مما لا يساعد عليه معنى اللفظ.

والآية أعني قوله:{ولقد بوأنا بني إسرائيل - إلى قوله - من الطيبات}مسوقة سوق الشكوى والعتبى، ويشهد به تذييلها بقوله:{ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ، وقوله:{إن ربك يقضي بينهم }إلى آخر الآية بيان لعاقبة اختلافهم عن علم وبمنزلة أخذ النتيجة من القصة.

والمعنى: أنا أتممنا على بني إسرائيل النعمة وبوأناهم مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات بعد حرمانهم من ذلك مدة طويلة كانوا فيها في إسارة القبط فوحدنا شعبهم وجمعنا شملهم فكفروا النعمة وفرقوا الكلمة واختلفوا في الحق، ولم يكن اختلافهم عن عذر الجهل وإنما اختلفوا عن علم إن ربك يقضي بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.

_________________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي ،ج10،ص91-93.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

الفصل الأخير من المجابهة مع الظّالمين:

هذه الآيات جسّدت آخر مرحلة من المواجهة بين بني إِسرائيل والفراعنة وبيّنت مصير هؤلاء في عبارات قصيرة، لكنّها دقيقة وواضحة ـ كما هو دأب القرآن ـ وتركت المطالب الأُخرى تُفهم من الجمل السابقة واللاحقة.

فتقول أوّلا: إِنّنا جاوزنا ببني إِسرائيل البحر ـ وهو نهر النيل العظيم أطلق عليه اسم البحر لعظمته ـ أثناء مواجهتهم للفراعنة، وعندما كانوا تحت ضغط ومطاردة هؤلاء:{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ}إلاّ أنّ فرعون وجنوده طاردوا هؤلاء من أجل القضاء على بني إِسرائيل:{ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا }.

«البغي» يعني الظلم، «والعدو» بمعنى التعدي، أي إِنّ هؤلاء إِنّما طاردوهم وتعقبوهم لغرض الظلم والتعدي عليهم، أي على بني إِسرائيل.

جملة «فأتبعهم» توحي بأنّ فرعون وجنوده قد تتبعوا بني إِسرائيل طوعاً، وتؤيد بعض الرّوايات هذا المعنى، والبعض الآخر تخالف هذا المعنى(2)، إلاّ أن ما يفهم ويستفاد من ظاهر الآية هو الحجة على كل حال.

أمّا كيفية عبور بني إِسرائيل للبحر، وأي إِعجاز وقع في ذلك الحين، فإِنّ شرح ذلك سيأتي في ذيل الآية (63) من سورة الشعراء، إِن شاء الله تعالى.

على كل حال، فإِنّ هذه الأحداث قد استمرت حتى أوشك فرعون على الغرق، وأصبح كالقشة تتقاذفه الأمواج وتلهو به، فعنذاك زالت حجب الغرور والجهل من أمام عينه، وسطع نور التوحيد الفطري وصدع بالإِيمان:{ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ }فلست مؤمناً بقلبي فقط، بل إِنّي من المسلمين عملياً:{وأنّا من المسلمين}.

ولما تحققت تنبؤات موسى(عليه السلام) الواحدة تلو الأُخرى وأدرك فرعون صدق هذا النّبي الكبير أكثر فأكثر وشاهد قدرته وقوته، اضطر إِلى إِظهار الإِيمان على أمل أن ينقذه ربّ بني إِسرائيل كما أنجاهم من هذه الأمواج المتلاطمة ولذلك يقول: آمنت أنّه لا إِله إلاّ الذي آمنت به بنو إِسرائيل!

إِلاّ أنّ من البديهي أنّ مثل هذا الإِيمان الذي يتجلّى عند نزول البلاء ونشوب أظفار الموت، إِيمان اضطراري يتشبث به كل جان ومجرم ومذنب وليست له أية قيمة، أو يكون دليلا على حسن نيته أو صدق قوله، ولهذا فإِنّ الله سبحانه خاطبه فقال:{ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }.

وقد قرأنا سابقاً في الآية (18) من سورة النساء:{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إِذا حضر أحدهم الموت قال إِنّي تبت الآن}ولهذا فإنّ كثير من الناس ما أن تستقر بهم الحال وينجون من الموت يعودون إِلى أوضاعهم وأعمالهم السابقة. ونظير هذا التعبير الذي ورد أعلاه جاء أيضاً في اشعار وكلمات الأدباء العرب والعجم، مثل:

أتت وحياض الموت بيني وبينها       وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل(3)

لكن{فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية}آية للحكام المستكبرين ولكل الظالمين والمفسدين، وآية للفئات المستضعفة.

هناك بحث بين المفسّرين المراد من البدن هنا، فأكثرهم يرى بأنّ المراد هو جسد فرعون الذي فارقته الروح، لأنّ عظمة فرعون في أفكار الناس في ذلك المحيط بلغت حدّاً بحيث أنّ الكثير لولا ذلك لم يكن يصدق أن فرعون يمكن أن يغرق، وكان من الممكن أن تنسج الأساطير والخرافات الكاذبة حول نجاة وحياة فرعون بعد هذه الحادثة، لذلك ألقى الله سبحانه جسده خارج الماء.

اللطيف هنا، أنّ البدن في اللغة ـ كما قال الراغب في مفرداته ـ يعني الجسد العظيم ـ وهذا يدلنا على أن فرعون كان عظيم الهيكل ممتلىء الجسم كما هو الحال في الكثير من أهل الترف والرفاه الدنيوي!

