أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-12-2020
1584
التاريخ: 2023-03-05
1174
التاريخ: 11-9-2021
1849
التاريخ: 10-5-2022
1183
|
اختلف أغلب الباحثين والمختصين في تعريف العولمة فبعضهم يركز على جانب واحد أو أكثر، وبعضهم الأخر يفضل صياغة مفهوم شامل كامل لها. وفي نطاق التعريف الشامل عرفت العولمة بأنها زيادة الترابط والالتحام بين الأجزاء المكونة لكوكب من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وأصبح اتخاذ قرار سياسي في بلد ما يمكن أن يؤثر في حياة ملايين البشر في أماكن بعيدة وهذا ظهر في أزمة النمو الآسيوية حيث أنهار اقتصاد كل من كوريا الجنوبية، تايلند، إندونيسيا وماليزيا نتيجة لمضاربات الأسواق المالية العالمية التي بدأت في الثاني من تشرين الأول عام 197، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد رأت خيرا في هذا الدمار مما يدل على أنها كانت وراء هذه الأزمة.
ومنهم من عرفها تعريفا شاملاً إذ عدّ العولمة على أنها التداخل الواضح في أمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة ومن هذا المفهوم يتضح أن العولمة تلغي سيادة الدولة والحدود السياسية لها مما يجعل الدولة عرضة للاختراق في كافة المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية وحتى الاجتماعية. وهناك تعريف أخر يشير إلى أنها توصيفا لعمليات التغير السريعة التي يشهدها العالم في مجالات مختلفة كالسياسة والاقتصاد والثقافة والاتصالات لذلك تعرفها الأدبيات الغربية على أنها زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال تسهيل وتسريع عمليات انتقال السلع رؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات.
أن أول من أطلق مصطلح العولمة، عالم الاجتماع الكندي مارشال ماك لوهان عندما صاغ مفهوم القرية الكونية. وتبنى بعده زبغنيو بريجنسكي الذي كان مستشارا للرئيس الأمريكي كارتر 1977ـ1980 وقد ركز بريجنسكي على جانب المعلوماتية من العولمة ورأي بأنه ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بقيادة العالم وتقدم نموذجاً ثقافيا حضارياً شامل للحداثة مادامت مصدر انطلاق معظم الاتصالات العالمية.
وينطبق ما جاء به بريجنسكي مع مفهوم العولمة الثقافية الذي يشير إلى (بروز الثقافة كسلعة عالمية تسوق كأي سلعة تجارية أخرى ومن ثم بروز وعي وإدراك ومفاهيم وقناعات ورموز وسائل ثقافية عالية الطابع، وهناك العديد من التعاريف في المجال الثقافي فقد عرفها بلقزيز بأنها (ما هي إلا فعل اغتصاب ثقافي وعدواني رمزي على سائر الثقافات لأنها رديف الاختراق الذي يجري بالعنف المسلح والثقافة فيهدد سيادة الثقافة في سائر المجتمعات التي تبلغها العولمة، وهذا المفهوم يوضح الوجه القبيح للعولمة في مجال الثقافية.
أما برهان غليون فقال (أن العولمة تعني خضوع البشرية لتاريخية واحدة وهذا يعني أنها تجري في مكانية ثقافية واجتماعية وسياسية موحدة أو في طريقها للتوحيد، ويضيف قائلا أن العولمة يمكن تلخيصها في كلمتين، كثافة انتقال المعلومات، وسرعتها إلى درجة أصبحنا نشعر أننا نعيش في عالم واحد.
ويرى عبد الخالق عبد الله (أن العولمة تسعى إلى ربط العالم بقيم وقناعات وعادات مشتركة تتجاوز الحدود وتدخل البشرية في مرحلة الحرية الكاملة لانتقال الأفكار والمعلومات والبيانات والأذواق على الصعيد العالمي وبأقل قدر ممكن من العراقيل والضوابط من قبل الحكومات. وهذا المفهوم يدل على أن العولمة ما هي إلا غزو، وكلمة الغزو هذه هي مدعاة الكلام عن الإمبريالية التي هي مقولة تستخدم لقراءة الموجات الحضارية. وأن الغزو سيكون غزو حضاري يتم من خلال أجهزة الاتصال والشركات متعددة الجنسية. وهذا يؤكده صموئيل هنتنغتون في كتابة (صدام الحضارات) حيث يقول (أن الصراعات بين الغرب وحضارات التحدي (الإسلامية والكونفوشية، سوف تصبح أكثر مركزية في السياسة الكونية عن أي خطوط تقسيم أخرى).
