المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2764 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



ابو البركات ابن الانباري  
  
5801   01:16 صباحاً   التاريخ: 29-03-2015
المؤلف : د. محمد المختار ولد أباه
الكتاب أو المصدر : تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب
الجزء والصفحة : ص205- 215
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة البغدادية / أهم نحاة المدرسة البغدادية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-03-2015 2487
التاريخ: 3-03-2015 8773
التاريخ: 3-03-2015 3244
التاريخ: 29-03-2015 3721

عاش ابن الأنباري في عصر ازدهرت فيه العلوم، و انتشرت المدارس العلمية و نشطت حركة التأليف و التعليم.

غادر مدينة الأنبار صغيرا، و التحق بالمدرسة النظامية في بغداد، و لازم شيوخ العلوم في عصره، فأخذ الفقه و الأصول عن أبي منصور الرزاز، و اللغة و الأدب عن أبي منصور الجواليقي، و درس النحو على الإمام أبي السعادات بن الشجري صاحب الأمالي (1)، و مزج ابن الأنباري بين كل هذه العلوم، فمد بينها جسور الأصول و القواعد، و كتب عنها عشرات الكتب. و كما أنه زهد في الدنيا، و تفرغ للعلم، و التفكير و التأليف، فقد اتسمت مصنفاته بالجودة و الجدة.

الإنصاف في مسائل الخلاف

و من كتبه التي صارت معلمة في تاريخ النحو كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف، استطرد فيه مائة و عشرين مسألة بين البصريين و الكوفيين، و ناقش حججهم و آراءهم فرجح رأي البصريين في مجملها، و أيد الكوفيين في قليل منها، و أهمية الكتاب تعود إلى كونه

ص205

أول من أبرز مضامين كل مذهب، و منهجه معتمدا على سعة اطلاعه النحوي، و معرفته التامة بتاريخ النحاة الذي ألف فيه كتابه المعروف «نزهة الألبّاء» و هذا الكتاب من أمتع كتب الخلاف في النحو، و أحسنها عرضا، و منهجا.

و تقليدا منا للمنهج الشنقيطي في النظم، فقد اختصرت في نظم موجز مسائل الإنصاف، مقتصرا على أقوال البصريين، و مفهوم المخالفة يشير إلى رأي أهل الكوفة، و أوردنا هذه النظم في خاتمة هذا الفصل.

و ليس كتاب الإنصاف هو وحده الذي يثير انتباه المهتم بتاريخ النحو، بل إن آراءه في رصالة الإعراب في جدل الإغراب، و رسالة لمع الأدلة من أحسن ما كتب في أصول النحو فكأنها تتويج لإشارات ابن السراج، و محولات الزجاجي، و نظريات ابن جني، فلقد استطاع ابن الأنباري أن يوحد بين منهجي الأصوليين و النحاة دون أن يلجأ إلى خلط مصطنع بين مضمونيهما.

رسالة الإغراب

لقد اقتضت من ابن الأنباري جماعة من الأصحاب تلخيصا لكتاب الإنصاف فألفه ليكون أول ما صنف في هذه الصناعة في قوانين الجدل و الآداب، و وضعه على أربعة أصول(2) و هي السائل و المسؤول به، و المسؤول منه، و المسؤول عنه، فوصف السائل بأنه المتعلم المستفهم عما يثبت فيه الاستبهام و قد قيل: ما ثبت فيه الاستبهام صح عنه الاستفهام، فلا يصح السؤال عن البديهيات، و أنشد في ذلك:

و ليس يصح في الأذهان شيء               إذا احتاج النهار إلى دليل 
ثم ذكر أنه من آداب السائل أن لا يسأل إلا عما يلائم مذهبه، فلا يسوغ مثلا للكوفي أن يسأل لم عمل الابتداء الرفع في المبتدأ دون غيره لأن الابتداء ليس عاملا في مذهبه.

