أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2020
3134
التاريخ: 17-4-2020
6589
التاريخ: 13-4-2020
11716
التاريخ: 17-4-2020
11147
|
قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53) إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوتُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} [الأحزاب : 53 ، 55]
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :
قال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه} نهاهم سبحانه عن دخول دار النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بغير إذن وهو قوله {إلا أن يؤذن لكم} أي في الدخول يعني إلا أن يدعوكم إلى طعام فادخلوا غير ناظرين إناه أي غير منتظرين إدراك الطعام فيطول مقامكم في منزله والمعنى لا تدخلوا بغير إذن وقيل نضج الطعام انتظارا لنضجه فيطول لبثكم ومقامكم .
{ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا} أي فإذا أكلتم الطعام فتفرقوا وأخرجوا {ولا مستأنسين لحديث} أي ولا تدخلوا فتقعدوا بعد الأكل متحدثين يحدث بعضكم بعضا ليؤنسه ثم بين المعنى في ذلك فقال {إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم} أي طول مقامكم في منزل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يؤذيه لضيق منزله فيمنعه الحياء أن يأمركم بالخروج من المنزل {والله لا يستحيي من الحق} أي لا يترك إبانة الحق فيأمركم بتعظيم رسوله وترك دخول بيته من غير إذن والامتناع عما يؤدي إلى أذاه وكراهيته قالت عائشة يحسب الثقلاء أن الله سبحانه لم يحتملهم فقال {فإذا طعمتم فانتشروا} وقال بعض العلماء هذا أدب أدب الله به الثقلاء .
{وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب} يعني فإذا سألتم أزواج النبي (صلى الله عليه واله وسلم) شيئا تحتاجون إليه فاسألوهن من وراء الستر قال مقاتل أمر الله المؤمنين أ لا يكلموا نساء النبي (صلى الله عليه واله وسلم) إلا من وراء حجاب وروى مجاهد عن عائشة قالت كنت آكل مع النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حيسا في قعب(2) فمر بنا عمر فدعاه فأكل فأصابت إصبعه إصبعي فقال : ((حس(3) لو أطاع فيكن ما رأتكن عين)) فنزل الحجاب .
{ذلكم} أي سؤالكم إياهن المتاع من وراء حجاب {أطهر لقلوبكم وقلوبهن} من الريبة ومن خواطر الشيطان التي تدعو إلى ميل الرجال إلى النساء والنساء إلى الرجال {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} أي ليس لكم إيذاء رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بمخالفة ما أمر به في نسائه ولا في شيء من الأشياء {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} أي من بعد وفاته المعنى ولا يحل لكم أن تزوجوا واحدة من نسائه بعد مماته كما لا تحل لكم أن تؤذوه في حال حياته وقيل من بعده أي من بعد فراقه في حياته كما قال : ((بئسما خلفتموني من بعدي)) . {إن ذلكم كان عند الله عظيما} أي إيذاء الرسول بما ذكرنا كان ذنبا عظيم الموقع عند الله تعالى .
{إن تبدوا شيئا أو تخفوه} أي تظهروا شيئا أو تضمروه مما نهيتم عنه من تزويجهن {فإن الله كان بكل شيء عليما} من الظواهر والسرائر وهذا تهديد وروي عن حذيفة أنه قال لامرأته تريدي أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي فإن المرأة لآخر أزواجها فلذلك حرم الله تعالى على أزواج النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أن يتزوجن بعده وروي عن النبي سئل عن المرأة تكون لها زوجان فتموت فتدخل الجنة فلأيهما تكون قال لأحسنهما خلقا كان معها في الدنيا ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة ولما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب يا رسول الله ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب فأنزل الله تعالى قوله {لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن} أن يروهن ولا يحتجبن عنهم .
{ولا نسائهن} قيل نريد نساء المؤمنين لا نساء اليهود ولا النصارى فيصفن نساء رسول الله لأزواجهن إن رأينهن عن ابن عباس وقيل يريد جميع النساء {ولا ما ملكت أيمانهن} يعني العبيد والإماء {واتقين الله} أي اتركن معاصيه وقيل اتقين عقاب الله من دخول الأجانب عليكن {إن الله كان على كل شيء شهيدا} أي حفيظا لا يغيب عنه شيء قال الشعبي وعكرمة وإنما لم يذكر العم والخال لئلا ينعتاهن لأبنائهما .
____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص176-178 .
2- مرّ معنى الحيس قريباً . والعقب : القدح الضخم الغليظ .
3- حسّ : كلمة يقولها الانسان عند التوجع مما أذاه مثل ((أوه)) .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ولكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا ولا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} .
أي لا تمكثوا بعد الطعام إطلاقا ، لا للاستئناس بالحديث ولا لغيره ، وإنما ذكر سبحانه الاستئناس بالحديث لأن المكوث في الغالب يكون لهذه للغاية . . ويومئ ظاهر الآية إلى أن بعض الصحابة كان يدخل بيوت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من غير إذن جريا على عادة الجاهلية ، وانه كان إذا رأى طعاما يوقد عليه في بيت النبي ينتظره للأكل ، وانه كان يجلس بعد الطعام للحديث والسمر . . وليس من شك ان هذا النوع من التطفل وسوء الأدب يؤذي كل إنسان نبيا كان أو غير نبي ، ومن أجل هذا أدّب النبي الصحابة وغيرهم بأن لا يدخلوا أي بيت من البيوت إلا بعد الإذن من أهله - وتقدمت الإشارة إلى ذلك في الآية 28 من سورة النور - وأن لا يقصدوه من أجل الطعام إلا بعد الدعوة على أن يأتوه بعد إعداد الطعام ، ولا يتخلفوا بعد الانتهاء منه . . ولا يختص ذلك ببيت النبي وحده ، وإنما ذكره سبحانه لأنه السبب الموجب لنزول الآية ، وقلنا أكثر من مرة : ان سبب النزول لا يخصص عموم الآية .
{إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ واللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} . المراد بالحق الذي استحيا منه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حقه الشخصي ، وهو إخراج الثقلاء والمتطفلين من بيته ، سكت النبي عنه حياء منهم ، فنبه سبحانه إلى أن بقاءهم بعد العام يؤذي النبي ، وكذلك دخولهم على بيته من غير إذن ، وفي الحديث : الحياء شعبة من الإيمان ، ومن لا حياء له لا إيمان له . وفي حديث آخر : لم يبق من أمثال الأنبياء إلا قول الناس : إذا لم تستح فاصنع ما شئت . وقد جاء في وصف النبي :
انه كان أشد حياء من العذراء في خدرها ، وفي نهج البلاغة : لا إيمان كالحياء والصبر ، وكان العرب يمدحون العظيم بالحياء ، قال الفرزدق في مدح الإمام زين العابدين (عليه السلام) :
يغضي حياء ويغضى من مهابته * فلا يكلم إلا حين يبتسم
ومن الطريف ما جاء في محاضرات الأدباء للأصفهاني : ان طفيليا عوتب على تطفله ، فقال : لقد تطفل بنو إسرائيل على اللَّه ، ألا نتطفل نحن على الناس ؟ .
{وإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ} . ضمير {هن} يعود لأزواج النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، أما ذكر المتاع فهومن باب المثال ، لا من باب التخصيص به ونفي الحكم عن غيره ، ويدل على ذلك قوله تعالى : {ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقُلُوبِهِنَّ} حيث يشعر بأن الاختلاط وإزالة الحجاب بين النساء والرجال يؤدي إلى الفساد والفتنة ، ومعنى هذا ان الاختلاط محرم ، أوان الأولى تركه - على الأقل - وبهذا يتبين معنا ان الاختلاط سبب لإثارة الغريزة الجنسية ، وليس سببا لتهذيبها وكبح جماحها كما يدعي من يقول : قال اللَّه وأقول ! . . . {ومن أصدق من اللَّه حديثا} .
{وما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ولا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً} . هذا الحكم من خصائص الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) وحده لأن أزواجه بمنزلة الأمهات للمؤمنين . وفي تفسير الرازي ، وروح البيان لإسماعيل حقي : (ان هذه الآية نزلت حين قال طلحة بن عبيد اللَّه التيمي :
لئن مات محمد (صلى الله عليه واله وسلم) لأتزوجن عائشة) . . ويؤيد ذلك قوله تعالى : {إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَو تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهً كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} . فإنه تهديد ووعيد لمن أعلن أو أضمر الزواج بنساء النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من بعده .
{لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ ولا أَبْنائِهِنَّ ولا إِخْوانِهِنَّ ولا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ ولا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ ولا نِسائِهِنَّ ولا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ واتَّقِينَ اللَّهً إِنَّ اللَّهً كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً} . بعد أن أمر سبحانه الرجال أن يخاطبوا النساء من وراء حجاب حين يسألونهن متاعا استثنى الآباء والأبناء والإخوة وأبناءهم وأبناء الأخوات والعبيد والنساء لأن المرأة لا يجب عليها أن تحتجب عن مثلها ، وقال سبحانه : {نسائهن} لأن غير المؤمنات يصفن المؤمنات لرجالهن ، وتقدم نظير ذلك في الآية 31 من سورة النور ج 5 ص 417 .
____________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص234-236 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :
قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم - إلى قوله - من الحق} بيان لأدب الدخول في بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقوله : {إلا أن يؤذن لكم} استثناء من النهي ، وقوله : {إلى طعام} متعلق بالإذن ، وقوله : {غير ناظرين إناه} أي غير منتظرين لورود إناء الطعام بأن تدخلوا من قبل فتطيلوا المكث في انتظار الطعام ويبينه قوله : {ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم - أي أكلتم – فانتشروا} ، وقوله : {ولا مستأنسين لحديث} عطف على قوله : {غير ناظرين إناه} وهو حال بعد حال ، أي غير ماكثين في حال انتظار الإناء قبل الطعام ولا في حال الاستئناس لحديث بعد الطعام .
وقوله : {إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم} تعليل للنهي أي لا تمكثوا كذلك لأن مكثكم ذلك كان يتأذى منه النبي فيستحيي منكم أن يسألكم الخروج وقوله : {والله لا يستحيي من الحق} أي من بيان الحق لكم وهو ذكر تأذيه والتأديب بالأدب اللائق .
قوله تعالى : {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} ، ضمير {هن} لأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسؤالهن متاعا كناية عن تكليمهن لحاجة أي إذا مست الحاجة إلى تكليمكم أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكلموهن من وراء حجاب ، وقوله : {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} بيان لمصلحة الحكم .
قوله تعالى : {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} إلخ ، أي ليس لكم إيذاؤه بمخالفة ما أمرتم في نسائه وفي غير ذلك وليس لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم أي نكاحكم أزواجه من بعده كان عند الله عظيما ، وفي الآية إشعار بأن بعضهم ذكر ما يشير إلى نكاحهم أزواجه بعده وهو كذلك كما سيأتي في البحث الروائي الآتي .
قوله تعالى : {إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما} معناه ظاهر وهو في الحقيقة تنبيه تهديدي لمن كان يؤذي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو يذكر نكاح أزواجه من بعده .
قوله تعالى : {لا جناح عليهن في آبائهن} إلى آخر الآية ضمير {عليهن} لنساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والآية في معنى الاستثناء من عموم حكم الحجاب وقد استثنى الآباء والأبناء والإخوان وأبناء الإخوان وأبناء الأخوات وهؤلاء محارم ، قيل : ولم يذكر الأعمام والأخوال لأنهم من الممكن أن يصفوهن لأبنائهم .
واستثنى أيضا نساءهن وإضافة النساء إلى ضمير هن يلوح إلى أن المراد النساء المؤمنات دون الكوافر كما مر في قوله تعالى : {أَونِسَائِهِنَّ } [النور : 31] ، واستثنى أيضا ما ملكت أيمانهن من العبيد والإماء .
وقوله : {واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا} فيه تأكيد الحكم وخاصة من جهة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في {اتقين الله} .
___________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص272-273 .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :
مرّة اُخرى يوجّه الخطاب إلى المؤمنين ، لتبيّن الآية جانباً آخر من أحكام الإسلام ضمن جمل قصيرة بليغة وصريحة ، وخاصّة ما كان مرتبطاً بآداب معاشرة النّبي (صلى الله عليه وآله) وبيت النبوّة ، فتقول أوّلا : لا ينبغي لكم دخول بيوت النّبي إلاّ إذا دعيتم إلى طعام واُذِن لكم بالدخول بشرط أن تدخلوا في الوقت المقرّر ، لا أن تأتوا قبل ذلك بفترة وتجلسون في إنتظار وقت الغذاء {يا أيّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبي إلاّ أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه}(2) .
بهذا تبيّن الآية أحد آداب المعاشرة المهمّة ، والتي كانت قلّما تراعى في تلك البيئة ، ومع أنّ الكلام يدور حول بيت النّبي إلاّ أنّ من المسلّم أنّ هذا الحكم لا يختصّ به ، إذ ينبغي أن لا تدخل دار أي إنسان بدون إذنه (كما جاء ذلك في الآية 27 من سورة النور) بل نقرأ في أحوال النّبي (صلى الله عليه وآله) أنّه عندما كان يريد دخول بيت إبنته فاطمة (سلام الله عليها) ، كان يقف خارجاً ويستأذن . وكان معه «جابر بن عبدالله» يوماً ، فاستأذن له بعد أن استأذن لنفسه(3) .
إضافةً إلى أنّهم إذا دُعوا إلى طعام فينبغي أن يكونوا عارفين بالوقت ، لئلاّ يوقعوا صاحب البيت في جهد وإحراج في غير مكانه .
ثمّ تناولت الحكم الثّاني فقالت : {ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا} .
وهذا الحكم مكمّل ومؤكّد للحكم السابق في الواقع ، فلا تدخلوا البيت الذي دعيتم إليه في غير زمان الدعوة ، وفي وقت غير مناسب ، ولا تهملوا إجابة الدعوة أو أن لا تعبؤوا بها ، ولا تتأخّروا بعد تناول الطعام مدّة طويلة .
من البديهي أنّ مخالفة هذه الاُمور وعدم اتّباعها سيؤدّي إلى أذىً وإشمئزاز المضيف ، وهي لا تلائم الاُصول الأخلاقية .
وتقول في الحكم الثالث : (ولا مستأنسين لحديث) فلا تجلسوا حلقاً تتحدّثون بعد تناول الطعام ، سواء كان ذلك في بيت النّبي ، أم في بيت أي صاحب دعوة .
طبعاً ، قد يرغب المضيفون في مثل هذه الحلقات والمجالس ، فهذه الحالة مستثناة ، إنّما الكلام في ما لو كانت الدعوة لتناول الطعام فقط ، لا لتشكيل مجالس الاُنس ، حيث تجب مغادرته بعد تناول الطعام ، خاصّة إذا كان البيت كبيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، مقرّ أداء أكبر رسالات الله وأعظمها ، فيجب أن لا يهدر وقته باُمور جانبية تعوقه مدّة عن تأدية رسالته .
ثمّ تبيّن الآية علّة هذا الحكم فتقول : {إنّ ذلكم كان يؤذي النّبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحقّ} .
من المسلّم أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يتردّد لحظة ، ولا يخشى شيئاً ، أو يستحيي من شيء في بيان الحقّ في الموارد التي لم يكن لها بعد شخصي وخاصّ ، إلاّ أنّ بيان الحقّ إذا كان يعود على القائل نفسه ليس بالأمر الجميل الحسن ، أمّا تبيانه من قبل الآخرين فانّه رائع ومستحسن ، ومورد الآية من هذا القبيل أيضاً ، فإنّ اُصول الأخلاق والأدب كانت توجب على النّبي (صلى الله عليه وآله) أن لا يدافع عن نفسه ، بل يدافع الله سبحانه عنه .
ثمّ تبيّن الآية الحكم الرابع في باب الحجاب ، فتقول : {وإذا سألتموهنّ متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب} .
قلنا : إنّ هذا الأمر كان ولا يزال متعارفاً بين العرب وكثير من الناس أنّهم إذا احتاجوا شيئاً من لوازم الحياة ووسائلها فإنّهم يستعيرونها من جيرانهم مؤقتاً ، ولم يكن بيت النّبي مستثنى من هذا القانون ، بل كانوا يأتون إليه سواء كان الوقت مناسباً أم غير مناسب ، ويستعيرون من نساء النّبي شيئاً ، ومن الواضح أن جعل نساء النّبي عرضة لأنظار الناس ـ وإن كن يرتدين الحجاب الإسلامي ـ لم يكن بالأمر الحسن ، ولذلك صدر الأمر إلى الناس أن يأخذوا الأشياء من خلف حجاب أومن خلف الباب .
والمسألة التي ينبغي الإنتباه إليها هنا هي أنّه ليس المراد من الحجاب في هذه الآية لباس النساء ، بل هو حكم يضاف إلى ما كان خاصّاً بنساء النّبي ، وهو : أنّ الناس مكلّفون إذا أرادوا شيئاً من نساء النّبي أن يأخذوه من وراء حجاب لظروف نساء النّبي الخاصّة ، ويجب عليهنّ أن لا يخرجن إلى الناس ويظهرن لهم في مثل هذه الموارد حتّى وإن كن محجّبات ، وهذا الحكم لم يرد طبعاً في شأن النساء الاُخريات ، بل يكفيهنّ أن يراعين الحجاب الإسلامي .
والشاهد على ذلك أنّ كلمة «الحجاب» ، وإن كانت تستعمل في المحادثات اليومية بمعنى حجاب المرأة ، إلاّ أنّها ليس لها مثل هذا المعنى لا في كتب اللغة ، ولا في تعبيرات فقهائنا .
«الحجاب» في اللغة هو الشيء الذي يحول بين شيئين(4) ، ولذلك اُطلق على الغشاء الموجود بين الأمعاء والقلب والرئة اسم «الحجاب الحاجز» .
وقد استعمل القرآن الكريم هذه الكلمة بمعنى الحائل أو الساتر في عدّة مواضع ، كالآية (45) من سورة الإسراء حيث تقول : {جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا } [الإسراء : 45] .
ونقرأ في الآية (32) من سورة ص : {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ } [ص : 32] .
وجاء في الآية (51) من سورة الشورى : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } [الشورى : 51] .
أمّا في كلمات الفقهاء فقد استعملت كلمة «الستر» فيما يتعلّق بلباس النساء منذ قديم الأيّام وإلى يومنا هذا ، وورد أيضاً في الرّوايات الإسلامية هذا التعبير أو ما يشبهه ، وإستعمال كلمة «الحجاب» في شأن لباس المرأة إصطلاح ظهر في عصرنا على الأكثر ، وإذا وجد في التواريخ والرّوايات فقليل جدّاً .
والشاهد الآخر هوما نقرؤه في الحديث المروي عن «أنس بن مالك» خادم النّبي الخاص ، حيث يقول : أنا أعلم الناس بهذه الآية ـ آية الحجاب ـ لمّا اُهديت زينب إلى رّسول اللّه كانت معه في البيت ـ صنع طعاماً ، ودعا القوم فقعدوا يتحدّثون ، فجعل النّبي يخرج ثمّ يرجع وهم قعود يتحدّثون ، فأنزل الله : {يا أيّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبي} ـ إلى قوله ـ (من وراء حجاب) فضرب الحجاب وقام القوم (5) .