أما العولمة الاجتماعية فتركز على البعد الاجتماعي الذي يلاحظ بروز المجتمع المدني العالمي وبروز قضايا إنسانية مشتركة نتيجة لتداخل عوامل الاقتصاد والثقافة والسياسة وغيرها. لأن ما ينتج عنها من تأثيرات إيجابية أو سلبية على المجتمعات تشكل بعدا اجتماعيا يكون خاضعا للدراسة والتحليل لمعرفة ما يتمشى مع مصلحة الأفراد والجماعات وبالتالي المصلحة العامة للإنسانية جمعاء وهذا يعود بنا إلى المفهوم الشامل للعولمة الذي يعدها ظاهرة تتداخل فيها أمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والسلوك وتحدث فيها تحولات على مختلف الصعد تؤثر في حياة الإنسان، وهو ما يؤكده المفهوم الذي جاء به النجار حيث قال (أن العولمة تغزو الحياة الشخصية للأفراد وتكسر خصوصية الفرد ونمط السلوك لديهم).
وفي هذا المجال تعرف العولمة على أنها (عملية تطور في معظم الأحيان كقوة إيجابية تهدف إلى توحيد المجتمعات المختلفة وتحقيق تكاملها في قرية كونية الكل يغتني في إطارهاو وهذا المفهوم يناقض الواقع الذي ظهرت به العولمة لأنها تزيد الغني غناً والفقير فقراً. فاتساع الفجوات في الدخل بين الأفقر والأغنى من أناس وبلدان على السواء مستمر ففي عام 1960 كان 20% من سكان العالم ممن يعيشون في أغنى البلدان يحصلون على دخل يعادل دخل أفقر نسبة 20% من السكان 30 مرة، وفي عام 1997 أصبح دخلهم يعادل أفقر 20% من سكان العالم 74 مرة، وهذا يمثل استمراراً لاتجاه دام زهاء عقدين.
وفي المجال الاجتماعي أيضاً فان التنشئة الاجتماعية تتم بشكل منتظم من خلال استمرار واستقرار وكآلاتها الكبرى، الأسرة والمدرسة وبقية المؤسسات الاجتماعية إلا أنه مع انتشار أدوات العولمة (القنوات الفضائية، الانترنيت والشركات متعددة الجنسية أصبحت هي البديل عن مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وهذا يؤدي بالنتيجة إلى السيطرة على العقول ويزيد من فاعلية وقدرة الإمبريالية الدولية في السيطرة والهيمنة على شعوب العالم ومقدرتها.
أما العولمة في المجال السياسي فأنها تركز عل البعد السياسي للقضايا العالمية، فالنشاط السياسي التقليدي كما يقول أنصار العولمة لم يعد يلبي حاجات الشعوب في هذا العصر، فالقرارات المهمة بالنسبة لهم هي تلك الإجراءات التي تعزز أمنهم ورفاهيتهم الاقتصادية وتحقيق العدل الاجتماعي وتحافظ على البيئة وتحمي حقوق الإنسان وتواجه العديد من المشاكل الضاغطة الأخرى التي لا يمكن معالجتها عن طريق الدول القومية، بل من خلال سلطة دولية أو مرجعية دولية وهذه المشاكل هي الإرهاب الدولي، المجاعة في العالم، تجارة المخدرات، مشكلة اللاجئين في العالم ومشاكل البيئة وغيرها.
يرى بعض الباحثين أن العولمة ليست فكرا إيديولوجيا أو مذهبا سياسيا جديد بقدر ما هي ظاهرة نشأت عبر عقود عديدة من رحم النظام الرأسمالي وهذا يجعلها قابلة للتوسع باستمرار وتنتج مناهج وأساليب جديدة تدعمها الثورتين التقنية والمعلوماتية لإنتاج نظام جديد مهيمن في قيمة وأهدافه وأساليبه.
أن العولمة استعماراً جديداً يشبه في كل شيء الاستعمار القديم الذي كان يهدف إلى السيطرة على ثروات ومقدرات الآخرين، لكنه يختلف بعض الشيء لأنه لا يستولي على هذه الموارد من خلال الاحتلال العسكري وإنما من خلال عمليات أكثر ذكاء وحنكة تتم في الخفاء.