ثم انتقل إلى المسؤول به، أي صيغة السؤال، و تحدث عن أداواته الاسمية و الحرفية، و عن معانيها و مواضيع استعمالها. ثم تحدث عن ضرورة بيان معنى السؤال فلا يجوز القول: ماذا تقول في الاسم؟ لأنه لا يعلم هل السؤال عن اشتقاقه أو عن حده أو عن علاماته.

أما المسؤول منه، فينبغي أن يكون أهلا لما يسأل عنه مثل أن يسأل النحوي عن النحو، و التصريفي عن التصريف، و كذلك كل ذي علم عن علمه.

ص206

و وصف المسؤول عنه بكونه يمكن إدراكه، فلو سأل أحد عن أعداد جميع الألفاظ و الكلمات الدالة على جميع المسميات كان فاسدا لتعذر إدراكه. و قال إن الجواب ينبغي أن يطابق السؤال من غير زيادة و لا نقصان.

ثم خصص فصلا للاستدلال(3)، و فسره بأنه طلب الدليل، و ذكر أن أدلة الإعراب ثلاثة: نقل، و قياس، و استصحاب حال. و حدد النقل بأنه الكلام العربي الفصيح المنقول النقل الصحيح الخارج من حد القلة إلى حد الكثرة.

و أن القياس هو حمل غير المنقول على المنقول إذا كان في معناه كرفع الفاعل و نصب المفعول في كل مكان و إن لم يكن منقولا عنهم و أن استصحاب الحال هو إبقاء اللفظ على ما يستحقه في الأصل عند عدم دليل النقل عن الأصل كقولك في فعل الأمر، إنما كان مبنيا لأن الأصل في الأفعال البناء.

يقول الأستاذ سعيد الأفغاني محقق كتاب الإغراب و اللمع، أن ابن الأنباري أدب النحو، و أضفى على أسلوب عرضه من المائية و التندية ما حببه إلى المطالع فأبعد عنه السأم، و ليس بقليل أن نعرض ما يشبه الأرقام و القضايا المنطقية عرضا جذابا، و قال إن أسلوبه أسلوب رياضي جميل. ثم انتقى مثالا من عرضه المنطقي في أحكام «كيف» إذ يقول ابن الأنباري «لا تخلو كيف من أن تكون اسما أو فعلا أو حرفا» فبطل أن يقال هي حرف لأن الحرف لا يفيد مع كلمة واحدة، و «كيف» تفيد مع كلمة واحدة. ألا ترى أنك تقول «كيف زيد» و يكون كلاما مفيدا. و بطل أيضا أن يكون فعلا لأن الفعل إما أن يكون ماضيا أو مضارعا أو امرا، و بطل أن يكون فعلا ماضيا، لأن أمثلة الماضي إما أن يكون على وزن فعل كضرب، أو فعل كمكث، أو فعل كسمع و علم. و كيف على وزن فعل فبطل أن يكون فعلا ماضيا، و بطل أن تكون فعلا مضارعا لأن الفعل المضارع ما كان في أوله إحدى الزوائد الأربع و هي الهمزة و النون و التاء و الياء، و «كيف» ليس في أولها إحدى الزوائد فبطل أن يكون فعلا مضارعا، و بطل أن يكون أمرا لأن كيف يفيد الاستفهام و الأمر لا يفيد الاستفهام فبطل أن يكون أمرا، و إذا بطل أن يكون فعلا ماضيا أو مضارعا أو أمرا بطل أن يكون فعلا، و الذي يدل أنه ليس فعلا أنه يدخل على الفعل في نحو قولك: كيف تفعل كذا، و لو كان فعلا لما دخل على الفعل لأن الفعل لا يدخل على الفعل، و إذا بطل أن يكون فعلا، أو حرفا، وجب أن يكون اسما (4).

ص207

لمع الأدلة

الرسالة الثانية: كتبها ابن الأنباري بعنوان لمع الأدلة، و قد صرح أنه ألفها بعد رسالة الإغراب، و بين فيها أن أصول النحو هي الأدلة التي تفرعت منها الفروع و الأصول مثل ما هو في أصول الفقه. و اعتمد التقسيم الذي في كتاب الإغراب، أي أن أقسامها، النقل، و القياس، و استصحاب الحال. لكنه في اللمع، توسع في الحديث عن النقل. و استعرض ما جاء منه، متواترا أو خبر آحاد، و طبق على الفصول المخصصة له نهج أصحاب الحديث، مستعملا مصطلحاتهم، و طرقهم فشرح شروط التواتر، و الصحة، و نقل الآحاد، و تحدث عن المرسل، و المجهول، و عن الجرح و التعديل.

ثم تناول القياس بصفة أقرب إلى أسلوب الأصوليين و ذكر بأركانه الأربعة، و هي الأصل، و الفرع، و العلة، و الحكم و أعطى عنه المثال التالي: نقول في الدلالة على رفع ما لم يسم فاعله، إنه اسم أسند إليه الفعل مقدما عليه فوجب أن يكون مرفوعا، قياسا على الفاعل. فالأصل هو الفاعل، و الفرع ما لم يسم فاعله، و العلة الجامعة هي الإسناد، و الحكم هو الرفع (5).

ورد على نفاة القياس بقوله: إن النحو علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب، فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو، ثم رد على شبههم و تناول أقسام القياس قائلا إنها ثلاثة: قياس العلة و هو معمول به بإجماع العلماء، و قد سبق التمثيل له برفع ما لم يسم فاعله، و قياس للشبه و هو معمول به عند أكثر العلماء، و مثل له في إعراب المضارع قياسا على الاسم، لوجه الشبه بينهما و هو الاختصاص بعد الشياع، فإنك تقول «يقوم» و هو يصلح للحال و الاستقبال، فإذا أدخلت عليه السين اختص بالاستقبال، كما أنك تقول رجل فيصلح لجميع الرجال، و إذا أدخلت عليه الألف و اللام اختص برجل بعينه، أم القسم الثالث من الأقيسة، فهو قياس الطرد، و هو كما يقول ابن الأنباري معمول به عند كثير من العلماء، أي أنه محل خلاف لأن مجرد الطرد عنده لا يكفي بل لا بد معه من شبه و إخالة غير أنه جعل الطرد من شروط العلة (6).

و قال إن الاعراض على الاستدلال بالقياس يقع من سبعة أوجه:

الأول: فساد الاعتبار، و مثل له برد استدلال البصريين على منع ترك صرف ما ينصرف لضرورة الشعر، لأن الأصل الصرف، و تركه لا يجوز قياسا على مد المقصور، فيقول المعترض أن هذا الاستدلال بالقياس مقابل النص عند

ص208

العرب، كقول حسان بن ثابت:

نصروا نبيهم و شدوا أزره                   بحنين عند تواكل الأبطال 
و قول الأخطل:
طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت             بشبيب غائلة الثغور غرور 
و قول أبي دهبل الجمحي:
أنا أبو دهبل وهب لوهب                     من جمح و العز فيهم و النشب(7) 
الثاني: فساد الوضع، مثل احتجاج الكوفي بجواز «أفعل» من صيغة السواد و البياض لأنهما أصل الألوان، فيجيبه البصري أن منعه في الفروع أقوى دليل على منعه في الأصل (8).

الثالث: القول بالموجب، و هو تسليم موجب الحكم مع استبقاء الخلاف، كقول البصري بجواز تقديم الحال إذا كان فعلها متصرفا و صاحبها ظاهرا، لأن تقديم معمول الفعل المتصرف ثابت في الحال و غيره، فيقول الكوفي، نعم يجوز تقديم الحال عندي إذا كان ذو الحال مضمرا (9).

الرابع: المنع، و من أمثلته اختلافهم في الاستدلال على بناء فعل الأمر قياسا على بناء صيغة نزال(10)

الخامس: المطالبة بتصحيح العلة، إما بكونها مطردة منعكسة، أو بشهادة الأصول لها، نحو علة البناء في «كيف» و «أين» و «متى» لتضمنها معنى الحرف (11).

السادس: النقض، و هو تخلف الحكم عن العلة، كمن يقول إن حذام مبنية بسبب أنه قد اجتمع فيها التعريف، و التأنيث و العدل. لكن هذا منتقض بمثل «آذربيجان» التي اجتمعت فيها أكثر من ثلاث علل و بقيت معربة (12).

السابع: المعارضة، و قد مر بيانها في النقل.

ثم ختم رسالته بفصل في ترجيح الأدلة بمرجحات الرواية في النقل كصحة الإسناد و موافقة القياس.

ص209

ثم عرض في فصل هام، مواضع الاعتراض على الاستدلال، مثل ما فعل الأصوليون في باب القوادح، و بين أوجه الاعتراض على النقل من حيث الإسناد و المتن، و على القياس بقوادحه المعروفة عند الأصوليين و على استصحاب الحال بإثبات زواله.

و قال فيما يخص النقل إن الإسناد ضروري، و لولاه لقال كل من أراد ما أراد، و كذلك توثيق الراوي. أما الاعتراض على المتن، فمن خمسة أوجه:

منها اختلاف الروايات فقد ينقل الكوفي مستدلا على مد المقصور في الشعر:

سيغنيني الذي أغناك عنّي                       فلا فقر يدوم و لا غناء 
فيقول البصري أن روايته غناء بفتح أوله. و منها أن يأتي المستدل بحجة لا يقول بها، كقول البصري، الدليل على أن واو رب لا تعمل الجر، و أن العامل «رب» مقدرة، إذ قد جاء الجر بإظهارها من غير عوض من قول الشاعر:
رسم دار وقفت في طلله                        كدت أقضي الحياة من جلله 
فيقول الكوفي إعمال حرف الجر مع الحذف من غير عوض يخالف مذهبك، فلا يجوز لك الاستدلال به، و منها المشاركة كاحتجاج الكوفي و البصري معا باشتقاق لفظ المصدر لرأي كل منهما في أصله. و منها التأويل و هو حمل اللفظ على معنى. و منها أخيرا المعارضة، كاختلافهم في إعمال فعلي التنازع، فيستدل الكوفي بقول الشاعر:
و قد نغني بها و نرى عصورا                 بها يقتدننا الخرد الخدالا 
فيقول البصري هذا يعارضه قول الشاعر:
و لكن نصفا لو سببت و سبني                 بنو عبد شمس من مناف و هاشم 
و يعتبر ابن الأنباري خاتمة أئمة النحو في المشرق، قبل انتقال المدرسة الأندلسية إلى مصر و الشام على يد ابن مالك و أبي حيان، و قبل ظهور ابن يعيش و أقرانه. و قد ترك ابن الأنباري أثرا بالغا في تاريخ النحو، لأن ما وصلنا

من مؤلفاته التي تناهز المائة، يدل دلالة قوية، مع قلته، على ما يتحلى به هذا الرجل من علم، و عقل، و قد أعرب عما لهما في نفسه من تقدير بقوله:

العلم أوفى حلية و لباس               و العقل أوفى جنة الأكياس 
كن طالبا للعلم تحيى إنما              جهل الفتى كالموت في الأرماس 
وصن العلوم عن المطامع كلها         لترى بأن العز عز الباس 
والعلم ثوب و العفاف طرازه          و مطامع الإنسان كالأدناس 
والعلم نور يهتدى بضيائه               و به يسود الناس فوق الناس 

ص210

نظم ملخص الإنصاف:

و فيما يلي ملخص مسائل الإنصاف المشار إليها آنفا:

من السموّ أصل الأسماء ثبت                 و ستة من واحد قد أعربت 
و أحرف الإعراب واو، ثم يا                 في سالم الجمع و فيما ثنيا 
و «طلحون» شذ هذا الجمع                  و الابتدا به يكون الرفع 
و بعد ظرف رفعوا بالابتدا                    و فرّغ الجامد إن جا مفردا 
و أبرز الضمير إن وصف جرى             لغير أهله، و قدّم خبرا 
و بعد لو لا الابتداء رفعا؛                     و عامل المفعول فعل وقعا 
بفعل أضمر اشتغال ينصب                   و في التنازع الأحق الأقرب 
نعم، و بئس، أفعل التعجب                    عدّت من الأفعال عند العرب 
و منع صوغه من البياض                    (أبيض من أخت بني أباض) (13) 
كمنع سبق خبر في نحو «ما          زال» ، و في «ليس» جواز علما 
و نصبت «ما» في الحجاز الخبرا           و سبق معمول له قد حظرا 
و سبق مفعول لفعل انحصر                  لم يمتنع، و «إن» ترفع الخبر 
قبل تمام خبر يمتنع                            عطف على ناصبها مرتفع 
و انصب بها إن خففت مثل كأن              (لكن) بلام خبر لا تقترن 
و الزيد في لام لعل اعتمدوا           (عل) صروف الدهر، فيها تشهد (14) 
و أخر المعمول في إغرائكا                   يا أيها المائح دلوي دونكا (15) 
من صيغة المصدر فعل أخذا         لمن يرى حذو الإمام قد حذا 
و ينصب الظرف بفعل أضمرا               إن كان عن مبتدإ قد أخبرا 

ص211

و ينصب المفعول بعد الواو                   بالفعل لا بعدم التساوي 
و صاحب الحال سواء مضمرا               أو ظاهرا تقديمه لن يحظرا 
لا يقع المضي حالا يقبل                      و «حصرت صدورهم» مؤول 
و صفة صالحة أن تخبرا                     ترفع مع ظرف و جرّ كررا 
بالفعل مع توسط بإلا                          نصب الاستثناء ليس إلا 
و «لا تقل» واو ك‍ «إلا» جاءي             و لا تقدّم حرف الاستثناء 
و «حاشى» حرف و المبرد ذكر             فعلا ترى و تارة كحرف جر 
و «غير» في استثنائها صح البنا                     مضافة لغير ما تمكنا 
و لم تقع «سوى» سوى ظرف، و (كم)             مفردة بسيطة من الكلم 
و إن ترد لخبر فمن حكم                          بفصله من بعد نصب ما ظلم 
و لا تضف لعشرة كالخمسة               و شذ في الشعر (ثماني عشرة) (16) 
و إن تركب فدخول «أل» حظل             لكن إلى المثل يضاف و قبل 
و العلم المفرد في الندا بني                    ضمّا و لكن موضع النصب عني 
و يا الغلامان اللذان فرا                       مؤوّل» و لا يجوز نشرا (17) 
و في اللهم عوضوا بالميم                     و منعوا المضاف من ترخيم 
كذا الثلاثي، و حذفك الأخير                  من كقمطر مع سكون لا يضير 
و فتح «لا رجل» فتح للبنا                   لأنه منكر ما نوّنا 
و لابتداء زمن من «لا تجي          و ليس في «من حجج» من حجج (18) 
و مذ و منذ اسمان رافعان                    (و حيث جرا فهما حرفان) 
و أحرف القسم دون بدل                      ليس لها عندهم من عمل 
لام ابتداء في (لزيد أشرف)                   و قسم تقديره تكلف 
ص212
و أيمن إفرادها في المثل                      (يأتي لها من أيمن و أشمل) (19) 
ظرف و جر لمضاف فصلا                  أما (الذي زج قلوصه فلا) (20) 
(و لا يضاف اسم لما بها اتحد                معنى و أول موهما إذا ورد) 
لفظ «كلا» و لفظ «كلتا» وحّدا              و لم تكن كلت لكلتي مفردا 
تأكيد منكور لهم قد منعال                     و (صرت البكرة يوما أجمعا (21)
ونحو) إن زيد أتى قد رفعا،                  بعامل تقديره لن يمنعا 
وجائز في الشرط و الجواب                  تقديم ذى رفع و ذى انتصاب 
ومدعي زيادة الواو كمن                     (قلب في عطوفه ظهر المجن) (22)
وقابلوا على ضمير الخفض                   العطف دون خافض بالرفض 
و قبحوا (إذ أقبلت و زهر)                    و الشاعر المجيد قد يضطر (23)
و أنكروا إتيان «أو» معنى كبل              و كونه كالواو أيضا ما قبل 
و (أول لكن نفيا أو نهيا و لا)                 يعاب للشاعر صرف أفعلا 
تنوين مصروف بشعر قد علم                لكنما الخلاف فيه محتدم 
و «الآن» تبنى عندهم لأنها                  باسم الإشارة تفيد الشبها 
و الأمر مبني لدى الصحاب                   حذار من مقولة الإعراب 
و علل الإعراب في المضارع                تخصيص، اللام، و وزن ضارع 