وفي رواية اُخرى عن «أنس» أنّه قال : أرخى الستر بيني وبينه ، فلمّا رأى القوم ذلك تفرّقوا (6) .
بناءً على هذا فإنّ الإسلام لم يأمر النساء المسلمات بأن يجلسن خلف الستور ، ولا يبرحن دورهن ، وليس لكلمة «المستورات» أو «المحجّبات» وأمثال ذلك من التعبيرات صفة إسلامية أو بعد إسلامي بالنسبة للنساء ، بل إنّ ما يلزم المرأة المسلمة هو محافظتها على الحجاب الإسلامي ، إلاّ أنّ نساء النّبي قد أمرن بهذا الأمر الخاص بسبب وجود أعداء كثيرين ، ومتتبعين للعيوب والمغرضين ، وكان من الممكن أن يصبحن عرضة للتهم ، وحربة تقع بيد الإنتهازيين .
وبتعبير آخر : إنّ الناس قد اُموروا أن يسألوا نساء النّبي ما يبتغونه من وراء حجاب . خاصّة وأنّ التعبير بـ «وراء» يشهد لهذا المعنى .
ولذلك بيّن القرآن فلسفة هذا الحكم فقال : {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ} .
وبالرغم من أنّ مثل هذا التعليل لا ينافي الحكم الإستحبابي ، إلاّ أنّ ظهور الأمر في جملة (فاسألوهنّ) لا يتزلزل في دلالته على الوجوب ، لأنّ مثل هذا التعليل قد ورد أحياناً في موارد أحكام واجبة اُخرى .
ثمّ تبيّن الآية الحكم الخامس بأنّه {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} فبالرغم من أنّ هذا العمل قد ذكر في نفس الآية ، وهو الذهاب إلى بيت النّبي (صلى الله عليه وآله)في وقت غير مناسب ، والجلوس بعد تناول الطعام ، فقد ورد في روايات سبب النّزول أنّ بعض المنافقين كانوا قد أقسموا على أن يتزوّجوا نساء النّبي من بعده ، وقد آلم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) . ولكن معنى الآية عام على كلّ حال ، فهو يشمل كلّ نوع من الأذى .
وأخيراً تبيّن الآية الحكم السادس والأخير في مجال حرمة الزواج بنساء النّبي من بعده ، فقالت : {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إنّ ذلكم كان عند الله عظيماً} .
وهنا يأتي سؤال ، وهو : كيف حرّم الله نساء النّبي من اتّخاذ زوج لهنّ بعد وفاة النّبي (صلى الله عليه وآله) ، وقد كان بعضهنّ شابات تقريباً ؟
وجواب هذا السؤال يتّضح بملاحظة الغاية من هذا التحريم ، وذلك لأنّه :
أوّلا : كما علمنا من سبب النّزول ، فإنّ البعض صمّم على هذا العمل كإنتقام من النّبي (صلى الله عليه وآله) وإهانة لقدسيته ، وكانوا يريدون أن ينزلوا ضربة بكيانه (صلى الله عليه وآله) عن هذا الطريق .
ثانياً : لو كانت هذه المسألة جائزة ، فإنّ جماعة كانوا سيتّخذون زوجان النّبي أزواجاً لهم من بعده ، وكان من الممكن أن يستغلّوا هذا الزواج لتحقيق مآربهم والوصول إلى مكانة إجتماعية مرموقة . أو أنّهم يبدؤون بتحريف الإسلام على أساس أنّهم يمتلكون معلومات خاصّة صادرة من داخل بيت النّبي (صلى الله عليه وآله) ، وأهل البيت أدرى بالذي فيه ، أو أن يبثّ المنافقون بين الناس مطالب عن هذا الطريق تخالف مقام النبوّة ـ تأمّلوا ذلك ـ .
ونلمس ذلك بصورة أوضح عندما نعلم أنّ جماعة هيؤوا أنفسهم للقيام بهذا العمل ، وصرّح بذلك بعضهم ، وكتمه البعض الآخر في قلبه . وكان من جملة من ذكره بعض مفسّري العامّة هنا هو «طلحة»(7) .