فالعولمة تفرض على المجتمعات القومية أن تدخل في علاقات مفتوحة متعددة الأطراف مع بقية العالم، وحتما هذا يدفع بالمجتمع القومي إلى الدخول في تعاون مفتوح مع الأطراف كافة، ولكن هذا الرأي يجعل مجتمعات البلدان النامية تعيش في حالة تهميش وتبعية لأن الدولة الأقوى اقتصاديا هي التي تتحكم في مصدر إصدار القرار السياسي والاقتصادي كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية الآن في مجلس الأمن الدولي. وهذا ما يجعل أسواق الدول الرأسمالية المتقدمة ذات تهديد خطر يمكن أن يؤدي إلى حروب وصراعات وانتشار الفقر كما يؤكد ذلك جوت غراي في رؤيته للعولمة على أنها تهديد خطر للبشرية لأنها أدت وتؤدي إلى صراعات وحروب أسبابها كما بدأت تظهر الآن إثنوغرافية واقتصادية على سبيل المثال حروب كوسوفو وأزمة تيمور الشرقية في إندونيسيا، وحروب أفغانستان والصومال وجنوب السودان، ويقول تشومسكي في هذا الصدد عندما تتطور أزمة إنسانية فثمة ثلاث خيارات لغير المتورطين: أولها العمل على تصعيد الكارثة أو الامتناع عن عمل أي شيء والأخير محاولة تخفيف الكارثة وتقع أزمة كوسوفو في الفئة (1) وتيمور الشرقية في الثانية كما تؤدي إلى الفقر لأن الفقير لا يستطيع مجاراة ومنافسة الغني.
أما في مجال الاقتصاد فان العولمة تركز على حجم التجارة الخارجية وحركة الاستثمارات الأجنبية وانتقال الأشخاص وثورة المعلومات والاتصالات.
أن بعض الباحثين ينظر للعولمة في مجال الاقتصاد بارتياب وتخوف والسبب في ذلك يعود لكونها شكل من أشكال الاستعمار الذي يخدم مصالح الدول الكبرى والشركات العملاقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا الغربية واليابان وهذا ما سيحرم الدول النامية من الاستفادة مما تتمتع به من مزايا تنافسية لأن العولمة تقوم على الهيمنة.
وأيا كانت الأسباب وراء العولمة فقد أثارت القلق والعداء الصريح بين الدول وبين المفكرين والباحثين أيضا وقد ظهر الأمر بجلاء كما يقول (بيرتلس وجماعته)، (في الجدل الذي احتدم في الكونغرس في خريف 1997 حول توسيع نطاق سلطة الرئيس في التفاوض بشأن التجارة ظهر تيار منتقدوا العولمة وكانوا شخصيات معروفة في الأحزاب السياسية الأمريكية الثلاث مثل باتريك بوكانان، ريتشارد جبهاردت وروس بيرو ، ويضيف أن نصف سكان أمريكا على الأقل يعتقدون أن العولمة تضر بأكثر مما تنفع). فإذا كان الخلاف محتدم في الكونغرس الأمريكي نفسه بهذا الشكل فما بالنا نحن في الدول النامية؟ وكيف سنعبر عن رفضنا للعولمة؟
لقد صاغ الباحثون الاقتصاديون العديد من المفاهيم ومنهم صادق جلال العظم الذي عدّ العولمة (وصول نمط الإنتاج الرأسمالية في منتصف القرن العشرين إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتوزيع والسوق والتجارة والتداول إلى عالمية دائرة الإنتاج وإعادة الإنتاج ذاتها) وهي بالتالي (رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت رسمته على مستوى سطح النمط ومظاهره في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ).
أن العولمة التي نشهدها اليوم هي بداية عولمة الإنتاج والرأسمال الإنتاجي وقوى الإنتاج الرأسمالية ونشرها في كل مكان خارج تجمعات المركز الأصلي ودولة وعدّ محمد الأطرش العولمة (اندماج أسواق العالم في حقول انتقال السلع والخدمات والرساميل والقوى العاملة ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق بحيث تصبح هذه الأسواق سوقاً واحدة كالسوق القومية والعولمة في نظر الاقتصادي الفرنسي لاتوش (البروز الطاغي للشركات المتعددة الجنسية والإفلاس السياسي، والتهديد الذي تمثله تقنية علمية خارج حدود السيطرة) ويقصد بالإفلاس السياسي، ضعف الدولة الأمة وانهيار مفهوم المواطنة وفساد النخب السياسية. ونلاحظ من مفهوم لاتوش ان هناك تركيز على دور الشركات متعددة الجنسية في المجال الاقتصادي حيث أنها بدأت تحل محل الدولة في العمليات الاقتصادية.
نستنتج مما تقدم أن العولمة محاولة إرساء نظام سياسي اقتصادي ثقافي اجتماعي تروج له الولايات المتحدة الأمريكية كي تعزز نفوذها الدولي من خلال قضائها على السيادة الوطنية للدول واختراقها بواسطة الشركات متعددة الجنسية والبث الفضائي والإنترنت. ومن خلال المؤسسات الدولية العابرة القومية (البنك الدولي، منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي). والعولمة اتخذت شكل تيار متصاعد من أجل رفع الحدود والقيود بين الدول وهذا بدوره يؤدي إلى أضعاف الدول النامية ومنها الوطن العربي بسبب عدم قدرتها على المنافسة في جميع المجالات.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|