إِلاّ أنّ البعض الآخر قالوا: إِنّ أحد معاني البدن هو الدرع، وهذا إِشارة إِلى أن الله سبحانه قد أخرج فرعون من الماء بدرعه الذهبي الذي كان على بدنه ليعرف عن طريقه، ولا يبقى أي مجال للشك في أنّه فرعون.

هذه النقطة أيضاً تستحق الإِنتباه، وهي أنهم استفادوا من جملة «ننجيك» أنّ الله سبحانه قد أمر الأمواج أن تلقي بدنه على مكان مرتفع عن الساحل لأنّ مادة «النجوة» تعني المكان المرتفع والأرض العالية.

والنقطة الأُخرى التي تلاحظ في الآية أنّ جملة:{فاليوم ننجّيك}قد بدأت بفاء التفريع، ومن الممكن أن يكون ذلك إِشارة إِلى أن إِيمان فرعون الباهت في هذه اللحظة اليائسة وفي ساعة الاحتضار كان كالجسد بدون روح ولذلك أثر بالمقدار الذي أنجى الله جسد فرعون من الماء بعد أن فارقته الروح، حتى لايكون طعمة للأسماك وليكون عبره للأجيال القادمة!

ويوجد الآن في متاحف مصر وبريطانيا جثة أو جثتين من جثث الفراعنة التي بقيت محنّطة بالمومياء، فهل أنّ بدن فرعون المعاصر لموسى من بينهاحيث حفظوه فيما بعد بالمومياء، أم لا؟

لايمكننا اثبات ذلك، إلاّ أنّ تعبير{لمن خلفك}يقوي هذا الإِحتمال في أن بدن ذلك الفرعون من بين هذه الأبدان، ليكون عبرة لكل الأجيال القادمة، لأنّ تعبير الآية مطلق ويشمل كل الاجيال في المستقبل{فتدبر جيداً).

ويقول في نهاية الآية: إِنّه وبالرغم من كل هذه الآيات والدلالات على قدرة الله، ومع كل الدروس والعبر التي ملأت تاريخ البشر فإِنّ الكثير معرضون عنها{ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }.

وتبيّن آخر آية من هذه الآيات النصر النهائي لبني إِسرائيل، والرجوع إِلى الأرض المقدسة بعد الخلاص من قبضة الفراعنة، فتقول:{ولقد بوأنا بني إِسرائيل مبوأ صدق}.

إِنّ التعبير بـ{مبوأ صدق}يمكن أن يكون إِشارة إِلى أنّ الله سبحانه قد وفى بما وعد به بني إِسرائيل وأرجعهم إِلى الوطن الموعود، أو أنّ{مبوّأ صدق}إِشارة إِلى طهارة وقدسية هذه الأرض، وبذلك تناسب أرض الشام وفلسطين التي كانت محط الأنبياء والرسل.

وقد احتمل جماعة أن يكون المراد أرض مصر، كما يقول القرآن في سورة الدخان / الآية (25) ـ (28) :{كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناهما قوماً آخرين}.

وقد جاء هذا المضمون في الآية (57) ـ (59) من سورة الشعراء، ونقرأ في آخرها:{وأورثناها بني إِسرائيل).

من هذه الآيات نخرج بأنّ بني إسرائيل قد بقوا فترة في مصر قبل الهجرة إِلى الشام، وتنعّموا ببركات تلك الأرض المعطاء.

ثمّ يضيف القرآن الكريم:{ورزقناهم من الطيبات}ولا مانع بالطبع من أن تكون أرض مصر هي المقصودة، وكذلك أراضي الشام وفلسطين. إلاّ أنّ هؤلاء لم يعرفوا قدر هذه النعمة{فما أختلفوا حتى جاءهم العلم}وبعد مشاهدة كل تلك المعجزات التي جاء بها موسى، وأدلة صدق دعوته، إلاّ{أن ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}وإِذا لم يتذوقوا طعم عقاب الإِختلاف اليوم، فسيذوقونه غداً.

وقد احتمل ـ أيضاً ـ في تفسير هذه الآية، أن يكن المراد من الإِختلاف هو الإِختلاف بين بني إِسرائيل واليهود المعاصرين للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في قبول دعوته، أي إِنّ هؤلاء رغم معرفتهم صدق دعوته حسب بشارات وعلامات كتبهم السماوية، فإِنّهم اختلفوا، فآمن بعضهم، وامتنع القسم الأكبر عن قبول دعوته، وإِنّ الله سبحانه سيقضي بين هؤلاء يوم القيامة. إِلاّ أنّ الإِحتمال الأوّل أنسب لظاهر الآية.

كان هذا الحديث عن قسم من ماضي بني إِسرائيل المليء بالعبر، والذي بُيّن ضمن آيات في هذه السورة، وما أشبه حال أُولئك بمسلمي اليوم، فإِنّ الله قد نصر المسلمين بفضله مرّات كثيرة. وقهر أعداءهم الأقوياء بصورة إِعجازية، ونصر بفضله ورحمته هذه الأمة المستضعفة على أُولئك المتجبرين، إلاّ أنّهم وللأسف الشديد، بدل أن يجعلوا هذا النصر وسيلة لنشر دين الإِسلام في جميع أرجاء العالم، فإِنّهم قد اتّخذوه ذريعة للتفرقة وإِيجاد النفاق والإِختلاف بحيث عرّضوا كل انتصاراتهم للخطر! اللّهم نجّنا من كفران النعمة.

_________________

1- تفسير الامثل  ،مكارم الشيرازي ،ج5،ص535-538.

2- بحار الانوار،ج13،ص110و117و123و134و140.

3- تاريخ مدينة دمشق،لابن عساكر ،ج9،ص253.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .