المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

Deduction Theorem
23-1-2022
تقرح جذوع وأغصان أشجار التين Trunk and branch canker of fig
2024-02-06
أخباره عن فتنة الزنج
5-5-2016
الدِّمَستاني (ت/ 1181هـ)
17-6-2016
إلّا ولد فاطمة
13-4-2019
السيد الأمير محمد صالح ابن الأمير
2-2-2018


ابن السراج  
  
6151   03:42 مساءاً   التاريخ: 27-03-2015
المؤلف : د. محمد المختار ولد اباه
الكتاب أو المصدر : تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب
الجزء والصفحة : ص156- 164
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة البغدادية / أهم نحاة المدرسة البغدادية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-03-2015 3661
التاريخ: 29-03-2015 2357
التاريخ: 29-03-2015 5715
التاريخ: 12-08-2015 3145

لقد لخص مؤرخو النحو دور أبي بكر محمد بن السري بن سهل بن السراج في هذه المرحلة بقولهم: (إن النحو كان مجنونا حتى عقله ابن السراج)(1).

و سنحاول أن نتبين ما ذا يعنون بهذا «الجنون» و ما هي الرقّى التي استخدمها ابن السراج حتى يثوب النحو إلى رشده.

إن المؤلفات النحوية التي كتبت قبل هذا العالم كانت على أربعة أنواع منها ما هو شامل للمعارف النحوية مثل كتاب سيبويه، غير أن ما يتسم به من تعقيد جعل الاستفادة منه في منته الصعوبة على الطلبة و الدارسين. و منها ما هو مقتصر على بعض الجوانب مثل تصريف المازني.

و النوع الثالث نجد فيه مسائل النحو متفرقة، بدون تنظيم أو ترتيب و ذلك في كتب معاني القرآن و مجازه و إعرابه، في مصنفات أبي عبيدة و الأخفش، و الفراء، و الزجاج.

و النوع الرابع، مسائل نحوية متفرقة في كتب الأمالي و المجالس مثل كتاب مجالس ثعلب و كامل المبرد.

و إن أول مؤلف حاول كاتبه أن يجمع فيه بين الشمول و السهولة و حسن التنظيم هو كتاب «المقتضب» للمبرد. فلماذا لم يقل المؤرخون إن المبرد هو الذي عقل النحو؟ و ليس من شك أن «المقتضب» مثّل محاولة جادة في الجمع بين الشمولية و الوضوح. غير أنه لم

ص156

يراع ترتيبا منهجيا، بل بقي في أبوابه كثير من التداخل مثل ما هو في كتاب سيبويه. فالذي امتاز به ابن السراج أنه جمع في أصوله عرضا شاملا للمسائل النحوية مع تنظيم منطقي و ترتيب منهجي، فوضح النسق الذي سار عليه النحويون من بعده. و في استعراض بعض أبواب الأصول نلمس جهده في هذا المجال، و نأخذ مثالين لذلك و هما المواضع التي لا يجوز فيها التقديم و باب الضرورات في الشعر:

المثال الأول: يقول ابن السراج يمنع التقديم في ثلاثة عشر موضعا، و هي:

1. الصلة على الموصول.

2. المضمر على الظاهر في اللفظ و المعنى إلا ما جاء منه على شريطة التفسير.

3. الصفة و ما اتصل بها على الموصوف و جميع توابع الأسماء.

4. المضاف إليه و ما اتصل به على المضاف.

5. ما عمل فيه حرف أو اتصل به لا يقدم على الحرف و ما شابهه من هذه الحروف مما اتصل بالفعل فنصب و رفع، فلا يقدم مرفوعها على منصوبها.

1886. الفاعل لا يقدم على الفعل.

7. الأفعال التي لا تنصرف لا يقدم عليها ما بعدها.

8. الصفات المشبهة بأسماء الفاعلين، و الصفات التي لا تشبه أسماء الفاعلين لا يقدم عليها ما عملت فيه.

9. الحروف التي لها صدر الكلام لا يقدم ما بعدها على ما قبلها.

10. ما عمل فيه معنى الفعل فلا يقدم المنصوب عليه.

11. و لا يقدم التمييز و ما بعد (إلا) .

12. حروف الاستثناء لا تعمل فيما قبلها.

13. العامل لا يقدم منصوبه على مرفوعه، و لا يفرق بين العامل و المعمول فيه بشيء لم يعمل فيه العامل إلا الاعتراضات.

المثال الثاني: هو باب الضرورة في الشعر الذي ختم به كتاب الأصول.

يقول ابن السراج: ضرورة الشاعر أن يضطر الوزن إلى حذف أو زيادة، أو تقديم أو تأخير في غير موضعه، و إبدال حرف، أو تغيير إعراب عن وجهه على التأويل، أو تأنيث مذكر على التأويل. و ليس للشاعر أن يحذف ما اتفق له و لا أن يزيد ما شاء، بل لذلك أصول يعمل عليها، فمنها ما يحسن أن يستعمل، و يقاس عليه و منها ما جاء كالشّاذ

ص157

و لكن الشاعر إذا فعل ذلك فلابد أن يكون قد ضارع شيئا بشيء و لكن التشبيه يختلف فمنه قريب و منه بعيد)(2).

ثم بيّن ابن السراج الضرورات الجائزة و قال إن أحسنها ما رد فيه الكلام إلى أصله، و مثل له بستة أمثلة:

أولا: صرف ما لا ينصرف: إذ أن أصل الأسماء الصرف و أعطى مثالا في قول النابغة:

فلتاتينك قصائد و ليركبن              جيش إليك قوادم الأكوار 
ثم ذكر منع ترك صرف ما ينصرف، و تابع المبرد الذي قال إنه خطأ عظيم وردّ الحجج التي أدلى بها من يجيز ذلك، و هي قول العباس بن مرداس:
أتجعل نهبي و نهب                  العبيدبين عيينة و الأقرع
و ما كان حصن و لا حابس              يفوقان مرداس في مجمع
و قال إن الرواية الصحيحة «يفوقان شيخي» . و منها:

و ممّن ولدوا عامر ذو الطّول و ذو العرض

فقال: إن «عامر» هنا اسم قبيلة، فيحتجون بقوله «ذو الطول» و لم يقل ذات فإنما رده للضرورة إلى الحي كما قيل:

قامت تبكّيه على قبره                       من لي من بعدك يا عامر 
تركتني في الدار ذا عربة                   قد ذلّ من ليس له ناصر 
فإنما أراد للضرورة إنسانا ذات غربة.

ثم أورد ما قال المبرد في بيت بن قيس الرقيات الذي يقول فيه:

و مصعب حين جدّ الأمر أكثرها و أطيبها
فقال إن الأصمعي زعم أن ابن قيس الرقيات ليس بحجة لأن الحضرية أفسدت عليه لغته و أن الصواب ما أنشده بعضهم:
وأنتم حين جد الأمر أكثرها و أطيبها
و قال إنه من الزلل قول ذي الرمة:

وقفنا فقلنا إيه عن أمّ سالم                    و ما بال تكليم الديّار البلاقع

ص158

و هذا لا يعرف إلا منونا في شيء من اللغات.

ثانيا: إظهار التضعيف و قال إنه زيادة حركة إلا أنها حركة مقدرة في الأصل. نحو قول الشاعر:

مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقي             أنّي لأجود أقوام و إن ضننوا 
و مثله: الحمد للّه العلي الأجلل.

ثالثا: تصحيح المعتل مثل قول ابن قيس الرقيات:

لا بارك اللّه في الغواني هل                  يصبحن إلا لهن مطلب 

و قول جرير:
فيوما يجازين الهوى غير ماضي            و يوما ترى منهن غولا تغوّل 
و قول بعضهم:
ألم ياتيك و الأنباء تنمي                      بما لاقت لبون بني زياد 
رابعا: قطع ألف الوصل في أنصاف البيوت لتقدير الوقف على الصدور، مثل قول لبيد:
ولا يبادر في الشتاء وليدنا                   ألقدر ينزلها بغير جعال 
و قال الشاعر:
لا نسب اليوم و لا خلة                        إتسع الخرق على الراقع 
خامسا: قصر الممدود لأن المد زيادة، فإذا اضطر الشاعر فقصر فقد رد الكلام إلى أصله و ليس له أن يمد المقصور كما لم يكن له أن لا يصرف ما ينصرف.

سادسا: تخفيف المشدد في القوافي، لأن الذي بقي يدل على أنه قد حذف منه مثله، لأن كل حرف مشدد فهو حرفان. فمن ذلك قول طرفة:

أصحوت اليوم أم شاقتك هر                  و من الحب جنون مستعر 
و هكذا أجاز ابن السراج لكل شاعر ستة استعمالات و منع عليه ستة و هي:

1. الزيادة و لها أربع صور:

أ- إشباع الحركة حتى تصير حرفا:

كزيادة الياء في الجمع، مثل قول الفرزدق:

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة             نفي الدراهيم تنقاد الصياريف

ص159

ب- تضعيف الحرف الأخير من القافية مراعاة للوقف مثل:
كأن مهواها على الكلكلّ         موضع كفي راهب يصلي 
و مثله:

ضخم يحب الخلق الأضخمّا

ج- إدخال نون التوكيد على فعل ليس للطلب، و سماه ابن السراج الفعل 
«الواجب» مثل قول جذيمة الأبرش:

ربما أوفيت في علمترفعن ثوبي شمالات 

د- إثبات الألف في «أنا» في الوصل، مثل قول الأعشى:

فكيف أنا و انتحالي القوافي                بعد المشيب كفى ذاك عارا 

2. الحذف و له ست صور و هي:

أ- حذف التنوين لالتقاء الساكنين:

نحو قول أبي الأسود الدؤلي:

فألقيته غير مستعتب                          و لا ذاكر اللّه إلا قليلا 
و أقبح منه حذف النون مثل قول قيس بن عمرو النجاشي:

فلست بآتيه و لا أستطيعه                و لاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل 

 
ب- أن يحذف للإضافة و الألف و اللام ما يحذف للتنوين مثل قول خفاف بن 
ندبة السلمي:

كنواح ريش حمامة نجدية                    ومسحت باللثتين عصف الإثمد 

فحذف الياء من «نواحي» للإضافة كحذفها في التنوين، و حذفها للتعريف نحو قول الشاعر:

و أخو «الغوان» متى يشأ يصر منه                و يصرن أعداء بعيد و داد 

ج- المرخم دون نداء مثل قول زهير:
خذوا حظكم يا آل عكرم و اذكروا               أواصركم و الرحم بالغيب تذكر 
و يقول ابن حبناء:

إن ابن حارث إن أشتق لرؤيته                 أو أمتدحه فإن الناس قد علموا

ص160

 
و قريب منه قول العجاج:
و ربّ هذا البلد المحرم                     و القاطنات البيت غير الريم 
قواطنا مكة من ورق الحمى
يريد الحمام، فحذف الميم و قلب الألف ياء.
د- أن يحذف من الضمير وصلا ما يحذف وقفا، مثل قول مالك ابن خريم:
فإن بك غثا أو سمينا فإنني                    سأجعل عينيه لنفسه مقنعا 
و قول الأعشى:
و ما له من مجد تليد و ما له               من الرّيح حظّ لا الجنوب و لا الصّبا 
و قول العجير السلولي:
فبيناه يشري رحله قال قائل                    لمن جمل رخو الملاط نجيب 
و قول الشاعر:
هل تعرف الدار على تبراكا                     دار لسعدى إذه من هواكا 
و بعضهم يسكنون الهاء كقول رجل من أزد الشراة:
فظلت لدى البيت العتيق أخيله                   و مطواي مشتاقا. له أرقان 
ه‍- حذف الفاء من جواب الجزاء مثل قول ذي الرمة:
و إني متى أشرف على الجانب             الذيبه أنت من بين الجوانب ناظر 
و أشار ابن السراج أن سيبويه أجازه أيضا على تقديم الخبر، أي على تقدير و إني ناظر متى أشرف. أما هو و المبرد فيقولان إنه على إضمار الفاء لا غير و مثله قول الشاعر:
يا أقرع بن حابس يا أقرع                    إنك إن يصرع أخاك تصرع 
و قوله:
فقلت تحمل فوق طوقك إنها                   مطّبعة من ياتها لا يضيرها 
فهذا عند سيبويه على التقديم و التأخير و عند أبي العباس و ابن السراج على إضمار الفاء. و أما قول الشاعر:
من يفعل الحسنات اللّه يشكرها               و الشر بالشر عند اللّه مثلان 
فهو على إضمار الفاء عند الجميع.

