المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

عيوب تحليل المضمون
21-3-2022
مفهوم البيئة
26-11-2020
مكروهات الركوع
30-9-2016
Binary hydrides The group 14 elements
28-3-2017
معنى كلمة مكن‌
28-12-2015
المخالفة تحت غطاء الحيلة الشّرعية
23-10-2014


المعاني المشتركة السرقات  
  
1868   03:58 مساءً   التاريخ: 18-1-2020
المؤلف : عيار الشعر
الكتاب أو المصدر : ابن طباطبا العلوي
الجزء والصفحة : ص :65-68
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2018 21025
التاريخ: 22-3-2018 9762
التاريخ: 26-7-2017 2838
التاريخ: 14-08-2015 13628

 

وإذا تناول الشاعر المعانيَ التي قد  سبق إليها فأبرزها في أحسن من الكسوة التي عليها لم يعب بل وجب له فضل لطفه وإحسانه فيه.. كقول أبي نواس:

وإن جرت الألفاظُ منا بمدحةٍ         لغيرك إنساناً فأنت الذي نعني

أخذه من الأحوص حيث يقول:

متى ما أقلْ في آخرِ الدهرِ مدحةً فما هي إلا لابن ليلى المكرمِ

وكقول دعبل:

أحب الشيب لما قيل ضيفٌ         كحبي للضيوف النازلينا

أخذه من قول الأحوص أيضاً حيث يقول:

فبان مني شبابي بعد لذتهِ         كأنما كان ضيفاً نازلاً رحلا

وكقول دعبل أيضاً:

لا تعجبي يا سلم من رجل          ضحك المشيب برأسه فبكى

أخذه من قول الحسين بن مطير:

كل يوم بأقحوان جديد         تضحك الأرض من بكاء السماءِ

وكقول أبي نواس:

تدور علينا الراح في عسجديةً        حبتها بأنواع التصاوير فارس

قرارتُها كسرى وفي جنباتها        مها تدريها بالقسي الفوارس

فللخمر ما زرت عليه جيوبها       وللماء ما حازت عليه القلانس

أخذه أبو الحسين بن أحمد بن يحيى الكاتب فقال:

ومدامةٍ لا يبتغي من ربه         أحد جباه بها لديه مزيدا

 

65

 

في كأسها صور يظن لحسنها        عرباً برزن من الجنان وغيدا

قد صفَّ في كاساتها صور حلت        للشاربين بها كواِعِب غيدا

فإذا جرى فيها المزاج تقسمت        ذهباً ودرا توأماً وفريدا

فكأنَّهن لبسن ذاك مجاسداً          وجعلن ذا لنحورهن عقودا

فهذا من أبدع ما قيل في هذا المعنى وأحسنه.

ويحتاج من سلك هذه السبيل إلى الطاف الحيلة وتدقيق النظر في تناول المعاني واستعارتها، وتلبيسها حتى تخفى على نقادها والبصراءِ بها، وينفرد بشهرتها كأنه غير مسبوق إليها، فيستعمل المعاني المأخوذة في غير الجنس الذي تناولها منه، فإذا وجد معنى لطيفاً في تشبيب أو غزل استعمله في المديح، وإن وجده في المديح استعمله في الهجاء؛ وإن وجده في وصف ناقة أو فرس استعمله في وصف الإِنسان، وإن وجده في وصف إنسان استعمله في وصف بهيمة، فإن عكس المعاني على اختلاف وجوهها غير متعذر على من أحسن عكسها واستعمالها في الأبواب التي يحتاج إليها فيها، وإن وجد المعنى اللطيف في المنثور من الكلام، أو في الخطب والرسائل فتناوله وجعله شعراً كان أخفى وأحسن. ويكون ذلك كالصائغ الذي يذيب الذهب والفضة المصوغين فيعيد صياغتهما بأحسن مما كانا عليه، وكالصباغ الذي يصبغ الثوب على ما رأى من الأصباغ الحسنة.

فإذا أبرز الصائغ ما صاغه في غير الهيئة التي عهد عليها، وأظهر الصباغ ما صبغه على غير اللون الذي عهد قبل، التبس الأمر في المصوغ وفي المصبوغ على رائيهما، فكذلك المعاني وأخذها واستعمالها في الأشعار على اختلاف فنون القول فيها. قيل للعتابي: بماذا قدرت على البلاغة؟ فقال: بحل معقود الكلام؛ فالشعر رسائل معقودة، والرسائل شعر، وإذا فتشت أشعار الشعراء كلها وجدتها متناسبة، إما تناسباً قريباً أو بعيداً. وتجدها مناسبة لكلام الخطباء، وخطب البلغاء، وفقر الحكماء. وسنذكر من ذلك ما يكون شاهداً على ما نقول.

