يعد مفهوم الخدمات من المفاهيم التي حظيت باهتمام كبير في الآونة الأخيرة بسبب تزايد حاجة الانسان لتلك الخدمات، وخاصة بعد تطور التقنيات والأساليب المستخدمة في توفير تلك الخدمات، وقد كان الاهتمام بدراسة الخدمات مقتصراً على الجوانب التصميمية كما هو الحال بالنسبة للدراسات الهندسية التي تتناول دراسة تصميم أبنية الخدمات من مدارس ومستشفيات ومراكز ترفيهية والتي تسمى بالخدمات المجتمعية أو الاجتماعية، أو مد شبكات توزيع المياه أو الصرف الصحي والتي تسمى بخدمات البنية التحتية، كما يتناول مخططو المدن توزيع الخدمات على الأرض الحضرية لمعرفة ما تشغله من مساحة ضمن أرض المدينة, وبمرور الزمن ظهرت الحاجة إلى الاهتمام بدراسة الخدمات لأنها تتعلق بحياة الفرد اليومية وتمثل احدى المعايير الاساسية لقياس تطور المجتمعات.

تعد الخدمات بأنواعها المختلفة من الجوانب المهمة في عملية التخطيط العمراني, فتخطيط الخدمات في أي تجمع عمراني يهدف لتحسين مستويات معيشة السكان فيه, ولما كانت الخدمات تمثل أحد المؤشرات الهامة التي تعكس مدى تطور المجتمع ومستوى معيشة السكان ككل فيه, بالتالي فإن الاهتمام بها لم يأتِ عبثاً فمن خلال نوع الخدمات المتاحة في مجتمع ما وكميتها وكفاءتها يمكن تحديد المستوى التنموي الذي وصل إليه هذا المجتمع, ويمكن أيضاً مقارنته بالمجتمعات الأخرى لتحديد مكانة هذا المجتمع في سلم التقدم والتطور الحضاري, علماً ان الحاجة إلى نوعية الخدمات وكميتها تزداد مع زيادة تطور المجتمعات حضارياً، وعليه توجد معايير دولية لكل نوع من الخدمات يتم قياس تقدم الدول وتخلفها على وفق تلك المعايير، وحتى عملية التقييم تكون على درجات فبعض الدول قد تكون قريبة من المعيار وأخرى بعيدة جداً عنه.

تعد خدمات البنية التحتية مهمة لتطور المدن ونشوئها وتشكل أهمية خاصة بالنسبة للمهندسين والمخططين الحضريين لأن توافر تلك الخدمات وبالشكل الكفء يسهم في صنع البيئة الصحية والسليمة للمنطقة الحضرية, حيث ان بناء مدينة تنعم بالحياة والمحافظة على نمط الحياة فيها يعد تحدياً كبيراً للمخططين الحضريين في وضع إستراتيجية واضحة للبنية التحتية طويلة الأمد إذ ينبغي الأخذ بنظر الحسبان جميع المتغيرات مثل توقعات نمو استخدام الأرض وكذلك أخذ الاعتبار السكاني للمدينة والتغييرات التي ستحدث في البيئة الاقتصادية للمدينة.يمكن القول إن الخدمات هي أنشطة تمارسها الدولة أو القطاع الخاص لتوفير منافع معينة لإشباع حاجات الناس ورغباتهم من دون تحقيق مكاسب مادية ملموسة لهم، أي تحقق منافع علمية وصحية وعقلية ونفسية وذهنية وبدنية وبيئية وتقنية للإنسان تسهم في ديمومة عطائه ورفع كفاءة أدائه، من خلال توفير مستلزمات الحياة الأساسية التي تحقق الصحة والأمان.