ص161

 

د- ما حذف منه المنعوت و ذكر النعت، و هو عنده قبيح إلا أن يكون خاصا كالعاقل الذي لا يكون إلا في الناس. و من قبيح ما استعمل ضرورة قول الشاعر:

من اجلك يا التي تيمت قلبي                  و أنت بخيلة بالود عني 

3. وضع الكلام في غير موضعه و تغيير نضده:

و منه قول الشاعر:

ترى الثور فيها مدخل الظّلّ رأسه                و سائره باد إلى الشمس أكتع 
أي مدخل رأسه في الظل، و نحو: يا سارق الليلة أهل الدار. و هذا يجوز مع أمن اللبس كما في المثالين، و أما الذي يبعد كقول الأخطل:
مثل القنافذ هداجون قد بلغت                   نجران أو بلغت سوآتهم هجر 
4. إبدال حرف اللين من حرف صحيح: نحو
لها أشارير من لحم تتمره                      من الثعالي و وخز من أرانيها(3)
و هو يعني الثعالب و الأرانب، و مثله قول أعصر بن سعد بن قيس عيلان، أو المستوغر بن ربيعة:
إذا ما المرء صم فلم يكلم                      و أعيا سمعه إلا ندايا 
و لاعب بالعشي بني بنيه                     كفعل الهر يلتمس العظايا 
يلاعبهم و ودوا لو سقوه                      من الذيفان مترعة إنايا 
فأبعده الإلاه و لا يؤتي                        و لا يعطى من المرض الشفايا 

5. تغيير وجه الإعراب للقافية:

و منه إدخال الفاء في جواب الواجب و نصب ما بعدها، لأن النصب لا يجوز إلا بعد الطلب، و جاء في الضرورة قوله:

سأترك منزلي لبني تميم                        فألحق بالحجاز فأستريحا 
و قول طرفة:
لنا هضبة لا يدخل الذل وسطها               و يأوي إليها المستجير فيعصما 
ص162

 

و من هذا الباب قولهم:

قد سالم الحيات منه القدما                    الأفعوان و الشجاع الشجعما 
و ذات قرنين ضموزا ضرزما
لأنه لما قال: سالم الحيات منه القدما، نصب الأفعوان لأن القدم سالمتها.

كقولنا: ضرب زيد عبد اللّه، لأنه لما قيل ضرب زيد علم أن له ضاربا، فكأنما قلت: ضربه عبد اللّه، و على هذا ينشد:

ليبك يزيد ضارع لخصومة                   و مختبط مما تطيح الطوائح 

6. تأنيث المذكر على التأويل:

كقول عمر بن أبي ربيعة:

و كان مجنّي دون ما كنت أتقي              ثلاث شخوص كاعبان و معصر 
و قول جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت                سور المدينة و الجبال الخشّع(4) 
و يظهر الترتيب و التنظيم في هذا الباب مع مقارنته بما أورد سيبويه مجملا في «باب ما يحتمل الشعر» حين قال: اعلم أنه يجوز في الشعر ما لا يجوز في الكلام، من صرف ما لا ينصرف، و حذف ما لا يحذف و أعطى أمثلة من الشواهد التي أوردها ابن السراج، و يزيد سيبويه قائلا: «و ربما مدوا مساجد و منابر» و استشهد بقول الفرزدق: تنفي يداها الحصى. . . إلخ (5).

و يقول: «و قد يبلغون بالمعتل الأصل فيقولون رادد في راد، و ضننوا في ضنوا، و ذكر قول الشاعر: مهلا أعاذل قد جربت من خلقي. البيت (6).

و من العرب من يثقل الكلمة في الوقف، و قال رؤبة: ضخم يحب الخلق الأضخمّا (7).