ص213

و لقيامه مقام الاسم                            يحق رفعه بهذا القسم 
و بعد واو معنى مع وفا سببب                الفعل، «أن» و سترها حتم نصب 
ببدل في الحذف منها قيدوا                عمل «أن» و جزموا (لا تعبدوا) (24)
و «كي» تجر و على «ما» دخلا            و لامها تحتاج «أن» لتعملا 
لا تظهر «أن» من بعد حتى فتضير و لا تكرره (لكيما أن تطير) (25)
كما «بكيما» عندهم لا تبدلن          و بعد لام الجحد قدرن (أن) 
كمثل «حتى» و حروف الشرط أو           أفعاله جازمة فيما رووا 
و من بجر بالجوار يقل                       يحوك نسج العنكبوت المرمل (26) 
و قبل شرط و جواب قد نبذ                نصب، و لا تات «بأن» بدل (إذ) 
و زيد «إن» من بعد «ما» و خففت         من «إن» إن لام ابتداء أكدت 
و لم تكن «كيف» ك‍ «إن» إنجازا           كيف بها حينئذ يجازى 
و السين لم تك اختصار (سوفا)               و لفظ سوف في الخطاب أوفى 
و ما بتاءين ابتدا قد تحذف                    تلك التي ليست لمعنى يعرف 
في فعل الاثنين و فعل النسوة                 قد منعوا التوكيد بالخفيفة 
فلم تخفف عن شديدة كما                      (يحسبه الجاهل ما لم يعلما) (27) 
(ذوا) و «ذي» أصل لذا، أما الذي           فأصلها «لذى» و ذا به خذ 
بدون «يا» أو وا و الها وحده                لم يك أصلا لا لهي و لا لهو 
و الكاف و الهاء تجر لو لا                   و قول الأخفش خلاف الأولى 
(إيا) ضمير في انفصال بنيا                  و أحرف كاف و هاء ثم يا 

ص214

و عقرب في اللسع كالزنبور                  إذ هو هي في اللقا المشهور 
ضمير فصل بين نعت و خبر                ما إن له موضع إعراب ذكر 
و مضمر أعرفهم لا المبهم                    أما السيرافي فقال (العلم)
(و أيهم أحق) للبنا استحق                     و أعربوا أيهم هو الأحق 
و لا يكون هؤلاء كالذينو                      قدروا الحذف (بهذا تحملين) (28)
ورود «أل» مع معرب الأفعال قل           لأنه على المعاني قد يدل 
و حركوا الهمزة و هي بين بين               مخافة من التقاء ساكنين 
وقفا بكسر و بضم مع (ال)                   (علمنا إخواننا بنو عجل) (29)
و همز وصل كسرها أصلا جعل             و ضمها من أجل إهمال فعل 
و ما لها لساكن من نقلل                       أنها معدومة في الأصل 
و منعوا في الشعر مدّ القصر                 و خالف الأخفش في ذا الأمر 
و ألف المقصور و الممدود في               تثنية إثباتها لا ينتفي 
و حذف تاء حامل للنّسب                     أي ذات حمل و التخصص أبي 
و الواو في مضارع قد يحذف                إن يك بين الكسر و اليا يقف 
ص215

_____________________

(1) هبة اللّه بن علي بن محمد بن حمزة الحسني البغدادي المعروف بابن الشجري، توفي ببغداد سنة 542 ه‍. له مؤلفات منها شرح التصريف الملوكي لابن جني و شرح اللمع لابن جني أيضا. و من أمتع كتبه كتاب (الأمالي) .