أبو دلامة يرثي المنصور ويمدح المهدي:

عيناي واحدةٌ تُرى مسرورةً         بإمامها جذلى، وأخرى تذرف

 

66

 

تبكي وتضحك تارة يسؤوها    ما أنكرت ويسرها ما تعرفُ

فيسوءها موتُ الخليفةِ أولاً       ويسرها أن قام هذا الأرأفُ

ما إن سمعتُ ولا رأيتُ كما أرى      شعراً أرجله وآخر أنتفُ

هلك الخليفةُ يال أمة أحمد        وأتاكم من بعده من يخلفُ

أهدى لهذا اللَّه فضلَ خلافةٍ        ولذاك جناتُ النعيم وزخرفُ

فابكوا لمصرع خيرِكم ووليكم       واستبشروا بقيام ذا وتشرفوا

فأخذه أبو الشيص فقال يرثي الرشيد ويمدح المخلوع:

جرت جوادٍ بالسعد والنحس         فنحن في وحشةٍ وفي أنْسِ

فالعين تبكي والسن ضاحكةٌ        فنحن في مأتم وفي عرس

يضحكنا القائم الأمين          وتبكينا وفاةُ الإِمام بالأمسِ

بدرانِ، هذا أمس ببغداد في           الخلْد وهذا بطوس في رمسِ

ولما مات الاسكندر ندبه أرسططاليس فقال: طالما كان هذا الشخص واعظاً بليغاً. وما وعظ بكلامه موعظة قط أبلغ من وعظه بسكوته: فأخذه صالح بن القدوس فقال:

 وينادونه وقد صم عنهم      ثم قالوا وللنساء نحيب

من الذي عاق أن ترد جوابا      أيها المقولُ الألد الخطيب

إن تكن لا تطيقُ رجع جوابٍ       فيما قد ترى وانت خطيب

ذو عظات وما وعظت بشيء       مثل وعظِ السكوتِ إذ لا تُجيب

فاختصره أبو العتاهية في بيت فقال:

وكانت في حياتك لي عظاتٌ       فأنت اليوم أوعظُ منك حيا

وقال ابن عائشة: انصرفت من مجلس فقال لي أبي: ما حدثكم حماد؟ فقلت: حدثنا أن النبي- صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لو لم يلف ابن آدم إلا على الصحة والسلامة لكفى ما داءً. فقال أبي: قاتل اللَّه حميد بن ثور حيث يقول:

أرى بصري قد خانني بعد صحةٍ        وحسبك داء أن تصح وَتسلما

وللَّه در النمر بن تولب حيث يقول:

كانت قناتي لا تليين لغامزٍ       فألانها الإِصباح والإِمساء

 

67

 

ودعوت ربي بالسلامة جاهداً        ليصبحني فإذا السلامةُ داء

وحيث يقول أيضاً:

يود الفتى طولَ السلامةِ جاهداً         فكيف تُرى طولُ السلامةِ يفْعلُ

وللَّه در القائل:

لا يعجب المرء أن يقال له         أمسى فلان لأهله حكما

إن سره طولُ عيشِهِ فلقد          أضحى على الوجه طولَ ما سلما

فسمع محمود الواراق هذه الأبيات فقال:

يهوى البقاء فإن مد البقاء له        وساعدت نفسه فيها أمانيها

أبقى البقاء له في نفسه شُغُلا         لما يرى من تصاريف البِلى فيها

فأخذه عبد الصمد بن المعذَّل فقال:

يهوى البقاء رهبة الفناءِ         وإنما يفنى من البقاء

وربما أحسن الشاعر في معنى ببدعه فيكرره في شعره على عبارات مختلفة، وإذا انقلبت الحالُة التي يصف فيها ما يصف، قلب ذلك المعنى ولم يخرج عن حد الإِصابة فيه، كما قال عبد الصمد بن المعذَّل في مدح سعيد بن سلم الباهلي:

ألا قل لسارقِ الليل لا تخش ضلَّةً        سعيد بن سلمٍ ضوء كلِّ بِلاد

فلما مات رثاه فقال:

يا ساريا حيرة ضلالُه       ضوء البلادِ قد خبا ذُبالُه

وكما قال علي بن الجهم:

قالوا حبست فقلتُ ليس بضائري      حبس وأي مهنَّدٍ لا يغْمد

أو ما رأيتُ الليث يألف غيَله        كِبراً وأوباش السباعِ تردد

فلما نصب للناس وعري بالشاذياخ قال:

نصبوا بحمد اللَّه ملء عيونهم      حسناً وملء صدورهم تبجيلا

ما غابه أن بز عنه ثِيابه          فالسيفُ أهولُ ما يرى مسلُولا

 

68

 

فتشبه في حال حبسه بالسيف مغمدا، وفي حال تعريته بالسيف مسلولا وبالليث إلفا لغيله تارة، ومفارقاً لغيله تارة.

ومما يستحسن جداً قول علي بن محمود بن نصر:

لا أظلم الليلَ ولا أدعي       أن نجوم الليلِ ليست تغُور

ليلي كما شاءتْ فإن لم َتزر      طالَ وإن زارت فليلي َقصِير

وأخذ هذا المعنى من قول الرجل لمعاوية حيث سأله: كيف الزمان عليك فقال: يا خليفة أنت الزمان، إذا صلحت صلح الزمان، وإذا فسدت فسد الزمان.

وكل ما أودعناه هذا الكتاب فأمثلٌة يقاس عليها أشكاُلها، وفيها مقنع لمن دق نظَره ولطف فهمه، ولو ذهبنا نستقصي كلَّ باب من الأبواب التي أودعناها كتابنا لطال وطال النظر فيه، فاستشهدنا بالجزء على الكل، وآثرنا الاختصار على التطويل.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.