إنّ الله المطّلع على الأسرار الخفيّة والمعلنة ، والخبير بها ، قد أصدر حكماً قاطعاً لإحباط هذه الخطّة الخبيثة ، وليمنع من وقوع هذه الاُمور ، ولتحكيم دعائم هذا الحكم فقد أطلق لقب (اُمّهات المؤمنين) على أزواج النّبي ليعلم اُولئك بأنّ الزواج منهنّ كالزواج من اُمّهاتهم! وبملاحظة ما قيل يتّضح لماذا وجب على نساء النّبي أن يتقبّلن هذا الحرمان بكلّ رحابة صدر؟
قد تطرح أحياناً مسائل مهمّة على مدى حياة الإنسان ، يجب أن يظهر تجاهها التضحية والإيثار ، وأن يغضّ النظر عن بعض الحقوق التي ثبتت له ، خاصّة وأنّ الإفتخارات العظيمة تصاحبها مسؤوليات خطيرة ، ولا شكّ أنّ أزواج النّبي قد إكتسبن فخراً لا يضاهى وعزّاً لا يسامى بزواجهنّ من النّبي (صلى الله عليه وآله) ، وإكتساب هذا الفخر يحتاج إلى مثل هذه التضحية .
لهذا السبب كانت نساء النّبي يعشن من بعده بكلّ إحترام وتقدير بين الاُمّة الإسلامية ، وكن راضيات جدّاً عن حالهنّ ، ويعتبرن ذلك الحرمان مقابل هذه الإفتخارات أمراً تافهاً .
وحذّرت الآية الثّانية الناس بشدّة ، فقالت : {إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإنّ الله كان بكلّ شيء عليماً} فلا تظنّوا أنّ الله سبحانه لا يعلم ما خططتم له في سبيل إيذاء النّبي (صلى الله عليه وآله) سواء ما ذكرتموه ، أو الذي أضمرتموه ، فإنّه تعالى يعلم كلّ ذلك جيداً ، ويعامل كلّ إنسان بما يناسب عمله .
وقوله تعالى : {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} [الأحزاب : 55]
الموارد المستثناة من قانون الحجاب :
لمّا كان الحكم الذي ورد في الآية السابقة حول حجاب نساء النّبي مطلقاً ، ويمكن أن يوهم هذا الإطلاق بأنّ المحارم مكلّفون بتنفيذه أيضاً ، وأن يحدّثوهنّ من وراء حجاب كالأجانب ، فقد نزلت هذه الآية وفصلت حكم هذه المسألة .
تقول الآية : {لا جناح عليهنّ في آبائهنّ ولا أبنائهنّ ولا إخوانهنّ ولا أبناء إخوانهنّ ولا أبناء أخواتهنّ ولا نسائهنّ ولا ما ملكت أيمانهنّ} . وبتعبير آخر : فإنّ محارمهنّ الذين استثنوا في الآية هم هؤلاء الستّة فقط ، وإذا قيل : إنّ هناك أفراداً من المحارم أيضاً لم يجر لهم ذكر في الآية كالأعمام والأخوال ، فيجاب على هذا السؤال بأنّه :
لمّا كان القرآن يراعي الفصاحة والبلاغة في أجلى صورها وأسماها ، وأحد اُصول الفصاحة هو أن لا تكون في الكلام أي كلمة زائدة ، فقد إمتنع عن ذكر الأعمام والأخوال هنا ، وذلك لأنّه حينما ذكر أولاد الأخ وأولاد الاُخت ، فسوف يتّضح حكم الأعمام والأخوال من المحارم ، لأنّ لهذه المحرمية جانبان ، فكما أنّ ابن الأخ محرم بالنسبة إلى المرأة ، فإنّها ستكون محرماً أيضاً بالنسبة إلى ابن أخيها ـ ونحن نعلم أنّ مثل هذه المرأة تعتبر «عمّة» ـ ولأنّ ابن الاُخت كما هو محرم عليها فإنّها ستكون محرماً بالنسبة إلى ابن الاُخت ، ونعلم أنّ مثل هذه المرأة هي «الخالة» .