(2) الإغراب، ص 36 و 37.

(3) الإغراب، ص 45.

(4) مقدمة تحقيق كتاب الإغراب، ص 23.

(5) لمع الأدلة: 93.

(6) نفس المصدر:95-112.

(7)) الإغراب:54-55.

(8) نفس المصدر:55-56.

(9) نفس المصدر:56-57.

(10) نفس المصدر:58.

(11) نفس المصدر:59.

(12) نفس المصدر:60.

(13) إشارة إلى قول الشاعر:

جارية في درعها الفضفاض                  تقطع الحديث بالإيحاض

أبيض من أخت بني اباض

راجع الإنصاف ص 149-150.

(14) إشارة إلى قوله:

على صروف الدهر أو دولاتها                تدلتا اللمة من لماتها

الإنصاف:220.

(15) إشارة إلى الشاهد:

يا أيها المائح دولي دونكا                       إني رأيت الناس يحمدونكا

يثنون خيرا و يمجدونكا الإنصاف:228.

(16) إشارة إلى قول الشاعر:

كلف من عنائه و شقوته                      بنت ثماني عشرة من حجته

الإنصاف:309.

(17) إشارة إلى قوله:

فيا الغلان اللذان فرا                           إباكما أن تكسباني شرا

الإنصاف:336.

(18) إشارة إلى قول الشاعر:

لمن الديار بقنة الحجر                 أقوين من حجج و من دهر

الإنصاف:371.

(19) هكذا أورد ابن الأنباري هذا الشطر دون أن يذكر لا صدرا أو عجزا، و هو من شواهد سيبويه و أنشد ابن السيرافي قبله: تقلى له الريح و لما يفتل لمة قفر كشعاع السنبل يأتي لها من أيمن و أشمل و نسيه لأبي النجم الإنصاف:406.

(20) إشارة إلى قول الشاعر:

فز حجتها بمزجة                      زج القلوص أبي مزاده

الإنصاف:427.

(21) إشارة إلى قول الشاعر:

قد صرت البكرة يوما أجمعا

الإنصاف:455.

(22) إشارة إلى قوله:

حتى إذا قملت بطونكم                 و رأيتم أبناءكم شبوا

و قلبتم ظهر المجن لنا                إن اللئيم العاجز الخب

الإنصاف:458.

(23) إشارة إلى قول الشاعر:

قلت إذ أقبلت و زهر تهادى           كنعاج الملا تعسفن رملا

الإنصاف:475.

(24) إشارة إلى قوله تعالى (قراءة ابن مسعود) : «و إذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدوا إلا الله» . الإنصاف:560.

(25)) إشارة إلى قول الشاعر:

أردت لكيما أن تطير بقربتي                   فتتركها شنا ببيداء بلقع

الإنصاف:580.

(26) إشارة إلى شطر لم يذكر له ابن الأنباري صاحبا و هو: كأن نسج العنكبوت المرمل و هو من شواهد سيبويه و نسبه ابن السيرافي للعجاج، و أنشده بعده: أعلى ذرى قلامه المهدل سيوب كتاب بأيدي الغزل (شرح أبيات سيبويه ج 1 ص 495) . الإنصاف:605.

(27) إشارة إلى قوله:

يحسبه الجاهل ما لم يعلما                     شيخا على كرسيه معمما

الإنصاف:653.

(28) إشارة إلى قول الشاعر:

عدس ما لعباد عليك إمارة                    أمنت و هذا تحملين طليق

الإنصاف:717.

(29) إشارة إلى قوله:

علمنا إخواننا بنو عجل                شرب النبيذ و اصطفاقا بالرجل

الإنصاف:734.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.