و يحتملون قبح الكلام حتى يضعوه في غير موضعه لأنه مستقيم ليس فيه نقص فمن ذلك قوله:

ص163

صددت فأطولت الصدود و قلما            وصال على طول الصدود يدوم 

و إنما الكلام و قل ما يدوم وصال(8)
و جعلوا ما لا يجري في الكلام إلا ظرفا بمنزلة غيره من الأسماء و ذلك قول المرار بن سلامة العجلي:
و لا ينطق الفحشاء من كان منهم            إذا جلسوا منا و لا من سوائنا 
و قال خطام المجاشعي:
و صاليات ككما يؤثفين(9)
و ليس شيء يضطرون إليه إلا و هم يحاولون به وجها، و ما يجوز في الشعر أكثر من أن أذكره لك ههنا لأن هذا موضع جمل و سنبين ذلك فيما نستقبل إن شاء اللّه(10).

أما المبرد فقد نقل هذه الأحكام في أبواب مختلفة ففي باب ما بني من الأفعال اسما على فعيل، أو فعول أو فعال أو فعلل، و ما أشبه ذلك ذكر أن الشاعر إذا اضطر يرد الباب إلى أصله، مثل ردد في موضع رد، نحو: الأجلل و ضننوا، و ذكر صرف ما لا ينصرف. و أعرب بالرفع و الخفض ياء المنقوص، و ذكر الشواهد التي أوردها ابن السراج(11).

فهذا المقارنة أوضحت لنا كيف أسهم ابن السراج في تطوير المدرسة البصرية التي أعاد تنظيم قواعدها في نسق منهجي، إذ سلم كتابه من التداخل و التعقيد، و رتبه على أسس المعمولات، فبدأ بالمرفوعات، ثم المنصوبات ثم المجرورات، ثم التوابع، و بعدها استعرض التوابع، و نواصب الأفعال و جوازمها، و زاد بابا مستقلا في التقديم و التأخير. و انته بمسائل الصرف. و قد اعتمد في أصولها على مقتضب المبرد و على «الكتاب» الذي درسه بعناية خاصة و له عليه شرح لم يكن معروفا. و من ميزات ملاحظته على الكتاب التثبت من نصوصه فكانت عنده نسخة للمبرد و أخرى لثعلب، فاستطاع أن يقوم بعملية التحقيق و التصحيح، و يذكر المؤرخون له كتابا في علل النحو و لعل الزجاجي قد أفاد منه.

و انتماء ابن السراج إلى المدرسة البصرية لم يحل بينه و بين اجتهادات و آراء خاصة، و حرية الاختيار، إذ رأينا أنه يقف في بعض القضايا مع المبرد مخالفا لسيبويه، أما آراؤه

ص164

الاجتهادية فمنها: أن لما تأتي ظرفا بمعنى حين(12) و إن «إما» ليست حرف عطف(13) و أن ليس ليست فعلا(14)، و أن اسم الإشارة هو أعرف المعارف(15)،  كما يستحسن صيغة «مررت برجل حسان قومه» لأن جمع التكسير يعرب كالمفرد(16)

و من أطرف تعليلاته، قوله إن صيغة التعجب فعل لأنك تقول «ما أحسنني» و لو كان اسما لكان مثل ضاربي، ألا ترى أنك لا تقول (ضاربني)(17) و أن «مع» اسم بدليل أنها متحركة و لو كانت حرفا لما جاز أن تحرك العين(18).

ص164

____________________

(1) المصدر نفسه، 6/ 2535.

(2) الأصول في النحو:3 / 435.

(3) الأصول في النحو:3 / 436-448.

(4) الأصول في النحو:3 / 450-477.

(5) كتاب سيبويه:1 /26-28.

(6) كتاب سيبويه:1 /29.

(7) كتاب سيبويه:1 /29.

(8) كتاب سيبويه:1 /31.

(9) كتاب سيبويه:1 /31-32.

(10) كتاب سيبويه:1 /32.

(11) المقتضب:1 /141-142-المغني:387.

(12) المغني:369.

(13) الأشباه و النظائر:2 /428.

(14) الأشباه و النظائر:5 /12.

(15) الإنصاف:708.

(16) الإنصاف:3 /200.

(17) الأصول النحوية:1 /101.

(18) الأصول النحوية:2 /212.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.