وعندما تكون العمّة والخالة محرماً بالنسبة إلى ابن الأخ وابن الاُخت ، فإنّ العمّ والخال سيكونان أيضاً محرماً بالنسبة إلى ابنة الأخ وابنة الاُخت ، حيث لا فرق بين العمّ والعمّة ، والخال والخالة ، وهذه إحدى دقائق القرآن الكريم . (تدبّر ذلك) .
وهنا يطرح سؤال آخر ، وهو : إنّ أبا الزوج وابن الزوج بعض محارم المرأة ، فلماذا لم يذكرا هنا؟ في حين أنّهما ذكرا من جملة المحارم في الآية (31) من سورة النور .
والإجابة عن هذا السؤال واضحة ، لأنّ الكلام في هذه الآية منحصر في حكم نساء النّبي (صلى الله عليه وآله) ، ونحن نعلم أنّ أبا النّبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن موجوداً حال حياته ، ولا اُمّه ، ولم يكن له ابن(8) . «فتأمّل» .
إنّ عدم ذكر الإخوة والأخوات من الرضاعة ، وأمثالهم بسبب أنّ هؤلاء في حكم الأخ والاُخت وسائر المحارم ، ولا يحتاجون إلى ذكر مستقل .
ويتغيّر اُسلوب الآية في نهايتها من الغائب إلى المخاطب ، فتخاطب نساء النّبي وتقول : {واتّقين الله إنّ الله كان على كلّ شيء شهيداً} فإنّ الحجاب والستر وأمثالهما وسائل للحفظ والإبعاد عن الذنب والمعصية ليس إلاّ ، والدعامة الأساسية هي التقوى فحسب ، ولولاها فسوف لا تنفع كلّ هذه الوسائل .
والجدير بالذكر أنّ (نسائهنّ) إشارة إلى النساء المسلمات ، وذلك لأنّ من غير اللائق بالنساء المسلمات ـ وكما قلنا في تفسير سورة النور ـ أن يكنّ بدون حجاب أمام غير المسلمات ، إذ أنّ من الممكن أن تصفهنّ غير المسلمات لأزواجهنّ(9) .
وأمّا جملة : {ولا ما ملكت أيمانهنّ} فلها معنى واسع ـ كما قلنا ذلك في تفسير سورة النور أيضاً ـ يشمل الجواري والغلمان ، إلاّ أنّها تختّص بالجواري طبقاً لبعض الرّوايات الإسلامية ، وبناءً على هذا فإن ذكرهنّ بعد ذكر «النساء» قد يكون من جهة شمولها للجواري غير المسلمات عموماً . (دقّقوا ذلك) .
_________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص461-471 .
2 ـ «إناه» من مادّة «أنّى يأني» أي حلول وقت الشيء ، وتعني هنا تهيئة الطعام للتناول .
3 ـ الكافي ، المجلّد 5 ، ص528 .
4 ـ لسان العرب مادّة حجب .
5 ـ صحيح البخاري ، ج6 ، ص149 .
6 ـ المصدر السابق .
7 ـ تفسير القرطبي ، المجلّد 8 ، صفحة 5310 .
8 ـ ذكر المؤرخّون ثلاثة أولاد للنبي (صلى الله عليه وآله) : القاسم وعبدالله (الملقّب بالطيّب والطاهر) ، وكانا من خديجة ، وقد ودّعا الحياة في طفولتهما ، وإبراهيم الذي ولد في السنة الثامنة للهجرة ، ولم يعش أكثر من 18 أو16 شهراً ولم يكن أي منهم حيّاً عند نزول سورة الأحزاب ، وإبراهيم ولد بعد ذلك ومات في طفولته . يراجع : اُسد الغابة ، وسائر كتب التأريخ والرجال .
9 ـ يراجع التّفسير الأمثل ذيل الآية (31) من سورة النور .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|